الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
181 -
بيان ما يلزم من واقع زوجته في نهار رمضان عدة مرات
س: حدث في بعض الرمضانات، ومنذ بضع سنين أن واقعت زوجتي في نهار رمضان، وتكرر ذلك عدة مرات في نفس الشهر، وبعد مضي بضع سنين أدركت حجم المعصية والإثم الذي وقعت فيه، وندمت على ذلك أشد الندم، وأنا الآن في حيرة من أمري، أرجو من سماحتكم إرشادي ومعونتي أنا وزوجتي؛ للخروج من هذه الواقعة، جزاكم الله خيرًا (1)(2).
ج: الواجب عليكما جميعًا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما مضى، والعزم ألاّ تعودا في ذلك، هذا هو الواجب على كل من عصى الله أن يندم على ما مضى، وأن يعزم ألاّ يعود، وأن يقلع من ذلك، ومن تاب تاب الله عليه، يقول سبحانه:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . فالتوبة فلاح، قال سبحانه:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} . وعليكما أيضًا قضاء الأيام التي حصل فيها الجماع، مع إطعام مسكين عن كل يوم؛ لأن المدة طالت ومضى عليه رمضانات،
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (142).
(2)
السؤال التاسع من الشريط رقم (142). ') ">
فعليكما مع القدرة إطعام مسكين عن كل يوم، يدفع لبعض الفقراء ولو فقيرًا واحدًا، فإن عجزتما فلا شيء عليكما من جهة الإطعام، وعليكما القضاء فقط، وعليكما مع ذلك الكفارة عن كل يوم وقع فيه جماع، وهي كفارة الظهار، عليك واحدة وعليها واحدة عن كل يوم، وترتيبها كما يأتي: أولاً: عتق رقبة مؤمنة. فمن عجز صام شهرين متتابعين. فمن عجز أطعم ستين مسكينًا عن كل يوم جرى فيه جماع. فإذا كان الجماع وقع في ثلاثة أيام صار على كل واحد منكما ثلاث كفارات، وإذا كان في أربعة أيام كان على كل واحد أربع كفارات، وهكذا لأن كل يوم محترم له حرمته، وله كفارته، نسأل الله لكما العون والتوفيق وقبول التوبة، وإذا نسيتما عدد المرات التي ارتكبتما فيها الذنب فعل كل واحد منكما أن يجتهد ويتحرى، إذا شك هل هي ثلاثة أو أربعة يجعلها أربعة، إذا شك هل هي أربعة أيام أو خمسة أيام يجعلها خمسة أيام حتى يتقن لسلامته من الواجب.
س: أبعث لكم برسالتي هذه متضمنة مشكلتي، وهي: أنني وقعت على أهلي نهار رمضان ثلاث مرات في ثلاثة أيام من ذلك الشهر قبل ست سنوات تقريبًا، وقد ندمت على فعلتي تلك، وقد كنت أظن أن كفارة ذلك هي إطعام فقط، ومن ثم أهملت ذلك لعدة سنوات؛ ظنًّا مني أنه يجوز لي أن أطعم عن كل وقت عشاء، وفي الفترة الأخيرة
علمت حقيقة الكفارة، فما رأي سماحتكم؟ هل يجوز لي أن أطعم عشرة مساكين عن كل يوم؟ أم ماذا؟ وهل على زوجتي أيضًا كفارة؟ وهل هناك فرق بين كونها مكرهة، أو غير مكرهة؟ جزاكم الله خيرًا (1).
ج: الواجب عليكما جميعًا التوبة والاستغفار والندم على ما وقع؛ لأن الله حرم على الصائم تناول المفطرات، ومن أشدها الجماع، فلا يجوز للمؤمن حال صومه رمضان وهو صحح مقيم أن يتناول المفطرات، لا الجماع ولا غيره، ولا يجوز له أيضًا أن يكره زوجته على ذلك، وليس لها أن تطاوعه على ذلك، بل يجب عليها أن تمتنع، وعليكما الكفارة جميعًا: وهي عتق رقبة مؤمنة عن كل واحد منكما عن كل يوم؛ يعني ثلاث رقاب، عنك يوم رقبة وعنها كذلك، فالجميع ست رقاب، عليك ثلاث، وعليها ثلاث عن الأيام الثلاثة إذا كانت مطاوعة غير مكرهة، فإن عجزتما فعليكما صيام شهرين متتابعين، كل واحد يصوم شهرين متتابعين عن كل جماع في يوم، فعليك ستة أشهر عن الأيام الثلاثة، وعليها ستة أشهر عن الأيام الثلاثة إلا أن تكون مكرهة؛ يعني أكرهتها بالقوة حتى لم تستطع منعك، فإن عجزتما
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (92). ') ">
عن العتق والصيام فعليكما إطعام ستين مسكينًا عن كل جماع، عن كل يوم وقع فيه الجماع؛ فالمعنى إطعام ثلاث كفارات ستين مسكينًا؛ يعني ثلاث مرات: ثلاثين صاعًا وثلاثين صاعًا وثلاثين صاعًا؛ تسعين صاعًا توزع بين ستين مسكينًا، كل مسكين له صاع ونصف، عن كل يوم نصف صاع، وعليها مثل ذلك إذا كانت مطاوعة تسعون صاعًا عن الأيام الثلاثة، عن كل يوم ثلاثون صاعًا لستين فقيرًا، هذه التسعون الصاع تسلم لستين فقيرًا، يدفع إليهم، كل واحد يعطى صاعًا ونصفًا عن ثلاثة الأيام، كل نصف صاع عن يوم، ونصف الصاع كيلو ونصف تقريبًا من الحنطة، أو من الرز أو من التمر من قوت البلد، هذا هو الواجب عليكما مع التوبة والاستغفار والندم، وعدم العودة لمثل هذا، وأنتما أعلم بحالكما، فمع الاستطاعة يجب العتق، ومع العجز الصيام، ومع العجز عن الصيام الإطعام هو الأخير، والله يهدينا جميعًا لما يرضيه.
س: لقد تزوجت قبل سبعة أعوام وفي أواخر شعبان، وقد جامعت زوجتي في بعض أيام رمضان لجهل مني في ذلك الوقت، ومن الشيطان لعنه الله، الصيام صعب عليَّ لعدم معرفتي بعدد الأيام، وكذلك العتق، فهل يجوز أن أشتري أكياس رز، وأعطيها لإحدى الجمعيات الخيرية كصدقة، كما قلت: لا أعرف الأيام التي صار
فيها الجماع. هل ما ذكرته لكم صحيح ويعد كفارة، أم أنكم توجهونني بتوجيه آخر؟ جزاكم الله خيرًا (1).
ج: لا ريب أن المؤمن يحرم عليه أن يجامع في رمضان، في نهار رمضان، بل يجب عليه أن يمتنع عن ذلك؛ لأن الجماع من المفطرات، كما لا يأكل ولا يشرب كذلك لا يجامع، فإذا وقع منه ذلك وجب عليه أمور ثلاثة:
أحدها: التوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن هذا الفعل معصية، والتوبة واجبة من كل معصية.
والأمر الثاني: قضاء اليوم الذي وقع فيه الجماع.
الأمر الثالث: الكفارة، والكفارة مرتبة، أولها: عتق رقبة مؤمنة. فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين. فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمرٍ أو رزٍ أو غيرهما. هذا هو الواجب على مَن جامع زوجته في نهار رمضان، والصيام عليه واجب، وعليها كذلك، أما لو جامعها في السفر فهذا معروف، فالمسافر له الإفطار من الجماع وغيره، لكن إذا جامعها وهما مقيمان يلزمهما الصيام، فإنه يلزمه هذه الأمور الثلاثة: التوبة، وقضاء اليوم، والكفارة. وهي مثله إذا كانت
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (145). ') ">
مطاوعة، أما إذا أكرهها بالقوة والشدة، ولم تستطع التخلص منه، بل أجبرها فلا شيء عليها إلا صيام اليوم الذي حصل فيه الجماع كما ذكرنا، وإنما الكفارة عليه، وإذا كان كل منهما يعجز عن العتق وعن الصيام فإنه يجزئه الإطعام لستين مسكينًا ثلاثين صاعًا من قوت البلد، من تمرٍ أو بُرٍ أو رزٍ، ولا بد من التوزيع بين الستين، ولو أن الجمعية الخيرية التزمت بذلك، وفرقته بين ستين مسكينًا فلا بأس بذلك، واطمأن عليها ووثق بالقائمين عليها، وأنهم يوزعون ما يعطيهم على ستين مسكينًا فلا بأس إذا كانا عجزا عن العتق والصيام، وإذا كنت لا تضبط الأيام فعليك التحري، فإذا ظننت أنها خمسة صمت خمسة، وإذا ظننت أنها ستة صمت ستة، وهكذا تعمل بالاحتياط والغالب، ويكفي ذلك:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} .
وإذا كان هذا المجامع جاهلاً أو ناسيًا فهذا محل نظر، أما الجهل فينبغي عدم اعتباره؛ لأنه أمر واضح بين المسلمين، وليس خفيًا يعرفه المسلمون، الصائم لا يجامع أهله في رمضان، فينبغي عدم التعلق بالجهل وعدم اعتبار الجهل، بل عليك أن تفعل ما ذكرنا.
أما النسيان فالصواب أنه معذور بذلك؛ لأن النسيان ليس بالاختيار،
والأمر يقع على الإنسان ويغلب عليه، وليس باختياره، قال عليه الصلاة والسلام:«من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (1) متفق عليه. ورواه الحاكم وجماعة بلفظ: «من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه، ولا كفارة» (2) فالناسي معذور على الصحيح إذا صدق أنه ناسٍ؛ لأن النسيان ليس في اختيار الإنسان: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} .
س: إني وقعت في الجماع في نهار رمضان، وما كان لي علم مع أن الجماع في الصوم يجب عنه الكفارة والقضاء، وبعد أن علمت بما يلحقني من القضاء والكفارة اشتريت كيسًا من الأرز، وفرقته على المساكين، وكذلك بدأت في الصيام، وكنت أصوم حتى أكملت سبعة وخمسين يومًا، وبعدها مرضت مرضًا شديدًا، لا أستطيع معه الصوم، فقطعت الصيام يومين، وبعدها استأنفته إلى أن أكملت ستين يومًا، فهل تكفي هذه عن الكفارة، أم لا؟
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له.
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1 ص595)، رقم (1569)، والبيهقي في السنن الكبرى (ج4 ص229)، برقم (7863).