المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه] - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٣

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد

- ‌الباب الأول: في فضله

- ‌الفصل الأول: في فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

- ‌الباب الثاني: في الجهاد وما يتعلق به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية [والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

- ‌الباب الثالث: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمان والهدنة

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفصل الرابع: في الشهداء

- ‌ كتاب الجدال والمراء

- ‌[حرف الحاء

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: في فضائلهما

- ‌الباب الثالث: في الميقات والإحرام

- ‌الفصل الأول: في الميقات

- ‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

- ‌الفرع الثالث: في جزاء الصيد

- ‌[الباب الرابع: في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الفصل الأول: في الإفراد]

- ‌الفصل الثاني: في القران

- ‌الفصل الثالث: في التمتع وفسخ الحج

- ‌الباب الخامس: في الطواف والسعي

- ‌الفصل الأول: في كيفيتهما

- ‌في طواف الزيارة

- ‌في طواف الوداع

- ‌في طواف الرجال مع النساء

- ‌في الطواف من وراء الحجر

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌الدعاء في الطواف والسعي

- ‌[الفصل الثالث: في دخول البيت]

- ‌الفصل الأول: في الوقوف وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الإفاضة

- ‌الفصل الثالث: في التلبية بعرفة والمزدلفة

- ‌الباب السابع: في الرمي

- ‌الفصل الأول: في كيفيته

- ‌الفصل الثاني: في وقت الرمي

- ‌[الفصل الثالث: في الرمي راكبًا وماشيًا

- ‌[الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة]

- ‌الباب الثامن: في الحلق والتقصير

- ‌الفصل الأول: في تقديم بعض أسبابه على بعض

- ‌الفصل الثاني: في وقت التحلل وجوازه

- ‌الباب العاشر: في الهدي والأضاحي

- ‌الفصل الأول: في إيجابها [وأسنانها]

- ‌الفصل الثاني: في الكمية والمقدار

- ‌الفصل الثالث: فيما يجزي منها

- ‌الفصل الرابع: فيما لا يجزي منها

- ‌الفصل الخامس: في الإشعار والتقليد

- ‌الفصل السادس: في وقت الذبح ومكانه

- ‌الفصل السابع: في كيفية الذبح

- ‌الفصل الثامن: في الأكل من الأضحية

- ‌الفصل التاسع: فيما يعطب من الهدي

- ‌الفصل العاشر: في ركوب الهدي

- ‌الفصل الحادي عشر: في المقيم إذا أهدى إلى البيت [أو ضحى هل يحرم أم لا]

- ‌الباب الحادي عشر في الفوات والإحصار والفدية

- ‌الفصل الأول: فيمن أحصره المرض والأذى

- ‌الفصل الثاني: فيمن أحصره العدو

- ‌الفصل الثالث: فيمن غلط في العدد

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني عشر: في دخول مكة والنزول بها والخروج منها

- ‌الباب الرابع عشر: في أحكام متفرقة تتعلق بالحج

- ‌الفصل الأول: في التكبير في أيام التشريق

- ‌الفصل الثالث: في حج الصبي

- ‌الفصل الرابع: في الاشتراط في الحج

- ‌الفصل الخامس: في حمل السلاح في الحرم

- ‌الفصل السادس: في ماء زمزم

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الخامس عشر: في حج النبي صلى الله عليه وسلم وعمرته

- ‌كتاب: الحدود

- ‌الباب الأول: في حد الردة، وقطع الطريق]

- ‌الباب الثاني: في حد الزنا [وفيه فصلان]

- ‌الفصل الأول: في أحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الذين حدهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: في حديث اللواط وإتيان البهيمة

- ‌الباب الرابع: في حد القذف

- ‌الباب الخامس: في حد السرقة

- ‌الباب السادس: في حد الخمر

- ‌الباب السابع: في الشفاعة، والتسامح في الحدود

- ‌كتاب: الحضانة

- ‌كتاب: الحسد

- ‌كتاب: الحرص

- ‌كتاب: الحياء

- ‌حرف الخاء

- ‌كتاب: الخلق]

- ‌كتاب: الخوف

- ‌كتاب: خلق العالم

- ‌كتاب: الخلافة والإمارة

- ‌الباب الاول: في [أحكامهما]

- ‌[الفصل الأول: في الأئمة من قريش]

- ‌الفصل الثاني: في من تصلح إمامته وإمارته

- ‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

- ‌الفصل الرابع: في كراهية الإمارة

- ‌الفصل الخامس: في وجوب طاعة الإمام والأمير

- ‌الفصل السادس: في أعوان الأئمة والأمراء [346 ب]

- ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين وبيعتهم رضي الله عنهم

- ‌كتاب الخلع

الفصل: ‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

قوله: "في حديث عثمان أنه كره أن يحرم الرجل من خراسان أو كرمان" بفتح الكاف والكسر، واختار "الفتح" الشيخ مجد الدين الشيرازي وقال: إنه الذي قطع به الصغاني، ووجه التخصيص لخراسان بعرق فذكر قصة وهو: أنه روى أحمد بن سيار في "تاريخ مرو"(1) من طريق داود بن أبي هند قال: لما فتح عبد الله بن عامر خراسان قال: لأجعلن شكري لله أن اخرج من موضعي هذا محرماً فأحرم من نيسابور، فلمّا قدم على عثمان لامه على ما صنع، ووجه لومه له أن بين خراسان ومكة أكثر من مسافة أشهر الحج، فيستلزم أن يكون أحرم في غير أشهر الحج فكره ذلك عثمان [106 ب] وقد لزم أنه (2) أحرم من غير الميقات المكاني أيضاً. قوله:"أخرجه البخاري ترجمة" في ترجمة والبخاري لم يخرجه إنما ذكره مقطوعاً بلفظ: "وكره عثمان أن يحرم الرجل من خراسان أو كرمان".

قال الحافظ ابن حجر (3): وصله سعيد بن منصور ثنا: هشيم ثنا يونس بن عبيد، أنّ الحسن - هو البصري -: أنّ عبد الله بن عامر أحرم من خراسان فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع وكرهه. انتهى.

‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

(4)

قال ابن الأثير (5): وفيه ثلاثة فروع؛ الفرع الأول: فيما يحل للمحرم وهو أحد عشر نوعاً ثم عدّها والمصنف سردها سرداً واحداً فطال عليه هذا الفصل.

1 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سُئِلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ قَالَ: "لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا ثَوْبَاً مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ،

= قال الحافظ في "الفتح"(3/ 420) وصله سعيد بن منصور.

(1)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 420).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 420).

(3)

في "الفتح"(3/ 420).

(4)

زيادة من (ب).

(5)

في "الجامع"(3/ 21).

ص: 210

وَلَا الخُفَّيْنِ، إِلَاّ أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعُهُمَا حَتَّى يَكُوْنَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ". أخرجه الستة (1)، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح].

وزاد البخاري (2): وَلَا تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ. [صحيح].

"القُفازَ"(3) بضم القاف وتشديد الفاء: شيء يعمل لليدين يُحْشَى بقطن ويكون له أزرار يزرَّر بها على الساعدين من البردِ تلبسه المرأة في يَدَيْها.

قوله: "في حديث ابن عمر قال: لا يلبس المحرم" وقع السؤال عمّا يلبس فأجاب بما لا يلبس؛ لأنه محصور، فآثر التصريح به؛ لأنه أوجز وأخصر، لكن لأبي عوانة (4)"ما يترك".

وفي رواية (5): "ما يجتنب المحرم" فعلى هذا الجواب على طبق السؤال، ونبه بالقميص والسراويل على كل (6) مخيط، وبالعمائم والبرانس على كل ما يغطي الرأس مخيطاً أو غيره، وبالخفاف على ما يستر الرجل، وفي رواية عند الطبراني (7) وغيره:"ولا القباء".

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1542) ومسلم رقم (1/ 1177) وأبو داود رقم (1824) والترمذي رقم (833) والنسائي رقم (2667) وابن ماجه رقم (2929)، وأحمد في "مسنده"(2/ 4) وهو حديث صحيح.

(2)

في "صحيحه" رقم (1838).

وأخرجه أحمد (2/ 119) والنسائي رقم (2667) والترمذي رقم (833) وقال: هذا حديث حسن صحيح

(3)

قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 24)، وانظر:"غريب الحديث" للهروي (4/ 272).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 402) وهي رواية شاذة.

وأخرجه أحمد في "المسند"(2/ 8) وهو حديث صحيح.

(5)

أخرجها أحمد (2/ 34) وابن حبان رقم (3784) وأبو عوانة في "مسنده" كما ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 402) عن ابن عمر، أن رجلاً نادى، فقال: يا رسول الله! ما يجتنب المحرم من الثياب؟

الحديث، وهو حديث صحيح دون قوله:"من العقبين" فشاذ.

(6)

ذكره القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(4/ 161).

(7)

في الأوسط رقم (5034).

ص: 211

قوله: "البرنس"(1) بضم الموحدة وسكون الراء المهملة ثوب رأسه ملتصق به، وقيل: قلنسوة (2) طويلة كان النساك يلبسونها.

وَ"الورس"(3) نبت أصفر يكون باليمن تصبغ به الثياب، وهو بفتح الواو وسكون الراء بعدها مهملة.

قوله: "ولا تنتقب المرأة" أي: المحرمة، أي: لا تجعل النقاب على وجهها، والنقاب الخمار الذي يسدل (4) على الوجه أو تحت المحاجر، والمراد نهيها [107 ب] عن لبس النقاب، وأما لغيره مما يستر الوجه فتفعله؛ لأنها مأمورة بتغطية وجهها، وفي ذكر حكم المرأة ما دل على أن المراد من قول السائل ما يلبس المحرم، أي: من ذكر وأنثى.

2 -

وعنه رضي الله عنه قَالَ: "نَهَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ القُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّ الوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَراً أَوْ خَزًّا أَوْ حُلِيّاً أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصاً أَوْ خُفّاً". أخرجه أبو داود (5). [حسن]

قوله: "في حديث ابن عمر أخرجه أبو داود".

قلت: ثم قال عقبه: قال أبو داود (6): روي هذا الحديث عن ابن إسحاق عن نافع عبدةُ

(1) قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 128): البرنس: هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من درّاعة أو جبة أو مِمْطَرٍ، أو غيره، وانظر:"الفائق" للزمخشري (1/ 101).

(2)

قاله الجوهري في "الصحاح"(3/ 908).

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 840)، "غريب الحديث" للخطابي (1/ 97).

(4)

قال الحافظ في "الفتح"(4/ 53): النقاب: الخمار الذي يشدُّ على الأنف أو تحت المحاجر.

(5)

في "السنن" رقم (1827).

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 47) والحاكم في "المستدرك"(1/ 486) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وهو حديث حسن.

(6)

في "السنن"(2/ 413).

ص: 212

ابن سليمان ومحمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق إلى قوله: "وما من الورس والزعفران من الثياب" لم يذكر ما بعده. انتهى.

وقال المنذري (1): فيه محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه.

3 -

وفي رواية (2) عن عائشة: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الخُفَّيْنِ. [حسن].

4 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَجِدْ إَزَارَاً فَلْيَلْبَسُ سرَاوِيْلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ". أخرجه الخمسة (3). [صحيح].

قوله: "في حديث ابن عباس فليلبس سراويل" في "الجامع"(4): عن يحيى بن يحيى قال: سمعت مالكاً وقد سئل عما ذكره عن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أنه من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، يقول: لم أسمع بهذا ولا أرى أن يلبس المحرم سراويل؛ لأن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس السراويلات فيما نهى عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها، ولم يستثن كما استثنى في الخفين. أخرجه "الموطأ"(5)، انتهى.

وقال أبو داود (6) بعد إخراجه: قال أبو داود: هذا حديث أهل مكة ومرجعه إلى البصرة أي: جابر بن زيد والذي تفرد به جابر [108 ب] بن زيد ذكر السراويل ولم يذكر القطع في الخف. انتهى.

(1) في "المختصر"(2/ 352).

(2)

أخرجها أبو داود في "السنن" رقم (1831) وهو حديث حسن.

(3)

أخرجه البخاري رقم (5804، 5853) ومسلم رقم (4/ 1178) وأبو داود رقم (1829) والترمذي رقم (834) والنسائي رقم (2671، 2672) وابن ماجه رقم (2931) وهو حديث صحيح.

(4)

(3/ 26 - 27 رقم 1296).

(5)

في "الموطأ"(1/ 325).

(6)

في "السنن"(2/ 414).

ص: 213

وأما المنذري (1) فقال: وأخرجه البخاري (2) ومسلم (3) والترمذي (4) والنسائي (5). انتهى.

وأعرض عما ذكره أبو داود، وهذا نقلناه عن أبي داود في بعض الروايات عنه الملحقة في "السنن" تحت قوله: وقد أخرجه البخاري ومن ذكر ولم يتعرض في "الفتح"(6) لما ذكره أبو داود من انفراد جابر بن زيد، بل قال فيه: في شرح حديث ابن عباس وقد قال القرطبي (7): أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد.

وقال الجمهور (8): بشرط قطع الخف وفتق السراويل، ولم يأت الفتق في شيء من الروايات إنما قالوا: يلبس النظير (9) بالنظير لاستوائهما في الحكم.

وعن أبي حنيفة (10) منع السراويل مطلقاً، ومثله عن مالك (11) وكأنّ حديث ابن عباس لم يبلغه.

5 -

وَعَنْ نَافِعٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ يَقُوْلُ لِابْنَ عُمَرَ: رَأَى عُمَرَ رضي الله عنهما عَلَى طَلْحَةَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مَغْرَةٌ أو مَدَرٌ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ

(1) في "مختصر السنن"(2/ 352).

(2)

في "صحيحه" رقم (1841).

(3)

في "صحيحه" رقم (1178).

(4)

في "السنن" رقم (834).

(5)

في "السنن" رقم (2671، 2672) وقد تقدم.

(6)

(4/ 57).

(7)

في "المفهم"(3/ 258).

(8)

انظر: "البناية في شرح الهداية"(4/ 54)"المغني"(5/ 120)، "المجموع شرح المهذب"(7/ 264).

(9)

في (أ) زيادة أي، وقد ضرب عليها.

(10)

"البناية في شرح الهداية"(4/ 54).

(11)

"عيون المجالس"(2/ 800) المدونة (1/ 295).

ص: 214

أَئِمَّةٌ يَقْتَدِى بِكُمُ النَّاسُ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً جَاهِلاً رَأَى هَذَا لَقَالَ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ الله قَدْ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ المُصْبَغَةَ فِي الإِحْرَامِ، فَلَا تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ (1). [موقوف صحيح].

قوله: "في حديث نافع إنما هو مغرة أو مدر" لفظ "الجامع"(2): "إنما هو مدر" وليس (3) فيه لفظ مغرة، وهي بفتح الميم وسكون الغين المعجمة فراء، فسّرها في "النهاية"(4) بالمدر الأحمر الذي تصبغ به الثياب، وفسر المدر في "غريب الجامع" (5) بقوله: المدر: الطين مستحجر.

6 -

وعن عروة قَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ تَلْبَسُ المُعَصْفَرَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ لَيْسَ فِيْهَا زَعْفَرَانٌ. أخرجه مالك (6). [موقوف صحيح].

7 -

وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالجِعْرَانَةِ قَدْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ وَأَنا كَمَا تَرَى، فَقَالَ:"انْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ". أخرجه الستة (7)، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح].

وزاد أبو داود (8): "وَاصْنَعُ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجَّتِكَ". [صحيح].

(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 326 رقم 10).

(2)

(3/ 27).

(3)

وكذلك غير موجودة في "الموطأ"(1/ 326 رقم 10).

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 669).

(5)

(3/ 28) والذي فيه: طينٌ متحجر.

(6)

في "الموطأ"(1/ 326 رقم 11) وهو موقوف صحيح.

(7)

أخرجه البخاري رقم (1536) ومسلم رقم (8/ 1180) وأبو داود رقم (1819) والترمذي رقم (835) والنسائي رقم (2710).

(8)

في "السنن" رقم (1819).

ص: 215

قوله: "في حديث يعلى بن أمية واغسل عنك الصفرة" استدل به على منع استدامة الطيب بعد الإحرام [109 ب].

وهو قول مالك (1) ومحمد بن الحسن (2)، وأجيب (3) عنه بأنّ قصة يعلى كانت بالجعرانة وهي سنة ثمان بلا خلاف، وقد ثبت (4) عن عائشة:"أنها طيّبت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بيدها عند إحرامه"، وذلك في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف، وإنما يؤخذ بالآخر من الأمرين على أن أمر الرجل بغسل الخلوق وهو لا يخلو عن الزعفران، والتزعفر منهي عنه مطلقاً لمحرمٍ وغيره.

8 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ المِنْطَقَةِ لْلْمُحرِمِ (5). [موقوف صحيح].

قوله: "في حديث ابن عمر المنطقة"(6) هي كل ما شددت على وسطك، وهذا اجتهاد منه لا دليل عليه.

9 -

وعن القاسم بن محمد قال: أَخْبَرَنِي الفَرَافِصَةُ بنُ عُميرٍ الحَنَفِيُّ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ رضي الله عنه يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوُ مْحْرِمٌ (7). [موقوف صحيح].

قوله: "في حديث القاسم بن محمد الفرافصة" بالضم للفاء ثم بعد الألف فاء فصاد مهملة اسم للأسد، وبالفتح اسم الرجل وهو الفرافصة المعروف بأبي نائلة صهر عثمان بن عفان وتغطية وجه المحرم غير منهي عنها.

(1)"عيون المجالس"(2/ 797)"المنتقى" للباجي (2/ 196).

(2)

في كتابه "الأصيل"(2/ 398).

(3)

أي الجمهور، انظر:"المجموع شرح المهذب"(7/ 286 - 287).

(4)

أخرجه أحمد (6/ 162) والبخاري رقم (1539) ومسلم رقم (31/ 1189).

(5)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 326 رقم 12) وهو موقوف صحيح.

(6)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 759).

(7)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 327 رقم 13) وهو موقوف صحيح.

ص: 216

10 -

وعن نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُوْلُ: مَا فَوْقَ الذَّقَنِ مْنَ الرَّأْسِ فَلَا يُخَمِّرُهُ المُحْرِمُ (1). أخرج هذه الأحاديث الثلاثة مالك.

11 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ. أخرجه أبو داود (2). [حسن لغيره].

قوله: "في حديث عائشة أخرجه أبو داود" قال المنذري (3): وأخرجه ابن ماجه (4) وذكر سعيد بن يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين أنّ مجاهد لم يسمع من عائشة.

وقال أبو حاتم الرازي (5): مجاهد عن عائشة مرسل، وفي إسناده أيضاً يزيد بن أبي زياد (6) قد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له [110 ب] مسلم في جماعة، غير محتج به. انتهى.

(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 327 رقم 13) وهو موقوف صحيح.

(2)

في "السنن" رقم (1833).

وأخرجه أحمد (6/ 30) وابن ماجه رقم (2935) وابن خزيمة رقم (2691) وإسحاق بن راهويه في "مسنده" رقم (1189) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (418) والدارقطني (2/ 294) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 48) وابن أبي شيبة في الجزء المفقود (ص 307) وابن عدي في "الكامل"(7/ 2597) من طرق.

وهو حديث حسن لغيره.

(3)

في مختصره (2/ 354).

(4)

في "السنن" رقم (2935) وقد تقدم.

(5)

في كتابه "المراسيل"(ص 203) رقم (747).

(6)

قال الحافظ في "التقريب"(2/ 365 رقم 254) يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولاهم، الكوفي، ضعيف، كبر فتغيَّر، صار يتلقن، وكان شيعياً من الخامسة.

ص: 217

12 -

وعن فاطمة بنت المنذر قالت: كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْر رضي الله عنها. أخرجه مالك (1)[موقوف صحيح].

13 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بيَدَيَّ هَاتَيْنِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ بِطِيْبٍ فِيْهِ مِسْكٌ.

أخرجه الستة (2). [صحيح].

وفي رواية (3): بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. [صحيح].

وفي أخرى (4): قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ثُمَّ يُحْرِمُ. [صحيح].

وفي أخرى (5): بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ.

وفي أخرى (6): كَأَّنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيْصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وهُوَ مُحْرِمٌ. [صحيح].

زاد في رواية (7): كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيْمَ، فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةُ قَالَتْ: كَأَنِّي أْنْظُرُ إِلَى وَبِيْصِ الطِّيبِ. الحديث. [صحيح].

(1) في "الموطأ"(1/ 328 رقم 16) وهو موقوف صحيح.

(2)

أخرجه البخاري رقم (1539) ومسلم رقم (1189، 1191)، وأبو داود رقم (1745) والترمذي رقم (917) وابن ماجه رقم (2936) والنسائي (2684، 2692).

(3)

أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (5930).

(4)

البخاري في "صحيحه" رقم (1838، 5803).

(5)

أخرجها البخاري رقم (5923، 5928).

(6)

البخاري رقم (271) ومسلم رقم (1190) وأبو داود رقم (1746) وابن ماجه رقم (2927، 2928) والنسائي رقم (2693 - 2699).

(7)

البخاري رقم (1527، 1538).

ص: 218

زاد في رواية (1): وَذلِكَ طِيبُ إِحْرَامِه. [صحيح].

قوله: "في حديث عائشة حين أحرم" أي: حين أراد الإحرام كما تدل له الرواية الأخرى عنها بلفظ: "قبل أن يحرم ثم يحرم".

قوله: "وبيص"(2)[173/ أ] الوبيص بفتح الواو فموحدة فمثناة تحتية فصاد مهملة هو البريق.

قوله: "مفارق"(3) جمع مفرق وهو المكان الذي يفترق فيه الشعر في وسط الرأس وجمع لإرادة جوانب الرأس التي يفترق فيها الشعر.

14 -

وفي أخرى: سُئِلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا؟ فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا لأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ. فَأُخْبِرَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها بِقَوْلِ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَتْ: أنَّا طَيَّبْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ إِحْرَامِهِ، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيْبَاً. (4) هذه ألفاظ الشيخين. [صحيح].

15 -

وفي أخرى للنسائي (5): كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ أَدَّهَنَ بأَطْيَبِ دُهْن يَجْدُ حَتَّى أَرَى وَبِيصَهُ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. [صحيح].

16 -

وله (6) في أخرى قالت: طَيَّبْتُهُ لِحَرَمِهِ حينَ أَحْرَمَ وَلحِلِّهِ بَعْدَ مَا رَمَى العَقَبَةَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ. [صحيح].

قوله: "لحرمه" بضم الحاء وكسرها، أي: لإحرامه.

(1) أخرجها مسلم في "صحيحه" رقم (39/ 1190).

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 818)، "غريب الحديث" للهروي (4/ 333).

(3)

انظر: "الفائق" للزمخشري (2/ 227).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (267) ومسلم رقم (1192).

(5)

في "السنن" رقم (2700) وهو حديث صحيح.

(6)

أي: للنسائي في "السنن" رقم (2687) وهو حديث صحيح.

ص: 219

17 -

وفي أخرى (1): طِيبًا لَا يُشْبِهُ طِيبَكُمْ هَذَا يَعْنِي لَيْسَ لَهُ بَقَاءٌ. [صحيح].

"الذَّرِيرَةُ"(2) ضربٌ من الطيب مجموع من أخلاط. "وَالوَبِيصُ"(3) البَصِيصُ وْالبَرِيقُ، "وَيَنْضَخُ" (4) بالخاء المعجمة: يفوح.

18 -

وَعَنْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ المُطَيَّبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَنْهَاهَا. أخرجه أبو داود (5). [صحيح].

ومعنى "نُضَمِّدُ"(6) أي: نلطخ، و"السُّكُّ" نوع معروف من الطيب (7).

قوله: "في حديث عائشة بالسُّك" بضم السين المهملة، قال "المصنف": إنه نوع من الطيب، في "النهاية" (8):[هو](9) طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل. انتهى.

فعبارة "المصنف" قاصرة لا سيما بعد قولها "المطيب"، هذا صريح في بقاء عين الطيب ولا يقال هذا خاص بالنساء؛ لأنهم أجمعوا على أن الرجال والنساء سواء في تحريم استعمال الطيب إذا كانوا محرمين.

(1) أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (267، 270، 1539) ومسلم رقم (1189، 1191، 1192) والنسائي رقم (2688).

(2)

تقدم شرحها.

(3)

تقدم شرحها.

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 755).

(5)

في "السنن"(1830) وهو حديث صحيح.

(6)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 91).

(7)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 37).

(8)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 791).

(9)

زيادة من (أ).

ص: 220

وقال بعضهم: كان ذلك طيباً لا رائحة، تمسكاً برواية عن الزهري عن عروة عن عائشة (1):"بطيب لا يشبه طيبكم"، قال بعض رواته: يعني لا بقاء له، أخرجه النسائي.

قالوا: يرد هذا التأويل قولها "بطيب فيه مسك" وقولها "كأني أنظر إلى وبيص المسك" وفي رواية: "بالغالية الجيدة" وهذا يدل [111 ب] على أن قولها: "لا كطيبكم" أي: أطيب منه، وقال بعضهم: إن ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم.

قلت: فيقال: فما بال أزواجه في استعمالهن السُّك المطيب.

19 -

وَعَنِ الصَّلْتِ بْنِ زيَيْدٍ (2) عَنْ غيرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ فَقَالَ: مِمَّنْ هَذَا؟ فَقَالَ كُثِّيرُ بْنِ الصلْتِ مِنِّي، لَبَّدْتُ رَأْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَحْلِقَ. فَقَالَ عُمَرُ: فَاذْهَبْ إِلَى شَرَبَةٍ مِنَ الشَّرَبَاتِ فَادْلُكْ رَأْسَكَ حَتَّى تُنَقِيَهُ فَفَعَلَ ذَلِكْ. أخرجه مالك (3). [موقوف ضعيف].

قوله: "في حديث الصلت بن زيَيْد" هو بالزاي ثم يائين مثناتين من تحت، تصغير زيد.

قوله: "وهو بالشجرة"(4) هو موضع على ستة أميال من المدينة.

قوله: "إلى شربة"(5) بالمعجمة مفتوحة وراء مفتوحة يأتي تفسيرها.

20 -

وَلَهُ فِي أُخْرَى عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ فَقَالَ: مِمَّنْ هَذَا الطِّيبِ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: مِنِّي يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: مِنْكَ لَعَمْرُ الله؟ فَقَالَ: إِنَّمَا

(1) أخرجه البخاري رقم (267، 270، 1539) ومسلم رقم (1189، 1191، 1192) والنسائي رقم (2688).

(2)

تصغير زيد.

(3)

في "الموطأ"(1/ 329 رقم 20) وهو موقوف ضعيف.

(4)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 844).

(5)

قال مالك: الشربة حفيرٌ تكون عند أصل النخلة.

وقال ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 37) الماء المجتمع حول النخلة كالحوض.

ص: 221

طَيَّبَتْنِي أُمَّ حَبِيبَةَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ فَلْتَغْسِلَنَّهُ (1). (2)[موقوف صحيح].

"التَّبْلِيدُ"(3) أن يُسَرِّحَ شعر رأسه، ويجعل فيه شيئاً ممن صَمغ ليلتزق، ولا يتشعَّث في الإحرام، "وَالشَّرَبَة" (4) بفتح الشين والراء: الماء المجتمع حول النخلة كالحوض.

21 -

وَعَنْ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: أنَّهُ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاقِدَاً وَمَاتَ بِالجُحْفَةِ مُحْرِمًا وَخَمَّرَ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّا حُرُمٌ لَطَيَّبْنَاهُ. أخرجه مالك (5). [موقوف صحيح].

قوله: "وخمر رأسه" هو معارض حديث الذي (6) وقصته ناقته.

وقوله: "لولا أنا حرم لطيبناه" جعل المانع كون الغاسلين حرم لا كونه محرماً، وتقدم في حديث الذي وقصته الناقة النهي عن تطييبه وتخمير رأسه؛ لأنه يبعث محرماً.

22 -

وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي ثُمَ يَرْكَبُ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ يَقُوْلُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ. أخرجه البخاري (7). [صحيح].

(1) في (ب) فلتغسله.

(2)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 329 رقم 19) موقوف صحيح.

(3)

قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(2/ 581) تلبيد الشّعر: أن يجعل فيه شيء من صمغ عند الإحرام، لئلا يشعث ويقمل، إبقاءً على الشعر، وإنما يلبد من يطول مكثه في الإحرام.

(4)

قال مالك: الشربة حفيرٌ تكون عند أصل النخلة.

وقال ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 37) الماء المجتمع حول النخلة كالحوض.

(5)

في "الموطأ"(1/ 327 رقم 14) وهو موقوف صحيح.

(6)

أخرجه أحمد (1/ 215) ومسلم رقم (98/ 1206) والنسائي رقم (2854، 2855) وابن ماجه رقم (3084)، وهو حديث صحيح.

(7)

في "صحيحه" رقم (1554).

ص: 222

23 -

وفي رواية للترمذي (1) قال: كَانَ يَدَّهِنُ بِدُهْنٍ غيرِ مُقَتَّتٍ. يَعْنِي غَيْرِ مُطَيِّبٍ. [إسناده ضعيف].

"القَتُّ"(2) تطييب الدهن بالريحان.

24 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: يَشُمُّ المُحْرِمُ الرَّيْحَانَ، وَيَنْظرُ فِي المرآةِ، وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ. أخرجه البخاري (3) ترجمة.

قوله: "في حديث [ابن عباس] (4) أخرجه البخاري ترجمة" مثله في "الجامع"(5) إلا أنه قال: في ترجمة، والبخاري ذكره منقطعاً فقال: وقال ابن عباس.

قال الحافظ في "الفتح"(6): أمّا شم الريحان فقال سعيد بن منصور: ثنا ابن عيينة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان لا يرى بأساً للمحرم يشم الريحان.

(1) في "السنن" رقم (962).

وأخرجه أحمد (2/ 29) وابن ماجه رقم (3083) إسناده ضعيف لضعف فرقد السبخي، قال عنه الحافظ في "التقريب" (2/ 108 رقم 16): صدوق عابد، لكنه ليَّن الحديث كثير الخطأ.

وقال المحرران: بل ضعيف، فقد ضعفه أيوب السختياني، ويحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، والبخاري، والنسائي، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، وابن سعد، وأبو زرعة الرازي، وابن حبان والبزار، والدارقطني، وأحمد بن حنبل، وأبو أحمد الحاكم، واختلف فيه قول ابن معين، فضعفه مرّة ووثقه أخرى.

(2)

قال الفيروز آبادي في "القاموس المحيط"(ص 202) زيت مقتت: طبخ فيه الرياحين أو خلط بأدهان طيبة.

(3)

في "صحيحه"(3/ 395 - 396 الباب رقم 18 - مع "الفتح") تعليقاً.

(4)

زيادة من (ب).

(5)

(3/ 39 رقم 1313).

(6)

في "فتح الباري"(3/ 396).

ص: 223

وأما النظر في المرآة [112 ب] فقال [الثوري](1) في جامعه (2): رواية عبد الله بن الوليد عنه عن هشام بن حسّان عن عكرمة عن ابن عباس قال: لا بأس أن ينظر في المرآة وهو محرم.

وأمّا التداوي فقال أبو بكر بن أبي شيبة (3): ثنا أبو خالد الأحمر وعباد بن العوام، عن أشعث، عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقول: يتداوى المحرم بما يأكل.

وقال أيضاً (4): ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: إذا تشققت يد المحرم ورجلاه فليدهنهما بالزيت أو بالسمن. انتهى.

[فهذا الأثر ومرّ نظائرها لم يخرجه](5) البخاري بل ذكرها مقطوعة، وهذا تخريجها، فلا أدري كيف وقع لابن الأثير التعبير بقوله: أخرجه البخاري، مع أنه قد تقدم له في نظائر يقول: ذكره البخاري في ترجمة، وهو الصواب.

25 -

وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ حُنَيْنٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ المِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلني ابْنُ العَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أنَّا عَبْدُ الله بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابْنُ العَبَّاسِ يَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَه وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، فَقَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، فَحَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ. أخرجه الستة (6) إلا الترمذي. [صحيح].

(1) في (ب) النووي، وما أثبتناه من (أ) و"فتح الباري"(3/ 396).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 396).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 396).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 396).

(5)

كذا العبارة في المخطوط، ولعلها: فهذه الآثار، ومرَّ نظائرها ولم يخرجها.

(6)

أخرجه البخاري رقم (1840) ومسلم رقم (91/ 1205) وأبو داود رقم (1840) والنسائي رقم (2665) وابن ماجه رقم (2934) وأحمد (5/ 418، 421) ومالك (1/ 323) وهو حديث صحيح.

ص: 224

زاد في رواية غير مالك: قَالَ المِسْوَرُ لَابْنِ عَبَّاسٍ: لَا أُمَارِيْكَ أَبَدَاً. "قَرْنَا البِئْرِ" عِضَادَتاها التي يجعل عليهما البكرة. "وَالمُمَارَاةٌ" المجادلة.

قوله: "وعن عبد الله بن حنين"(1) بضم الحاء المهملة وفتح النون الأولى وسكون التحتية هو عبد الله بن حنين مولى العباس بن عبد المطلب، وقيل: مولى علي بن أبي طالب عليه السلام تابعي مشهور ثقة، روى عن علي وابن عباس وأبي أيوب رضي الله عنهم.

قوله: "والمسور"(2) بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو، و"مخرمة" بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء، توفي النبي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثماني سنين وسمع منه وحفظ عنه، ومات بمكة في فتنة ابن الزبير، أصابه حجر من حجارة المنجنيق وهو يصلي في الحجر [113 ب] فقتله.

قوله: "حرّك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر" ففي فعله جواب السائل بالفعل، ثم إخباره أنه صلى الله عليه وسلم فعله، فدل على أنه يغتسل المحرم ويغسل رأسه.

قال الحافظ (3): وفي هذا الحديث من الفوائد مناظرة الصحابة في الأحكام، ورجوعهم إلى النصوص وقبولهم لخبر الواحد ولو كان تابعياً، وأن قول بعضهم ليس بحجة على البعض.

قال ابن عبد البر (4): لو كان معنى الاقتداء في قوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"(5) يراد به الفتوى، لما احتاج ابن عباس إلى إقامة البينة على دعواه بل كان

(1) انظر "التقريب"(1/ 411 رقم 267).

(2)

انظر "التقريب"(2/ 249 رقم 1136).

(3)

في "فتح الباري"(4/ 56 - 57).

(4)

في "الاستذكار"(11/ 16 رقم 15185).

(5)

وهو حديث موضوع.

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّما أصحابي مثل النجوم، فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم". =

ص: 225

يقول: أنت نجم وأنا نجم [فلا عليك](1) فبأينا "اقتدى من بعدنا كفاه"(2) ولكن معناه كما قال المزني (3) وغيره من أهل النظر: أنه في النقل؛ لأن جميعهم عدول.

26 -

وعن خارجة بن زيد عن أبيه رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تجَرَّدَ لِإِهْلَالهِ وَاغْتَسَلَ. أخرجه الترمذي (4). [حسن].

وذكر رزين (5) رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ وَلِطَوَافِهِ بِالبَيْتِ وَلوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ.

27 -

وعن نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلدُخُوْلِهِ مَكَّةَ وَلِوُقُوْفِهِ بِعَرَفَةَ. أخرجه مالك (6). [موقوف صحيح].

زاد في رواية (7): وَكَانَ إِذَا أَحْرَمَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ إِلَّا مِنْ الاحْتِلَامِ. [موقوف صحيح].

= أخرجه ابن عدي في "الكامل"(2/ 785) في ترجمة: حمزة بن أبي حمزة الجزري، وقال فيه كل ما يرويه أو عامته مناكير موضوعة.

وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وذكر له الذهبي في "الميزان"(1/ 607) أحاديث من موضوعاته، وهذا منها.

وقال ابن حبان في المجروحين (1/ 270): ينفرد عن الثقات بالموضوعات، حتى كأنه المتعمد لها. ولا تحل الرواية عنه.

وقال الألباني في "الضعيفة"(1/ 82 رقم 61) موضوع، وسيأتي تخريجه مفصلاً.

(1)

زيادة من "الاستذكار"(11/ 16 رقم 15185).

(2)

كذا في المخطوط وفي "الفتح"(4/ 57)، والذي في "الاستذكار": اقتدى المقتدي فقد اهتدى.

(3)

ذكره الحافظ في "فتح الباري"(4/ 57).

(4)

في "السنن" رقم (830) وهو حديث حسن.

(5)

انظر: "جامع الأصول"(3/ 43).

(6)

في "الموطأ"(1/ 322 رقم 3) وهو موقوف صحيح.

وأخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1573) ومسلم رقم (227/ 1259) من طريق آخر.

(7)

أي مالك في "الموطأ"(1/ 324 رقم 7) وهو موقوف صحيح.

ص: 226

28 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَبَّدَ رَأْسَهُ بِالغَسْلِ. أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [ضعيف].

وعنده سَمعتُهُ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِّدَاً. [صحيح].

قوله: "في حديث ابن عمر لبد رأسه" التلبيد (3) أن يجعل في الرأس شيئاً نحو الصمغ ليجتمع شعره لئلا يتشعث في الإحرام أو يقع فيه القمل.

قوله: "بالعسل" قال ابن الصلاح (4): يحتمل أنه بفتح المهملتين ويحتمل أنه بكسر المعجمة وسكون المهملة، ما يغسل به الرأس من خطمي أو غيره.

29 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: لَا يَدْخُلُ المُحْرِمُ الحَمَّامَ. أخرجه البخاري (5) ترجمة.

قوله: "في حديث ابن عباس لا يدخل المحرم الحمام" كذا في "الجامع"(6) بالنفي، والذي في البخاري: وقال ابن عباس: "يدخل المحرم الحمام" بالإثبات ذكره مقطوعاً.

وقال الحافظ ابن حجر (7): وصله الدارقطني والبيهقي من طريق أيوب عن عكرمة عنه قال: [114 ب]"يدخل المحرم الحمام وينتزع ضرسه، وإذا انكسر ظفره طرحه ويقول: أميطوا عنكم الأذى، فإن الله لا يصنع بأذاكم شيئاً".

(1) في "السنن" رقم (1748) وهو حديث ضعيف.

(2)

في "السنن" رقم (2683).

وأخرجه البخاري رقم (1540) ومسلم رقم (21/ 1184) وأبو داود رقم (1747) وابن ماجه رقم (3047) عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يُهلُّ مُلَبِّداً.

(3)

تقدم شرحه.

انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 581)، "الفائق" للزمخشري (4/ 74).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 400) عن ابن عبد السلام.

(5)

في "صحيحه"(4/ 55 الباب رقم 14 - مع "الفتح").

(6)

(2/ 45).

(7)

في "الفتح"(4/ 56).

ص: 227

وروى البيهقي (1) عن ابن عباس أنه دخل حمّاماً [بالجحفة](2) وهو محرم، وقال:"إن الله لا يعبأ بأوساخكم شيئاً" انتهى بلفظه، قال (3): وروى ابن أبي شيبة كراهة ذلك عن الحسن وعطاء.

30 -

وعنه رضي الله عنه قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وهُوَ مُحْرِم. أخرجه الخمسة (4)، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح].

وزاد البخاري (5) رحمه الله في أخرى: وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. [صحيح].

وله (6) في أخرى: احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَان بِهِ. [صحيح].

وفي أخرى (7): مِنْ شَقيقةٍ كانَتْ بِهِ بِمَاءٍ يُقالُ لَهُ لَحْيُ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ. [صحيح].

قوله: (8)"ابن عباس الثاني احتجم وهو محرم" فيه جواز الحجامة للمحرم، وهو إجماع إن كان لعذر ولو قطع من الشعر قالوا: ويلزمه الفدية.

(1) في "السنن الكبرى"(5/ 63).

(2)

في (ب) فأعجبه.

(3)

الحافظ في "الفتح"(4/ 56).

(4)

أخرجه البخاري رقم (1835) ومسلم رقم (87/ 1202)، وأبو داود رقم (1835) والترمذي رقم (839) والنسائي رقم (2845 - 2847).

(5)

في "صحيحه" رقم (1938، 1939).

(6)

البخاري في "صحيحه" رقم (5700). وأخرجه أبو داود رقم (1836) والنسائي رقم (2848) و (2849).

(7)

البخاري في "صحيحه" رقم (5701).

(8)

هكذا وردت دون إيراد جملة: في حديث.

ص: 228

قوله: "يقال له لحي جمل" بفتح اللام وحكي كسرها وسكون المهملة وبفتح الجيم والميم موضع (1) بطريق مكة [174/ أ] ووهم من ظن أنه الحيوان المعروف، وأنه كان آلة الحجم.

قوله: "في وسط رأسه" بفتح السين متوسطة وهو ما فوق اليافوخ فيما بين أعلى القرنين، قال أهل اللغة: كل شيء مصمت لا يبين بعضه من بعض كالدار والساحة والوجه والرأس فوسطه بفتح السين.

وما بان بعضه من بعض كالصف والقلادة والسبحة وحلقة الناس ونحو ذلك، فالوسط منه بسكون السين، قاله الأزهري (2) والجوهري (3) وغيرهما، وقد أجازوا في المفتوح الإسكان ولم يجيزوا في الساكن الفتح.

31 -

وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ القَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ. أخرجه أبو داود (4) والنسائي (5).

وعنده (6) مِنْ وثءٍ كان به. [صحيح].

"وَالوَثَى"(7) هو أن يصيب العظم وصم لا يبلغ الكسر.

32 -

وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: لَا يَحْتَجِمُ المُحْرِمُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مُضطَرَّاً إِلَيْهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ. أخرجه مالك (8). [موقوف صحيح].

(1) انظر: "معجم ما استعجم"(1/ 393، 955).

(2)

في "تهذيب اللغة"(13/ 29).

(3)

في "الصحاح"(3/ 1168).

(4)

في "السنن" رقم (1837).

(5)

في "السنن" رقم (2849)، وهو حديث صحيح.

(6)

أخرجه النسائي في "السنن" رقم (2848)، وهو حديث صحيح.

(7)

ذكره ابن الأثير في "الجامع"(3/ 48)، وانظر:"المجموع المغيث"(3/ 381).

(8)

في "الموطأ"(1/ 350 رقم 75) وهو أثر موقوف صحيح.

ص: 229

33 -

وَعَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ: أَنَّ [عُمَرُ بْنُ (1)] عُبَيْدِ الله بنِ مَعْمَرٍ اشْتَكَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَأَرَادَ أَنْ يَكحِّلَهُمَا فنهاه أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُضَمِّدَهُمَا بِالصَّبِرِ، وَحَدَّثَهُ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ. أخرجه الخمسة (2) إلا البخاري. [صحيح].

زاد أبو داود (3): "وَكَانَ أَبَانُ أمِيرَ المَوْسِمِ". [صحيح].

قوله: "فنهاه أبان بن عثمان" تضميد العين بالصبر ونحوه مما ليس [115 ب] بطيب جائز للمحرم ولا فدية عليه، ويجوز للمحرم الاكتحال بكحلٍ لا طيب فيه بالاتفاق، ويكره لمن قصد به الزينة عند الشافعي (4) ومنعه ابن حنبل (5).

34 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ نَظَرَ فِي مِرْآةٍ لِشَكْوَى بِعَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ. أخرجه مالك (6). [موقوف صحيح].

قوله: "نظر في مرآة" تقدم جوازه عن ابن عباس، والأصل جواز كل ما ذكر ما لم يأت دليل بتحريمه.

35 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ وَهُوَ مَحْرِمٌ. أخرجه الخمسة (7) وهذا لفظ الشيخين. [صحيح].

(1) زيادة من (أ).

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (1204) وأبو داود رقم (1838) والترمذي رقم (952) والنسائي رقم (2711) وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (1838) وهو حديث صحيح.

(4)

انظر: "روضة الطالبين"(3/ 134).

(5)

انظر: "المغني" لابن قدامة (4/ 156 - 157).

(6)

في "الموطأ"(1/ 358 رقم 94) وهو موقوف صحيح.

(7)

أخرجه البخاري رقم (5114) ومسلم رقم (46/ 1410) والترمذي رقم (842) والنسائي رقم (2840) وأبو داود رقم (1844) وابن ماجه رقم (1965).

ص: 230

زاد البخاري (1) في أخرى: فِي عُمْرةِ القَضَاءِ وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَمَاتَتْ بِسَرِفَ. [صحيح].

وقال أبو داود (2): قال ابن المسيب: وَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي تَزْوِيجِ مَيْمُوْنَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. [صحيح مقطوع].

وفي أخرى للنسائي (3): تَزَوَّجَ النبي صلى الله عليه وسلم وهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها. [شاذّ].

قوله: "في حديث ابن عباس تزوج ميمونة وهو محرم" أي: عقد عقد نكاحها وهو كذلك للإجماع على فساد الجماع للحج والعمرة، وقد اختلف في تزوجه صلى الله عليه وسلم ميمونة، فالذي قاله ابن عباس:"أنه كان صلى الله عليه وسلم محرماً"، وجاء نحوه عن عائشة وأبي هريرة، وجاء عن ميمونة نفسها أنه كان حلالاً، وعن أبي رافع مثله كما يأتي، وأنه كان السفير بينهما.

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فالجمهور (4) على المنع لحديث عثمان:"لا ينكح المحرم ولا ينكح" أخرجه مسلم (5)، وأجابوا (6) عن حديث ميمونة هذا بأنه اختلف في الواقعة كيف كانت فلا تقوم به حجة، ولأنه يحتمل الخصوصية فكان حديث النهي أولى أن يؤخذ به.

(1) في "صحيحه" رقم (4258، 4259).

(2)

في "السنن" رقم (1845) وهو صحيح مقطوع.

(3)

في "السنن" رقم (2838) وهو حديث شاذ.

(4)

انظر: "المغني"(5/ 205 - 207)"المجموع شرح المهذب"(7/ 302).

(5)

في "صحيحه" رقم (41/ 1409) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأخرجه أحمد (1/ 57) وأبو داود رقم (1841) والنسائي رقم (2842، 2843) وابن ماجه رقم (1966) والترمذي رقم (840) والبزار رقم (361) وابن خزيمة رقم (2649) وابن الجارود رقم (444) والطحاوي (2/ 268) وابن حبان رقم (4133) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 65) من طرق وهو حديث صحيح.

(6)

انظر: "فتح الباري"(4/ 52)، "المجموع شرح المهذب"(7/ 302).

ص: 231

وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة (1): يجوز للمحرم أن يتزوج كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطء، وتعقب بأنه قياس في مقابلة السنة فلا يعتد به.

وتأولوا حديث عثمان بأن المراد به الوطء، وردَّ بأنه صريح بقوله:"ولا يُنكح" بضم أوله، وبقوله:"لا يخطب".

قوله: "أخرجه الخمسة".

قلت: وقال الترمذي (2) بعد روايته أنه حديث حسن صحيح، قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري وأهل الكوفة. انتهى.

36 -

وعن أبي رافع رضي الله عنه قَالَ: تَزَوَّجَ النبي صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ، وَكُنْتُ أَنَا الرَّسُولُ بَيْنَهُمَا. أخرجه الترمذي (3). [حسن].

(1) قال ابن عبد البر في "لاستذكار"(11/ 263 رقم 16285): وقال أبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري: لا بأس أن يَنكح المحرم، وأن يُنكح، وهو قول القاسم بن محمد وإبراهيم النخعي:"الاستذكار" رقم (16286) قال عبد الرزاق: وقال النووي: لا يلتفت إلى أهل المدينة، حجة الكوفيين في جواز نكاح المحرم حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم. "الاستذكار" رقم (16289).

رواه عن ابن عباس جماعة من أصحابه منهم: عطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وجابر بن زيد أبو الشعثاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير، "الاستذكار"(11/ 263 رقم 16290).

* والحق أنه يحرم أن يتزوج المحرم أو يزوج غيره كما ذهب إليه الجمهور.

انظر: "فتح الباري"(4/ 52 - 53)، "المجموع شرح المهذب"(7/ 302 - 304).

(2)

في "السنن"(3/ 202).

(3)

في "السنن"(841) وقال: هذا حديث حسن.

وأخرجه أحمد (6/ 392 - 393)، والطحاوي في شرح "معاني الآثار"(2/ 270) وفي "مشكل الآثار" رقم (580) وابن حبان رقم (4130) و (4135) والطبراني في "الكبير" رقم (915) والدارقطني في "السنن"(3/ 262) وأبي نعيم في "الحلية"(3/ 264) والبيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 336) وفي "السنن الكبرى" =

ص: 232

"بنى الرجل بزوجته" دخل بها، وقال الجوهري (1): لا يقال بنى بها بل بنى عليها.

قوله: "أخرجه الترمذي"[116 ب].

قلت: وقال (2): قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، ولا أعلم أحداً أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة.

وروى مالك (3) بن أنس عن ربيعة عن سليمان بن يسار: "أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال"، رواه مالك مرسلاً. انتهى.

ورواه أيضاً سليمان بن بلال مرسلاً.

37 -

وعن ميمومة رضي الله عنها قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَنحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفَ. أخرجه مسلم (4) وأبو داود (5) والترمذي (6)، وهذا لفظ أبي داود. [صحيح].

وعند مسلم (7): تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ، قَالَ الرَّاوِي: وَهُوَ يَزيْد بن الأَصَمِّ: وكانت خالتي وخالة ابن عباس. [صحيح].

= (5/ 66)، (7/ 211) وابن عبد البر في "التمهيد"(3/ 152) والبغوي في "شرح السنة" رقم (1982) وهو حديث حسن.

(1)

في "الصحاح"(6/ 2286).

(2)

في "السنن"(3/ 200).

(3)

في "الموطأ"(1/ 348 رقم 69).

(4)

في "صحيحه" رقم (48/ 1411).

(5)

في "السنن" رقم (1843).

(6)

في "السنن" رقم (845) وقال: هذا حديث غريب.

وأخرجه أحمد (6/ 333) وأبو يعلى رقم (7105) والدولابي في "الكنى"(2/ 283) وابن حبان رقم (4134) والدارقطني في "سننه"(3/ 261 - 262) والحاكم (4/ 31) والبيهقي (7/ 211).

قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وهو حديث صحيح.

(7)

في "صحيحه" رقم (48/ 1411). =

ص: 233

وزاد الترمذي (1): وَبَنَى بِهَا حَلَالَاً وَمَاتَتْ بِسَرِفَ وَدَفَنَّاهَا فِي الظُّلَّةِ الّتِي بَنى بِهَا فِيهَا. [صحيح].

"سَرِف" بوزن كتِف: جبل بطريق المدينة.

قوله: "وزاد الترمذي وبنى بها بسرف" إلى آخره.

قلت: وقال عقبه: قال أبو عيسى (2): هذا حديث غريب، وروى غير واحد هذا الحديث عن يزيد بن الأصم مرسلاً:"أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال".

38 -

وعن سليمان بن يسار قال: بَعَثَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ وَرَجُلَاً مِنْ الأَنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الحَارِثِ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالمَدِيْنَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ. أخرجه مالك (3). [ضعيف].

قوله: "أخرجه مالك" أي: مرسلاً كما قدمناه عن الترمذي.

39 -

وعن عثمان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَنكِحُ المُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ". أخرجه الستة (4) إلا البخاري. [صحيح].

قوله: "في حديث عثمان لا ينكح" بفتح المثناة التحتية وكسر الكاف، أي: لا يعقد لنفسه عقد النكاح.

= وأخرجه ابن ماجه رقم (1964) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 270) وفي "مشكل الآثار" رقم (5802) وابن حبان رقم (4136) والطبراني في "الكبير"(ج 23 رقم 1059) و (ج 24 رقم 45) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 66) وفي "السنن الصغير" رقم (1567) و (2505) وفي "المعرفة" رقم (9744). وهو حديث صحيح.

(1)

في "السنن" رقم (845) وقد تقدم.

(2)

في "السنن"(3/ 203).

(3)

في "الموطأ"(1/ 348 رقم 69) ضعيف.

(4)

أخرجه مسلم رقم (41/ 1409) وأبو داود رقم (1841) والنسائي رقم (2842، 2843) وابن ماجه رقم (1966) والترمذي رقم (840) وغيرهم، وقد تقدم ذكرهم. وهو حديث صحيح.

ص: 234

وَ"لا يُنكح" بضم المثناة التحتية، أي: لا يعقد لغيره ولياً أو وكيلاً أو فضولياً.

قوله: "ولا يخطب" لنفسه ولا لغيره.

40 -

وعن نافع قال: قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: لَا يَنْكِحُ المُحْرِمُ وَلَا يَنْكِحُ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى غَيْرهِ (1). [موقوف صحيح].

41 -

وعن أبي غطفان المُرِّي: أَنَّ أَبَاهُ طَرِيفاً تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ نِكَاحَهُ. (2) أخرجهما مالك. [موقوف ضعيف].

قوله: "وعن أبي غطفان" بالغين المعجمة والفتحات، وهو ابن طريف (3)، أو ابن مالك المري بالراء، المدني قيل: اسمه سعد.

قوله: "فردَّ نكاحه" أي: أبطله للنهي عنه.

42 -

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَمَامَنَا وَالقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ عَامَ الحُدَيبِيِّةِ، فَأَبْصَرَوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعلي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالتَفَتُّ فَأَبْصَرتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا لَا وَالله لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ العَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَسَألنَاهُ عَنْ ذَلِكَ

(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 349 رقم 72) وهو موقوف صحيح.

(2)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 349 رقم 71) وهو موقوف ضعيف.

(3)

قاله الحافظ في "التقريب"(2/ 461 رقم 18).

ص: 235

فَقَالَ: "هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ العَضُدَ فَأَكَلَهَا وَهْوَ مُحْرِمٌ، وَقَالَ:"إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمْكُوهَا الله". أخرجه الستة (1). [صحيح].

وزاد في رواية لهم (2): هُوَ حَلَالٌ فكُلُوه. [صحيح].

وفي أخرى (3) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ؟ " قَالُوا لَا، قَالَ: فَكُلُوْا. [صحيح].

وفي أخرى (4) قال: "أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوِ اصَّدْتُمْ". [صحيح].

قوله: "عن أبي قتادة [117 ب] " هذا هو النوع السادس في "الجامع"(5) في الصيد.

وأبو قتادة (6) اسمه الحارث ويقال: عمرو، أو النعمان بن الربعي بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة، صحابي جليل شهد أحداً وما بعدها ولم يصح أنه شهد بدراً.

قوله: "وأنا غير محرم" قد استشكل عدم إحرامه، وقد جاوز الميقات، وقد تقرر أنّ من أراد أحد النسكين لا يجوز له مجاوزة الميقات إلا بإحرام.

قال القاضي (7) في جوابه: إنّ المواقيت لم تكن وقتت، وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم بعثه وأصحابه لكشف عدوٍّ لهم بالساحل كما ذكر مسلم (8) في الرواية الأخرى.

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1824) ومسلم رقم (59/ 1196) وأبو داود رقم (1852) والترمذي رقم (847) والنسائي رقم (2816) وابن ماجه رقم (3093).

(2)

أخرجه البخاري رقم (1823، 2914، 5490، 5492)، ومسلم في "صحيحه" رقم (56/ 1196).

(3)

البخاري في "صحيحه" رقم (1824) ومسلم رقم (60/ 1196).

(4)

أخرجها مسلم في "صحيحه" رقم (61/ 1196).

(5)

(3/ 55).

(6)

انظر: "الاستيعاب" رقم (3108 - الأعلام)"التقريب"(2/ 462 رقم 5).

(7)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(4/ 198).

(8)

في "صحيحه" رقم (60/ 1196).

ص: 236

وقيل: إنّ أبا قتادة لم يكن خرج معه صلى الله عليه وسلم وإنما أخرجه أهل المدينة بعد ذلك ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض العرب يقصدون الإغارة على المدينة.

وقيل: بل خرج معهم لكنه لم ينو حجاً ولا عمرة، قال القاضي (1): وهذا بعيد.

قوله: "وأحبّوا لو أني أبصرته" كأنه فهم محبتهم من القرائن، وفيه دليل على أنه لا لوم في محبة الإنسان لما يحرم عليه سببه وهو هنا الاصطياد.

قوله: "فغضبت" كأنه لم يعلم أنها تحرم عليهم الإعانة له، وفي رواية أنهم قالوا:"لسنا نعينك عليه بشي [118 ب] إنّا محرمون"، وفيه دليل على أن قوله تعالى:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (2) شامل للإعانة عليه والإشارة مع أنهم ليسوا بقاتلين لكنهم شاركوا قاتله بالإعانة والإشارة، وأنه أريد في الآية ما هو أعم من المباشرة للقتل، أو كأنهم فهموا أنّ الإعانة محرمة من السنة، فإنه قد قال صلى الله عليه وسلم:"أمنكم أحد أمره أن يحمل عليه أو أشار إليه؟ قالوا: لا"، فقد كانوا سبق علمهم بتحريم الإعانة، ويأتي أنه لا يحرم على المحرم إلا ما صاده أو صيد لأجله فلذا أكل صلى الله عليه وسلم منها العضد، ويأتي التوفيق بين هذا وبين ردّه صلى الله عليه وسلم لما أهداه له الصعب.

43 -

وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ:"إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَاّ أَنَّا حُرُمٌ". أخرجه الستة (3) إلا أبا داود. [صحيح].

قوله: "وعن الصعب"(4) اسمه يزيد بن قيس بن ربيعة الليثي.

وَ"جثامة" بفتح الجيم وتشديد المثلثة.

(1) أي القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(4/ 199).

(2)

سورة المائدة الآية (95).

(3)

أخرجه البخاري رقم (1825) ومسلم رقم (50/ 1193) والترمذي رقم (849) والنسائي رقم (2819، 2820، 2823) وابن ماجه رقم (3090).

(4)

"الاستيعاب" رقم (1226 - الأعلام).

ص: 237

قوله: "وهو بالأبواء"(1) بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد، جبل من عمل [175/ أ] الفرع بضم الفاء والراء بعدها مهملة.

قوله: "أو بودّان"(2) شك من الراوي وهو بفتح الواو وتشديد الدال وآخره نون موضع بالجحفة.

قوله: "فلما رأى ما في وجهه" أي: من الكراهية وبهذا صرح الترمذي (3)، ومثله لابن خزيمة في رواية الطبراني:"إنّا لم نردّه عليك كراهية له".

قوله: "إلا أنا حرم" زاد النسائي: "لا نأكل الصيد" وقد وردت أحاديث: "أنه صلى الله عليه وسلم أكل من الصيد وهو محرم"، فأخذ بها الكوفيون وأجازوا للمحرم أكل الصيد وجزم الجمهور بحرمته وجمعوا (4) بأنه يحرم ما صاده [119 ب] بنفسه أو صيد لأجله، وأحاديث رده صلى الله عليه وسلم محمولة على هذا، وأحاديث قبوله محمولة على أنه لم يصد لأجله كما ثبت به الحديث وهو "صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم" يأتي قريباً أنه أخرجه أصحاب "السنن".

44 -

وفي أخرى للنسائي (5) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ تَقْطُرُ دَمًا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِقُدَيْدٍ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ. [صحيح].

"والمُرَادُ بِرِجْلِ الحِمَارِ هُنَا فَخِذُهُ".

(1) انظر "النهاية في غريب الحديث"(1/ 20).

(2)

قال ياقوت في "معجم البلدان"(5/ 365) ودَّان: بالفتح، كأنه فعلان من الود وهو المحبة، ثلاثة مواضع:

أحدها: بين مكة والمدينة، قرية جامعة من نواحي الفرع، بينها وبين هرشي ستة أميال، وبينها وبين الأبواء نحو من ثمانية ميال قريبة من الجحفة. وانظر: النهاية (2/ 837).

(3)

في "السنن" رقم (849).

(4)

انظر: "فتح الباري"(4/ 33 - 34).

(5)

في "السنن" رقم (2822) وهو حديث صحيح.

ص: 238

قوله: "وفي أخرى للنسائي عن ابن عباس" وأخرجه مسلم (1) بلفظ: "أهدى الصعب رجل حماراً".

وفي رواية (2) عنده: "عجز حمار وحش تقطر دماً" وهو يعارض الرواية التي فيها "حماراً وحشياً"(3) فقال القرطبي (4) في الجمع بينهما: يحتمل أنه أحضر الصعب الحمار مذبوحاً ثم قطع منه عضواً بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدّمه له فمن قال لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويحتمل أن يكون من قال حماراً أطلق وأراد بعضه مجازاً، قال (5): ويحتمل أنه أهداه له حيَّاً فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضوٍ منه ظاناً أنه إنما رده له لمعنى يختص بجملته فأعلمه بامتناعه أنّ حكم الجزء من الصيد حكم الكل.

قال (6): والجمع بينهما إذا أمكن أولى من توهيم بعض الروايات.

وقال الشافعي (7): حديث مالك أنَّ الصعب أهدى حماراً أثبت من رواية من روى أنه أهدى لحم حمار.

وقال الترمذي (8): روى بعض أصحاب الزهري في حديث الصعب "لحم حمار وحش" وهو غير محفوظ. انتهى.

(1) في "صحيحه" رقم (63/ 1194).

(2)

أي مسلم في "صحيحه" رقم (54/ 1194).

(3)

عند مسلم في "صحيحه" رقم (50/ 1193) و (52، 53، 1194).

(4)

في "المفهم"(3/ 279).

(5)

أي القرطبي في "المفهم"(3/ 279).

(6)

أي القرطبي في "المفهم"(3/ 279).

(7)

أورده البيهقي في المعرفة (7/ 430 رقم 10585).

(8)

في "السنن"(3/ 206)، وانظر:"فتح الباري"(4/ 33).

ص: 239

فكلام القرطبي (1) جمع بين الروايات، وكلام الشافعي والترمذي ترجيح لرواية من قال: حمار وحش.

45 -

وعن جابر رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَيْدُ الَبرِّ لَكُمْ حَلَالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادُ لَكُمْ.

أخرجه أصحاب السنن (2). [ضعيف].

قوله: "أو يصاد لكم" هكذا الرواية بالألف وهي جائزة على لغة، ومنه:

أَلَمْ يأتيكَ والأنباءُ تَنْمِي (3)[120 ب].

قوله: "في حديث جابر صيد البر لكم حلال

" الحديث.

وقوله: "أخرجه أصحاب السنن".

(1) في "المفهم" وقد تقدم.

(2)

أخرجه أبو داود رقم (1851) والترمذي رقم (846) والنسائي رقم (2827). وأخرجه أحمد (3/ 362) وابن خزيمة رقم (2641) وابن حبان رقم (3971) والحاكم (1/ 452) وابن الجارود رقم (437) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 171) والدارقطني (2/ 290 رقم 245) والبيهقي (5/ 190) والشافعي رقم (839 - ترتيب) والبغوي في "شرح السنة"(7/ 263 - 264) وابن عبد البر في "التمهيد"(9/ 62) و"الاستذكار"(11/ 277 رقم 16340) والبيهقي في المعرفة (7/ 429 رقم 10579) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن المطلب، عن جابر.

وهو حديث ضعيف.

(3)

وهو من شواهد "المغني"(1/ 328 - شرح السيوطي) الشاهد رقم (148) وهو مطلع قصيدة لقيس بن زهير بن خذيمة بن رواحة العبسي، والبيت هكذا:

ألَمْ يأتيك والأَنباءُ تَنْمِي

بما لَاقَت لَبُونُ بني زيادِ

وهو شاهد على إثبات حرف العلة مع الجازم ضرورة.

انظر "الكتاب"(2/ 59).

ص: 240

قلت: قال الترمذي (1): قال أبو عيسى حديث جابر مفسر، والمطلب لا نعرفه له سماعاً من جابر، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. انتهى كلامه.

ونقل المنذري في "مختصر السنن"(2) كلام الترمذي هذا في أنّ المطلب (3) لم يسمع من جابر ثم قال: وذكر أبو حاتم (4) أنه لم يسمع من جابر، وقال: ابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم: يشبه أن يكون أدركه. انتهى.

والحاصل أنّ روايته ليست إلا من طريق المطلب عن جابر.

46 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ وَنَحْنُ حُرُمٌ فَأُهْدِىَ لَنَا طَيْرٌ وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ مِنْهُ وَمنَّا مَنْ تَوَرَّعَ فَلَمْ يَأْكُلْ فَاسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ وَوَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ، وَقَالَ أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم (5) والنسائي (6). [صحيح].

"وَفَّقَ مَنْ أَكلَهُ"(7) أي صوَّب رأيه.

قوله: "عن عبد الرحمن بن عثمان" هو ابن عبيد الله بن عثمان قرشي، وهو ابن أخي طلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن صحابي قيل: له إدراك وليست له رواية.

(1) في "السنن"(3/ 204).

(2)

(2/ 362).

(3)

قال ابن حجر في "التقريب"(2/ 254 رقم 1176) المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي، صدوق، كثير التدليس والإرسال من الرابعة.

(4)

في "الجرح والتعديل"(8/ 359 رقم 1643).

(5)

في "صحيحه" رقم (65/ 1197).

(6)

في "السنن" رقم (2817).

وأخرجه أحمد (1/ 161، 162) والبزار رقم (931) وأبو يعلى رقم (630) وابن خزيمة رقم (2638) والدارقطني في "العلل"(4/ 216 - 217) وهو حديث صحيح.

(7)

قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 868) أي دعا له بالتوفيق، واستصوب فعله.

ص: 241

قوله: "وقال أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " هو محمول على أنه لم يصد لأجلهم، وعليه يحمل حديث عثمان، وأنه إنما يحرم على من صيد لأجله، ويحل لغيره من المحرمين لأنهم ما صادوه ولا صيد لأجلهم.

47 -

وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: أُتِيَ عُثْمَانَ رضي الله عنه بِلَحْمَ صَيْدٍ وَهُوَ بِالعَرْجِ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ كُلُوا. فَقَالُوا أَوَلَا تَأْكُلُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِى. أخرجه مالك (1)[موقوف صحيح].

48 -

وَعَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ لَهُ وَقَدْ سَأَلْهَا عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يُصَدْ مِنْ أَجْلِهِ؛ يَا ابْنَ أُخْتِي! إِنَّمَا هِيَ عَشْرُ لَيَالٍ، فَإِنْ تَخَلَّجَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ. أخرجه مالك (2).

49 -

وَعَنِ البَهْزِيِّ رضي الله عنه، وَاسْمُهُ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَهو مُحْرِمٌ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ إِذَا حِمَارُ وَحْشٍ عَقِيرٌ فَذُكِرَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "دَعُوهُ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَجِيْءَ صَاحِبُهُ"، فَجَاءَ البَهْزِيُّ وَهُوَ صَاحِبُهُ، إِلَى رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! شَأْنَكُمْ بِهَذَا الحِمَارِ، فَأَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا بَكْرٍ يُقَسِّمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالإثَايَةِ بَيْنَ الرُّوَيْثَةِ وَالعَرْجِ إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ وَفِيهِ سَهْمٌ فَزَعَمَ أَنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلاً أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ لَا يَرِيبُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يُجَاوِزُهُ. أخرجه مالك (3) والنسائي (4). [صحيح].

"الحَاقِفُ"(5) الذي انحنى وتثنَّى في نومه.

قوله: "وعن البهزي" بفتح الموحدة وسكون الهاء فزاي، واسمه كما قال "المصنف" وفي "التقريب" (6): صحابي له حديث.

(1) في "الموطأ"(1/ 354 رقم 84) موقوف صحيح.

(2)

في "الموطأ"(1/ 354 رقم 85) موقوف صحيح.

(3)

في "الموطأ"(1/ 351 رقم 79).

(4)

في "السنن" رقم (2818) وهو حديث صحيح.

(5)

ذكره ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 68).

(6)

(1/ 276 رقم 204).

ص: 242

قوله: "بالروحاء"(1) قرية جامعة على ليلتين من المدينة، وحديثه في الحمار محمول على ما سلف فإنه لم يصد لأجلهم.

قوله: "الرويثة"(2) بالراء والمثلثة مصغّر، قرية [121 ب] جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخاً.

وَ"العرج"(3) بفتح المهملة وسكون [الراء](4) وبالجيم قرية جامعة بينها وبين الرويثة ثلاثة عشر ميلاً.

قوله: "حاقف" أي: نائم قد انحنى في نومه.

قوله: "لا يربيه" بفتح حرف المضارعة لا يتعرض له ويزعجه، وإنما أمر أن لا يربيه أحد لما رأى فيه من السهم فإنه قد صار لصاحب السهم.

50 -

وعن عروة أن الزبير رضي الله عنه: كَانَ يَتَزَوَّدُ صَفِيفَ قَدِيدِ الظَّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ. أخرجه مالك (5). [موقوف صحيح].

"الصَّفِيفُ وَالقَدِيدُ"(6) اللحم المملوح المُجَفَّفُ في الشمس، سمي صفيفاً لأنه يُصَف في الشمس لِيَجفَّ (7).

(1) قال في "الروض المعطار في خبر الأقطار"(ص 277) الروحاء: قرية جامعة لمزينة على ليلتين من المدينة بينهما أحد وأربعون ميلاً.

وانظر "معجم ما استعجم"(2/ 681 - 683).

(2)

قال في "الروض المعطار"(ص 277) الرُّويثة: قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخاً.

وانظر: "معجم ما استعجم"(2/ 686).

(3)

انظر "القاموس المحيط"(ص 253).

(4)

زيادة من (ب).

(5)

في "الموطأ"(1350 رقم 77) موقوف صحيح.

(6)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 38)"الفائق" للزمخشري (1/ 86).

(7)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 68).

ص: 243

قوله: "في حديث عروة قديد الظباء" محمول على أنه صيد له قبل إحرامه.

51 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَاسْتَقْبَلْنَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَجَعَلْنَا نَضْرِبُهُ بِسِيَاطِنَا وَقِسِيِّنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كلُوهُ فَإِنَّهُ مِنْ صَيْدِ البَحْرِ". أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2)[ضعيف جداً].

"الرِّجْلُ مِنَ الجَرَادِ"(3) بكسر الراء وسكون الجيم: القطعة منه.

قوله: "في حديث أبي هريرة رجل جراد" والعرب تسمي جماعة الجراد رجلاً، وجماعة الظباء سرباً (4)، وجماعة النعام (5) خطباً، وجماعة الحمير (6) عانة.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال: قال (7) أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي المهزَّم عن أبي هريرة، وأبو المهزَّم (8) اسمه يزيد بن سفيان وقد تكلم فيه شعبة.

(1) في "السنن" رقم (1854) وقال أبو داود: أبو المهزم ضعيف والحديثان جميعاً وهم.

(2)

في "السنن" رقم (850) وقال: غريب.

وأخرجه ابن ماجه رقم (3222) وهو حديث ضعيف جداً.

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 69).

(4)

انظر: "المجموع المغيث"(2/ 75).

وقال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(1/ 767) القطيع من الظباء والقطا والخيل ونحوها، ومن النساء على التشبيه بالظباء.

(5)

انظر "المعجم الوسيط"(2/ 935).

(6)

"القاموس المحيط"(ص 1571).

(7)

في "السنن"(3/ 207).

(8)

أبو المهزّم: التميمي، البصري، اسمه: يزيد، وقيل: عبد الرحمن بن سفيان، متروك، من الثالثة د ت ق.

"التقريب"(2/ 478 رقم 150).

ص: 244

وقد رخص قوم من أهل العلم للمحرم أن يصيد الجراد ويأكله، ورأى بعضهم عليه صدقة إذا اصطاده أو أكله. انتهى كلامه.

وقال المنذري (1): أبو المهزَّم متروك وهو بضم الميم وفتح الهاء وكسر الزاي وتشديدها وبعدها ميم، قال أبو بكر المعافري: ليس في هذا الباب حديث صحيح. انتهى. [122 ب].

52 -

وعن كعب قال: الجَرَادُ مِنْ صَيْدِ البَحْرِ. أخرجه مالك (2) وأبو داود (3). [ضعيف].

53 -

وزاد مالك: أن عمر رضي الله عنه قال له: وما يدريك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بيده إن هي إلا نثرة حوت ينثره في كل عام مرتين.

"النَّثْرَةُ"(4) للدواب بالنون: [شِدّة العَطْسَة](5) يقال نَثرَتِ الشاة إذا طَرَحت عن أنفها الأذى.

54 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بِمُحمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ. أخرجه مسلم (6) وأبو داود (7). [صحيح].

"نُفِسَتِ المَرْأَةُ" بضم النون وفتحها: إذا ولدت.

(1) في مختصره (2/ 366).

(2)

في "الموطأ"(1/ 352 رقم 82) وهو موقوف ضعيف.

(3)

في "السنن" رقم (1855) وهو حديث ضعيف.

(4)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 71). وانظر "النهاية"(2/ 709).

(5)

كذا في المخطوط، والذي في "غريب الجامع" شبه العطسة للإنسان.

(6)

في "صحيحه" رقم (1209).

(7)

في "السنن" رقم (1743). وأخرجه ابن ماجه رقم (2911) وهو حديث صحيح.

ص: 245

قوله: "في حديث عائشة نفست بالشجرة" بفتح النون وضمّها، يقال للمرأة إذا ولدت، وبالفتح وحده إذا حاضت، ويأتي للمصنف تفسيره، قيل: والفتح أفصح فيهما، قال النووي (1): سمي نفاساً لخروج النفس وهو المولود والدم أيضاً.

قوله: "بالشجرة" في رواية "بذي الحليفة" وفي رواية: "بالبيداء"، وهذه المواضع الثلاثة متقاربة فالشجرة بذي الحليفة والبيداء بطرفها وكانت سمرة، وكان صلى الله عليه وسلم ينزلها من المدينة ويحرم منها وكانت على ستة أميال من المدينة.

55 -

وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها: أَنَّهَا وَلَدَتْ مَحمَّداً بِالبَيْدَاءِ: وَذَكَرَ مِثْلَهُ. أخرجه مالك (2) والنسائي (3). [صحيح].

وفي رواية مالك (4): بِذِي الحُلَيْفَةِ فَأَمَرَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ. [صحيح لغيره].

زاد النسائي (5) في أخرى: ثُمَّ تُهِلُّ بِالحَجِّ وَتَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطُوفُ بِالبَيْتِ، وَذلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. [صحيح].

وفي أخرى له (6): أَرْسَلْتُ إِلَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: "اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي ثُمَّ أَهِلِّي. [صحيح].

"اسْتَثْفَرَتِ الحَائِضُ"(7) إِذَا شَدَّت على فرجها خِرْقة وعَلَّقت طرَفيها إلى شيء مشدود في وسطها من مُقَدَّمها ومؤخرها. مَأْخُوذٌ من ثَفَر الدابة: وهو ما يكون تحت ذَنبَها.

(1) في شرحه لـ "صحيح مسلم"(8/ 133).

(2)

في "الموطأ"(1/ 322 رقم 1) وهو صحيح لغيره.

(3)

في "السنن" رقم (2663) وهو حديث صحيح.

(4)

في "الموطأ"(1/ 322 رقم 2) وهو أثر صحيح لغيره.

(5)

في "السنن" رقم (2664) وهو حديث صحيح.

(6)

أي عند النسائي في "السنن" رقم (2761). وأخرجه مسلم رقم (1210) وهو حديث صحيح.

(7)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 211 - 212)"غريب الحديث" للهروي (1/ 279).

ص: 246

قوله: "في حديث أسماء بنت عميس" وهي امرأة أبي بكر.

قوله: "واستثفري" يأتي تفسيره للمصنف بما ذكره ابن الأثير (1).

قال النووي (2): وفيه صحة إحرام النفساء والحائض [176/ أ] واستحباب اغتسالهما للإحرام وهو مجمع على الأمر به، وقال أهل الظاهر (3) أنه واجب ويصح من الحائض والنفساء يصح منهما كل [أفعال الحج](4) إلا الطواف وركعتيه. انتهى.

قلت: ويأتي عن ابن عمر بزيادة: "أنها لا تطوف بين الصفا والمروة"، وإن كان موقوفاً عليه فهو ثابت في المرفوع، وهل هو لترتبه ما في تقديم طوافها بالبيت أو لغيره وحديثه وحديث ابن عباس في معنى واحد. [123 ب].

56 -

وَعَنْ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ قَالَ في المَرْأَةُ الحَائِضُ الَّتِي تُهِلُّ بِالحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ: إِنَّهَا تُهِلُّ بِحَجِّهَا أَوْ عُمْرَتِهَا إِذَا أَرَادَتْ، وَلَكِنْ لَا تَطُوفُ بِالبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوةِ، وَتَشْهَدُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا مَعَ النَّاسِ، وَلَا تَقْرَبُ المَسْجِدَ حَتَّى تَطْهُرَ. أخرجه مالك (5). [موقوف صحيح].

57 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "النُّفَسَاءُ وَالحَائِضُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الميْقَاتِ تَغْتَسِلَانِ وَتَحْرِمَانِ وَتَقْضِيَانِ المَنَاسِكَ كُلَّهَا غيرَ الطَّوَافِ بِالبَيْتِ". أخرجه أبو داود (6) والترمذي (7). [صحيح].

(1) في "غريب الجامع"(3/ 74).

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(8/ 133) وانظر "الإقناع" لابن المنذر (1/ 220).

(3)

في "المحلى"(2/ 26 - 27).

(4)

في المخطوط بياض، وما أثبتناه من شرح "صحيح مسلم" للنووي (8/ 133).

(5)

في "الموطأ"(1/ 342 رقم 54) وهو أثر موقوف صحيح.

(6)

في "السنن" رقم (1744).

(7)

في "السنن" رقم (945) وهو حديث صحيح.

ص: 247

58 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى المُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الغُرَابُ وَالحِدْأَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، والكَلْبُ العَقُوْرُ. أخرجه الستة (1) إلا الترمذي. [صحيح].

وفي رواية (2): لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الحَرَمِ والإِحْرَامِ. [صحيح].

وفي أخرى لأبي داود (3) والترمذي (4) عن أبي سعيد الخدري: والسبع العادي. [ضعيف].

والمراد به الذي يعدو على الإنسان فيفترسه، وسيجيء لما يجوز قتله من الدواب باب في كتاب القتل من حرف القاف إن شاء الله تعالى.

قوله: "وعن ابن عمر" هذا النوع الثامن في "الجامع"(5) وهو فيما يقتله المحرم من الدواب.

"خمس من الدواب" مفهوم العدد غير مراد فقد وردت أحاديث (6) بقتل غيرها.

قوله: "والحدأة"(7) بالهمزة على زنة عنبة ويجوز فتح أوله، طائر معروف وسمي الحدا بكسر أوله وفتح ثانية بعدها همزة بغير مد وهو لفظ البخاري (8) هنا.

(1) أخرجه البخاري رقم (1828) ومسلم رقم (76/ 1199) وأبو داود رقم (1846) والنسائي رقم (2830) وابن ماجه رقم (3088)، وأخرجه أحمد (2/ 3)، (2/ 54). وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه أحمد (2/ 52) ومسلم رقم (79/ 1199)، والنسائي رقم (2832) وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (1848).

(4)

في "السنن" رقم (3089). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(5)

(3/ 75).

(6)

انظر: "فتح الباري"(4/ 38 - 39)"المغني"(5/ 175)"التمهيد"(8/ 237).

(7)

انظر "المحكم والمحيط الأعظم"(3/ 406).

(8)

في "صحيحه" رقم (1828).

ص: 248

قوله: "العقور" العضوض فعول بمعنى فاعل، وهو من أبنية المبالغة، والمراد به كل سبع عاقر كالكلب والأسد والنمر، قاله في "الجامع"(1) ويناسبه رواية (2) الترمذي عن الخدري بلفظ "السبع العادي".

59 -

وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ: أَنَّهَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تُسْأَلُ عَنِ المُحْرِمِ أَيَحُكُّ جَسَدَهُ، قَالَتْ نَعَمْ فَلْيَحُكَّهُ وَلْيَشْدُدْ، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ رُبِطَتْ يَدَايَ وَلَمْ أَجِدْ إِلَاّ رِجْلَيَّ لَحَكَكْتُ. أخرجه مالك (3). [موقوف حسن].

قوله: "عن علقمة بن أبي علقمة" اسم أبي علقمة بلال مولى عائشة أم المؤمنين، روى عن أنس بن مالك وعن أمه، روى عنه مالك بن أوس وسليمان بن بلال.

قوله: "عن أمه" قال الحافظ (4): اسمها مرجانة.

قوله: "قالت: نعم" وفي البخاري (5)"ولم ير ابن عمر وعائشة بالحك بأساً".

قال الحافظ (6): أمّا أثر ابن عمر فوصله البيهقي من طريق أبي مجلز قال: "رأيت ابن عمر يحك رأسه وهو محرم ففطنت له فإذا هو يحك بأطراف أنامله".

وأمّا أثر عائشة فوصله مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه، وساق الحديث الذي هنا وهذان الأمران وإن كانا موقوفين فالأصل جواز الحك ولم يأت عنه نهي.

60 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حُجَّاجًا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالعَرْجِ نَزَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَنَزَلْنَا فَجَلَسَتْ عَائِشَةُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وجَلَسْتُ إِلَى

(1)(3/ 76).

(2)

تقدم وهو حديث ضعيف.

(3)

في "الموطأ"(1/ 358 رقم 93) وهو أثر موقوف حسن.

(4)

في "التقريب"(2/ 31 رقم 284) حيث قال: وهو علقمة، ابن أم علقمة، واسمها مرجانة، ثقة علّامة من الخامسة.

(5)

في "صحيحه"(4/ 55 الباب رقم 14).

(6)

في "فتح الباري"(4/ 56).

ص: 249

جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ زَامَلَةْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَزَامِلَةُ أَبِي بَكْرِ وَاحِدَةً مَعَ غُلَامٍ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَجَلَسَ أَبُو بَكْرٍ [يَنْتَظِرُ](1) أَنْ يَطْلُعَ عَلَيْهِ فَطَلَعَ وَلَيْسَ مَعَهُ بَعِيرُهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَيْنَ بَعِيرُكَ؟

فَقَالَ: أَضلَلْتُهُ البَارِحَةَ، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: بَعِيرٌ وَاحِدٌ تُضِلُّهُ؟ وَطَفِقَ يَضْرِبُهُ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتبَسَّمُ وَيَقُولُ: "انْظُرُوا إِلَى هَذَا المُحْرِمِ مَا يَصْنَعُ"، وَمَا يَزِيْدُ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَبَسَّمُ. أخرجه أبو داود (2). [حسن].

قوله: "وعن أسماء بنت أبي بكر [124 ب] " هذا جعله ابن الأثير (3) نوعاً كما جعل حكّ الجسد نوعاً فقال هنا: النوع العاشر في الضرب وساق حديث أسماء.

قوله: "وكانت زاملة رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم " الزاملة بالزاي البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع، من الزمل وهو الحمل، وفي "غريب الجامع" (4): ما يحمل عليه الرجل زاده [وأدواته](5) وما يركبه.

قوله: "انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع" فيه جواز ضرب الخادم تأديباً ولو كان الضارب محرماً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينه أبا بكر.

قوله: "أخرجه أبو داود" قال المنذري (6): فيه محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام فيه.

61 -

وعن ربيعة بن عبد الله: أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه يُقَرِّدُ بَعِيراً لَهُ وَهُوَ مُحْرِمُ (7). [موقوف صحيح].

(1) في (ب) ينظر، وما أثبتناه من (أ) وسنن أبي داود.

(2)

في "السنن" رقم (1818)، وأخرجه ابن ماجه رقم (2933) وهو حديث حسن.

(3)

في "الجامع"(3/ 79).

(4)

(3/ 80).

وانظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 732)"المجموع المغيث"(2/ 27).

(5)

كذا في المخطوط، والذي في "غريب الجامع"، وأداته.

(6)

في "مختصر السنن"(2/ 342).

(7)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 57 رقم 92) وهو أثر موقوف صحيح.

ص: 250

قوله: "في حديث ربيعة يقرد" بضم حرف المضارعة وقاف وتشديد الراء، يأتي تفسيره وهذا الأمر مقرر للأصل، فالأصل إباحة ذلك فكراهة ابن عمر كما رواه نافع لا دليل عليها.

62 -

وعن نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمرَ يَكْرَهُ أَنْ يَنْزِعَ المُحْرِمُ حَلمةً أَوْ قُرَاداً مِنْ بَعِيرِهِ. (1) أخرجهما مالك. [موقوف صحيح].

ومعنى "يُقَرِّدُ"(2) أي: ينزع عنه القُرْدان جمع قُراد وهو دُوَيبَة معروفة.

"والحَلَمَةُ"(3) جمعها حلَم وهي: ما عظم من القراد.

الفرع الأول (4): في التلبية

قوله: "الفرع الثاني" قد سبق له أن الأصل فيه ثلاثة فروع، فلما فرغ من الأول أخذ في الثاني، وهكذا صنع ابن الأثير في جعله فرعاً ثانياً لكنه قسمه إلى نوعين.

والتلبية مصدر لبى إذا قال: لبيك ولا [125 ب] يكون عامله إلا مضمراً.

قال ابن عبد البر (5): قال جماعة من أهل العلم: معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم حين أذّن في الناس بالحج. انتهى.

قال الحافظ (6): وهذا أخرجه عبد بن حميد (7)، وابن جرير (8)، وابن أبي حاتم (9)، بأسانيدهم في تفاسيرهم عن ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة وغير واحد،

(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 58 رقم 95) وهو أثر موقوف صحيح.

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 434)"غريب الحديث" للهروي (3/ 183).

(3)

قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 81).

(4)

هكذا كتبت وليس كما قال الشارح "الثاني" وفي (ب) فرع في التلبية.

(5)

في "الاستذكار"(11/ 92 رقم 15566).

(6)

في "فتح الباري"(3/ 409).

(7)

عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 34).

(8)

في "جامع البيان"(10 ج 17/ 144 - 145).

(9)

في تفسيره (8/ 2487)، وانظر "تفسير ابن كثير"(10/ 42 - 43).

ص: 251

والأسانيد إليهم قوية وأقوى ما فيه عن ابن عباس ما أخرجه ابن أبي حاتم (1) من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عنه "لمّا فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له: أذِّن في الناس بالحج قال: ما يبلغ صوتي، قال: أذِّن وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس! كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أنّ الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبّون".

ومن طريق (2) ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وفيه: "فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأوّل من أجابه أهل اليمن فليس حاجٌ يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ".

قال ابن منير (3): وفي مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله لعباده بأن وفودهم إلى بيته إنما كان باستدعاء منه صلى الله عليه وسلم. انتهى.

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِيهَا: مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ: يَعْنِي مسجد ذي الحُلَيْفَةِ. أخرجه الستة (4). [صحيح].

وفي رواية (5): مَا أَهَلَّ إِلَّا مَنْ عِنْدِ الشَّجَرَةِ حِينَ قَامَ بِهِ بَعِيرُهُ. [صحيح].

وفي أخرى للنسائي (6): قِيْلَ لِابْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ تُهِلُّ إِذَا اسْتَوَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلهُ. [صحيح].

(1) في تفسيره (8/ 2487).

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (8/ 2487).

(3)

في الحاشية كما في "فتح الباري"(3/ 409).

(4)

أخرجه البخاري رقم (1541) ومسلم رقم (23/ 1186) وأبو داود رقم (1771) والنسائي رقم (2757) والترمذي رقم (818) وابن ماجه رقم (2916) ومالك في "الموطأ"(1/ 332).

(5)

أخرجه البخاري رقم (1533) ومسلم رقم (24/ 1186).

(6)

في "السنن" رقم (2760) وهو حديث صحيح.

ص: 252

2 -

وعن أنس رضي الله عنه: أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكَبَ رَاحِلَتَهُ فَلمَّا عَلَا عَلَى حَبْلِ البَيْدَاءِ أَهَلَّ. أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [صحيح].

زاد النسائي (3) في أخرى: وَأَهَلَّ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ حينَ صَلَّى الظُّهْرَ. [صحيح].

3 -

وَعَنْ ابْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: عَجِبْتُ لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِهْلَالِهِ حِين أَوْجَبَ. فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ إِنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ فَمِنْ هُنَالِكَ اخْتَلَفُوا. خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجًّا فَلمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَوْجَبَهُ فِي مَجْلِسِهِ فَأَهَلَّ بِالحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظْتُهُ عَنْهُ، ثُمَّ رَكِبَ فَلمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالاً فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ ثُمَّ مَضَى، فَلمَّا عَلَا عَلَى شَرَفِ البَيْدَاءِ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ عَلَا عَلَى شَرَفِ البَيْدَاءِ، وَأيْمُ اللهِ لَقَدْ أَوْجَبَ فِي مُصَلَاّهُ وَأَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ وَأَهَلَّ حِينَ عَلَا عَلَى شَرَفِ البَيْدَاءِ. قَالَ سَعِيدٌ بنُ جُبَيْر: فَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَهَلَّ فِي مُصَلَاّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ. أخرجه أبو داود (4). [ضعيف].

قوله: "بيداؤكم هذه التي تكذبون" إلى آخره وإلى قوله: "وعن ابن جبير".

(1) في "السنن" رقم (1774).

(2)

في "السنن" رقم (2662).

وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (2755).

(4)

في "السنن" رقم (1770) وهو حديث ضعيف.

وأخرجه أحمد (1/ 260) والترمذي رقم (819) وابن ماجه رقم (2926) والنسائي في المجتبى (5/ 162) وفي "السنن الكبرى"(4/ 55 رقم 3720) مختصراً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل في دبر الصلاة.

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 253

اعلم أن حديث ابن جبير عن ابن عباس [126 ب] أحسن شيء يجمع به بين الروايات هذه، ويظهر منه أنه لا يكذب في شيء لا من قال: من البيداء ولا غير، فيجب التمسك به وقد عين ابن عباس محل ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالإهلال، وأنه أوجب في مصلاه، وأهلّ حين استقلت به راحلته، فما أجوده من حديث!

هذا واعلم أنّ في حكم التلبية أقوالٌ أربعة؛ الأول: أنها سنة من "السنن" لا يجب بتركها شيء وهو قول الشافعي (1) وأحمد (2).

والثاني: أنها واجبة (3) ويجب بتركها دم.

الثالث: أنها واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق.

الرابع: أنها ركن من الإحرام لا ينعقد بدونها، حكاه ابن عبد البر (4) عن الثوري وأبي حنيفة (5) وأهل الظاهر (6) قالوا: هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة، وهو قول عطاء (7).

قلت: وهو أقوى الأقوال.

4 -

وعن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى، ويصلي بها الصبح، ثم يغتسل، ويحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.

(1) انظر: "الأم"(3/ 388 - 389).

(2)

في "المغني"(5/ 100 - 101).

(3)

وبه قال ابن أبي هريرة، وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة.

انظر: "المغني"(5/ 101)"معالم السنن"(2/ 405 - مع "السنن" "فتح الباري" (3/ 411).

(4)

في "الاستذكار"(11/ 95 رقم 15582).

(5)

انظر: "الهداية" للمرغيناني (1/ 138).

(6)

في "المحلى"(7/ 93 - 94).

(7)

انظر "المغني"(5/ 101)"فتح الباري"(3/ 411)"الاستذكار"(11/ 95)"المجموع شرح المهذب"(7/ 236).

ص: 254

أخرجه الثلاثة (1). [صحيح].

قوله: "عن نافع" إلى قوله: "ذي طوى"(2) بتليين الطاء مقصور منّون، وغير منّون واد بقرب مكة.

5 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يلبي المقيم أو المعتمر حتى يستلم الحجر". أخرجه أبو داود (3)[ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوف على ابن عباس] والترمذي (4).

وعنده: كَانَ يُمْسِكُ عَنِ التَّلْبِيَةِ فِي العُمْرَةِ إِذَا اسْتَلَمَ الحجَرَ. [موقوف صحيح].

قوله: "في حديث ابن عباس يلبي المقيم أو المعتمر" كأنه يريد بالمقيم المعتمر [127 ب] من أهل مكة.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: وقال أبو داود (5) رواه عبد الملك بن أبي [سليمان](6) وهمام عن عطاء عن ابن عباس موقوفاً. انتهى.

ورواه أبو داود (7) أولاً مرفوعاً.

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1574) ومسلم رقم (1259) ومالك في "الموطأ"(1/ 333).

(2)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 130) حيث قال: طوى وهو بضم الطاء وفتح الواو المخففة، موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به.

(3)

في "السنن" رقم (1817) عن ابن عباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر".

وهو حديث ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوف على ابن عباس.

(4)

في "السنن" رقم (919) وقال: حديث ابن عباس صحيح، وقال المحدث الألباني: الصحيح موقوف على ابن عباس.

(5)

في "السنن"(2/ 406).

(6)

في المخطوط سلمة، وهو خطأ، وما أثبتناه من "سنن أبي داود".

(7)

في "السنن"(2/ 406).

ص: 255

ولكن قال المنذري (1): فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قد تكلم فيه جماعة من الأئمة.

6 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِيَّاً وَفِي رِوَايَةٍ مُلَبِّدَاً، يَقُولُ: لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيْكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وِالنِّعْمَةَ لَكَ والمُلْكَ لَا شَرِيْك لَكَ، لَا يَزِيْدُ عَلَى هَذ الكَلِمَاتِ. أخرجه الستة (2). [صحيح].

قوله: "إن الحمد" روي بكسر الهمزة (3) على الاستئناف، وبفتحها على التعليل والكسر أجود عند الجمهور.

قال ثعلب: لأن من كسر جعل معناه الحمد لك على كل حال، ومن فتح فإن معناه: لبيك لهذا السبب.

قال ابن دقيق العيد (4): الكسر أجود؛ لأنه يقتضي أن تكون الإجابة مطلقة غير معللة. [177/ أ].

7 -

زاد في رواية (5): وكان عبد الله بن عمر يقول: كان عمر بن الخطاب يهل بإهلال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل. [صحيح].

وزاد أبو داود (6) في أخرى عن جابر، فذكر مثل ما قال ابن عمر، وقال: والناس

(1) في "مختصر السنن"(2/ 342).

(2)

أخرجه البخاري رقم (1549) ومسلم رقم (20/ 1184)، ومالك في "الموطأ"(1/ 331، 332) وأبو داود رقم (1812) والترمذي رقم (825، 826) والنسائي رقم (2747 - 2750)، وابن ماجه رقم (2918).

(3)

انظر: "فتح الباري"(3/ 409).

(4)

في "إحكام الأحكام"(3/ 16).

(5)

أخرجه البخاري رقم (1549) ومسلم رقم (19/ 1184) ومالك في "الموطأ"(1/ 332 رقم 28).

(6)

في "السنن" رقم (1813). =

ص: 256

يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ولا يقول شيئاً. [صحيح].

ومعنى "ذا المعارج"(1) أي: صاحب مصاعد السماء ومراقيها.

قوله: "والرغباء" بفتح الراء والمد، وبضمها والقصر، وفي النهاية (2): والرغبى، وفي رواية:"الرغباء" بالمد وهما من الرغبة كالنعمى والنعمة. انتهى.

واعلم أنه قد اختلف في الزيادة على تلبيته صلى الله عليه وسلم فقال قوم (3): لا ينبغي الزيادة عليها؛ لأنه [128 ب] لم يقل: لبّوا كما شئتم، بل علّمهم التكبير في الصلاة.

وقال آخرون (4): لا بأس بالزيادة [الأنه (5)]صلى الله عليه وسلم أقرّهم عليها ولم ينكرها، وهذا قول الجمهور، ولا شك أنّ إقراره صلى الله عليه وسلم تشريع دالٌ على الجواز وأنه لا بأس بالزيادة.

8 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان من تلبية رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لبيك إله الحق. أخرجه النسائي (6). [صحيح].

9 -

وَعَنْ السَّائِبِ بنْ خَلَّاد الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ جِبْرِيلُ عليه السلام أَتَانِيْ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالإِهْلَالِ".

= وأخرجه أحمد (3/ 320) ومسلم رقم (47/ 1218) بمعناه، وهو حديث صحيح.

(1)

انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 178)"المجموع المغيث"(2/ 419).

(2)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 668).

وانظر "الفائق" للزمخشري (2/ 70).

(3)

انظر "المغني"(5/ 103 - 104).

(4)

وهو قول الجمهور.

انظر: "شرح معاني الآثار"(2/ 124 - 125)، "المغني"(5/ 103 - 104)، "الاستذكار"(11/ 90).

(5)

في (ب) لأنهم.

(6)

في "السنن" رقم (2752).

وأخرجه أحمد (2/ 341) وابن ماجه رقم (2920) وهو حديث صحيح.

ص: 257

أخرجه الأربعة (1). [صحيح].

قوله: "في حديث السائب أو بالإهلال" شك من الراوي.

10 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ المُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، - فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وَيْلَكُمْ قَدْ قَدْ". فَيَقُولُونَ: إِلَاّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالبَيْتِ. أخرجه مسلم (2). [صحيح].

قوله "قَدْ قَدْ"(3) بمعنى حسْبُ وتكرارها لتأكيد الأمر، ويعنون "بِالشَّرِيكِ" الصنم " [وَما] (4) مَلَكْ" الآيات التي عنده وحوله.

قوله: "في حديث ابن عباس إلا شريك هو لك تملكه وما ملك" لقد أعمى الكفر بصائرهم، كيف يكون المملوك شريكاً لمالكه، فإن هذا ليس شأن الشريك، بل قولهم تملكه وما ملك مناقض لقولهم: إلا شريك هو لك، جعلوه شريكاً أولاً ومملوكاً ثانياً لمن جعلوه شريكاً له.

(1) أخرجه أبو داود رقم (1814) والترمذي رقم (829) وقال حديث حسن صحيح والنسائي رقم (2753) وابن ماجه رقم (2922).

وأخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 334) وأحمد (4/ 55) والحميدي رقم (853) والدارمي (2/ 34) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (2153) وابن الجارود في "المنتقى" رقم (434) وابن خزيمة رقم (2625) و (2627) والطحاوي في شرح "مشكل الآثار" رقم (5781، 5783) وابن حبان رقم (3802) والطبراني في "المعجم الكبير" رقم (5173، 6627، 6628) والدارقطني في "السنن"(2/ 238) والحاكم (1/ 450) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 42).

(2)

في "صحيحه" رقم (1185).

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 420)"المجموع المغيث"(2/ 672).

(4)

في (أ) بما.

ص: 258

الفرع [الثاني](1) فيمن أفسد إحرامه

قوله: "فرع: فيمن أفسد إحرامه" هو ثالث الفروع، هذا الفرع ليس فيه حديث مرفوع، فلا كلام فيه، وقد بينا أحكام الإفساد في حواشي "ضوء النهار"(2) بما لا مزيد [عليه](3) بحمد الله، والفرع في جزاء الصيد كذلك كهذا الفرع. [129 ب].

1 -

عن مالك (4) رضي الله عنه قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالحَجِّ فَقَالُوا: يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجُّ قَابِلٍ

(1) زيادة من (أ) والذي في "الجامع"(3/ 94) الثالث.

(2)

(3/ 720 - 730 - بتحقيقي.

(3)

زيادة من (أ).

(4)

في "الموطأ"(1/ 381 - 382 رقم 151).

• وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 167) من طريق ابن بكير عن مالك، وهو بلاع.

• وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 167) عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عطاء عن عمر بن الخطاب أنه قال في محرم بحجة أصاب امرأته، وهي محرمة: يقضيان حجهما، وعليهما الحج من قابل من حيث كانا أحرما، ويتفرقان حتى يتما حجهما.

قال: وهذا منقطع بين عطاء وعمر.

• وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" الجزء المفقود (ص 136) حدثنا ابن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر، قال: سألت مجاهداً عن المحرم يواقع امرأته، فقال: كان ذلك على عهد عمر بن الخطاب فقال: يقضيان حجهما، ثم يرجعان حلالين، فإذا كان من قابل حجا وأهديا، وتفرقا من المكان الذي أصابها.

• وأخرج الدارقطني في "سننه"(3/ 50 - 51 رقم 209) عن عبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، قال: أتى رجل عبد الله بن عمرو فسأله عن محرم وقع بامرأته، فأشار له إلى عبد الله بن عمر، فلم يعرفه الرجل، قال: فذهبت معه، فسأله عن محرم وقع بامرأته، قال: بطل حجه، قال: فيقعد؟ قال: لا، بل يخرج مع الناس، فيصنع ما يصنعون، فإذا أدركه قابل حج وأهدى، فرجعا إلى عبد الله بن عمر، فأخبراه، فأرسلنا إلى =

ص: 259

وَالهَدْيُ، قَالَ عَلِيُّ رضي الله عنه: وَإِذَا أَهَلَاّ بِالحَجِّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا. [إسناده منقطع].

2 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنَى قَبْلَ أَنْ يَفِيْضُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرُ بَدَنَةً (1). [إسناده ضعيف].

وفي رواية (2) قَالَ: الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيْضَ يَعْتَمِرْ وَيُهْدِي. أخرجه مالك. [إسناده صحيح].

= ابن عباس، قال شعيب: فذهبت معه إلى ابن عباس، فقال له مثل ما قال ابن عمر، فرجعا إلى عبد الله بن عمر فأخبراه بما قال ابن عباس، ثم قال له الرجل: ما تقول أنت؟ قال: أقول مثل ما قالا.

وعن الدارقطني أخرجه الحاكم (2/ 65)، وعن الحاكم أخرجه البيهقي في "المعرفة" (7/ 362 رقم 10342) وقال البيهقي في "المعرفة" (7/ 362 رقم 10343): إسناده صحيح، وفيه دلالة على صحة سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، ومن ابن عباس.

وقال الزيلعي في "نصب الراية"(3/ 127) عقبه: وقال الشيخ في "الإمام" رجاله كلهم ثقات مشهورون.

• وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" الجزء المفقود ص 136: حدثنا حفص عن أشعث عن الحكم عن علي، قال: على كل واحد منهما يدنه، فإذا حجَّا من قبل تفرقاً من المكان الذي أصابها.

قلت: وهذا مرسل عن علي؛ لأنه عن الحكم عن علي، والحكم لم يدرك علياً.

(1)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 384 رقم 155).

قلت: أبا الزبير - محمد بن مسلم بن تدرس - المكي، صدوق، إلا أنه يدلس، وعطاء بن أبي رباح: ثقة، فقيه فاضل إلا أنه كثير الإرسال.

ولكن يشهد لهذه الرواية من جهة المعنى ما أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 384 رقم 156) عن ابن عباس، وهي الرواية التالية.

(2)

انظر: التعليقة المتقدمة.

ص: 260