الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعند عدم تيسر الاجتماع فإن لكل بلد رؤيته، أما إذا تيسر الاجتماع، واطمأن الناس إلى دولة يثقون بها ويطمئنون إليها فإنهم يجتمعون عليها، وعندي أن الدولة السعودية أولى الدول في هذا المقام؛ لأن المحاكم - بحمد لله - تعتني بهذا، وتجتهد في توثيق الشهود، ولا تعمل إلا بالرؤية، فإذا عمل الناس بما ثبت في السعودية فقد أحرزوا دينهم، وقد احتاطوا لدينهم والحمد لله، والله ولي التوفيق.
22 -
المشروع للمسلمين في أي بلد أن يصوموا ويفطروا جميعًا
س: هذه رسالة من الهند، وبعثها مجموعة من الإخوان من هناك، إخواننا يقولون: نحن الطلبة المسلمين في البلاد غير الإسلامية تواجهنا مشكلة تحديد ليوم لرمضان، فنحن مثلاً في الهند نصوم بعد سماع رؤية الشهر في السعودية، أو إحدى الدول العربية، لكن السكان المسلمين هناك - وهم يمثلون نسبة لا بأس بها - يصومون في يوم يختلف حسب رؤية الهلال عندهم؛ حسب دوران الأرض، نرجو أن توضحوا لنا علمًا بأن المسلمين في الهند يمثلون مائة مليون مسلم، جزاكم الله خيرًا (1)(2).
(1) السؤال من الشريط رقم (127).
(2)
السؤال من الشريط رقم (127). ') ">
ج: على المسلمين في الهند وفي غير الهند أن يجتهدوا في ضبط دخول الشهر وخروجه، وأن يكون لهم من يعتني بذلك؛ كالمجالس الإسلامية أو المحاكم إن كان هناك محكمة إسلامية تعنى بهذا الأمر، وتأمر من يلتمس الهلال حتى يطبقوا الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم قال:«صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (1) فالمسؤولون عن الصيام يعرفون دخول شعبان، فإذا رأوا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان صاموا، وإلا كملوا ثلاثين وصاموا، ويعينون من يعتني بهذا الأمر من الثقات العدول بالرؤية، أو تكليف من يتراءى الهلال في أول شعبان، وفي أول رمضان، وعلى كل فرد من المسلمين أن يكونوا مع إخوانهم، يصومون مع إخوانهم ويفطرون مع إخوانهم، ولا ينقسمون ولا يتفرقون، المشروع للمسلمين في أي بلد أن يصوموا جميعًا، وأن يفطروا جميعًا، وأن يتعاونوا على الخير، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (2) فالمشروع لك أيها السائل أن تصوم مع إخوانك في الهند، وهكذا في أمريكا، وهكذا في أوروبا، وهكذا في
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909).
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697).
غيرها من البلاد التي يغلب فيها الكفار ويكون المسلمون فيها أقلية، المسلمون يجتهدون ويتحرون الشهر ويصومون، وإذا رأوا أن يصوموا برؤية دولة معينة كالسعودية مثلاً، لأنهم يثقون فيها وصاموا برؤيتها فلا بأس، ولو تيسر أن يصوم المسلمون جميعًا فهذا أفضل وأحسن؛ لأن المسلمين شيء واحد، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:«صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» (1) هذا خطاب عام للمسلمين، قال:«لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له» (2) فالمسلمون عليهم أن يعتنوا بهذا في أي مكان، وأن يصوموا إذا رأوا الهلال أو أكملوا عدة شعبان، وأن يفطروا إذا رأوا الهلال أو كملوا رمضان ثلاثين، وأن يتعاونوا في هذا، وأن يكونوا جميعًا يدًا واحدة، لا يختلفون، هذا هو الواجب، وهذا هو المشروع.
س: سماحة الشيخ عبد العزيز، تفضلتم وقلتم: إنه لو صام المسلمون كلهم جميعًا في يوم واحد لكان أفضل، هناك فارق في التوقيت سماحة الشيخ لا يقل عن سبع ساعات بين شرق الكرة الأرضية وغربها فما توجيهكم وفقكم الله تعالى (3).
(1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
(3)
السؤال السادس عشر من الشريط رقم (127). ') ">
ج: لا يضر اختلاف المطالع، لا يضر على الصحيح، وإن كان اعتبره بعض أهل العلم، وقالوا: إنه يعتبر. لكنه في الحقيقة والصواب أنه لا يمنع أن يصوموا جميعًا ولو اختلف المطالع، كما بيننا وبين أفريقيا ومصر ونحو ذلك، وكما بيننا وبين أوروبا وأمريكا ونحو ذلك، لكن قال بعضهم: إنه إذا بعد جدًّا، وصار النهار ليلاً والليل نهارًا فلهذا البعد تكون لهم رؤيتهم، هؤلاء البعيدون يكون لهم رؤيتهم؛ لأنهم لا يشتركون معنا في الليل. هذا له وجه، ذكره ابن عبد البر رحمه الله وجماعة، ولو صاموا مع غيرهم ولو بجزء قليل من الليل كفى ذلك والحمد لله؛ لعموم الأدلة، فلو - مثلاً - طلع عليهم الليل في آخر الليل عندنا فهم معنا في اليوم الذي يصبحون عليه، ولا بأس، وإذا صاموا برؤيتنا فلا حرج في ذلك، وإذا صمنا برؤية مَن نثق به في البلاد الأخرى فلا بأس، المهم الثقة، فإذا كانت الدولة التي صامت تصوم بالرؤية ويوثق برؤيتها، وصام الناس برؤيتها فلا بأس، أما الصوم بالحساب فلا، لا يصام بالحساب ند جميع أهل العلم، حكاه أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام، حكاه بإجماع أهل العلم، وقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في هذه البلاد هذه المسألة، وأجمع المجلس على أنه لا يصام بالحساب أبدًا، كما أجمع عليه العلماء، ورأوا أنه لا مانع من العمل باختلاف الرؤية والمطالع، وأن عند كل أهل بلد رؤيتهم؛ لأن هذا أمر فعله المسلمون من
قديم، ولم يحفظ أن المسلمين في سنة من السنين اجتمعوا على رؤية واحدة؛ لتباعد الأقطار، فإذا علمت - مثلاً - السعودية برؤيتها، أو مصر برؤيتها، ومثلاً أوروبا أو المغرب، أو كذا برؤيته فلا بأس، لكن إذا تيسر اجتماعهم واتفاقهم على رؤية واحدة فهذا أفضل وأكمل وأوفق للأحاديث.
س: يقول السائل: يجمع الجغرافيون سماحة الشيخ على أن مكة المكرمة تقع في وسط الكرة الأرضية، فما رأيكم لو اقتدى الناس في شرق الكرة الأرضية، وفي غربها برؤية أهل مكة (1)؟
ج: ليس لهذا أصل، المهم الرؤية، فإذا رآه أهل مكة، السعودية مثلاً وثبت عندهم، وصام الناس برؤيتهم فلا بأس، ولو صام أهل الأرض كلهم عملاً بظاهر النصوص، وهكذا إذا رُئِىَ في مصر أو في الشام، أو في الأردن أو في العراق أو في أي مكان، فكونه يطمئن إليها من طريق المحكمة الشرعية، من طريق الشهود العدول، لا من طريق الحساب فإنه يصام بذلك بشرط الطمأنينة إلى أن الذين رأوا عدول، وأنه طريق الرؤية، لا من طريق الحساب. المعول على ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لا على اختلاف المطالع وعلى الحساب، المعول على ما قاله صلى الله عليه وسلم،
(1) السؤال من الشريط رقم (127). ') ">
حيث قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له» (1). وقال عليه الصلاة والسلام: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا» (2)، يعني ثلاثين ثم قال «وهكذا وهكذا وهكذا» ، يعني تسعًا وعشرين يقول: مرة ثلاثين ومرة تسعًا وعشرين، وقال:«لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (3). وقال: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» (4). فعرف بذلك أن الصيام يكون بالرؤية أو بإكمال العدة، وليس لنا أن نصوم بالحساب، وليس لنا أن نعمل بمجرد اختلاف المطالع من غير نظر، أو ندع الرؤية من أجل اختلاف المطالع، لا، فإن المطالع تختلف، حتى بين مكة والرياض، حتى بين مكة وما هو أقل من ذلك أيضًا، فإذا صام أهل مكة برؤية الرياض، وأهل الرياض برؤية مكة أو جدة أو على المدينة أو الشام أو مصر أو نحوه فلا بأس بهذا، المهم ثبوت الرؤية، برؤية العين، لا بالحساب، فإذا ثبتت الرؤية، واطمأن
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
(2)
صحيح البخاري الطَّلَاقِ (5302)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1080)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2141)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2319).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
أهل البلد الذين يجاورون بلد الرؤية أنها رؤية شرعية، وعرفوا أن هذه البلاد تعتني بالرؤية، وأنها تعتني بالشهود، وأنها لا تعمل بالحساب فإنها يقتدى بها.
س: يقول السائل: إذا كان البَلَدَان ملتصقين، واختلف صيامهما، فهل يؤثر ذلك؟
ج: لا يؤثر، لهم رؤيتهم؛ لأن كل بلد ملتصقة، مثلاً السعودية ملتصقة بالأردن، ومثلاً بحدود الشام، وإذا استقلت الأردن أو مصر برؤيتهم؛ لأسباب اقتضت ذلك عندهم وعند علمائِهم، أو السعودية استقلت بسبب ذلك فلا بأس بذلك، كما قرر مجلس هيئة كبار العلماء، وكما قرره العلماء، وأصل هذا ما ثبت عن ابن عباس، هذا هو الأصل، فقد ثبت في صحيح مسلم: عن ابن عباس رضي الله عنهما، من طريق كريب أنه قدم على المدينة قادمًا من الشام، قال: فأتيت ابن عباس رضي الله عنهما، فسألني عن رؤية أهل الشام، قلت: نعم، رأيناه ليلة الجمعة، وصمنا يوم الجمعة في الشام، وصام معاوية وصام الناس، فقال ابن عباس: نحن رأيناه يوم السبت، فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال، أو نكمل العدة. فقال كريب أفلا تكتفي برؤية معاوية والناس؟ قال: لا، هكذا أمرنا نبينا عليه الصلاة والسلام (1). يعني
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم، برقم (1087).