الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم لصدق العلم بالنحو وغيره، فكل فقه علم، وليس كل علم فقهاً.
والعلم معرفة المعلوم، أي إدراك ما من شأنه أن يعلم على ما هو به في الواقع، كإدراك الإنسان بأنه حيوان ناطق.
[الشرح والإيضاح]
-
تعريف العلم:
قوله: "العلم معرفة المعلوم"، مسألة تعريف العلم وما يرد عليه مسألة طويلة الذيول، كثيرة العناء، قليلة الغناء، ولا يناسب أن نذكرها في هذا المختصر، ولكن نبين ما يتعلق ويليق بالمقام، ونجمل الكلام عليه في الآتي:
1 -
قوله في التعريف "معرفة" قلت: تقدم أن المعرفة تفترق مع العلم في أمور: كاختصاصها بالبسائط، والعلم بالمركبات، أو اختصاصها الجزئيات والعلم بالكليات أو أنها إدراك بعد جهل، أو آخر إدراكين بينهما عدم، بخلاف العلم في كل كما تقدم.
2 -
لماذا جعل المصنف المعرفة جنس العلم مع أنها تفارقه بما تقدم.
والجواب: أن المعرفة هنا هي: الإدراك، وهو:(وصول النفس إلى المعنى بتمامه من نسبة أو غيرها)
(1)
. وهذا هو السر في قول الشارح مفسراً كلام المصنف "العلم معرفة المعلوم"، أي: أدرك فتنبه.
3 -
أن قول المصنف "العلم معرفة المعلوم" يلزم منه الدور؛ لأن المعلوم لا يعرف إلا بعد معرفة العلم؛ لأنه مشتق منه والعلم لا يعرف إلا بالمعلوم،
(1)
شرح ابن إمام الكاملية. ص 99
وهذا دور وهو ممنوع في التعاريف والحدود.
وهو كقول الشاعر:
مسألة الدور جرت بيني وبين من أحب **** لولا مشيبي ما جفا لولا جفاه لم أشب
والجواب: أشار إليه الشارح بقوله: "أي أدرك ما من شأنه أن يعلم"، وبيان ذلك أن الحد هو: القول الشارح المبين لما أجمل في المحدود، وهو هو.
لكن بطريق أوضح وأبسط فكلمة "الواجب" مثلاً مجملة، وبيانها بالقول الشارح "ما يذم تاركه ويمدح فاعله"، فهذه الكلمات التفصيلية تجمعها كلمة واحدة هي الواجب، وهكذا يقال في الإنسان وفي جميع المحدودات.
وما نحن فيه كذلك؛ إذ أنّ (العلم) كلمة مجملة فصلت في القول الشارح: "معرفة المعلوم على ما هو عليه"، وبذا تزداد بصيرتنا به، فالحد: هو المحدود بعبارات رافعة للإبهام دافعة للإشتراك فلا دور.
وإنما يقع الدور إذا وقع الجهل بعبارات القول الشارح التي هي مشتقة من المحدود، مع عدم إيضاحها كقولنا: العلم "معرفة المعلوم" ونحن لا نعرف المعلومات.
أما إذا عرفنا المعلومات عرفنا أن طريقها التي أدركناها بها هي العلم فيكون العلم هو: إدراك المعلوم على ما هو عليه.
وللإمام القرافي هنا كلام نفيس في نفائس الأصول يُرجع إليه هناك، ولم نورده لطوله. وقد استوفيت المقام وتحقيقه في شرحنا على إرشاد الفحول (سبيل الوصول الى إرشاد الفحول) يسر الله إتمامه.