الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل لا يصح إجماع ينقض إجماعاً سابقاً صحيحاً في عين المسألة،
(1)
وإنما ضعف العلماء القول باشتراط الانقراض
(2)
:
أ- لتعذر معرفته، مما يفضي إلى عدم القول بإجماع البتة.
ب- بعموم الأدلة على حجية الإجماع بلا تفصيل، فدل على عدم اشتراط انقراض العصر.
وهذا هو ما حمل ابن حزم على قوله: "وليت شعري متى يمكنه التطوف عليهم في آفاقهم، بل ألَاّ يزايلهم إلى أن يموتوا ومتى جمعوا له في صعيد واحد ما في الرعونة أكثر من هذا، ولا في الهزل والتدين بالباطل ما يفوق هذا، ونعوذ بالله العظيم من الضلال"
(3)
.
أما ما احتج به من شرط انقراض العصر:
فرأي على في جواز بيع أمهات الأولاد، مع أن عمر والصحابة وفيهم علي رضي الله عنهم منعوا ذلك، ورد هذا بأنهم لم يجمعوا على ذلك، بل الخلاف منقول عن ابن مسعود وجابر وابن الزبير وابن عباس في رواية
(4)
فلم ينعقد إجماع إذاً.
وهو "إنما يدل على اتفاق جماعة عليه لا على أنه قول كل الأمة"
(5)
، ويدل له قول جابر بن عبدالله رضي الله عنه:"بعناهن على زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وشطر من ولاية عمر"
(6)
. أخرجه أبو داود وابن ماجة وغيرهما.
(1)
المعتمد للبصري ج 1/ 40.
(2)
وهو قول أحمد وأكثر اصحابه وابن فورك وسليم وحكى عن الأشعري والمعتزلة (التحبير ص 1617)، والمنقول عن الأشعري والمعتزلة خلافه، هداية العقول 1/ 567.
(3)
أصول الاحكام 4/ 560.
(4)
هداية العقول 1/ 568.
(5)
هداية العقول 1/ 568.
(6)
أخرجه: أبو داود في السنن برقم (3954)، وابن ماجة في سننه برقم (2517).
وهكذا مخالفة عمر لأبي بكر في قسمة الفيء، ففضل عمر وسوّى أبوبكر كانت في زمن أبي بكر فلم ينعقد إجماعاً
(1)
، ومخالفة علي لهم في أن حد الخمر ثمانون فجعلها علي أربعين
(2)
؛ لأن عمر زاد تعزيراً لا عن إجماع
(3)
. وإلى هذا الخلاف أشار بقوله:
"وقيل يشترط لجواز أن يطرأ لبعضهم ما يخالف اجتهاده فيرجع عنه".
الذي شرط انقراض العصر هو الإمام أحمد، وبه قال أكثر أصحابه، واختاره ابن فورك، وسليم الرازي
(4)
، وفي المسألة أقوال أخرى:
1 -
يعتبر الانقراض للإجماع السكوتي؛ لضعفه دون غيره، اختاره الآمدي
(5)
وجماعة
(6)
.
2 -
ونقل عن الجويني أن الإجماع إذا كان عن قياس؛ اشترط له انقراض العصر وإلا فلا"
(7)
.
3 -
وقيل إن بقي عدد التواتر من المجمعين اشترط انقراض العصر وإلا فلا
(8)
، فيؤثر رجوع البعض في الحالة الأولى بخلاف الثانية فلا يؤثر.
4 -
وقيل يعتبر انقراض العصر في إجماع الصحابة دون إجماع غيرهم، وهو ظاهر كلام الطبري"
(9)
.
(1)
انظر سنن البيهقي 6/ 348 - 230.
(2)
أخرجه مسلم 2/ رقم 1331.
(3)
الأحكام لابن حزم 4/ 565.
(4)
انظر التمهيد لأبي الخطاب 3/ 3480، وشرح الكوكب المنير 2/ 246، والتحبير 4 ص 1617.
(5)
الاحكام 1/ 366.
(6)
أبو إسحاق الإسفرائيني وأبو الطيب الطبري البندينجي وأبو علي الجبائي كما في البحر المحيط 4/ 512، وروضة الناظر 1/ 367.
(7)
انظر الغيث الهامع لابن العراقي 2/ 114، وخطأ ابن الحاجب في نقله هذا عن إمام الحرمين
(8)
الغيث الهامع لابن العراقي 2/ 114.
(9)
التحبير 4/ 1622.
فتحصل في المسألة ستة أقوال كلها مضعفة إلا الأول
قوله: "وأجيب بأنه لا يجوز له الرجوع عنه لإجماعهم عليه".
وتعليله أن في رجوع المجتهد عن قول المجمعين مخالفة للإجماع وهو غير جائز، وللخصم أن يجيب قائلاً: لا أسلم أنه إجماع حتى يستقر بالانقراض، وعليه فرجوع المجتهد لا يعتبر مخالفة للإجماع، ورد بأن عدم التسليم بأنه إجماع مفض إلى عدم وقوع إجماع البتة وهو باطل. وإليه أشار بقوله: "فإن قلنا انقراض العصر شرط
…
الخ".