الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا إلى أبي داود فقط، وقد قال: إنها انتهت إلى "الأنصاري"، فلا أدري لمن زيادة "ابن أخت (1) القوم" إلى آخره.
الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو
1 -
عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى الله تعالى وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ:"اغْزُوا بِاسْمِ الله فِي سَبِيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَليدًا، فَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ: فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ المُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ المُسْلِمِينَ يَجْرِى عَلَيْهِمْ حُكْمُ الله تَعَالَى الَّذِي يَجْرِس عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لهُمْ فِي الغَنِيمَةِ وَالفَيْءِ شَيْءٌ إِلَاّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ المُسْلِمِينَ، وُإِنْ هُمْ أبوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِالله تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لهُمْ ذِمَّةَ الله تَعَالَى وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَفْعَلْ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَتكُمْ وَذِمَّة أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ الله وَذِمَّةَ رَسُولهِ صلى الله عليه وسلم. وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ وَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلهُمْ عَلَى حُكْمِ الله فَلَا تُنْزِلهمْ عَلَى حُكْمِ الله تَعَالَى، وَلَكِنْ أَنْزِلهُمْ عَلَى حُكْمِكَ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ الله تعالى أَمْ لَا". أخرجه مسلم (2)، وأبو داود (3).
(1) هذه العبارة أخرجها أبو داود في "السنن" رقم (5122) من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابن أخت القوم منهم"، وأخرجه البخاري رقم (6761) ومسلم رقم (133/ 1059) والترمذي رقم (3901) والنسائي رقم (2611) كلهم من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
في "صحيحه" رقم (1731).
(3)
في "السنن"(2612).
والترمذي (1). [صحيح]
"على جيش" هو الجمع الكثير.
"أو سرية"(2): السرية: طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة رجل.
قوله: "في خاصته"، خاصة الرجل: نفسه ومن يلزمه أمره من أهله وأصحابه وقرابته.
قوله: "لا تغلوا"(3)، الغل: الخيانة، والغلول: ما يخفيه أحد الغزاة من الغنيمة ولم يحضره إلى أمير الجيش ليدخل في القسمة.
قوله: "لا تمثلوا" المثلة (4): تشويه خلقة القتيل والتنكيل به.
قوله: "لا تغدروا" بكسر الدال المهملة.
قوله:"وليداً"، الوليد: الصبي الصغير، والجمع [21 ب] ولدان.
قوله: "إلى ثلاث خلال"، الخلال: جمع خلة، المراد بها الخصال، وفسّر الثلاث بقوله:"ادعهم إلى الإسلام" إلى آخره، والمراد دعوتهم قبل القتال.
قوله: "كأعراب المسلمين" وهم سكان البادية من غير هجرة، تجري عليهم أحكام الإسلام، ولا حقَّ لهم في الفيء والغنيمة، إنما يكون لهم نصيب من [146/ أ] الزكوات إن كانوا بصفة المستحقين لها.
(1) في "السنن" رقم (1617) وقال حديث بريدة حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه أحمد (5/ 352) وابن ماجه رقم (2858). وهو حديث صحيح.
(2)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 773)، "الفائق" للزمخشري (3/ 265).
(3)
وقال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 316) وهو الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة، يقال: غلَّ في المغنم يغلُّ غلولاً، فهو غال، وكلّ من خان في شيء خفية، فقد غلَّ.
وانظر "غريب الحديث" للخطابي (2/ 138).
(4)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 632).
قال الشافعي (1): الصدقات للمساكين ونحوهم ممن لا حقّ لهم في الفيء والغنيمة، والفيء للأجناد فلا يعطى أهل الفيء من الصدقات، ولا أهل الصدقات من الفيء واحتج بهذا الحديث.
وقال مالك (2) وأبو حنيفة (3): المالان سواء يجوز أن يصرف إلى النوعين، قلت: وقوله صلى الله عليه وسلم عليه وآله وسلم هنا: "ألّا أن يجاهدوا مع المسلمين" دليل للشافعي.
قوله: "وإن هم أبوا" أي: الإسلام.
"فسلهم الجزية"، قال الجوهري (4): الجزية ما يؤخذ من أهل الذمة والجمع: جزي، مثل: لحية ولحي، فيه دليل على أنها تؤخذ من كل من يأبى الإسلام من عربي وعجمي، وفي المسألة خلاف أوضحناها في "حواشي ضوء النهار"(5).
قوله: "فإن أبوا" أي: إعطاء الجزية "فاستعن بالله عليهم وقاتلهم".
قوله: [22 ب]"وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم به".
علّل النهي بقوله: "فإنّك لا تدري" إلى آخره، وهو دليل بأنّ حكم الله واحد، وأنه لا يصيبه كل مجتهد، والمسألة له مبسوطة في الأصول وبسطناها بسطاً شافياً في "إجابة السائل شرح بغية الآمل"(6) في الأصول.
(1) انظر: "المجموع شرح المهذب"(6/ 166).
(2)
"البناية في شرح الهداية"(3/ 538).
(3)
"عيون المجالس"(2/ 597)"التسهيل"(3/ 758).
(4)
في "الصحاح"(6/ 2303).
(5)
(7/ 910 - 912 - بتحقيقي".
(6)
وقد أعاننا الله على تحقيقها، ط. ابن كثير - دمشق.
ولفظ رواية الترمذي (1): "وإذا حاصرت حصناً فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيّه، واجعل لهم ذمتك وذمم أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذمتكم وذمم أصحابكم خير من أن تخفروا ذمة الله ورسوله".
ثم ذكر قوله "وإذا حاصرت أهل حصن" إلى قوله: "فلا تنزلوهم على حكم الله" إلى آخره كما سلف، فأفاد النهي عن إنزالهم على ذمة الله وذمة رسوله، وعن إنزالهم على حكم الله، وليس في أبي داود (2) ذكر ذمة الله وذمة رسوله، هذا والذمة هي الأمان، وأذمه: أجاره.
وقوله: "تخفروا" بضم أوله، أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، وخفرته: أمنته وحميته.
وفي النهاية (3) يقال: خفرت الرجل أجرته وحفظته، وخفرته إذا كنت له خفيراً، أي: حامياً وكفيلاً، وتخفرت به: إذا استجرت به والخفارة بالكسر والضم: الذمام، وأخفرت الرجل: إذا انقضت عهده وذمامه، والهمزة فيه للإزالة، أي: أزلت خفارته كأَشْكَيته إذا أزلتَ [شكواه](4)، وهو المراد في الحديث. انتهى.
2 -
وَعَنْ عَبْدَ الله بْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الدُّعَاءِ قَبْلَ القِتَالِ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ، وَقَدْ أَغَارَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى بَنِي المُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى المَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَاريهَّم وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَكَانَ فِي ذَاكَ الجَيْشِ. أخرجه الشيخان (5) وأبو داود (6)، ومعنى "غَارُّونَ" (7) أي: غافلون. [صحيح]
(1) في "السنن" رقم (1617).
(2)
في "السنن" رقم (2612).
(3)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 509 - 510)، وانظر:"الفائق" للزمخشري (1/ 385).
(4)
كذا في المخطوط والذي في "النهاية" شكايته.
(5)
أخرجه البخاري رقم (2541) ومسلم رقم (1730).
(6)
في "السنن"(2633).
(7)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 297)، "المجموع المغيث"(2/ 549).
قوله: "في حديث عبد الله بن عون وهم غارُّون" بغين معجمة وراء مشددة [23 ب] جمع غارّ بالتشديد، أي: غافل، وهو دليل على جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة إلى الإسلام من غير تقديم إعلام.
وفي المسألة: ثلاثة مذاهب:
وجوب الإنذار مطلقاً وهو مذهب مالك (1)، وعدم وجوبه مطلقاً وهو ضعيف، أو باطل، وجوبه إن لم تبلغهم الدعوة، وعدمه إن بلغتهم لكن تستحب وهذا هو الصحيح، وبه قال الجمهور (2)، وقد تظافرت الأحاديث الصحيحة على معناه كهذا الحديث ونحوه.
وفي "سنن الترمذي"(3) أنه ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى الدعوة قبل القتال، وهو قول إسحاق بن إبراهيم قال: أن تقدم إليهم في الدعوة فحسن تدعوهم يكون ذلك أهيب.
وقال بعض أهل العلم: لا دعوة اليوم، وقال أحمد (4): لا أعرف اليوم أحداً يُدعى، وقال الشافعي (5): لا تقاتلوا العدو حتى تدعو إلَّا أَنْ تعجلوا عن ذلك فإن لم تفعل فقد بلغهم الدعوة. انتهى كلام الترمذي.
قوله: "وسبي ذراريهم" فيه دليل على جواز استرقاق العرب؛ لأن بني المصطلق عرب من خزاعة، وهو قول الشافعي (6) في الجديد وهو الصحيح وبه قال جمهور العلماء (7).
(1)"بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 342 - بتحقيقي".
(2)
انظر: "المغني"(13/ 142 - 144).
(3)
في "السنن"(4/ 163) ولم أجده.
(4)
في "المغني"(13/ 129 - 130).
(5)
انظر: شرح "صحيح مسلم" للنووي (12/ 36).
(6)
"الأم"(5/ 668)، شرح "صحيح مسلم"(2/ 36).
(7)
انظر: "فتح الباري"(5/ 170).
قوله: "أخرجه الشيخان وأبو داود" وقال (1): هذا حديث نبيل رواه ابن عون عن نافع لم يشركه فيه أحد. انتهى.
3 -
وَعَنْ أَبِي مُوْسَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ أَحَدَاً مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: "بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا". أخرجه مسلم (2). [صحيح]
4 -
وَعَنْ سَمْرَة بْنِ جُنْدِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "اقْتُلُوْا شُيُوخَ المُشْرِكِينَ، وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ، يَعْني مَنْ لَم يَنْبُتْ". أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4).
قوله: "شرخهم" بالشين المعجمة، فراء ساكنة فخاء معجمة، في النهاية (5): أراد بالشيوخ: الرجال الشبان أهل الجلد والقوة على القتال ولم يرد الهرمى، والشرخ: الصغار الذين لم يدركوا، وقيل: أراد بالشيوخ: الهرمى الذين إذا سُبُوا لم ينتفع بهم في الخدمة،
(1) أي: أبو داود في "السنن"(3/ 97).
(2)
في "صحيحه" رقم (1732) صحيح.
قال النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم"(12/ 41) وفي هذا الحديث الأمر بالتبشير بفضل الله وعظيم ثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته، والنهي عن التنفير بذكر التخويف، وأنواع الوعيد محضة من غير ضمها إلى التبشير، وفيه تأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليهم، وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي كلها يتلطف بهم، ويدرجون في أنواع الطاعة قليلاً قليلاً، وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج فمتى يسر على الداخل في الطاعة أو المريد للدخول فيها سهلت عليه وكانت عاقبته غالباً التزايد منها، ومتى عسرت عليه أو شك أن لا يدخل فيها، وإن دخل أو شك أن لا يدوم أو لا يستحليها.
(3)
في "السنن" رقم (2670).
(4)
في "السنن" رقم (1583) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وأخرجه أحمد في "المسند"(5/ 20)، وهو حديث ضعيف
(5)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 853).
والشرخ: الشباب أوله، وقيل:[24 ب] نضارته وقوته، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع، وقيل: هو جمع شارخ مثل: شارب وشرب (1).
5 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَنَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. أخرجه الستة (2) إلا النسائي. [صحيح]
قوله: "في حديث ابن عمر فنهى عن قتل النساء والصبيان".
قال الترمذي (3): هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم كرهوا قتل النساء والصبيان وهو قول سفيان الثوري (4) والشافعي (5)، ورخص بعض أهل العلم في البيات وقتل النساء والولدان، وهو قول أحمد (6) وإسحاق ورخصا في البيات. انتهى.
قوله [147/ أ]: "أخرجه الستة إلّا النسائي".
قلت: زاد ابن الأثير (7): غير أنّ "الموطأ"(8) أرسله عن نافع عن ابن عمر.
6 -
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم غَزَوَاتٍ، فكَانَ إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ أَمْسَكَ عَن القِتَال حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وإِذَا طَلَعَتْ قَاتَلَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ أَمْسَكَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَاتَلَ حَتَّى العَصْرِ، ثُمَّ أَمْسَكَ حَتَّى يُصَلِّيَ
(1) قاله ابن الأثير في "النهاية"(1/ 853 - 854).
(2)
أخرجه البخاري رقم (3015) ومسلم رقم (25/ 1744) وأبو داود رقم (2668) والترمذي رقم (1569) وابن ماجه رقم (2841) وأحمد في "المسند"(2/ 91).
(3)
في "السنن"(4/ 137).
(4)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 434).
(5)
"البيان" للعمراني (12/ 129، 133).
(6)
"المغني"(3/ 142).
(7)
في "الجامع"(2/ 597).
(8)
(2/ 447 رقم 9) وهو صحيح.
العَصْرَ ثُمَّ قَاتل؛ وَكَانَ يَقُوْلُ عِنْدَ هَذِهِ الأَوْقَاتِ تَهِيجُ رِيَاحُ النَّصْرِ وَيَدْعُو المُؤْمِنُونَ لِجُيُوشِهِمْ فِي صَلَواتِهِمْ. أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2).
قوله: "في حديث النعمان بن مقرن أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (3): وقد روي هذا الحديث عن النعمان بن مقرن بأوصل من هذا، وقتادة لم يدرك النعمان بن مقرن، مات النعمان في خلافة عمر بن الخطاب. انتهى.
ومنه يعرف أن الحديث منقطع ثم ساق (4) عن النعمان: "شهدت مع رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر".
قال الترمذي (5): [و (6)] هذا حديث حسن صحيح، وكأنه هو [ما (7)] قال أنه أوصل.
وأغرب ابن الأثير (8) فقال: إنه اختصره، أي: حديث النعمان أبو داود، وذكر هذا اللفظ الأخير من رواية الترمذي، فأوهم أنه اختصر أبو داود بهذا اللفظ وساق ابن الأثير (9) في أول الحديث قصة وأشار إليها الترمذي حيث قال الحديث بطوله ولم يذكرها. [25 ب].
(1) في "السنن" رقم (2655).
(2)
في "السنن" رقم (1612).
وأخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (3160) فقال النعمان: ربما أشهدك الله مثلها مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يندِّمك ولم يخزك ولكني شهدتُ القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلوات.
(3)
في "السنن"(4/ 160).
(4)
أي: الترمذي رقم (1613).
(5)
في "السنن"(4/ 160).
(6)
زيادة من (ب).
(7)
زيادة من (ب).
(8)
في "الجامع"(2/ 600).
(9)
في "الجامع"(2/ 600).
7 -
وعن أنس رضي الله عنه قال. "كَانَ رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم يُغِيْرُ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَكَانَ يَسْتَمِعُ، فَإِذَا سَمِعَ أَذَانَاً أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ"(1). أخرجه مسلم (2)، وأبو داود (3)، والترمذي (4). [صحيح]
8 -
وَعَنْ عُصام المُزَنِيّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ جَيْشَاً أَوْ سَرِيَّةً يَقُولُ لَهُمْ: "إِذَا رَأَيْتمْ مَسْجِدَاً أَوْ سَمِعْتُمْ مُؤْذِّنَاً فَلَا تَقْتُلُوْا أَحَدَاً". أخرجه أبو داود (5) والترمذي (6). [ضعيف]
9 -
وَعَنْ الحَارِثِ بْنُ مُسْلِمٍ بنِ الحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه: بَعَثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ، فَلمَّا بَلَغْنَا المُغَارَ اسْتَحْثَثْتُ فَرَسِي فَسَبَقْتُ أَصْحَابِي فَتَلَقَّانِي أَهْلِ الحَيُّ بِالرَّنِينِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَاّ الله تُحْرَزُوا فَقَالُوهَا، فَلَامَنِي أَصْحَابِي وَقَالُوا: حَرَمْتَنَا الغَنِيمَةَ، فَلمَّا قَدِمْنَا عَلَى. رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَخبُروهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ فَدَعَانِي فَحَسَّنَ لِي مَا صَنَعْتُ ثُمَّ قَالَ لِي: "أَمَا إِنَّ الله تَعَالَى
(1) أخرجه بهذا اللفظ، البخاري في "صحيحه" رقم (2944)، وأحمد في "المسند"(3/ 159) وابن حبان رقم (4745) والبغوي في شرح "السنة" رقم (2702).
(2)
في "صحيحه" رقم (9/ 382).
(3)
في "السنن" رقم (2634).
(4)
في "السنن" رقم (1618) ثلاثتهم بلفظ: "كان يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أمسك وإلا أغار وسمع رجلاً يقول: الله أكبر، الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على الفطرة" ثم قال: "أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: خرجت من النار".
وأخرجه بهذا اللفظ أيضاً أحمد (3/ 132) وأبو يعلى رقم (3307) وابن خزيمة رقم (400) وابن حبان رقم (4753) والبيهقي (1/ 405)، وهو حديث صحيح.
(5)
في "السنن"(2635).
(6)
في "السنن" رقم (1549).
وأخرجه أحمد (3/ 448 - 449) والنسائي في "السنن الكبرى""رقم 8831 - العلمية"، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
قَدْ كتَبَ لَكَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا مِنَ الأَجْرِ"، وَقَالَ: "أمَا إِنِّي سَأَكْتُبُ لَكَ بِالوَصَاةِ بَعْدِي"، فَفَعَلَ وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ. أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]
قوله: "في حديث الحارث بن مسلم بالرنين"(2) هو الصوت والاستغاثة، وهو بالراء المفتوحة فمثناة تحتية فَنُون.
10 -
وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةٍ فَكُنْتُ فِيهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشُنُّوا الغَارَةَ عَلَى بَنِي المُلَوَّحِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى كُنَّا بِالكَدِيدِ لَقِينَا الحَارِثَ بْنَ البَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ أُرِيدُ الإِسْلَامَ، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: إِنْ تَكُ مُسْلِمًا لَمْ يَضُرَّكَ رِبَاطُنَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَإِنْ يَكُنْ غيرُ ذَلِكَ نَسْتَوْثِقْ مِنْكَ فَشَدَدْنَاهُ وَثَاقًا. أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]
قوله: "جندب بن مكيث"(4) بفتح الميم وكسر الكاف ومثناة ساكنة فمثلثة، هو أخو رافع بن مكيث، يعد في أهل المدينة، وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات جهينة.
قوله: "أن يشنوا الغارة" يقال: شن وأشن، وشن الغارة تفريقها من كل وجهة، قاله الجوهري (5)
قوله: "على بني الملوح" بضم الميم وفتح اللام وتشدد الواو فحاءٌ مهملة.
و"الكديد"(6) بفتح الكاف، [ويضم (7)].
(1) في "السنن" رقم (5080) وهو حديث ضعيف.
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 697).
(3)
في "السنن" رقم (2678) وهو حديث ضعيف.
(4)
انظر: "التقريب"(1/ 134 رقم 118) حيث قال: مدني له صحبة.
(5)
في "الصحاح"(5/ 2146).
(6)
انظر: النهاية في غريب الحديث" (2/ 527)، "المجموع المغيث" (3/ 21).
(7)
زيادة من (أ).
11 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعْثَاً إِلَى بَنِي لَحْيَانَ ثُمَّ قَالَ: "لِيَنْبَعِثُ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالأَجْرُ بَيْنَهُما"(1). [صحيح]
قوله: "في حديث أبي سعيد بعث بعثاً" في "القاموس"(2) بعثه كمنعه أرسله كابتعثه فانبعث.
[قوله (3)]: "إلى بني لحيان" زاد في لفظه في "الجامع"(4)"من هذيل" ولحيان بكسر اللام أشهر من فتحها، وكانوا ذلك الوقت كفاراً.
- وفي رواية: ثم قال للقاعد: "أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير فله مثل نصف أجر الخارج"، أخرجه مسلم (5) وأبو داود (6). [صحيح]
وقوله: "خلف الخارج" بفتح المعجمة واللام الخفيفة، أي: قام بحال من يتركه وذلك أعم من أن يكون في حياته أو بعد وفاته [26 ب].
قوله: "كل رجلين" كأنه خطاب لجماعة معينين.
قوله: "الأجر بينهما" أي: الثواب الذي يستحقه الخارج يكون نصفه للقاعد، وسبب استحقاق القاعد للأجر مبين في اللفظ بقوله:"أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير".
وأما حديث زيد بن خالد الجهني مرفوعاً: "من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله فقد غزا" أخرجه الترمذي (7) وقال: حسن صحيح؛ فإنّه دلَّ على أن
(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (1896).
(2)
"القاموس المحيط"(ص 211).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
(2/ 609 رقم 1090).
(5)
في "صحيحه" رقم (137/ 1896).
(6)
في "السنن" رقم (2510)، وهو حديث صحيح.
(7)
في "السنن" رقم (1628). =
للقاعد مثل أجر الخارج؛ لأنه حكم له بأنه قد غزا، وأن المجهز كأنه غزا، والمراد به من أعطى الخارج جهاز جهاده من النفقة وغيرها، والتوفيق بين حديث الكتاب وحديث الترمذي: أنها تختلف أحوال القاعدين في حسن الخلف، فمنهم من يستحق نصف (1) أجر الخارج، ومنهم من يستحق مثل أجره، فاستحقاق القاعد لأجل خلفه للخارج بخير.
وقوله: "مثل [نصف (2)] أجر الخارج" هو تفسير "بينهما".
13 -
وَعَنِ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ فِي سَرِيَّةٍ فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ، فَلمَّا نَفَرْنَا قُلْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ وَقَدْ فَرَرْنَا مِنَ الزَّحْفِ وَبُؤْنَا بِالغَضَبِ؟ فَقُلْنَا نَدْخُلُ المَدِينَةَ فَلَا يَرَانَا أَحَدٌ، فَلمَّا دَخَلْنَا المَدِيْنَةِ قُلْنَا: لَوْ عَرَضْنَا أَنْفُسَنَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ كَانَ لَنَا تَوْبَةٌ أَقَمْنَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ذَهَبْنَا، فَأتَيْنَاهُ فَقُلْنَا: نَحْنُ الفَرَّارُونَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا وَقَالَ: "لَا بَلْ أَنْتُمُ
= وأخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (3180) ومسلم رقم (1895) وأبو داود رقم (2509) وابن ماجه رقم (2759) والنسائي رقم (3180، 3181)، وقد تقدم.
(1)
قال القرطبي في "المفهم"(3/ 730): "
…
فقد صارت كلمة نصف مقحمة هنا بين "مثل" و"أجر" وكأنها زيادة ممن تسامح في إيراد اللفظ، بدليل قوله:"والأجر بينهما"، ويشهد له.
قال الحافظ في "الفتح"(6/ 50): لا حاجة لدعوى زيادتها بعد ثبوتها في الصحيح، والذي يظهر في توجيهها أنها أطلقت بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير، فإن الثواب إذا انقسم بينهما نصفين كان لكل منهما مثل ما للآخر؛ فلا تعارض بين الحديثين.
وأما من وعد بمثل ثواب العمل وإن لم يعمل إذا كانت له فيه دلالة، أو مشاركة، أو نية صالحة؛ فليس على إطلاقه في عدم التضعيف لكل أحد، وصرف الخبر عن ظاهره يحتاج إلى مستند.
وكأن مستند القائل: أن العامل يباشر الشقة بنفسه بخلاف الدال ونحوه، لكن من يجهز الغازي بماله مثلاً، وكذا من يخلفه فيمن ترك بعده يباشر شيئاً من المشقة أيضاً، فإن الغازي لا يتأتى منه الغزو إلا بعد أن يكفى ذلك العمل، فصار كأنه يباشر معه الغزو بخلاف من اقتصر على النية مثلاً.
(2)
زيادة من (ب).
العَكَّارُونَ"، فَدَنَوْنَا فَقَبَّلْنَا يَدَهُ، فَقَالَ: أَنَا فِئَةُ المُسْلِمِينَ". أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [ضعيف]
"حاص الناس حيصة" أي: جالوا جولة يريدون الفرار "وَالعَكَّارُون" أي: الكرارون إلى الحرب، والعطافون نحوها.
قوله: "في حديث ابن عمر حاص الناس حيصة" بالمهملات.
قال ابن الأثير (3): حصت على الشيء حدت عنه وملت عن جهة، هكذا قال الخطابي، وقال الهروي (4): فحاص الناس حيصة، أي: حملوا حملة.
قال: وحاص تحيص إذا مال والتجأ إلى جهة.
قال: وجاض بالجيم (5) والضاد المعجمة قريب منه، وكذلك قرأته في كتاب الترمذي مضبوطاً بالجيم والضاد.
قوله: "العكارون"(6) هم الذين يقطعون إلى الحرب وقيل: إذا حادَ الإنسان [27 ب] عن الحرب ثم عاد إليها، يقال: قد عكر وهو عاكر وعكّار.
(1) في "السنن" رقم (2647).
(2)
في"السنن" رقم (1716).
وأخرجه أحمد (2/ 70، 86، 100، 111)، وابن ماجه رقم (3704) والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (972) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (1050) والبيهقي (9/ 76، 77).
إسناده ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم، الكوفي؛ فقد قال الحافظ في "التقريب" رقم (7717) ضعيف، كبر فتغيَّر وصار يتلقن وكان شيعياً، من الخامسة. وهو حديث ضعيف والله أعلم.
(3)
في "النهاية في غريب الحديث"(1/ 459).
(4)
في "غريب الحديث"(4/ 439، 440).
(5)
أي: بمعنى حادوا، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 318 - 319).
(6)
انظر: "القاموس المحيط"(ص 570)"الفائق" للزمخشري (1/ 250)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 242).
قوله: "فئة المسلمين" هو بيان لقوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} (1)، وأنّ من فرّ إلى الإمام فهو متحيز إلى فئة، والفئة: الجماعة الذين يرجع إليهم من ولّى عن موقف الحرب يحتمون بهم.
وفي الحديث دليل على تقبيل اليد.
13 -
وَعَنْ نَجْدَةَ بْنِ عَامِرٍ الحَرُوْرِي: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِصَالٍ: أَمَّا بَعْدُ: فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؛ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ سَهْمَاً؛ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؛ وَمَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيمِ؛ وَعَنِ الخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا لمَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي: هَلْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الجَرْحَى، وَيُحْذَيْنَ مِنَ الغَنِيمَةِ، وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ، وَإِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُن يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ فَلَا تَقْتُلْهُمْ؛ وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيمِ: فَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ وَإنَّهُ لَضعِيفُ الأَخْذِ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا كَانَ آخذَاً لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ اليُتْمُ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلنِي عَنِ الخُمْسِ لِمَنْ هُوَ، وَأَنَا أَقُوْلُ هُوَ لَنَا. فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَلكَ. أخرجه مسلم (2) وأبو داود (3) والترمذي (4). [صحيح]
قوله: "نجدة" هو بفتح النون وسكون الجيم فدال مهملة، هو ابن عامر الحروري بفتح الحاء المهملة وضم الراء الأولى، الحنفي، روى عن ابن عباس وكان إرساله إليه في فتنة ابن الزبير.
قوله: "لما كتبتُ إليه" وذلك لأنه من الخوارج فلا يؤنسه بجوابه لكنه أجاب عليه لما ذكره.
(1) سورة الأنفال الآية (16).
(2)
في "صحيحه" رقم (1812).
(3)
في "السنن" رقم (2727).
(4)
في "السنن" رقم (1556) وهو حديث صحيح.
قوله: "يحذين"(1) بضم حرف المضارعة فحاء مهملة، فذال معجمة فمثناة تحتية فضمير جماعة النساء، أي: يرضخ لهن بشيء من الغنيمة، وبهذا قال أكثر العلماء، وقال الأوزاعي (2): إنّ النساء يقسم لهن مع الرجال إن قاتلن أو داوين الجرحى، وقال مالك (3): لا يرضخ لهن، وهذان المذهبان مردودان (4) بهذا الحديث الصحيح.
قوله: "متى ينقضي يتم اليتيم" أي: متى ينقضي حكم اليتم ويستقل اليتيم بالتصرف في ماله، وأمّا نفس اليتيم فينقضي بالبلوغ، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال:"لا يتم بعد حلم"(5)، وفي [كل (6)] كلام ابن عباس متمسك للشافعي (7) ومالك (8) وغيرهما (9) أنّ حكم اليتم لا ينقضي
(1) أي: يُعْطَين، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 351)، "المجموع المغيث"(1/ 416).
(2)
انظر: البيان للعمراني (12/ 218)، "المغني"(13/ 97).
(3)
انظر: "التهذيب في اختصار المدونة"(2/ 68).
(4)
انظر: "رؤوس المسائل"(5/ 754)، "المغني"(13/ 97 - 100)، "بدائع الصنائع"(7/ 126).
(5)
أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" رقم (1767) والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 319) والحارث كما في "بغية الحارث عن زوائد مسند الحارث" رقم (354)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 852)، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا رضاع بعد فصال، ولا يُتم بعد احتلام"، وهو حديث حسن.
وأخرج أبو داود في "السنن" رقم (2873)، عن علي بن أبي طالب قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُتم بعد احتلام، ولا صُمات يوم إلى الليل"، وهو حديث صحيح. انظر "الإرواء"(5/ 79 - 83) رقم (1244)، وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" من وجه آخر عن علي بن أبي طالب (2/ 158 رقم 952 - "الروض الداني") بلفظ:"لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد حُلم"، وقد حسنه الزرقاني في "مختصر المقاصد الحسنة" رقم (1207)، وانظر "الإرواء" رقم (1244).
(6)
زيادة من (ب).
(7)
"البيان" للعمراني (8/ 229 - 230).
(8)
"مدونة الفقه المالكي وأدلته"(3/ 657 - 658).
(9)
انظر: "فتح الباري"(5/ 279)"البناية في شرح الهداية"(10/ 125)، "المغني"(6/ 598 - 599).
بالبلوغ ولا بعلو السن، بل لا بد من ظهور الرشد منه في دينه ودنياه، وهي مسألة معروفة [28 ب] والله تعالى شرط الرشد في دفع مال اليتيم إليه، وعليه [148/ أ] دل كلام ابن عباس هنا، وأفاد أنّ الرشد أن يتصرف تصرف [صالحي (1)] الناس.
قوله: "فأبى علينا قومنا" يريد أنهم رأوا أنه لا يتعين صرفه إلينا، بل يصرفونه في المصالح، وأراد بقومه ولاة الأمر من بني أمية.
هذا [و (2)] قد اختلف العلماء في الخمس، فقال الشافعي (3) كقول ابن عباس وهو أنّ خمس الخمس من الفيء والغنيمة يكون لذي القربى وهم عند الشافعي: بنو هاشم، وبنو المطلب، وقال النسائي في "المجتبى" (4): اختلفوا في هذين السهمين بعد وفاة رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سهم الرسول وسهم ذي القربى، فقال قائل: سهم الرسول للخليفة من بعده، وقال قائل: سهم ذي القربى لقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال قائل: سهم ذي القربى لقرابة الخليفة، فاجتمع رأيهم على جعل هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله، فكان كذلك في خلافة أبي بكر وعمر.
وقيل (5): إنّ سهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإمام يشتري الكراع منه، والسلاح ويعطي منه من يرى ممن فيه غنىً ومنفعة لأهل الإسلام وفي أهل العلم، والحديث والفقه والقرآن.
وسهم ذي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب سهم الغني منهم والفقير، وقيل: يختص به الفقير، ولا وجه له، وكلام ابن عباس دال بأنّ الخمس (6) لبني هاشم لكنه منعهم عنه بنو أمية.
(1) في (ب) صالح.
(2)
زيادة يستلزمها السياق.
(3)
"البيان" للعمراني (12/ 229 - 230)، "المهذب"(5/ 301)"الأم" للشافعي (5/ 223).
(4)
(7/ 133).
(5)
انظر: "فتح الباري"(7/ 192).
(6)
انظر: "شرح معاني الآثار"(3/ 289 - 290)، "فتح الباري"(6/ 216).
14 -
وَعَنْ أُمِّ عَطِيّة رضي الله عنها قَالَتْ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سَبْعِ غَزَوَاتٍ أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهمْ: أَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ، وَأُدَاوِي الجَرْحَى، وَأَقُومُ عَلَى المَرْضَى. أخرجه مسلم (1).
قوله: "وعن أم عطية"[أم عطية (2)] هي الغاسلة (3) وهي من كبار الصحابيات وهي أنصارية، وأم عطية الأنصارية الحائضة غيرها.
15 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا - رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ - فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ" فَلمَّا أَرَدْنَا الخُرُوجَ قَالَ: "كنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَاّ الله، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا". أخرجه البخاري (4) وأبو داود (5) والترمذي (6). [صحيح]
قوله: "في حديث أبي هريرة إن وجدتم فلاناً وفلاناً" هما: هبار بن الأسود [29 ب] ونافع بن عبد عمرو، وقيل: ابن عبد القيس قاله القسطلاني (7)، وكان هبّار نخس (8) بعير
(1) في "صحيحه" رقم (142/ 1812).
• وأخرجه أحمد (6/ 407) وابن ماجه رقم (2856)، وهو حديث صحيح.
(2)
زيادة من (أ).
(3)
انظر: "الاستيعاب" رقم (3545).
(4)
في "صحيحه" رقم (3016).
(5)
في "السنن" رقم (2674).
(6)
في "السنن" رقم (1571) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(7)
انظر: "فتح الباري"(6/ 150).
(8)
خبر ترويع هبَّار لزينب: صرح ابن إسحاق بالسماع وسنده منقطع، وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 155) من طريق ابن إسحاق.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" كما في "مجمع الزوائد"(9/ 212 - 213)، وأخرجه البزار كما في "مجمع الزوائد"(9/ 212 - 213) وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح.
انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (2/ 361 - 362).
زينب بنت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لما هاجرت فسقطت على صخرة وهي حامل فأسقطت جنينها، ولم تزل تهراق الدماء ومرضت، ولم يدركه النافذ فأسلم بعد ذلك، وعاش إلى أيام معاوية وكان المسلمون يسبونه بما فعل، حتى شكى ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"سبّ من سبك" فكفّ الناس عنه.
وأما نافع بن عبد عمرو فقال الحافظ ابن حجر (1): لم أقف على ذكره في الصحابة فلعله لم يسلم، والحديث أفاد تحريم التحريق بالنار، ويأتي قوله صلى الله عليه وسلم وحرّق".
16 -
وَعَنِ عُرْوَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِ قَالَ: "أُغِرْ عَلَى أُبْنَى صَبَاحًا وَحَرِّقْ" قِيْلَ لَأَبِي مِسْهَرٍ: أُبْنَى؟ قَالَ: نَعَمْ نَحْنُ أَعْلَمُ هِيَ يُبْنَى فَلَسْطِين. أخرجه أبو داود (2). [حسن لغيره]
"ابْنَى وَيُبْنى" اسم موضع بين عسقلان والرملة من أرض فلسطين.
قوله: "في حديث أسامة: ابنى" بضم الهمزة والقصر، ويقال: يبنى كما قال هي يبنى فلسطين (3).
قوله: "وحرق"(4) يحتمل أن المراد زروعهم ودورهم ونحو ذلك، ما عدا الإنس، ويحتمل أنه عام منسوخ بالحديث الأول، إن عُرِف التاريخ والا رجع إلى الترجيح.
(1) في "الفتح"(6/ 150).
(2)
في "السنن" رقم (2616).
• وأخرجه أحمد (5/ 205) وابن ماجه رقم (2843) وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر، قال البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 273 رقم 2778) هو ليّنٌ، وقال في "التقريب" رقم (2844) ضعيف.
وقال يحيى بن معين: وهو ضعيف، وقال أحمد: يعتبر به، وقال العجلي: يكتب حديثه وليس بالقوي.
وهو حديث حسن لغيره.
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 33).
(4)
انظر: "فتح الباري"(6/ 155)، "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 432 - 433)، "المغني" لابن قدامه (13/ 140 - 141).
17 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَاتَلَ أَحَدْكُمْ فَلْيَجْتَنِبُ الوَجْهِ". أخرجه الشيخان (1). [صحيح]
قوله: "في حديث أبي هريرة فليجتنب الوجه" فيه تحريم ضرب الوجه بالسيف ونحوه، وأنه لا يحل، وقد تكرر النهي عن ذلك، بل نهي (2) عن وسم الحيوانات في الوجه، وأذن فيه في الأذن.
زاد ابن الأثير (3): أنه زاد مسلم في روايته (4): "إذا قاتل أحدكم أخاه"، وفي أخرى (5):"فلا يلطمن الوجه"، وفي أخرى (6):"فليتقِ الوجه" انتهى، وفي قوله:"أخاه" ما يشعر أنه إذا قاتل كافراً فلا عليه أن يتقي الوجه.
قال الحافظ ابن حجر (7): أنه اختلف السلف في التحريق فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما (8) مطلقاً سواء كان بسبب كفر أو غيره [30 ب] ومنهم من قيده بأن لا يكون فيهم نساء ولا صبيان، قال: وأجازه (9) علي وخالد بن الوليد وغيرهما.
(1) أخرجه البخاري رقم (173، 2559) ومسلم رقم (2612).
(2)
عن جابر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه، وعن وسم الوجه".
أخرجه أحمد (3/ 318، 378) ومسلم رقم (106/ 2116) والترمذي في "السنن" رقم (1710) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو حديث صحيح.
(3)
في "الجامع"(2/ 617).
(4)
في "صحيحه" رقم (112/ 2612).
(5)
في "صحيحه" رقم (114/ 2612).
(6)
في "صحيحه" رقم (113/ 2612).
(7)
في "فتح الباري"(6/ 155).
(8)
انظر: "المغني"(13/ 140 - 141)، "فتح الباري"(6/ 155).
(9)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (3/ 432 - 433)، "المغني"(13/ 141 - 142).
قال: وحديث الباب يريد هذا الحديث ظاهر في التحريم وهو نسخ (1) لأمره المتقدم وفيه جواز (2) نسخ الحكم قبل العمل به، أو قبل التمكن من العمل به.
18 -
وَعَنِ ابْنِ تِعْلَى قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ فَأُتِيَ بِأَرْبَعَةِ أَعْلَاجٍ مِنَ العَدُوِّ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا صَبْرًا بِالنَّبْلِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا أيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ قَتْلِ الصَّبْرِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَده لَوْ كَانَتْ دَجَاجَةٌ مَا صَبَرْتُهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ. أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]
قوله: "وعن ابن تعلى" في "الجامع"(4) هو ابن تعلى (5) سمع أبا أيوب الأنصاري، روى عنه بكير بن الأشج. انتهى.
قلت: تعلى بالمثناة الفوقية مكسورة وسكون العين المهملة.
قوله: "مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد" أي: ابن المغيرة المخزومي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم له رؤية ولأبيه صحبة، ولم يسمع عبد الرحمن من النبي صلى الله عليه وسلم وكان له فضل وشجاعة وكرم، وهذه الغزوة لعلّها في خلافة عمر بن الخطاب.
قوله: "أعلاج"(6) جمع علج، وهو الرجل من كبار العجم، ويجمع أيضاً على علوج وعلجة.
(1) انظر: "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"(ص 493 وما بعدها)"فتح الباري"(6/ 150).
(2)
انظر: شرح "الكوكب المنير"(3/ 531 - 532)"البحر المحيط"(4/ 90).
(3)
في "السنن" رقم (2687) وهو حديث ضعيف.
(4)
(2/ 618).
(5)
هو عبيد بن تعلى، بكسر المثناة الفوقانية، الطائي، الفلسطيني، صدوق. "التقريب"(1/ 542 رقم 1535).
(6)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 245).
قوله: "صبراً"(1) صبرت القتيل على القتل، إذا حبسته عليه لتقتله بالسيف أو غيره من أنواع السلاح وسواه، وكل من قتل أي قتلة كانت إذا لم تكن في حرب ولا على غفلة ولا على غرة فهو مقتولٌ صبراً.
قوله: "أخرجه أبو داود".
قلت: ترجمه (2) بباب "في قتل الأسير بالنبل" ثم ذكر روايتين (3) الأولى: "فأمر بهم فقتلوا صبراً" قال أبو داود (4): قال لنا غير سعيد - يريد ابن منصور - الذي رواه عنه عن ابن وهب في هذا الحديث قال بالقتل صبراً. انتهى.
19 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلةً أَهْلُ الإِيْمَانِ". أخرجه أبو داود (5). [صحيح]
قوله: "في حديث ابن مسعود أعف الناس قتلة" هي بكسر القاف وسكون المثناة الفوقية الحالة من القتل، وبفتحها [31 ب] المرة من القتل، والعفة النزاهة كأنه يريد أنهم لا يمثلون ولا يقتلون صبراً بغير السيف لعلمهم بأنّ هذا منهي عنه.
20 -
وَعَنْ عَبْدُ الله بْنِ يَزِيْدٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ النُّهبى والمُثْلَةِ. أخرجه البخاري (6).
قوله: "في حديث عبد الله بن يزيد الأنصاري عن النُّهبى".
(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 9).
(2)
في "السنن"(3/ 136 الباب رقم 129).
(3)
في "السنن" رقم (2687 و2688).
(4)
في "السنن"(3/ 137).
(5)
في "السنن" رقم (2666)، وأخرجه ابن ماجه رقم (2681) و (2682)، وهو حديث صحيح.
(6)
في صحيحه رقم (2474) وطرفه رقم (5516).
قال ابن الأثير (1): النهبة المنهوب، والنهبى اسم ما انتهب من الأشياء، وتقدم تفسير المثلة.
قال السهيلي (2): النهبى بضم النون وسكون الهاء وموحدة مقصور أخذ مال المسلم قهراً، قال [149/ أ] فإن قيل قد مثل صلى الله عليه وسلم بالعرنيين وقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم بالحرة.
قلنا: في ذلك جوابان أحدهما: أنه فعل ذلك بهم قصاصاً لأنهم قطعوا أيدي الرعاة وأرجلهم وسملوا أعينهم، الثاني: أنّ ذلك كان قبل تحريم المثلة.
فإن قيل: فقد تركهم يستسقون فلا يسقونه حتى ماتوا عطشاً.
قلنا: عطشهم لأنهم عطشوا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، روي في ذلك حديث مرفوع: أنه عليه السلام بقي هو وأهله تلك الليلة بلا لبن قال: "اللهم عطش من عطش أهل بيت نبيك"(3)، انتهى.
قلت: في تقييده النهبى أن يكون مال (مسلم) شيءٌ؛ لأنه سيأتي سبب الحديث أنه نهب الصحابة غنماً من مال المشركين.
21 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون على منزلتين من النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، فكان إذا هاجرت المرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه، فإن هاجر منهم عبد أو أمة فهما حران، لهما ما للمهاجرين، ثم ذكر من أهل العهد مثل حديث مجاهد رحمه الله؛ فإن هاجر عبد أو أمة للمشركين من أهل العهد لم يردوا وردت أثمانهم، قال: وكانت قريبة بنت أبي أمية تحت عمر
(1) في "غريب الجامع"(2/ 619).
(2)
في "الروض الأنف"(4/ 142، 166).
(3)
أخرجه النسائي في "السنن" رقم (4036) بسند ضعيف.