الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: «الطاعون» هو مرض معروف. قوله: «ريفنا» الريف الأرض ذات الزرع والخصب، والميرة الطعام. قوله:«من القرف التلف» القرف بالقاف الدنو من الشيء وكل شيء دانيته فقد قارفته، والتلف الهلاك أي من قرب من المرض ودنا منه تلف وليس هذا من باب العدوى، وإنما هو من باب الطب فإن استصلاح الأهوية من أعوان الأشياء على صحة الأبدان وفساد الهواء من أسرع الأشياء إلى الأسقام عند الأطباء وذلك بإذن الله عز وجل وتقديره.
[35/17] باب ما جاء في الطيرة والفال والشؤم
والعدوى وما يجري مجراها
5834 -
عن بريدة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث غلامًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به ورئي بشرى ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه، فإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه اسمها فرح بها رئي بشرى ذلك في وجهه» أخرجه أبو داود والنسائي (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
5835 -
وعن عروة بن عامر القرشي، قال:«ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنه الفال ولا ترد مسلمًا فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك»
(1) أبو داود (4/19)(3920) ، النسائي في "الكبرى"(5/254) ، ابن حبان (13/142)(5827) ، أحمد (5/347) .
رواه أبو داود مرسلًا (1) بإسناد صحيح.
5836 -
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك وما منا (2) إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل» أخرجه أبو داود (3)، وفي رواية الترمذي (4) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطيرة من الشرك وما منا إلا (5) ولكن الله يذهبه بالتوكل» وقال الترمذي حسن صحيح وأخرجه ابن ماجة وابن حبان في "صحيحه"(6) بغير تكرار.
5837 -
وعن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته فقال: أخذنا فالك من فيك» أخرجه أبو داود (7) ، وقال المنذري في إسناده رجل مجهول.
(1) أبو داود (4/18)(3919) .
(2)
في الرواية للترمذي أن هذا كلام ابن مسعود وسيأتي.
(3)
أبو داود (4/17)(3910) .
(4)
الترمذي (4/160)(1614) .
(5)
الذي في الترمذي ليس فيه لفظة (إلا) الموجودة في رواية المؤلف هنا. قال في الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث: وما منا، ولكن الله يذهبه بالتوكل، قال سليمان: هذا عندي قول عبد الله بن مسعود (وما منا) . وقال في شرح الحديث في الترمذي: أي ما منا من أحد إلا ويقترب شيء ما منه في أول الأمر قبل التأمل انتهى. ولفظ (إلا) بعد قوله (وما منا) هي من رواية أبي داود (قلت) وهذا هو الذي ينبغي فهمه، انظر تفسير المؤلف في آخر الكتاب. والله أعلم.
(6)
ابن ماجه (2/170)(3538) ، ابن حبان (13/491)(6122) ، الحاكم (1/64، 65) ، ابن أبي شيبة (5/210) ، أبو يعلى (9/140)(5219) ، أحمد (1/389، 440) .
(7)
أبو داود (4/18)(3917) ، أحمد (2/388) .
5838 -
وعن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد يا نجيح» رواه الترمذي (1)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
5839 -
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفال، قالوا: وما الفال؟ قال: كلمة طيبة» أخرجاه (2)، وفي رواية للبخاري (3) :«يعجبني الفال الصالح الكلمة الحسنة» .
5840 -
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله: «لا عدوى ولا طيرة، وإنما الشؤم في ثلاث: في الفرس والمرأة والدار» وفي رواية: «ذكر الشؤم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن كان الشؤم ففي الدار والمرأة والفرس» أخرجاه (4) .
5841 -
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يعدي شيء شيئًا، فقال أعرابي: يا رسول الله! البعير الجرب بخشفه ندنيه، فتجرب الإبل كلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن أجرب الأول لا عدوى ولا صفر» رواه الترمذي (5) وصححه الحافظ ابن حجر.
5842 -
وعن سهل بن سعد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن كان في شيء
(1) الترمذي (4/161)(1616) .
(2)
البخاري (5/2178)(5440) ، مسلم (4/1746)(2224) ، الترمذي (4/161)(1615) ، أحمد (3/130، 154، 173) .
(3)
البخاري (5/2171)(5424) ، أبو داود (4/18)(3916) ، أحمد (3/118) .
(4)
البخاري (5/2171، 2177)(5421، 5438) ، مسلم (4/1746، 1747)(2225) باللفظ الأول والبخاري (5/1959)(4806) ، ومسلم (4/1748)(2225) باللفظ الثاني.
(5)
الترمذي (4/450)(2143) .
ففي المرأة والفرس والمسكن يعني الشؤم» أخرجاه و"الموطأ"(1) .
5843 -
وعن جابر مثله وفي رواية: «ففي الربع والخادم والفرس» رواه مسلم والنسائي (2) .
5844 -
وعن حكيم بن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا شؤم وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس» أخرجه الترمذي (3) من طريق إسماعيل بن عياش.
5845 -
وعن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا عدوى ولا صفر ولا غول» رواه مسلم (4) .
5846 -
وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد» رواه أحمد والبخاري (5)، وفي رواية:«لا عدوة ولا طيرة ولا هامة، قيل: يا رسول الله! أرأيت البعير يكون به الجرب فتجرب الإبل كلها؟ قال: ذلكم القدر فمن أجرب الأول» رواه أحمد وابن ماجة (6) من حديث ابن عمر، وفي رواية من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1) البخاري (3/1050، 5/1959)(2704، 4807) ، مسلم (4/1748)(2226) ، أحمد (5/338) ، مالك (2/972)(1749) .
(2)
مسلم (4/1748)(2227) ، النسائي (6/220) ولم يقل «الخادم» وقال مكانه «المرأة» .
(3)
الترمذي (5/127)(2824) ، ابن ماجه (1/642)(1993) .
(4)
مسلم (4/1744)(2222) .
(5)
أحمد (2/443) ، البخاري (5/2158)(5380) .
(6)
أحمد (2/24) ، ابن ماجه (1/34، 2/1171)(86، 3540) .
«لا عدوى ولا صفر ولا هامة فقال أعرابي: يا رسول الله! فما بال إبل تكون في الرمل كأنها الظبا فيأتي البعير الأجرب فيدخل فيجربها، فقال: فمن أعدى الأول» أخرجاها (1)، وفي رواية لأبي سلمة أنه سمع أبا هريرة يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يوردن ممرض على مصح» أخرجها البخاري ومسلم (2) .
5847 -
وعن قطن بن قبيصة عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «العيافة والطيرة والطرق من الجبت» أخرجه أبو داود والنسائي (3) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
5848 -
وعن أنس قال: «قال رجل: يا رسول الله! إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا فقال: ذروها ذميمة» رواه أبو داود (4) وسكت عنه هو والمنذري وصححه الحاكم.
5849 -
وعن يحيى بن سعيد قال: «جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (5) : دار سكناها والعدد كثير والمال وافر، فقل العدد وذهب المال، فقال: دعوها ذميمة»
(1) البخاري (5/2161، 2177)(5387، 5437، 5439) ، مسلم (4/1742)(2220) ، ابن حبان (13/484-485)(6116) ، أبو داود (4/17)(3911) ، النسائي في "الكبرى"(4/376) ، أحمد (2/267) .
(2)
البخاري (5/2177)(5437، 5439) ، مسلم (4/1743)(2221) ، ابن حبان (13/482)(6115) ، أحمد (2/406) ، أبو داود (4/17)(3911) .
(3)
أبو داود (4/16)(3907) ، النسائي في "الكبرى"(6/324) ، وهو عند ابن حبان (13/502)(6131) ، وأحمد (3/477، 5/60) ، وابن أبي شيبة (5/311) .
(4)
أبو داود (4/20)(3924) .
(5)
هكذا في الأصل والظاهر: قالت.
أخرجه "الموطأ"(1) .
5850 -
وله شاهد من حديث عبد الله بن شداد أخرجه عبد الرزاق (2) بإسناد صحيح.
5851 -
وعن أبي عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا هام ولا صفر ولا يحمل الممرض على المصح وليحلل المصح حيث شاء» قالوا: يا رسول الله! وما ذاك؟ قال: إنه أذى» أخرجها "الموطأ"(3) .
5852 -
وعن الشريد قال: «كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فقد بايعناك» رواه مسلم والنسائي (4) .
5853 -
وعن جابر بن عبد الله «أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة، وقال: كل باسم الله ثقة بالله وتوكلًا عليه» رواه أبو داود والترمذي (5) . وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد بن المفضل بن فضالة، وقد تكلم في المفضل بن فضالة، وقال يحيى بن معين ليس هو بذاك وقال
(1) مالك في "الموطأ"(2/972)(1751) .
(2)
أخرجه من طريق عبد الرزاق البيهقي (8/140) ، ومعمر بن راشد في جامعه (10/411) .
(3)
مالك في "الموطأ"(2/946)(1695) .
(4)
مسلم (4/1752)(2231) ، النسائي (7/150) ، ابن ماجه (2/1172)(3544) ، أحمد (4/390) .
(5)
أبو داود (4/20)(3925) ، الترمذي (4/266)(1817) ، وهو عند الحاكم (4/152) ، وابن حبان (13/488)(6120) ، وابن ماجه (2/1172)(3542) ، وابن أبي شيبة (5/141) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/309) ، وأبي يعلى (3/354)(1822) ، وعبد بن حميد (1/329)(1092) .
النسائي ليس بالقوي وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وذكره ابن حبان في الثقات.
قوله: «الطيرة» هي ما يتشاءم به من الفال الردي وغيره، و «الفال» الكلمة الصالحة يسمعها الرجل. قوله:«وما منا إلا» أي ما منا إلا من يعتريه التطير. وقد ذكر في الترمذي والبخاري أن هذا من كلام ابن مسعود، وليس من الحديث. قوله:«لا عدوى» يقال أعداه المرض إذا أصابه منه بمقاربته ومجاورته أو مؤاكلته ومباشرته، وقد أبطله الإسلام. قوله:«لا صفر» في سنن أبي داود (1)«كانوا يستشئمون بدخول صفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صفر» وقال محمد بن راشد: سمعت من يقول: هو وجع يأخذ في البطن يزعمون أنه يُعدي، قال أبو داود: وقال مالك: كان أهل الجاهلية يحلون صفر عامًا ويحرمونه عامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صفر. قوله: «ولا غول» هو الحيوان التي كانت العرب تزعم أنه يعرض لها في بعض الأوقات والطرق فيغتال الناس وأنه ضرب من الشيطان، وليس قوله ولا غول نفيًا لعين الغول ووجوده، وإنما فيه إبطال زعم العرب في اغتياله وتلونه في الصور المختلفة يقول: لا تصدقوا بذلك. قوله: «ولا هامة» الهام جمع هامة وهو طائر كانت العرب تزعم أن عظام الميت تصير هامة فتطير وكانوا يقولون إن القتيل يخرج من هامته أي رأسه هامة فلا يزال يقول: اسقوني اسقوني حتى يقتل قاتله.
قوله: «لا يوردن ممرض على مصح» قال في غريب الجامع: الممرض الذي له إبل مرضى، والمصح الذي له إبل صحاح، فنهى أن يورد صاحب الإبل المرضى إبله على إبل ذي الإبل الصحاح لا لأجل العدوى، ولكن الصحاح ربما مرضت بإذن الله وقدره، فوقع في نفس صاحبها أن ذلك إنما كان من قبل العدوى فيفتنه ذلك ويشككه في أمره، فأمر باجتنابه والبعد
(1) أبو داود (4/18) .
عنه لهذا المعنى وقد يحتمل أن ذلك من قبل المرعى والماء فتستقبله الماشية، فإذا شاركها في ذلك غيرها وارد عليها أصابه مثل ذلك الداء والقوم لجهلهم يسمونه عدوى وإنما هو فعل الله، وقال ابن الصلاح: وجه الجمع أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن الله سبحانه جعل مخالطة المريض للصحيح سببًا لاعدائه مرضه، ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب، وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة والأولى في الجمع أن يقال أن نفيه صلى الله عليه وسلم للعدوى باق على عمومه، وقد صح قوله:«لا يعدي شيء شيئًا» وقوله صلى الله عليه وسلم لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب حيث رد عليه بقوله: «فمن أعدى الأول» يعني أن الله سبحانه ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول، قال: وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع؛ لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداءً لا بالعدوى المنفية فيظن أن ذلك بسبب مخالطه فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسمًا للمادة. انتهى.
قوله: «إن كان الشؤم ففي ثلاث» يعني إن كان ما يكره ويخاف عاقبته، ففي هذه الثلاثة وتخصيصه بالمرأة والفرس والربع والدار؛ لأنه أبطل مذهب العرب في التطير بالروائح والبوارح من الطير والظبا ونحو ذلك، قال: فإن كان لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس لا يعجبه ارتباطها فليفارقها بأن ينقل عن الدار ويبيع الفرس ويطلق الزوجة، وكان محل هذا الكلام محل استثناء والشيء من غير جنسه وسبيله سبيل الخروج من كلام إلى غيره، وقد قيل: إن شؤم الدار ضيقها وسوء جارها، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها، وشؤم المرأة أن لا تلد. قوله:«العيافة» هي زجر الطير والتفاؤل بها كما كانت العرب تفعله عاف الطير يعيفه إذا زجره. قوله: «الطرق» هو الضرب بالعصا، وقيل هو الخط في الرمل كما يفعله المنجم لاستخراج الضمير