الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما استدلال الشيرازي على أنه لا يشمل الفعل بدليل: أن جمع أمر أوامر، إذا أردت القول وأمور إذا أردت الفعل. فليس بدليل، بل هذا التفريق إن صح لا يدل على أكثر من اختلاف الجمع، لا على أن أحدهما حقيقة والآخر مجازا.
هذا إن صح جمع أوامر في لغة العرب، فقد أنكره أهل العربية قاطبة والنحو وقرروا أنه لا يجمع فعل على فواعل، بل على فعول، جاء في تاج العروس:"ولا يعرف من وافقهم إلا الجوهري في قوله: أمره بكذا أمرا وجمعه أوامر، وأما الأزهري فإنه قال: الأمر ضد النهي واحد الأمور. وفي المحكم: لا يجمع الأمر إلا على أمور، ولم يذكر أحد من النحاة أن فعلا يجمع على فواعل، أو أن شيئا من الثلاثيات يجمع على فواعل".
ولما نقل هذا الجمع الفيومي إنما نقله عن أهل الأصول لا اللغة؛ لأن موضوع كتابه في غريب كتاب الرافعي وهو فقهي، وسبقه إلى هذا صاحب اللسان متفردا عن أهل العربية
(1)
.
المسألة الثالثة قاعدة: الأمر عند الإطلاق والتجرد عن القرينة للوجوب:
والأدلة على ذلك
(2)
:
1 -
{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12]، فلو كان الأمر لغير الوجوب لما وبخه وذمه.
2 -
{فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]. والوعيد والعذاب لا يكون إلا بترك الواجب، والمعصية، فدل أن مخالفة الأمر مخالفة للواجب، فالأمر للوجوب.
(1)
لسان العرب (4/ 27) تاج العروس (10/ 69) الفيومي (770)
(2)
البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 259) وما بعدها والنهاية للأرموي 3/ 857 وما بعدها.
3 -
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: 48]. فذمهم على عدم امتثال الأمر فدل على أنه للوجوب.
4 -
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ} [الأحزاب: 36]. والقضاء بمعنى الحكم وانتفاء التخيير، يدل على أن الأمر للوجوب من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم.
5 -
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24]، ووجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم فهم منه الوجوب، وكذا الصحابة لما في البخاري
(1)
أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أبا سعيد وهو في صلاته فلم يجبه فقال له: (ما منعك أن تستجيب وقد سمعت قول الله .. فذكر الآية).
6 -
قوله صلى الله عليه وسلم لبريرة لما اختارت فراق زوجها: (لو راجعتيه فإنه أبو أولادك) فقالت: أتأمرني بذلك يا رسول الله، فقال:(لا إنما أنا شافع)، فقالت: لا حاجة لي فيه). فنفيه صلى الله عليه وسلم يدل أن الأمر للوجوب، ويقرر بريرة على ما فهمته من أنه إذا أمرها فقد وجب الامتثال.
7 -
(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وهو ظاهر، والحديث متفق عليه، وقد تقدم تخريجه.
8 -
فعل الصحابة وتمسكهم بالأمر على الوجوب، وقد شاع وذاع بلا نكير ولا مخالف، كاستدلال أبي بكر رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة بقوله تعالى:{وَآتَوْا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وأخذ عمر رضي الله عنه للجزية من المجوس للحديث:(سنوا بهم سنة أهل الكتاب)
(2)
، وغسل الإناء سبعاً، والبدء بالصفا:(ابدأ بما بدأ الله)
(3)
وغيرها كثير لا يحصى.
(1)
البخاري في التفسير 5/ 146.
(2)
الحديث ضعفه الألباني في إرواء الغليل، برقم:(1248).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه، برقم:(1218).