الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: الحكم في ذلك أنكم لا حرج عليكم؛ لأنكم لم تفرطوا، استمعتم فلم تسمعوا الخبر، فلا إثم عليكم إن شاء الله، ولكن عليكم القضاء لهذا اليوم، عليكم الإمساك لما علمتم، بعدما فوجئتم بالخبر في الضحى، وعلمتم أنه من رمضان تمسكون عند عامة أهل العلم، بل هو كالإجماع من أهل العلم، ثم تقضون هذا اليوم مع الإمساك، تقضونه بعد العيد لأنكم لم تكملوا، بتم ولم تنوُوا الصوم، وإنما أمسكتم بعد ذلك، هذا اليوم يقضى مع الإمساك جميعًا، وليس عليكم كفارة، ولا شيء ولا إثم إن شاء الله.
29 -
حكم الاعتماد على الحساب الفلكي دون الرؤية
س: تعتمد الرؤية في بعض البلاد الإسلامية، وفي تحديد مواعيد دخول شهر الصيام، أو دخول شهر شوال، أو كذلك دخول ذي الحجة على الحساب الفلكي دون الرؤية، كما أن الإعلان عن ذلك يكون عادة عن طريق جهات الإفتاء والشؤون الدينية في البلد، فهل يعتمد الحساب؟ وهل يؤخذ بقول تلك الجهات، أم يؤخذ بأخبار الإذاعات في الدول التي تعتمد الرؤية (1)؟
ج: الواجب في إثبات الأهلة في الحج وفي رمضان هو الرؤية، كما قال
(1) السؤال من الشريط رقم (71).
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (1) وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (2) في عدة أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقال:«إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا» (3)، وبسط يديه الثنتين، وكررها ثلاثًا، يعني ثلاثين، «والشهر هكذا وهكذا وهكذا» (4) وخنس واحدة، خنس الإبهام، يعني تسعًا وعشرين، «فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة» (5) وفي لفظ: «فأكملوا العدة ثلاثين» (6) وفي لفظ آخر: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (7) وفي لفظ ثالث: «فصوموا ثلاثين» (8) هكذا أوضح النبي عليه الصلاة
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
(3)
صحيح البخاري الصَّوْمِ (1913)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1080)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2141)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2319)، مسند أحمد (2/ 129).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
(5)
أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، برقم (19919).
(6)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا برقم (1907).
(7)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909).
(8)
أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1081).
والسلام، أما الحساب فلا يعتمد ولا يجوز التعويل عليه، وقد نبهنا على هذا غير مرة، وكتبنا مرات كثيرة، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن العلماء أجمعوا على أن الحساب لا يعتمد في إثبات الأهلة، وإنما العمدة هو رؤية الهلال أو إكمال العدة، فإذا رُئِيَ شعبان مثلاً ليلة الأحد وجب إكماله، فيكون الصوم بالثلاثاء؛ لأن كماله يوم الاثنين، والصوم بالثلاثاء إذا لم يرَ الهلال ليلة الاثنين، ولو قال الحاسبون إنه يدخل يوم الاثنين، وكذلك لو قال الحاسبون إنه لا يدخل إلا يوم الأربعاء فلا عبرة بقولهم، يصام بالثلاثاء؛ لأنا كملنا شعبان ثلاثين؛ لأنه دخل ليلة الأحد، فإذا لم يرَ ليلة الاثنين كملناه ثلاثين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (1) وقد أكملنا بحمد الله ثلاثين، المقصود أنه لا يعول على الحساب، ولا على قول الحسابين، وإنما التعويل على الرؤية، هكذا أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام، وهكذا درج سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، وهكذا نقل الإجماع على ذلك مَن ذكرنا، وهو أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام، وبيَّن ذلك آخرون من أهل العلم، وأما وجود من خالف هذا من المتأخرين فلا يلتفت إليهم ولو كانوا كبارًا، ولو كانوا علماء
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909).
لا يلتفت إليهم في هذا الأمر؛ لأنهم خالفوا السنة، والله سبحانه يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} . ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} . وهذه المسألة إذا ردت إلى كتاب الله فالله يقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} . ويقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} . ويقول سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . ويقول عز وجل: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} . هكذا جاء في كتاب الله العظيم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم:«لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (1) وفي لفظٍ آخر: «لا تقدموا الشهر حتى تكملوا العدة أو تروا
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).