الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتحصّل من تتبع النصوص أن ما لم ينصّ على التحريم فهو مباح.
ومن الأدلة قوله صلى الله عليه وسلم: (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهة).
(1)
فالحرام بيّن واضح وما سواه حلال واضح، والحرام محصور بالنصّ والحلال غيره وهو غير محصور، وهو الذي الأصل فيه الإباحة.
أما المشتبهات فهي محل نظر، وهي ما يمكن أن تتجاذبها أصول التحريم وأصول الحل، والتجاذب واضح، وإنما شرطنا وضوح التجاذب؛ لأن ما لا وضوح في تجاذبه مشمول بأدلة الإباحة لأن الحرام مفصل بالنص، والحلال ما سواه. ولهذا فالأصل في الأشياء الإباحة هذا ما لا مناص عنه.
المسألة الثانية: تحرير ما نُسِب إلى أبي حنيفة من أن الأصل التحريم، وبيان الخطأ في النقل
.
الأصل في الأشياء الإباحة ذهب إليه الشافعي، وجمهور الحنفية، والجمهور من غيرهم.
وأما من ذهب إلى أن الأصل التحريم ونسبه إلى أبي حنيفة فقد أخطأ، فكتب مذهبه تنصّ على أن من نسبه إليه هم الشافعية.
قال ابن نجيم في الأشباه: "الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على عدم الإباحة، وهو مذهب الشافعي رحمه الله، أو التحريم حتى يدل الدليل على الإباحة ونسبه الشافعية إلى أبي حنيفة رحمه الله".
(2)
وعلق عليه الحموي بقوله: "قوله: الأصل في الأشياء الإباحة إلخ ذكر العلامة قاسم بن قطلوبغا في بعض تعاليقه أن المختار أن الأصل الإباحة عند جمهور أصحابنا".
(3)
(1)
متفق عليه: أخرجه البخاري، برقم (52) ومسلم برقم:(1599)
(2)
غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (1/ 223).
(3)
المصدر نفسه (1/ 223).
ثم نقل صاحب الأشباه القول بالتوقف والقول بالإباحة عن البعض، ونقل عن الهداية إن الأباحة أصل، وهكذا تجد اضطرابا في تحرير المذهب عند الحنفية فمن أطلق القول عن أبي حنيفة فلم يصب.
ومن ثم نقل صاحب التحرير من الحنفية الإجماع عن البزدوي الحنفي؛ على أن الأصل في الأموال الإباحة ما لم يظهر دليل الحرمة، ومعلوم أن الأموال ما عدا الإنسان مما يمكن تموله، وهذا يعني كل مطعوم وملبوس ومشروب ومركوب ومسكون وهلم جرا
…
وهذا نص كلامه.
هذا ونقل البيضاوي أن من يقول الأصل في الأشياء الإباحة يعني في المنافع، وأما في المضار فالأصل فيها التحريم، وقال الأسنوي:"هذا بعد ورود الشرع بمقتضى أدلته، وأما قبله فالمختار الوقف، وفي أصول البزدوي بعد ورود الشرع الأموال على الإباحة بالإجماع ما لم يظهر دليل الحرمة؛ لأن الله تعالى أباحها بقوله: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] ".
(1)
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة.
قال الزركشي: وعلى هذه القاعدة يتخرّج كثير من المسائل المشكل حالها، وبه يظهر وهم من خرجها على أن الأصل في الأشياء الحل أو الإباحة.
ومنها الحيوان المشكل أمره وفيه وجهان أصحهما الحل، وذكر الرافعي في كتاب الأطعمة أن في موضع الإشكال يميل الشافعي رحمه الله إلى الإباحة، ويميل أبو حنيفة رحمه الله إلى التحريم.
ومنها النبات المجهول تسميته، قال المتولي يحرم أكله، وخالفه النووي وهو الأقرب
(1)
تيسير التحرير (2/ 172).
الموافق للمحكي عن الشافعي رحمه الله في التي قبلها، والذي قاله المتولي يشبه المحكي فيها عن أبي حنيفة رحمه الله.
ومنها إذا لم يعرف حال (النهر) هل هو مباح أو مملوك، هل يجري عليه حكم الإباحة أو الملك، حكى الماوردي فيه وجهين (مبنيين) على أن الأصل الحظر أو الإباحة.
(1)
قوله: الصحيح التفصيل وهو أن المضار. ا. هـ. هذا هو الصحيح في جمع الجوامع
(2)
.
(1)
المنثور في القواعد الفقهية (2/ 72)
(2)
الآيات البينات 4/ 193.