الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة: إطلاقات النسخ عند السلف من الصحابة والتابعين:
يطلق النسخ عند السلف من الصحابة والتابعين على التخصيص والتقييد، وسببه" أن المطلق متروك الظاهر مع مقيده، فلا إعمال له في إطلاقه بل المعمل هو المقيد، فكأن المطلق لم يفد مع مقيده شيئاً، فصار مثل الناسخ والمنسوخ وكذلك العام مع الخاص"
(1)
.
ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا} . [الشورى: 20]. إنها منسوخة بقوله تعالى في الإسراء: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: 18]. فسماه نسخاً وهو تقييد
(2)
، وهذا منقول عنه وعن جماعات غيره من التابعين
(3)
.
ومن العام قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} . [النور: 31]. قال ابن عباس رضي الله عنه منسوخ بقوله: {وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ} [النور: 60]، "وليس بنسخ إنما هو تخصيص لما تقدم من العموم"
(4)
.
المسألة الخامسة: حكمة النسخ
.
النسخ وقع معظمه بالمدينة لما اقتضته الحكمة الإلهية في تمهيد الأحكام، فكان فيه تأسيس أولاً للقريب العهد بالإسلام، واستئلاف لهم، حتى أكمل الدين واستقرت الشريعة؛ لأن القلوب إذا واجهتها بما تنكر دفعة واحدة ردتها جملة واحدة.
وفيه تعليم لفقه الداعية والعالم والمتعلم، حيث يأخذ الناس بما يفقهون بالتدرج، فيبدأ بالمنكر الأكبر، ثم الذي يليه وهكذا حتى يحصل كمال التبليغ للشريعة المطهرة. والله أعلم.
(1)
الموافقات 3/ 344.
(2)
نفس المصدر 3/ 345.
(3)
راجع المصدر السابق 3/ 346 وما بعدها.
(4)
نفس المصدر 3/ 354.
1_
ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم، نحو:(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة). قال عمر رضي الله عنه: (فإنَّا قد قرأناها) رواه الشافعي وغيره.
(وقد رجم صلى الله عليه وسلم المحصنين) متفق عليه. وهما المراد بالشيخ والشيخة.
2_
ونسخ الحكم وبقاء الرسم نحو: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ) نسخ بآية: (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).
3_
ونسخ الأمرين معاً نحو حديث مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس معلومات يحرمن).
وينقسم النسخ إلى بدل وإلى غير بدل:
الأول: كما في نسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة وسيأتي.
والثاني: كما في نسخ قوله تعالى: (إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً).
_ وإلى ما هو أغلظ كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية إلى تعيين، قال الله تعالى:(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) إلى قوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
_ وإلى ما هو أخف كنسخ قوله تعالى: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) بقوله تعالى: (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ).