الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "في حديث نافع: ثم يرجع إلى البيت فيفيض" أي: يطوف طواف الإفاضة، وفتوى [ابن عمر](1) هذه تخالف ما تقدم من الأحاديث فهو محمول على أنّه لم يبلغه.
الفصل الثاني: في وقت التحلل وجوازه
قوله: "الفصل الثاني: في وقت التحلل".
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ عُمرَ قال: مَنْ رَمَى الجَمْرَةَ ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ ونَحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ فقَدْ حَلًّ لَهُ ما حَرمَ عَلَيْهِ إِلَاّ النِّسَاءَ وَالطَّيبَ حَتَّى يَطُوفَ بالبَيْتِ. أخرجه مالك (2). [موقوف صحيح].
قوله: "في حديث عمر: من رمى الجمرة ثم حلق أو قصّر
…
الحديث" ظاهر الأحاديث المرفوعة أنّ بعد رمي الجمرة يحل له كل شيء إلاّ النساء، وهو قول ابن عباس الآتي في الحديث الثاني.
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إذَا رَمَى الجَمْرَةَ يعني: جَمْرَةَ العَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ عليه إلاّ النَّساء". قيل: فَالطِّيبُ؟ قال: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم هو يَتَضَمّخُ بِالمِسْكِ أَوْ طيبٌ هو. أخرجه النسائي (3). [صحيح لغيره]
قوله: "أمّا أنا [187 ب] فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتضمخ بالمسك" أي: بعد رميه الجمرة.
وقوله: "أو طيب هو" تهكم.
(1) في (أ): عمر، وهو خطأ.
(2)
في "الموطأ"(1/ 410 رقم 222)، وهو أثر موقوف صحيح.
(3)
في "السنن" رقم (3083).
وأخرجه أحمد (1/ 334) ، وأبو داود رقم (1940) ، وابن ماجه رقم (3041)، وهو حديث صحيح لغيره.
3 -
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي يَصِيرُ إِلَيَّ فِيهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَصَارَ إِلَيَّ فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي أُمَيَّةَ مُتَقَمِّصيْنِ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِوَهْبٍ:"هَلْ أفضْتَ يا أَبَا عَبْدِ الله؟ ". قَالَ: لَا وَالله يَا رَسُولَ الله. قَالَ: "فَانْزِعْ عَنْكَ القَمِيصَ". فَنَزَعَهُ مِنْ رَأْسِهِ وَنَزَعَ صَاحِبُهُ قَمِيصَهُ مِنْ رَأْسِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَلِمَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا". يَعْنِي: مِنْ كُلِّ مَا حَرُمْتُمْ مِنْهُ إِلَاّ النِّسَاءَ "فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا بِهَذَا البَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بهِ". أخرجه أبو داود (1). [حسن].
قوله: "في حديث أم سلمة: صرتم حرمًا كهيئتكم قبل أن ترموا" قال النووي (2): أجمع العلماء على أنّ طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح الحج إلاّ به، واتفقوا على أنه يستحب فعله يوم النحر بعد الرمي في النحر والحلق، فإن أخّره عنه وفعله في أيام التشريق أجزأ ولا تحرم عليه بالإجماع. انتهى.
فهذه حكاية للإجماع (3) على خلاف ما أفاده حديث أم سلمة.
وقوله: "أخرجه أبو داود".
قلت: إلاّ أنه قال المنذري (4): فيه محمد بن إسحاق. انتهى.
(1) في "السنن" رقم (1999).
وأخرجه الحاكم (1/ 489 - 490)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 137)، وفي سنده محمد بن إسحاق ولكنه صرح بالتحديث.
وهو حديث حسن.
(2)
في شرحه لـ "صحيح مسلم"(9/ 58).
(3)
انظر: "المغني"(5/ 311 - 313). المجموع شرح المهذب (8/ 200).
(4)
في مختصر "السنن"(3/ 428).
وقد قيل: إنه حديث منسوخٌ، وأنه لم يقل به أحد من [193/ أ] العلماء.
4 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَا يَطُوفُ بِالبَيْتِ حَاجٌّ وَلَا غيْرٌ حَاجٍّ إِلَاّ حَلَّ. قِيلَ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيْنَ تَقُولُ ذَلِكَ؟
قَالَ: مِنْ قَوْلِ الله تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)} (1). قِيلَ: فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبْل المُعَرَّفِ. فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ المُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ. وَكَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. أخرجه الشيخان (2). [صحيح].
"المُعَرَّفُ"(3) اسم المواقف: أي بعد الوقوف بالمعرَّف.
قوله: "في حديث ابن عباس: أو غير حاج إلاّ حل". أي: صار حلالاً بمجرد طوافه بالبيت، وقد استدل له عطاء بالآية وبأمره صلى الله عليه وسلم للحجاج معه أن يجعلوا حجهم عمرة، وهذا هو الذي استدل به [ابن](4) القيم (5) بأنه لا حج إفراد بل من حج مفرداً انقلب حجه عمرة شاء أو أبى، وأطال البحث في ذلك ولكنه لا يخفى أنه لا يتم إحلال المحرم بمجرد الطواف بالبيت، بل لا يتم [إلا](6) بالطواف بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير، ففي عبارة ابن عباس حذف ويعقبه ما علم من أن [188 ب] العمرة ذات أركان، غير الطواف بالبيت.
قوله: "قيل" أي: لعطاء "قال ذلك" أي: المحل المذكور في الآية.
(1) سورة الحج الآية (33).
(2)
أخرجه البخاري رقم (4396)، ومسلم رقم (1244، 1245).
(3)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 191): المُعرَّف به بعد الوقوف بعرفة، وهو التعريف أيضاً، والمُعرَّف في الأصل: موضع التعريف ويكون بمعنى المفعول.
(4)
زيادة من (ب).
(5)
في "زاد المعاد"(2/ 129).
(6)
في (ب): ولا.
"بعد المعرّف" أي: الوقوف بعرفة، فأجاب بأنّ ابن عباس كان يقول: أنّه قبله وبعده.
5 -
وعن حفصة رضي الله عنها قالت: أَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ. قَلْتُ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَحِلَّ؟ قَالَ: "إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي". أخرجه الستة (1) إلا الترمذي. [صحيح].
قوله: "في حديث حفصة أن يحللن" أي: من حجهن بالفسخ إلى العمرة كما أمر بذلك كل حاج إلاّ من ساق الهدي، وقد أجاب عليها بأنّ المانع من الإحلال أنه لبّد رأسه وقلّد هديه. وسبق تقريره.
6 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أَهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا مَنْ سَاقَ الهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ.
أخرجه مسلم (2)[صحيح].
قوله: "في حديث ابن عباس: أهلّ النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة" أي: منضافة إلى الحج. و"أهلَّ أصحابه بحج" أي: مفرد.
7 -
وعن نافع قال: كانَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ إِذَا حَلَّتْ لَمْ تَمْتَشِطْ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْ قُرُونِ رَأْسِهَا. وَإِنْ كَانَ لَهَا هَدْيٌ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهَا شَيْئًا حَتَّى تَنْحَرَ هَدْيَهَا. أخرجه مالك (3). [موقوف صحيح].
"وَقرُونُ الرَّأْسِ" هي الضفائر من الشعر.
(1) أخرجه البخاري رقم (1566)، ومسلم رقم (1229)، وأبو داود رقم (1806)، وابن ماجه رقم (3046)، والنسائي رقم (2682، 2781).
(2)
في "صحيحه" رقم (196/ 1239)، وأخرجه أحمد (1/ 240)، وهو حديث صحيح.
(3)
في "الموطأ"(1/ 387 رقم 163) موقوف صحيح.
قوله: أي "في حديث نافع: المرأة المحرمة إذا حلت لم تمتشط" كأنه يرى أنه بالامتشاط لا تحل إلاّ بعد التقصير وهذا رأي، وقد أمر صلى الله عليه وسلم عائشة لمّا حاضت أن تمتشط مع أنها باقية على إحرامها فدلّ على أنّه لا يحرم الامتشاط على المحرمة فبالأولى [من](1) صارت حلالاً، والله أعلم.
انتهى ولله الحمد الكلام على شرح الربع الأول من تيسير الوصول مع بحث بن أحاديثه بطرقها، وإيضاح لمعانيه وتحقيقها، ولله الحمد نسأله أن ينفع به العباد، وأن يجعله من زاد المعاد، وأن يوفق للتمام، وأن يحسن العاقبة والختام وأن يصلي ويسلم على سيد الأنام وعلى آله الكرام. آمين.
(29)
من شهر شوال سنة (1175)[194/ أ]. [انتهى من خط المصنف رحمه الله](2). [189 ب].
الحمد لله الذي يسّر شرح أحاديث الربع الأول من التيسير وأعان عليه [وبإعانة](3) كل عسير يسير، والصلاة والسلام على رسوله البشير النذير وعلى آله المطهرين بإرادة الله أكمل تطهير وبعد:
فهذا شروع في شرح أحاديث الجزء الثاني ببيان ضبط ألفاظه وإيضاح المعاني، نسأل الله الإعانة عليه، وأن يجعله من الأعمال المقبولة لديه ..
(1) زيادة من (أ).
(2)
ما بين الحاصرتين زيادة من (ب).
(3)
في (أ) بإعانته.