الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة: تخصيص السنة بالكتاب
.
وقد مثل له المصنف بحديث: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)
(1)
، فهذا عموم يقتضي أنه لا يقبل غير الوضوء، لكنه مخصوص بقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].
الخامسة: تخصيص النطق بالقياس
.
تخصيص الكتاب والسنة بالقياس، له تطبيقات فقهية كثيرة، منها ما اتفق عليها، ومنها ما فيه خلاف، وسأنقل لك بعضا منها مما وقفت عليه من كتب الفقه والأصول:
- مثال تخصيص الكتاب بالقياس:
- قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]. فهذا عام الرقيق ذكوراً وإناثاً، ولغيرهم ذكوراً وإناثاً، لكن ورد نص آخر أخرج الإماء فحكم عليهن بالنصف فقط، وهو قوله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. ولم يرد نص في الذكور من الرقيق يخرجهم؛ فقاسهم العلماء على الإماء فخصص النص إذا بنص وبقياس.
- ومثاله كذلك قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} ، إلى قوله:{فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 36]، فيجوز الأكل من الهدي كله بالنص، لكن ورد الإجماع على أن هدي جزاء الصيد لا يؤكل منه لدلالة آيته فيه. والعلة أنه دم جزاء. فهل يقاس عليه دم التمتع لأنه دم فيه معنى الجزاء؛ لأنه عوض عن ترفه؟
قال بهذا البعض كالشافعية.
- ومنه أن عدة الحامل الوضع بنص الآية، فيشمل الجميع. ولكن في حال زوجة
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه، برقم:(6954).
الصغير الذي لا يمكن منه الوطء فمات وظهر منها حمل فلا تدخل في عموم الآية؛ للقطع بأنه ليس منه، فلا تعتد عدة الحامل قياساً على من حملت بعد وفاة زوجها بما لا يمكن نسبته إليه.
- ومن تخصيص السنة بالقياس.
- تخصيص مالك عموم حديث: (إذا جاء أحدكم المسجد، فليركع ركعتين)
(1)
، وذلك لمن دخل يوم الجمعة والإمام يخطب فإن الأمر بالإنصات وارد، وصلاة ركعتين والإمام يخطب له نفس الحكم قياسا، فيخص به الحديث عند من قال به.
- ومن ذلك: خلاف أبي حنيفة في إيجابه إخراج زكاة الخيل إن قصد منها النسل، وكانت سائمة قياساً على بقية السوائم، فخص بهذا القياس عموم حديث:(ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة)
(2)
وعضد هذا القياس بحديث: (ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها)
(3)
، فقال الحق هو: الزكاة.
- مثال آخر حديث: (فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر)
(4)
، خصه الأئمة غير أبي حنيفة بالقياس، فلم يوجبوا العمل
(1)
متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه، برقم:(444) ومسلم في صحيحه، برقم:(714)، وأبو داود في سننه، برقم:(467) باختلاف يسير، والترمذي في سننه برقم:(316) واللفظ له، وقد صححه الألباني رحمه الله.
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه برقم: (1464)، ومسلم في صحيحه برقم:(982)، والترمذي في سننه، برقم (628)، وأحمد في مسنده (7295)، باختلاف يسير، وأبو داود في سننه، برقم:(1595)، والنسائي في سننه، برقم:(2469)، وابن ماجه في سننه برقم:(1812)، واللفظ لهم.
(3)
متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه، برقم:(2371)، ومسلم في صحيحه، برقم:(987) بنحوه.
(4)
تقدم تخريجه، ص:140.
بعموم فيما سقت، بل قالوا بوجوب الزكاة فقط في المقتات؛ لأن مقصود الشرع هو سد خلة الفقير، وهذه لا تتحقق إلا في المقتاتات، فهذا المعنى يخصص العموم، وخالفهم أبوحنيفة فغلب العموم.
- مثال آخر حديث: (وفي العين نصف الدية)
(1)
متفق على العمل به عند الفقهاء، لكن اختلفوا في الأعور هل يدفع له نصف دية إن فقئت عينه أم دية كاملة؟
…
قال مالك: دية كاملة قياسا على ذي العينين؛ لأن عين الأعور تؤدي ما تؤديه عينا الصحيح، فهذا قياس خص به عموم النص.
(1)
أخرجه أحمد في مسنده (43/ 12)، وصحح إسناده أحمد شاكر.