الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأربعين فما دونها. قوله: «ما يسمعون بعير» العير بكسر المهملة أي بخبر عير وهي القافلة. قوله: «عيبة مكفوفة» أي أمرًا مطويًا في صدور سليمة، وهو إشارة إلى ترك المؤاخذة بما تقدم بينهم من أسباب الحرب وغيرها، والمحافظة على العهد الذي وقع بينهم. قوله:«وإنه لا إغلال ولا إسلال» أي لا سرقة ولا خيانة، يقال: أغل الرجل أي خان إما في الغنيمة فيقال: غل بغير ألف.
ولا إسلال من السلة، وهي السرقة، وقيل: من سل السيوف، والإغلال من لبس الدروع، والمراد: أن الناس آمنون هم وأموالهم سرًا وجهرًا. قوله: «وامتعضوا منه» بعين مهملة وضاد معجمة أي أنفوا وشق عليهم. قوله: «امتحنوهن» أي اختبروهن. قوله: «قريبة» بالقاف والموحدة مصغر وهي بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهي أخت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. قوله:«فلما أبى الكفار أن يقروا» إلخ. أي: أبو أن يعملوا بالحكم المذكور في الآية، وهو أن من ذهب من أزواج الكفار إلى المسلمين أعطوا زوجها المشرك ما أنفق عليها من صداق ونحوه، ولم ترد إلى المشركين، ومن ذهب من أزواج المسلمين إلى الكفار كذلك.
[33/63] باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهولًا
5400 -
عن ابن عمر قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر وقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض والزرع والنخل، فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله الصفراء والبيضاء والحلقة وهي السلاح، ويخرجون منها واشترط عليهم ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئًا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكًا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم حيي واسمه سعية ما فعل
مسك حيي الذي جاء به من النضير؟ فقال: أذهبته النفقات والحروب. فقال العهد قريب والمال أكثر من ذلك. وقد كان حيي قتل قبل ذلك فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية إلى الزبير فمسه بعذاب، فقال: رأيت حيي يطوف في خربة هاهنا فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا وأراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع وسني ما بدا لرسول الله، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال عبد الله: تطعموني السحت، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقًا من تمر كل عام، وعشرين وسقًا من شعير، فلما كان زمن عمر غشوا فألقوا ابن عمر من فوق بيت ففدعوا يده، فقال عمر بن الخطاب: من كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها بينهم فقسمها عمر بينهم.
فقال رئيسهم: لا تخرجنا، دعنا نكن فيها كما أقرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر. فقال عمر لرئيسهم: أتراه سقط علي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يومًا ثم يومًا وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية» رواه البخاري، هكذا عزاه إلى البخاري صاحب "المنتقى" وصاحب "جامع الأصول"، ولم أجد في البخاري إلا طرفًا من
هذا الحديث، قال في "فتح الباري": وقع للحميدي نسبة رواية حماد بن سلمة مطولة جدًا إلى البخاري، وكأنه نقل السياق من "مستخرج البرقاني" وذهل عن عزوه إليه، وقد نبه الإسماعيلي على أن حمادًا كان يطوله تارة ويرويه تارة مختصرًا.. انتهى. فما وقع من صاحب "جامع الأصول" وصاحب "المنتقى" من العزو إلى البخاري لعله متابعة للحميدي وأخرج هذا الحديث أبو داود مختصرًا (1) .
5395 -
وعن رجل من جهينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقاتلون قومًا فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم فتصالحوهم على صلح، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح» رواه أبو داود وابن ماجة (2) ، وفي إسناده مجهول لأنه من رواية رجل من ثقيف عن رجل من جهينة.
5396 -
وقد رواه أبو داود (3) من طريق خالد بن معدان عن جبير بن نفير فذكر نحوه.
قوله: «على أن تجلوا منها» بالجيم أي: ترحلوا عنها. قوله: «الحلقة» بفتح الحاء المهملة وسكون اللام هي السلاح كما فسرت في متن الحديث. قوله: «مسكا» بفتح الميم وسكون السين المهملة، والمسك الجلد. قوله:«لحيي» بضم الحاء المهملة تصغير حي، وأخطب بالخاء المعجمة، وسعية بفتح السين المهملة وسكون العين المهملة
(1) رواه ابن حبان (11/609)(5199) ، والبيهقي (9/137) ، وأبو داود (3/157)(3006) قريبًا من هذا اللفظ، وأخرجه البخاري في حديث معاملة النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر (2/824، 973، 3/1149)(2213، 2580، 2983) مختصرًا.
(2)
أبو داود (3/170)(3051) ، ومن طريقه البيهقي (9/204) .
(3)
أبو داود (3/86، 4/109)(2767، 4292) ، وابن ماجه (2/1369)(4089) ، وأحمد (4/91) ، وابن حبان (15/101)(6708) ، والحاكم (4/467) .