الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي، وذلك كالظاهر والمؤول فيقدم اللفظ في معناه الحقيقي على معناه المجازي.
- والموجب للعلم على الموجب للظن، وذلك كالمتواتر والآحاد، فيقدم الأول إلا أن يكون عاماً فيخص بالثاني، كما تقدم من تخصيص الكتاب بالسنة.
- والنطق من كتاب أو سنة على القياس إلا أن يكون النطق عاماً، فيخص بالقياس كما تقدم.
- والقياس الجلي على الخفي، وذلك كقياس العلة على قياس الشبه.
_ فإن وجد في النطق من كتاب أو سنة ما يغير الأصل، أي: العدم الأصلي الذي يعبر عن استصحابه باستصحاب الحال، فواضح أنه يعمل بالنطق. وإلا، أي: وإن لم يوجد ذلك، فيستصحب الحال، أي: العدم الأصلي أي يعمل به.
[الشرح والإيضاح]
ترتيب الأدلة مبحث هام يذكره الأصوليون لضبط مراتب الأدلة
؛ حتى لا يستدل العالم بدليل مع وجود الأقوى منه في الترتيب والتقديم، والأدلة هي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.
(1)
المسألة الأولى: بيان قاعدة هامة وأصل كلي في الباب، ذكره المصنف وشرحه، وبيان دخوله في كل أبواب الأصول
.
(1)
المستصفى (ص: 374) شرح مختصر الروضة (3/ 673) المحصول لابن العربي (ص: 134) نهاية الوصول في دراية الأصول (8/ 3651) التحبير شرح التحرير (8/ 4117) مذكرة في أصول الفقه للشنقيطي (ص: 304).
قوله: "وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي"، هذه قاعدة كلية جامعة مانعة تدخل في كل باب، إذ لابد للمجتهد من معرفة الجلي من الخفي في كل الأدلة.
والأدلة هي: القرآن والسنة والإجماع والقياس، وهذه القاعدة تدخل في جميعها، ففي القرآن الكريم يقدم الدليل الجلي على الخفي.
والجلي: شامل للنص والظاهر، والنص مقدم على الظاهر.
والخفي: كالمؤول بأنواع التأويل، من صرف عن الحقيقة إلى المجاز أو دعوى الإضمار أو التركيب أو دعوى التأكيد أو التقديم والتأخير أو دعوى الخصوص أو التقييد.
وقد قدمنا لك في بابها جميعها مع أمثلتها.
وجميع ما تقدم من الأبواب: في الأحكام السبعة، واللغات، والأمر والنهي، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والنص، وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم وتقريراته وأقواله، والإجماع والقياس، والاستصحاب، والحظر والإباحة، كلها فيها جلي وخفي، فيقدم الجلي الواضح الدلالة على ما خفيت دلالته.
ففي الأحكام الخمسة: قدم الحظر على البقية؛ لأنه دفع مفسدة، وهي مقدمة على جلب مصلحة في الجملة، وقدم الندب على الإباحة؛ لأنه ناقل. وقدم الواجب على الندب. وقدمت الكراهة على الندب.
وفي اللغات: يقدم ما له معنى واحد على ما احتمل معان بالاشتراك، وتقدم الحقيقة على المجاز، ويقدم المقتضى على الإيماء والتنبيه، ويقدم الإيماء والتنبيه على المفهوم، ويقدم المنطوق على المفهوم. وهكذا ..
ويقدم مثبت من الأخبار على النافي إلا في الحدود فيقدم الدرء على الاثبات.
وفي الأمر والنهي: يقدم النهي على الأمر؛ لأنه صريح مفيد للتكرار والدوام، ولأنه دفع مفسدة.
وفي العام: يقدم بعض الألفاظ على بعض، فيقدم العام بأدوات الشرط: كمن، وما، وأي، على العام بنفي الجنس؛ لأن الشرطي نص على التعليل. ويقدم العام على الخاص إلا عند التعارض فيقدم الخاص.
أما الإجماع: فبعض الأصوليين قدمه على الكتاب والسنة وهذا غلط، وقد حمله صاحب المذكرة على الإجماع القطعي المستند لنص،
(1)
وهذا مخالف لما صرّحوا به من أن الإجماع مقدم على الكتاب والسنة سواء القطعي القولي أو الآحادي القولي أو السكوتي المتواتر أو الآحادي.
جاء في مختصر التحرير: وهو أنواع، أحدها: الإجماع النطقي المتواتر وهو أعلاها، ثم يليه الإجماع النطقي الثابت بالآحاد، ثم يليه الإجماع السكوتي المتواتر، ثم يليه الإجماع السكوتي الثابت بالآحاد، فهذه الأنواع الأربعة كلها مقدمة على باقي الأدلة.
(2)
وهكذا يقدم الإجماع القولي القاطع على غيره من السكوتي.
وأما في القياس: فيقدم الجلي على الخفي في جميع القياسات، وقد تقدم بيان الجلي والخفي في محله من القياس.
وأما في الاستصحاب: فيقدم الجلي وهو المجمع عليه، وهو النوع الأول من الاستصحاب وقد قدمناه في بابه.
قوله: "وذلك كالظاهر والمؤول، فيقدم اللفظ في معناه الحقيقي على معناه المجازي".
(1)
مذكرة في أصول الفقه للشنقيطي (ص: 304).
(2)
شرح الكوكب المنير (4/ 601)