الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأحكام المرادة فيما ذكر سبعة: الواجب، والمندوب، والمباح، والمحظور، والمكروه، والصحيح، والباطل.
فالفقه العلم بالواجب والمندوب إلى آخر السبعة، أي: بأن هذا الفعل واجب وهذا مندوب وهذا مباح وهكذا إلى آخر جزيئات السبعة.
[الشرح والإيضاح]
المسألة الأولى: قوله: "والأحكام سبعة، الواجب، والمندوب، والمباح، والمحضور، والمكروه
"
شرح كلامه وبيان الفرق بين الإيجاب والوجوب ونحوه وتحقيق المقام:
اعلم أن الأصوليين لهم ثلاث إطلاقات على الخمسة المذكورة، فيعبرون عن الأول تارة بالإيجاب، وتارة بالوجوب، وكذلك الباقي كما سنرى وقد تتبعت كلامهم المتناثر ولخصته هنا تلخيصاً تفهم به المسألة فهماً دقيقاً بإذن الله فأقول:
علة ذلك أن الحكم الشرعي ينظر فيه من ثلاث جهات:
الأولى: من جهة كونه خطاب الله تعالى، فيعبر عن الخمسة من هذه الجهة بالإيجاب، والندب، والإباحة، والحضر أو التحريم، والكراهة: فيقال هذا خطاب إيجاب، وهذا خطاب تحريم، وقس على ذلك.
ولذلك يقال لا إيجاب إلا لله، ولا تحريم إلا له، ولا حكم إلا له، وهو معنى قوله تعالى:{إِنْ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلَّهِ} [يوسف: 40]. أي: لا تحليل ولا تحريم ولا إيجاب إلا لله، ولا يقال لا واجب إلا لله أو لا وجوب إلا لله.
ولكن يقال لا فعلَ واجبٌ إلا بإيجاب الله، ويقال لا وجوب على مكلف إلا بإيجاب الله، فأنت ترى الفرق في التعبير والإطلاق بحسب اختلاف الجهة المنظور فيها.
إذاً فالجهة الأولى بالنظر إلى الحاكم.
أما الجهة الثانية: فهي بالنظر إلى تعلق الحكم بالمكلف فيقال: الوجوب والحرمة، والإباحة، الندب، والكراهة.
ويظهر الفرق بين الجهة الأولى والثانية في الإبدال من الآية: إِنْ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلَّهِ، التقدير: "لا إيجاب ولا تحريم، ولا إباحة إلا لله، فإن غيرنا بالوجوب والحرمة قلنا لا وجوب على مكلف، ولا حرمة إلا بإيجاب الله أو تحريمه.
ولا يصح لا وجوب ولا حرمة إلا لله فنلاحظ هنا ارتباط الوجوب والحرمة بفعل المكلف، وتبين أن الحكم هو: الإيجاب والتحريم
…
الخ. ويعبر بها إذا أريد بيان مصدر الحكم فيقال: هذا إيجاب، أي: من الله تعالى.
وهو من أوجب يوجب إيجاباً فهو موجب، ويضاف إلى الخطاب فيقال: هذا خطاب إيجاب، والإضافة بيانية؛ لأن الخطاب هو نفس الإيجاب، فالتقدير هذا خطاب هو الإيجاب أي: هذا إيجاب.
أما الوجوب والحرمة فليستا الحكم، بل وصفان يدلان على تعلق الحكم بالمكلف فيعبر بهما إذا أريد بيان تعلق الحكم بالمحكوم عليه، وهو من وجب يجب وجوباً فهو واجب.
فإذا قلت: وجب وجوباً ففاعله ضمير مستتر راجع إلى الحكم، وإذا قلت أوجب إيجاباً ففاعله ضمير مستتر راجع إلى الله.
أما الجهة الثالثة: فهي بالنظر إلى فعل المكلف، من حيث الوضعية.
فإذا أردنا بيان الصفة الشرعية لفعل المكلف فنقول: هذا فعل واجب، أو حرام ونحو ذلك: فصلة الرحم فعل. وتوصيفها الشرعي هو: واجب، فنقول وصْلُ الرحم واجب، ولا يقال وصل الرحم إيجاب، أو وجوب بل نقول حكمه الوجوب.