الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمجمل ما يفتقر إلى البيان، نحو:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} فإنه يحتمل الأطهار والحيض؛ لاشتراك القرء بين الحيض والطهر.
والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي أي الاتضاح، والمبين هو النص.
[الشرح والإيضاح]
المجمل والمبين
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: المجمل في اللغة والاصطلاح، وبيان أنواعه
.
في اللغة يطلق على ثلاثة أمور:
1 -
المبهم: من أجمل الأمر أي أبهمه.
2 -
وقيل المجموع: من أجمل الحساب إذا جمع وجعل جملة واحدة.
3 -
وقيل التحصيل: من أجمل الشيء إذا حصله"
(1)
.
وعبر بـ "ما" ليشمل القول والفعل، إذ الإجمال يدخلهما:
فمثال الإجمال في القول: كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، لاحتماله الإطهار والحيض، فيفتقر حينئذ إلى البيان من دليل آخر مرجح لأحد المعنيين. فذهب الشافعي، ومالك، وفقهاء المدينة، وأحد الروايتين عن أحمد إلى أنها الإطهار بدليل اللغة والشرع.
(1)
البحر المحيط 3/ 43.
أما اللغة: فقول أبي بصير ميمون بن قيس البكري الأعشى الأكبر:
وفي كل عام أنت جاشم غزوة
…
تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالاً وفي الحي رفعة
…
لما ضاع فيه من قروء نسائكا
(1)
أي أنه بغزوك تورث المال والرفعة فيكون ذلك عوضاً عما ضاع من إطهار نسائك بسبب الغزو.
ومن الشرع قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن بدا له أن يطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن يُطلق لها النساء)
(2)
، فدل على أن المراد بالأقراء الأطهار"
(3)
.
يستدل الحنفية والحنابلة على أنه الحيض؛ بقوله صلى الله عليه وسلم: (دعي الصلاة أيام أقرائك)
(4)
يعني: حيضك. وبآية الطلاق: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]. وبين القوم مناظرات وجوابات طويلة الذيول محلها كتب الفروع، والغرض هنا التمثيل.
ومثال الإجمال في الفعل: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصية وعلى العمامة
(5)
. فيحتمل أنه جمع بينهما، ويحتمل أنه مسح مرة على الناصية ومرة أخرى على العمامة وحدها، فجمع راوي الحديث حكاية الأمرين، والجمع أحد معاني الإجمال في اللغة كما تقدم، فاحتاج هنا إلى البيان من خارج. والله أعلم.
(1)
انظر ديوان الأعشى 132.
(2)
الحديث له طرق كثيرة، أخرجه أبو داود برقم:(2179)، وابن ماجه برقم:(2019) وغيرهما، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5367).
(3)
فتح الباري 9/ 386.
(4)
أخرجه البيهقي في السنن الصغير (3/ 125)، والحديث مروي من طرق أخرى.
(5)
انظر الحديث عند مسلم، برقم:(274).