الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[33/58] باب ما جاء في فتح مكة هل عنوة أو صلحًا
5365 -
عن أبي هريرة أنه ذكر فتح مكة فقال: «أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالدًا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذوا بطن الوادي ورسول الله في كتيبة، قال: وقد وبشت قريش أوباشها، قالوا: نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سألنا. قال أبو هريرة: ففطن. فقال لي: يا أبا هريرة. قلت: لبيك يا رسول الله. قال: اهتف لي بالأنصار ولا يأتيني إلا أنصاري. فهتفت بهم فجاءوا فطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم. ثم قال بيده إحداهما على الأخرى: احصدوهم حصدًا حتى توافوني بالصفاء. قال أبو هريرة: فانطلقنا فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء إلا قتله، وما أحد يوجه إلينا شيئًا فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله! أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فأغلق الناس أبوابهم وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس وهو آخذ بسبة القوس، فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه فجعل يطعن به في عينه ويقول: جاء الحق وزهق الباطل. ثم أتى الصفا فعلا حيث ينظر إلى البيت فرفع يده يذكر الله بما شاء أن يذكره، ويدعوه والأنصار تحته، قال: يقول بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قرابته ورأفة لعشيرته.
قال أبو هريرة: وجاء الوحي وكان إذا جاء لم يخف علينا، فليس أحد من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي. فلما قضى الوحي رفع رأسه، ثم قال: يا معشر الأنصار! أقلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قرابته ورأفة في عشيرته؟ قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله. قال: فما اسمي إذن؟ كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم، فاقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن برسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم» رواه أحمد ومسلم (1) .
5360 -
وعن أم هاني قالت: «ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب فسلمت عليه، فقال: من هذه؟ فقالت: أنا أم هاني بنت أبي طالب. فقال: مرحبًا بأم هاني. فلما فرغ من غسله قام يصلي ثمان ركعات ملتحفًا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: يا رسول الله! زعم ابن أمي علي بن أبي طالب أنه قاتل رجلًا قد أجرته فلان بن هبيرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت يا أم هاني، قالت: وذلك ضحًا» متفق عليه (2)، وفي لفظ لأحمد (3) قالت:«لما كان يوم فتح مكة أجرت رجلين من إجرائي فأدخلتهما بيتًا وأغلقت عليهما، فجاء ابن أمي علي بن أبي طالب فنفلت عليهما بالسيف وذكرت حديث أمانهما» .
5361 -
وعن هشام بن عروة عن أبيه «لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
(1) أحمد (2/292، 538) ، مسلم (3/1405-1406)(1780) ، وهو عند ابن حبان (11/73-75)(4760) ، وابن أبي شيبة (7/397) ، والطيالسي (1/320) ، وأبي داود (2/163)(3024) مختصرًا.
(2)
البخاري (1/141، 3/1157، 5/2280)(350، 3000، 5806) ، مسلم (1/498)(336) ، أحمد (6/341، 342، 423، 425) ، وهو عند ابن حبان (3/460-461)(1188) ، والإمام مالك (1/152)(356) .
(3)
أحمد (6/343) .
الفتح فبلغ ذلك قريشًا خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقا يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتوا مر الظهران فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوهم وأتوا بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: احبسوا أبا سفيان عند حطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين. فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر على كتيبة كتيبة على أبي سفيان حتى أقبلت كتيبة لم يرى مثلها، قال: يا عباس! من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة ومعه الراية. فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان! اليوم يوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس! حبذا يوم الذمار. ثم جاءه كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام، فلما مر رسول الله على أبي سفيان، قال: أتعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ما قال؟ قال: كذا وكذا. فقال: كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون، قال عروة: أخبرني رافع بن جبير بن مطعم، قال: سمعت العباس يقول للزبير بن العوام: يا أبا عبد الله! هاهنا أمرك رسول الله أن تركز الراية؟ قال: نعم. قال: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من كدى، وقتل من خيل خالد يومئذ رجلان» رواه البخاري (1) .
5362 -
وعن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه» متفق عليه (2) .
(1) البخاري (4/1559)(4030) .
(2)
تقدم برقم (2980) .
5363 -
وعن سعد بن أبي وقاص قال: «لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وسماهم» رواه النسائي وأبو داود (1) وفي إسناده مقال.
5364 -
وعن أبي بن كعب قال: «لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون رجلاً ومن المهاجرين ستة فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كان لنا مثل هذا من المشركين لنربين عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم. فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمن الأسود والأبيض إلا فلانًا وفلانًا. ناسًا سماهم فأنزل الله عز وجل ((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)) [النحل:126] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نصبر ولا نعاقب» رواه عبد الله بن أحمد في المسند والترمذي (2) وقال: حسن غريب.
5365 -
قال في "المنتقى": وقد سبق (3) حديث أبي هريرة وأبي شريح اللذين فيهما: «وإنما أحلت لي ساعة من نهار» . وأكثر هذه الأحاديث تدل على أن الفتح عنوة.
5366 -
وعن عائشة قالت: «قلنا: يا رسول الله! ألا تبتني بيتًا بمنى
(1) النسائي (7/105-106) ، أبو داود (3/59)(2683) ، وهو عند الحاكم (2/62) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/330) ، وأبي يعلى (2/100)(757) .
(2)
عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/135) ، الترمذي (5/299)(3129) ، وهو عند النسائي في "الكبرى"(6/376) ، وابن حبان (2/239)(487) ، والطبراني في "الكبير"(3/143) ، والحاكم (2/391) .
(3)
تقدم حديث أبي هريرة برقمي (3102، 4786) ، وقد تقدم حديث أبي شريح (4787) .
يظلك؟ قال: لا، منى مناخ لمن سبق» رواه الخمسة إلا النسائي (1)، وقال الترمذي: حديث حسن.
5367 -
وعن علقمة بن نصلة قال: «توفي رسول الله وأبو بكر وعمر وما يدعوا رباع مكة إلا السوايب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن» رواه ابن ماجة (2) ورجاله ثقات.
قوله: «المجنبتين» بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون المشددة، قال في "مختصر النهاية": ومجنبة الجيش بكسر النون التي يكون في الميمنة والميسرة، وهما مجنبتان. قوله:«على الحسر» بضم الحاء المهملة وتشديد السين المهملة ثم راء جمع حاسر، وهو من لا سلاح له، وفي "مختصر النهاية": والحسر جمعه حاسر، وهو الذي لا درع عليه ولا مغفر. قوله:«وبشت قريش أوباشها» الأوباش بموحدة ومعجمة، قال في "مختصر النهاية": وبشت أوباشها أي: جمعت له جموعًا من قبائل شتى، وهم الأوباش والأوشاب، وقال في "القاموس": هم الأخلاط والسفلة. قوله: «أبيدت خضراء قريش» بالخاء المعجمة والضاد المعجمة بعدها راء، قال في "مختصر النهاية": خضراء قريش دهماهم وسوادهم. قوله: «سية القوس» هو ما عطف من طرفيها، وهي
(1) أبو داود (2/212)(2019) ، الترمذي (3/228)(881) ، ابن ماجه (2/1000)(3006، 3007) ، أحمد (6/187، 206) ، وهو عند أبي يعلى (8/16)(4519) ، والدارمي (2/100)(1937) ، والبيهقي (5/139) ، وابن خزيمة (4/284)(2891) .
(2)
ابن ماجه (2/1037)(3107) ، وهو عند البيهقي (6/35) ، والطبراني في "الكبير"(18/8)(7) ، والدارقطني (3/58) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/48) ، وابن أبي شيبة (3/331) ، وابن عدي في "الكامل"(7/246) .