الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة: قوله: "لاحتماله لهما من حيث أنه خبر
"
هو ما عبر عنه جماعة من الأصوليين بقولهم لذاته وذلك ليخرج:
أ- الخبر عن الواجب، فلا يقع إلا صدقاً، وقد يعلم صدقه ضرورة: كعلمنا بأن الجزء أصغر من الكل، وقد يعلم صدقه بالدليل: كثبوت الصانع، واتصافه بصفاته اللائقة بجلاله وكماله
(1)
.
ب- وليخرج الخبر عن المحال، فلا يكون إلا كذباً بالضرورة؛ لاجتماع الضدين أو انخراق العادات المستمرة، أو بالدليل نحو الخبر عن ثبوت حادث بلا محدث له
(2)
.
ج- أما الخبر عن الجائزات، فنحو الخبر عن وجود ما يصح وجوده وعدمه، وهو منقسم إلى: ما يدرك صدقه ضرورة وهو الخبر المتواتر، أو لا يدرك صدقه قطعاً وهو الآحاد.
وقوله: "لاحتمال" كالاستدراك على الأصل، حيث قال: ما يدخله؛ لأن الدخول يكون قطعياً، والقطع إنما يستفاد من خارج أما الخبر من حيث هو خبر فهو محتمل للصدق والكذب مجرد احتمال غير مقطوع به.
فإذا قطع بالصدق أو بالكذب فلأمور خارجة عنه: كخصوصية القائل في خبر الله ورسوله، وخصوصية الطرفين في نحو اجتماع الضدين
(3)
.
الخامسة: مورد الصدق والكذب في الخبر
(4)
.
إنما هو النسبة المرادة منه لا ما تضمنه، فإذا قيل: زيد بن بكر قائم كان المراد إثبات
(1)
انظر التلخيص 1/ 265.
(2)
نفس المصدر.
(3)
انظر شرح ابن قاسم 2/ 385.
(4)
الغيث الهامع 2/ 476.
القيام لزيد فحسب، ولا يستفاد منه ضمناً إثبات البنوة.
وهذه المسألة هي الأصل، إلا في حالة ما إذا أريد من المتكلم قصد هذا الأمر الضمني، فيكون له قصدان: قصد في الأصل وقصد بالطبع؛ فعندئذ يعمل بهذا وهذا، ومنه الحديث المرفوع في صحيح البخاري:(يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله. فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد)
(1)
.
وكذلك استدل الشافعي وغيره على صحة أنكحة الكفار بقوله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 9]، وقوله تعالى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1]
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه برقم (4581)، ومسلم في صحيحه برقم:(183)، وهذا ما أورده ابن العراقي إشكالاً على القاعدة والقيد الذي ذكرته في الاستثناء بقولي إلا في حالة- يرفعه.