الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالأول: عام يفيد قتل المرتد رجلا كان أو امرأة خاص في الردة.
والثاني: عام يفيد عدم قتل المرأة لا في ردة ولا حرب. خاص بالمرأة.
فتعارضا في قتل المرتدة، فعلى القاعدة نحمل عموم الأول على خصوص الثاني فيكون المعنى من بدل دينه فاقتلوه إلا المرأة، وعموم الثاني بخصوص الأول فيكون المعنى: نهى عن قتل النساء إلا المرتدة فتقتل، فلا يحصل الجمع.
وهنا يطلب الترجيح، والراجح: قتلها؛ لأن نهى عن قتل النساء، خص إجماعا بآية القصاص فلو قتلت أحد عمدا قتلت به فدل أن عموم الحديث غير مراد، بل هو خاص بنساء أهل الحرب، فلا يقتلن بدليل نصوص أخرى صريحة بذلك.
وقد أوصل بعضهم طرق الترجيح إلى ستين طريقاً وسأذكر أهمها:
إذ المرجحات لا حصر لها؛ لأن إذ كل ما أفاد زيادة ظن على الضبط فهو مرجح.
أولا: المرجحات من جهة الاسناد:
وسأذكر عشرة من أهمها:
1 -
سن الراوي: ومثاله احتجاج المالكية والشافعية على: أن الإفراد بالحج أفضل بحديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد بالحج حين أحرم"
(1)
.
(1)
أخرجه مسلم في الحج 8/ 216.
وأجيب بأنهما سواء في العمر أو بينهما تفاوت بعام لأن أنساً خدم النبي صلى الله عليه وسلم وعمره عشر سنوات عند قدومه إلى المدينة وقام بخدمته عشر سنوات إلى أن مات عليه الصلاة والسلام في السنة العاشرة بعد حجة الوداع فكان أنس في حجة الوداع في العشرين أو التاسعة عشرة، وأما ابن عمر فقد عرض يوم أحد وعمره 14 عاماً فاستصغره النبي صلى الله عليه وسلم وهي في السنة الثالثة فيكون عمره في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة 21 عاماً هذا حاصل جواب ابن حزم وغيره وابن التركماني في الجوهر النقي، وبه يرد ما جاء عن ابن عمر أن أنساً كان صغيراً إذ ذاك يدخل على النساء مكشفات الرؤوس.
فتقول الحنفية هذا معارض بحديث أنس: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعاً
(1)
، والجواب: أن ابن عمر كان في حجة الوداع كبيراً وكان أنس صغيراً والكبير أتقن وأضبط
(2)
.
2.
أن يكون أحدهما أعلم، وأفقه، وأتقن من الراوي الآخر:"فيقدم على من دونه؛ لأنه أعرف بما يُسمع"
(3)
، كتقديم حديث عائشة في الإفراد بالحج
(4)
، على حديث أنس أنه لبى بهما. لأنها أعلم وأفقه منه.
وكتقديم حديثها "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من غير احتلام ويصوم"
(5)
، على رواية أبي هريرة "من أصبح جنباً فلا صوم له"
(6)
، لـ "أن عائشة كانت أفقه من أبي هريرة"
(7)
.
3.
أن يكون أحدهما مباشراً للقصة، أو كانت القصة تتعلق به فيقدم، "لأن المباشر أقعد بما باشر، وأعرف وأثبت"
(8)
، ومن أمثلته: ترجيح خبر أبي رافع في تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهما حلالان على خبر ابن عباس
(9)
.
لأن أبا رافع، كان السفير بينهما
(10)
، وكذا حديث عائشة المتقدم في أنه صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً ويصوم على حديث أبي هريرة
(11)
.
(1)
أخرجه مسلم عن أنس 8/ 217
(2)
انظر مفتاح الوصول لابن التلمساني صـ 623 واللمع صـ 175
(3)
اللمع ص 176.
(4)
أخرجه مسلم 8/ 149.
(5)
مسلم في الصيام رقم 1109.
(6)
رواه أحمد في المسند 2/ 248.
(7)
البحر المحيط 4/ 7.
(8)
مفتاح الأصول ص 624.
(9)
أخرجه أحمد 6/ 329، وأبو داود رقم 1843، والترمذي 3/ 200، وغيرهما.
(10)
أخرجه البخاري 4/ 51 رقم 1837، مسلم 9/ 96.
(11)
انظر البحر المحيط، 4/ 448.
4.
أن يكون أحد الراويين صاحب الواقعة: كترجيح حديث ميمونة رضي الله عنها: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان"
(1)
على رواية ابن عباس المذكورة.
5.
الترجيح بأكثرية الصحبة والملازمة: لما يحصل معها من زيادة ظن عند الناظر؛ لأن كثرة الصحبة وطول الملازمة تفيد المعرفة بأحوال المصحوب؛ ولذلك قدمت رواية محمد بن جعفر غندر في شعبة لطول ملازمته (عشرين عاماً) كما جاء في ترجمته وقد قلت في هذا في منظومتي في قواعد الأسانيد:
وقدموا محمد بن جعفر
…
"فهو لدى الخلف بتقديم حر"
معتمد عند الجميع فيه
…
لعلل ذكرها بفيه
عشرين عاماً شعبة صحبت
…
وإن سمعت خبراً كتبت
6.
كثرة الرواة المخبرين: كترجيح حديث إيجاب الوضوء من مس الذكر
(2)
، على حديث طلق:(هل هو إلا بضعة منك)
(3)
.
وكترجيح أحاديث رفع اليدين في الصلاة، لبلوغها حد التواتر على رواية إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام ثم لا يعود"، هذا مع ضعفه ونكارة زيادة ثم لا يعود
(4)
. وأمثلته كثيرة.
(1)
أخرجه أبو داود في الناس برقم 1843 وهو صحيح.
(2)
أخرجه أحمد 6/ 406، وأبو داود 1/ 126، والترمذي 1/ 126، والنسائي 1/ 100، وابن ماجة 1/ 161، وغيرهم وهو صحيح.
(3)
أخرجه أحمد 4/ 22، وأبو داود 1/ 127، والترمذي 1/ 31، والنسائي 1/ 101، وابن ماجة 1/ 163.
(4)
وقد صنف فيها البخاري جزءاً خاصاً، وجمع أحاديثها كثير من العلماء كاين الملقن، وابن حجر، والزيلعي، وابن الجوزي وغيرهم وقد خرجت أكثرها في تعليقي على رسالة شيخنا العلامة محمد قطران في الضم والرفع والتأمين.
7.
اشتهار العدالة والضبط: لذلك قدمت رواية حسن العقيدة على المبتدع، وقدم العدل المختبر على مقابله، والعدل بالتزكية الصريحة على غيره، والعدل بالعمل بمروياته على ضده، والعدل بكثرة المزكين على نظيره، وقدم الأضبط بكثرة عدد، أو حفظ، أو كتاب أو قلة الشذوذ في مروياته
(1)
.
8.
القرب من النبي صلى الله عليه وسلم: ولذلك قدمت روايات أزواجه رضي الله عنهن على غيرهن فيما لا يطلع عليه غيرهن غالباً من شأنه صلى الله عليه وسلم. وقدمت رواية ابن عمر رضي الله عنهما في الإفراد على غيره؛ لأنه كان آخذاً بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
9.
عدم اختلاف الرواية عن الراوي: إذ الاختلاف دليل قلة الضبط وعكسه عكسه، ولذلك قدمت رواية من روى عدم الاستئناف في فريضة الإبل بعد مائة وعشرين على القاضية بالاستئناف.
ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإذا زادتْ على عشرينَ ومئةٍ ففي كلِّ خمسين حِقَّةٌ وفي كلِّ أربعينَ ابنةُ لبونٍ) أخرجه أبو داود 2/ 224 وغيره وله شواهد كحديث أنس في البخاري 3/ 317 وغيره. ورواه عمرو بن حزم، وعلي كرواية ابن عمر رضي الله عنهما وفي إحدى روايتيه خلافها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة)
(2)
. أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 125، وغيره وحسنه الحافظ في الدراية 1/ 151 وقال:"إلا أنه اختلف فيه على أبي اسحاق".
10.
أن يكون متأخر الإسلام، فيرجح على غيره؛ لأنه أقل احتمالاً للنسخ، ولذلك
(1)
انظر البحر المحيط 4/ 458 وما بعدها.
(2)
ومعنى استئناف الفريضة أن يعاد الحساب بعد مائة وعشرين فيما زاد من أول الفرائض ففي خمس إبل تزيد شاه وفي عشر شاتان وهكذا وهذا مذهب الحنفية خلافاً للأئمة الثلاثة: انظر بداية المجتهد 2/ 87.