الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاشرة: دلالة النكرة في سياق النفي على العموم
.
أولا: وهي من حيث دلالتها على العموم، قسمان: قسم يكون نصاً، وصورته ما إذا بنيت فيه النكرة على الفتح لتركبها مع لا، نحو: لا إله إلا الله
(1)
وله صورة أخرى، وهي: زيادة من على النكرة، نحو قوله تعالى:{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 105]، وما في الدار من رجل.
ومن صوره كذلك
(2)
" إن كانت النكرة صادقة على القليل والكثير كشيء، أو ملازمة للنفي كديار، وعريب ونحو أحد، إذا لم تقدر همزته بدلاً من واو
(3)
".
وما عدا هذه الصور تفيد العموم من باب الظهور لا النص، نحو:"ما في الدار رجل" وأفادت هذه العموم مذهب سيبويه
(4)
.
ثانياً: إذا وقعت النكرة في سياق الشرط كانت للعموم أيضاً، صرح به في البرهان وارتضاه الأبياري في شرحه، واقتضاه كلام الآمدي وابن الحاجب في مسألة لا آكل
(5)
.
ثالثاً: تقدم أن النفي كالنهي فيما تقدم، وخالف بعضهم في أنها في سياق النفي ليست للعموم، وهو مخصوم بقوله تعالى:{قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: 91]. رداً على من قال: {مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 91]؛ لأنه لو لم يكن عاماً لما حصل به الرد
(6)
(1)
شرح ابن قاسم الكبير 2/ 603 وشرح الأسنوي على المنهاج 2/ 398 وشرح الجلال على الجمع مع البناني 1/ 405.
(2)
شرح المنهاج للأسنوي مع البدخشي 2/ 403.
(3)
شرح ابن قاسم الكبير 2/ 111.
(4)
شرح المنهاج للأسنوي مع البدخشي 2/ 403.
(5)
مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (3/ 141).
(6)
شرح الكوكب المنير 3/ 136 - 137.
ومن أوضح الأدلة على المسألة، كلمة التوحيد:(لا إله إلا الله)، "فلو لم يكن صدر الكلام نفياً لكل معبود بحق لما كان إثبات الواحد الحق تعالى توحيداً "
(1)
.
رابعا: هل تفيد النكرة في سياق النفي العموم وضعاً أم لزوماً؟
(2)
بمعنى: هل إفادتها للعموم على كل فرد مطابقةً بالوضع العربي؟ أم أنها تفيد استغراق الماهية الجنسية مطابقةً وأفرادها على طريق التضمن واللزوم؟ كونهم يدخلون تحت مسمى الماهية.
- الأول: مذهب الشافعي، وأحمد، ومالك، والجمهور، وحققه القرافي رحمه الله تعالى.
- والثاني: منسوب إلى أبي حنيفة والسبكي تقي الدين والد تاج الدين، وتظهر ثمرة الخلاف في التخصيص بالنية، فيجوز على مذهب الشافعي وغيره لا على مذهب أبي حنيفة في مسألة: والله لا آكل، فالشافعي يقول الحذف للمفاعيل يعم، وهو مذهب الجمهور المالكية، والحنابلة، وأبي يوسف من الحنفية وغيرهم.
والمسألة مفروضة في نحو: والله لا آكل وإن أكلت فأنت طالق. فيحنث بأي أكل، وتطلق بأي أكل كذلك، وهذا متفق عليه بين الفريقين.
وإنما اختلفوا في التخصيص بالنية لا التخصيص باللفظ فلا خلاف بينهم، فأبو حنيفة يقول: لا تخصيص بالنية، وحجته أنه ليس بملفوظ ولا في حكم الملفوظ والعموم، إنما هو من عوارض الألفاظ، وإنما استفدنا حنثه بعموم الأكل، وكذا طلاقها
(1)
التلويح على التوضيح للسعد 1/ 98.
(2)
راجع نهاية الوصول للأرموي الهندي 4/ 1376 والآمدي 2/ 251 نهاية السول 2/ 73 وشرح الكوكب المنير 3/ 204 والمستصفى 2/ 62 تيسير التحرير 1/ 247 - الإبهاج 2/ 117 وغيرها، كرفع الحاجب والغاية لابن الإمام القاسم 2/ 23.
بالعموم العقلي لا بالعموم اللفظي، واحتج كذلك أن النفي إنما هو للماهية لا للأفراد بمعنى أنها للقدر المشترك ولا يدخله تخصيص.
وأدلة الجمهور:
أنه لو قال: إن أكلت أكلاً فأنت طالق، أو قال: والله لا آكل أكلاً، ونوى مأكولاً بعينه فإنه لا يحنث بغيره إجماعاً.
فكذا لو قال إن أكلت فأنت طالق، أو قال: والله لا آكل؛ لأن الأول إنما قبل فيه التخصيص عنده؛ لوجود المصدر الذي يتناول القليل والكثير، وهو موجود في الفعل ضمناً ضرورة أنه مشتق منه والمضمر كالملفوظ، بدليل أنه لو قال لامرأته: طلقي نفسك ونوى ثلاثاً فإنه تقع نيته إجماعاً"
(1)
.
قوله: لا رجل في الدار
(2)
ومن الأمثلة من القرآن: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23 - 24]. وقوله: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ} [طه: 81]. وقوله: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء: 32]. وقوله: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ} [الأنعام: 51]. وقوله: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} . [البقرة: 188]. والأفعال تنحل مصدراً، أي: لا طغيان لا قتل لا زنا لا أكل
…
الخ.
" لأن نفي الفعل نفي لمصدره"
(3)
.
(1)
المراجع السابقة.
(2)
شرح الكوكب المنير 3/ 137.
(3)
نثر الورود للشنقيطي 1/ 256.