الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لإمامه بأصوله.
ولا يعري عن شوب تقليد له؛ لإخلاله ببعض أدوات المستقل بأن يخل بالحديث أو العربية.
ج. فقيه النفس حافظ لمذهب إمامه، عارف بأدلته، قائم بتقريره، يصور ويقرر ويحرر، ويمهد ويزيف ويرجح، لكنه ليس كأهل المرتبة السابقة في حفظ المذهب والارتياض في الاستنباط، أو معرفة الأصول ونحوها من أدواتهم.
د. حافظ المذهب ناقل له، فاهم لواضحاته ومشكلاته، لكن عنده ضعف في تقرير أدلته وتحرير أقيسته، فهذا يعتمد في نقله وفتواه بالمذهب، وكل صنف منها يشترط فيه حفظ المذهب وفقه النفس، فمن تصدى للفتيا وليس بهذه الصفة فقد باء بأمر عظيم. هذا كلام النووي وحاصله.
واعلم أنه لا يخلو عصر من مجتهد
.
وما قاله الغزالي من خلو العصر عن المجتهد المستقل رده العلماء وزيفوه، ونقل الاتفاق بل بالغ البعض فادعى الاتفاق، وقد تعجب الزركشي من نقل الإجماع؛ لأن المسألة خلافية، وقد خالف في ذلك الحنابلة وبعض أئمة الشافعية.
وبه جزم الأستاذ أبو إسحاق، والزبيري، ونقل الاتفاق عجيب، والمسألة خلافية بيننا وبين الحنابلة، وساعدهم بعض أئمتنا فقالوا: لا يجوز خلو العصر عن مجتهد، وبه جزم الأستاذ أبو إسحاق، والزبيري، ونسبه أبو إسحاق إلى الفقهاء، قال ومعناه: أن الله تعالى لو أخلى زمانا من قائم بحجة زال التكليف.
(1)
(1)
انظر البحر المحيط في أصول الفقه (8/ 241) قال الزركشي:
وأما قول الغزالي: وقد خلا العصر عن المجتهد المستقل فقد سبقه إليه القفال شيخ الخراسانيين، فقيل: المراد مجتهد قائم بالقضاء، فإن المحققين من العلماء كانوا يرغبون عنه، ولا يلي في زمانهم غالبا إلا من هو دون ذلك وكيف يمكن القضاء على الأعصار بخلوها عن مجتهد والقفال نفسه كان يقول للسائل في مسألة الصبرة: تسأل عن مذهب الشافعي أم ما عندي؟ وقال، هو والشيخ أبو علي والقاضي الحسين: لسنا مقلدين للشافعي، بل وافق رأينا رأيه فماذا كلام من يدعي رتبة الاجتهاد ولم يختلف اثنان أن بن عبد السلام بلغ رتبة الاجتهاد وكذلك ابن دقيق العيد، وانظر الإمام أبو العباس ابن سريج المتوفي سنة 306 هـ وآراؤه الأصولية (ص: 190) فواتح الرحموت بهامش المستصفى 2/ 362 ط الأميرية - بولاق إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (2/ 215) وكما رد هذه الدعوى الزركشي وكثير من العلماء وقد أطال الشوكاني الجواب على ذلك وألف السيوطي رسالة في الرد والصنعاني: قال الشوكاني: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (2/ 215)
ومن حصر فضل الله على بعض خلقه، وقصر فهم هذه الشريعة المطهرة على من تقدم عصره، فقد تجرأ على الله عز وجل، ثم على شريعته الموضوعة لكل عباده، ثم على عباده الذين تعبدهم الله بالكتاب والسنة.
ويا لله العجب من مقالات هي جهالات، وضلالات، فإن هذه المقالة تستلزم رفع التعبد بالكتاب والسنة، وأنه لم يبق إلا تقليد الرجال، الذين هم متعبدون بالكتاب والسنة، كتعبد من جاء بعدهم على حد سواء، فإن كان التعبد بالكتاب والسنة مختصا بمن كانوا في العصور السابقة، ولم يبق لهؤلاء إلا التقليد لمن تقدمهم، ولا يتمكنون من معرفة أحكام الله، من كتاب الله وسنة رسوله، فما الدليل على هذه التفرقة الباطلة، والمقالة الزائفة، وهل النسخ إلا هذا {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16].
والحاصل أن من ادعى خلو عصره عن مجتهد أو اقفال باب الاجتهاد؛ وهو بذل الوسع في الاستنباط من الكتاب والسنة يلزمه أن التعبد بالكتاب والسنة قد انقطع، ولم يبق سوى التعبد بأقوال الخلق وفهومهم.
ومن قال قد انقطع الاجتهاد: إن كان هو مقلدا فقوله باطل حتى يأتي بقول مجتهد قال بهذا،
وإن كان هو مجتهدا فقد نقض نفسه؛ لأنه قال هذا بالاجتهاد وهذا أيضا مخالف لأقوال الأئمة في عدم تقليدهم والأخذ من حيث أخذوا.
أما الحذلقة في تأويل صريح كلامهم فهو هوى أو تعصب أو تقليد.
أما تقسيم المجتهدين إلى: مستقل وهو متعذر وإلى مطلق ومقيد، فهي نفحة من نفحات التقليد وأثر من آثاره، كيف والنووي بيّن أن المستقل غير متعذر كما تقدم النقل عنه، ومن قال إن المستقل من له أصول مستقلة عن الغير فقد كذب، وراجع ما نقلناه عن النووي قبل قليل.
فالأصول واحدة، هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، أما ما فيها اختلاف من عمل أهل المدينة، وإجماع أهل الكوفة، وفتوى الصحابي، والمصحلة المرسلة، والعرف، والاستحسان، فلا تلزم مطلقا ولا ترد مطلقا.
وأما دلالات الألفاظ فمرجعها العربية، ومعرفة الصحيح والضعيف فمرجعها كتب الحديث، أما منهجية التعارض أو تقديم بعض الأدلة على بعض فأغلبه متفق عليه، والمختلف فيه ينظر في ترجيح بعضه على بعض.
وأما كون مذهب معين له أصل مستقل فلا تجد هذا إلا فيما يمكن الاختلاف عليه، أما الأصول المتفق عليها فهي معلومة، وعليها مدار الاجتهاد.
والشروط التي لا تلزم للاجتهاد لم يقل أحد من الناس أنه يشترط اتباع أصل مختلف فيه، بل هي علمه بالكتاب والسنة والأصول واللغة وعلم الحديث ومواطن الإجماع، هذه هي أصول الاجتهاد المستقل.
أما قولهم إن أي مجتهد لا يمكنه أن يأتي بقول جديد في المسألة بل يرجح، وهذا ليس اجتهادا مستقلا؛ فجوابه: أن أبا حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد كلهم سبقوا بمسائل الفقه من الطبقات التي قبلهم الى الصحابة، فقد يوافق أحد الأ ئمة ما تقدم وقد يخالفه، وليس معنى هذا أنه مجتهد غير مستقل بل المسألة لا تحتمل سوى هذه الأقوال.
فتقسيم المجتهدين إلى: مستقلين، ومطلقين، ومقيدين؛ اصطلاح تقليدي مذهبي فقط، أما الشروط المطلوبة للمجتهد المستقل فأجمع عليها أهل الأصول والفقهاء في باب الاجتهاد، فدع عنك تضيق ما وسعه الله على خلقه، فإن كنت لا ترى نفسك أهلاً لهذه المنازل فالزم التقليد؛ لأنك عامي بلا خلاف كما تقدم نقل الإجماع عن النووي، ولا تحاول دفع رحمة الله التي يفتحها على من يشاء من خلقه:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2].