الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو رؤيته، أو ملمسه ككون يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألين من الحرير أو شمه ككون المسك رائحته طيبة، فهذه الأمور تفيد التواتر، أما ما رجع إلى النظر الفكري، نحو استنباطات الفلاسفة والمتكلمين فلا مدخل لها في التواتر.
3 - أما شروطه التي ترجع إلى المتلقي:
فهي أن يكون من أهل العلم إذ يستحيل حصول العلم من مجنون، أو غير عاقل؛ أو عامي فيما تواتر من الأحاديث.
ومنها أن يكون السامع منفكاً عن اعتقاد ما يخالف الخبر؛ لشبهة دليل أو تقليد إمام ذكره الشريف المرتضى وتبعه البيضاوي، وهو مردود بأن النقل المتواتر إذا وصل إلى السامع أفاده العلم بالتولد لا بالعادة.
بمعنى أنه بمجرد وصوله إليه يهجم عليه العلم ضرورة، فيكون منكره مكابراً لعدم استطاعته دفع ما أفاده التواتر، أو يكون عامياً بالتواتر في نحو حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذ هو لا يدرك حقيقة اجتماع الجم الكثير عليه لأنه من خصيصة أهل العلم.
الفرق بين نقل الكتاب والسنة والاحكام الشرعية ونقل غيرها والتنبيه على خطأ يقع فيه من لم يحقق الأمر
.
واعلم أن التواتر في غير نقل الكتاب والسنة والأحكام الشرعية لا يشترط فيه عدالة الناقلين، بل يجوز ولو كفاراً أو فسقة، لذلك يحصل العلم اليقيني بما يتواتر عن الكفار المخبرين بموت ملكهم مثلاً، وكذلك ما تواتر من وجود قارات وبلاد لم نرها وإنما أتانا الخبر من طريقهم.
أما التواتر في نقل الحديث الشريف أو الفتاوى والأحكام الشرعية فيشترط الإسلام والعدالة، ولذلك لا يحكم بتواتر حديث حتى نفتش في طبقاته ورجاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان حديثا، فإذا نقله أهل العدالة والضبط التام، أو من دونهم حتى
لو كان فيه ضعف يسير يصلح معه في المتابعات والشواهد صح اعتباره في عدد التواتر، أما أحاديث الوضاعين والمتروكين وأضرابهم فلا يعتد بها أصلاً؛ لأنها ليست من الشريعة من هذا الوجه، ولو ثبت كونها من طرق أخرى إلا أن هذا الوجه فيه كذاب أو وضاع، والغالب عليهم سرقة الأحاديث ووضع الأسانيد تكثراً وتصنعاً؛ فلا يعتد به البتة؛ وقد يغتر البعض بمجيئه من هذه الطريق التي فيها كذاب أو متروك فيجعلها ثابتة لثبوت أصلها، ويجعل الأصل الصحيح المروي من طريق أخرى شاهداً على صدق الكذاب ولو في هذا الموضع فقط.
وهذا غلط فاحش إذ الكذاب والمتروك سبيله وضع الأسانيد، أو سرقتها وصناعتها التي لا وجود لها من طريقه البتة، وإنما نبهنا على هذا الموضع؛ لأن بعضهم غلط فحمل كلام الأصوليين القائلين بعدم اشتراط العدالة على غير محمله، وإنما مرادهم أن هذا الشرط موجود في المتواتر من حيث هو في الأصل لا أنهم يقصدون تواتر الكتاب والسنة والأحكام، والدليل على هذا أنهم اشترطوا العدالة في أهل الإجماع معللين أنه حكم شرعي فيجب في ناقله العدالة، بخلاف التواتر كما ذكره في البحر المحيط، وهي إشارة إلى ما عرفناك من فقه هذه المسألة فقولهم حكم شرعي بخلاف التواتر يدل على شيئين:
1 -
أن كل حكم شرعي يشترط في نقله العدالة.
2 -
أن التواتر المقصود هنا الذي لا يشترط فيه العدالة ما ليس من الأحكام الشرعية، أما التواتر في نقل الآثار والأحكام فهو من الشريعة فيشترط ذلك. والله أعلم.
والآحاد: وهو مقابل المتواتر، هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم؛ لاحتمال الخطأ فيه.
وينقسم إلى قسمين: مرسل ومسند.
فالمسند: ما اتصل إسناده بأن صرح برواته كلهم.
والمرسل: ما لم يتصل إسناده بأن أسقط بعض رواته.
فإن كان من مراسيل غير الصحابة رضي الله عنهم فليس بحجة؛ لاحتمال أن يكون الساقط مجروحاً، إلا مراسيل سعيد بن المسيب من التابعين أسقط الصحابي وعزاها للنبي صلى الله عليه وسلم فهي حجة، فإنها فتشت أي فتش عنها فوجدت مسانيد أي رواها له الصحابي الذي أسقطه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في الغالب صهره أبو زوجته أبو هريرة رضي الله عنه.
أما مراسيل الصحابة بأن يروي صحابي عن صحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسقط الثاني، فحجة لأن الصحابة كلهم عدول.
والعنعنة بأن يقال حدثنا فلان عن فلان إلى آخره، تدخل على الإسناد، أي على حكمه فيكون الحديث المروي بها في حكم المسند، لا المرسل لاتصال سنده في الظاهر.
وإذا قرأ الشيخ وغيره يسمعه يجوز للراوي أن يقول حدثني وأخبرني.
وإن قرأ هو على الشيخ، يقول أخبرني ولا يقول حدثني؛ لأنه لم يحدثه. ومنهم من أجاز حدثني، وعليه عرف أهل الحديث لأن القصد الإعلام بالرواية عن الشيخ.
وإن أجازه الشيخ من غير قراءة، فيقول أجازني أو أخبرني إجازة.