الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما حصر في المعقولات؛ لأن حركتها في المحسوسات تسمى تخيلاً وقصرها على المعقولات مذهب المتقدمين.
وأما انتقال النفس لغير طلب علم أو ظن كأكثر حديث النفس، فلا يسمى نظراً بل شعوراً. قال جلال الدين المحلي في شرحه على الجمع:"الفكر حركة النفس في المعقولات بخلاف حركتها في المحسوسات فتسمى تخيلاً "
(1)
قال المحشي: "تبع الشارح في هذه الأقدمين القائلين بأن العقل لا يدرك المحسوسات أصلاً، وإنما تدركها الحواس، والعقل إنما يدرك الأمور الكلية.
وأما على طريق المناظرين القائلين بأن العقل يدرك المحسوسات أيضاً لكن بواسطة الحواس، فينبغي أن تسمى حركتها في المحسوسات فكراً أيضاً " ا. هـ.
المسألة الرابعة: معنى حركة النفس في المعقولات:
للنفس في المعقولات حركتان:
1 -
الحركة الأولى: من المطالب إلى المبادئ.
2 -
الحركة الثانية: من المبادئ إلى المطالب.
بيان ذلك أنك لو أردت أن تصل إلى أن النبّاش تقطع يده، فالحركة الأولى تبدأ بنظرة جملية في "النباش تقطع يده"، ثم تثبت بنظرة تفصيلية إلى المفردات "النباش- القطع" فتقول النباش ما هو:"مختلس- سارق- ناهب"، ثم يخلص لك أن المناسب لفظ سارق، وتنتهي هنا الحركة الأولى.
وتبدأ الحركة الثانية من هنا، وهي: النباش سارق المال من حرز، وكل سارق من حرز تقطع يده، إذاً النباش تقطع يده، وهنا تنتهي الحركة الثانية.
(1)
شرح الجلال مع البناني 1/ 143.
هذا مثال تقريبي للمسألة وأهل الأصول يمثّلون بالإنسان حيوان، والعالم حادث ونحو ذلك من المنطقيات
(1)
، والمثال السابق ألصق بالفن.
على ضوء ما تقدم يتبين لنا أن الحركة الأولى هي نقطة البدء لتحصيل المطلوب، وأن الحركة الثانية هي المكملة لها، فبمجموعها يحصل المطلوب. لا بالحركة الثانية وحدها، ولا بالأولى وحدها.
ومن هنا نشأ الخلاف هل الفكر هو "مجموع الحركتين"، كما هو رأي القدماء حتى يكون النظر عبارة عنهما؟
أو الحركة الثانية كما هو مذهب المتأخرين، فيكون النظر عبارة عنها فقط. والذي عليه المحققون الأول
(2)
.
_ لاحظنا فيما سبق أن حركة النفس تدريجية انتقالية، فهي تنتقل من المطلب إلى المبدأ، وتتدرج في ذلك حتى تصل إلى المطلوب النهائي
(3)
.
ولذلك يزاد في الحد "تدريجياً"؛ ليخرج الحدس فإنه انتقال النفس من المطلب إلى المبادئ دفعةً واحدةً لا تدريجياً، ولما كان ذلك الانتقال قد يدخل فيه حركتها في المنام زادوا على الحد "قصداً"، فيكون على هذا تعريف الفكر
(4)
: "حركة النفس في المعقولات أي انتقالها انتقالات تدريجياً قصدياً".
_ تبين مما سبق محترزات التعريف:
فخرج بالتدريجي: الانتقال الدفعي، كالحدس وهو الانتقال من المبادئ إلى
(1)
راجع حاشية البناني على الجمع 1/ 143 وشرح ابن قاسم الكبير 1/ 271
(2)
راجع البحر المحيط ج 1/ 32 مبحث النظر، وشرح ابن قاسم الكبير 1/ 271، والبناني على شرح المحلى للجمع 1/ 143.
(3)
راجع تقريرات الشربيني على حاشية البناني وشرح المحلى 1/ 142 وابن قاسم الكبير 1/ 264 وما بعدها.
(4)
نفس المراجع.