الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: الراجح عدم صلاحيته في الشواهد، إذ هذا الجرح المفسر يثير الريبة من صحة مجيء الحديث عنه؛ لأنه قد يكون مما سرقه، ولكن له شواهد صحيحة من حديث أبي هريرة، وعائشة، وأبي أمامة وغيرهم رضي الله عنهم:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن" فتشهد للمرسل ويصح. والله أعلم.
ب. أن يجيء مرسل آخر صالح في الشواهد والمتابعات ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذين قبل عنهم، فإن وجد ذلك كانت دلالة يقوى له مرسله، مثاله: مرسل أبي سعيد المهري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتخذوا بيتي عيداً، ولا بيوتكم قبوراً وصلوا حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)
(1)
.
وقد قواه شيخ الإسلام لمجيء مرسل آخر من وجه غير الأول عن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب
(2)
.
ج. تقوية المرسل بالموقوف عن الصحابي: وهي مع كونها معتبرة عند أهل العلم إلا أنها ليست في القوة كالأولى
(3)
.
د. أن يفتي أكثر أهل العلم بما يقتضيه المرسل: فهذا فيه تقوية له، إذ لا يكون هذا إلا دالاً على ثبوت أصله ولكنه أضعف من السابق
(4)
.
السادسة: مراسيل سعيد ابن المسيب عند الشافعي
.
القول الأول: قول الخطيب والبيهقي في عدم الفرق بين مراسيل سعيد وغيره عند الشافعي، والنووي رجح ترجيح الخطيب والبيهقي
(5)
.
(1)
الرسالة ص 462.
(2)
انظر اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 656.
(3)
انظر الرسالة ص 462.
(4)
انظر جامع التحصيل ص 39.
(5)
المجموع شرح المهذب (1/ 60).
وأما القول الثاني: فيفرق بين مرسل سعيد فيعتمده وبين غيره فلا، وهو الذي ذكره المؤلف هنا وكذلك نقله الخطيب والبيهقي، وإن كانا لم يرجحاه فقد رجحه غير واحد كالقفال، واستدل بنص الشافعي في الأم، وأراد النووي أن يتعقبه فحمل كلام الشافعي الصريح على ما تقدم من التفصيل؛ وهذا قول للشافعي منصوص في الرسالة.
وقال النووي وأما قول القفال: قال الشافعي في الرهن الصغير: مرسل سعيد عندنا حجة، فهو محمول على التفصيل الذي قدمناه عن البيهقي والخطيب والمحققين.
ثم نقل العمل به عن إبي حنيفة ومالك في المشهور عنه وأحمد وكثيرين من الفقهاء أو أكثرهم يحتج به ونقله الغزالي عن الجماهير: وقال أبو عمر بن عبد البر وغيره ولا خلاف أنه لا يجوز العمل به إذا كان مرسله غير متحرز يرسل عن غير الثقات
(1)
.
قال في الحاوي:
ومذهب الشافعي في الجديد: أنه مرسل سعيد وغيره ليس بحجة، وإنما قال مرسل سعيد عندنا حسن لهذه الأمور التي وصفنا استئناسا بإرساله ثم اعتمادا على ما قاربه من الدليل، فيصير المرسل حينئذ مع ما قاربه حجة
(2)
قلت: والذي في الرهن الصغير:
قال: أي المناظر فكيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا، ولم تقبلوه عن غيره؟ قلنا: لا نحفظ أن ابن المسيب روى منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده، ولا آثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا ثقة معروف، فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه، ورأينا غيره يسمي المجهول ويسمي من يرغب عن الرواية عنه ويرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن بعض من لم يلحق من أصحابه المستنكر، الذي لا يوجد له شيء يسدده، ففرقنا بينهم لافتراق أحاديثهم ولم نحاب أحدا، ولكنا قلنا في ذلك بالدلالة البينة على ما وصفنا
(1)
المجموع شرح المهذب (1/ 60).
(2)
الحاوي الكبير (5/ 158).
من صحة روايته، وقد أخبرني غير واحد من أهل العلم عن يحيى بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث ابن أبي ذئب ا. هـ.
(1)
فتأمل كلام الشافعي هنا فهو واضح جدا في القول الآخر، وهذا هو سبب القولين، والله أعلم.
والنووي لو رجح بناء على تتبعه لكان كلامه هو الفصل، لكنه هنا قلد فقط قول الخطيب والبيهقي وأثنى عليهما، وهذا الترجيح مع جلالته لا يرتقي إلى الترجيح الذي يكون عن تتبعه هو؛ لذلك اختار إمام الحرمين قول الاحتجاج في جماعة، واختار النووي التفصيل تبعا للخطيب والبيهقي. هذا ما ظهر للعبد الفقير في هذا المقام والله أعلم.
والعنعنة: بأن يقال حدثنا
…
الخ.
شرط كون الحديث المعنعن في حكم المسند: ألا يكون الراوي الذي يعنعن مدلساً، وإلا فلا يحكم له بالاتصال.
أما صيغ التحديث فذكر منها المؤلف: حدثني وأخبرني، وتستعمل إذا سمع الطالب من الشيخ، أما إذا قرأ على الشيخ، فيقول: أخبرني فقط، وقيل بالجواز، أما الإجازة فيصرح فيها بقوله حدثي إجازة.
(1)
الأم للشافعي (3/ 192) وراجع المجموع شرح المهذب (11/ 207)