الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا هو تحقيق المسألة والله تعالى أعلم
(1)
.
قوله: "والأحكام سبعة
"
أي: والأحكام التي ذكرناها في تعريف الفقه سبعة.
وكان الأصل أن يقول وهي سبعة بالإضمار، وعدل عنه زيادة في الإيضاح للمبتدئ. ويرد هنا سؤالان:
1 - لماذا لم يذكر الأحكام الوضعية السبب والشرط والمانع
؟
2 - لماذا خص الصحة، والفساد في الأحكام بالذكر دون الوضعية، والرخصة والعزيمة
؟
والجواب على ذلك: إن للأصوليين بحسب استقرائي مذهبين في المسألة:
أفإمام الحرمين في الورقات، وفي البرهان
(2)
اقتصر على ذكر هذه ولم ينص على الأحكام الوضعية في تقسيم الحكم، وكذا القاضي البيضاوي في المنهاج
(3)
.
والسبب يرجع إلى أن الأحكام الوضعية في حقيقة الأمر راجعة للأحكام التكليفية، فذكرها ضمناً فيها، إذ الحكم التكليفي لا يتعلق بفعل المكلف إلا بتقرر الحكم الوضعي، بل التكليف العام لا يتعلق بالمكلف إلا بحكم وضعي هو: الفهم، والقدرة. وهذان هما سببا التكليف.
ويقال هذا في التكاليف الجزئية، كقولنا: الزكاة واجبة في هذا المال، إنما وجبت لوجود حكم وضعي هو السبب، والشرط كالنصاب وحولان الحول.
(1)
راجع الأحكام للآمدي 1/ 90، التمهيد 48 ونهاية السؤل للأسنوي 1/ 47 والآيات البينات 1/ 74 والعطار على الجمع 1/ 65، والتلويح 2/ 122، وغيرها مما لا نطيل بذكره فقد استقرأت كثيرا من المراجع لجمع شتات المسألة.
(2)
البرهان 1/ 85.
(3)
منهاج البيضاوي وشرحه الإبهاج 1 - 67.
لا يقال قد تتخلف القاعدة بالزكاة في مال الصبي، والأروش، والجنايات لغير المكلف وما أتلفته البهائم ونحوها من صبي ومجنون. فوجد الحكم الوضعي ولم يوجد التكليف؛ لانعدامه في الصبي، والمجنون، والبهائم.
وما دام الأمر كذلك فلا بد من ذكر الأحكام الوضعية استقلالاً لا ضمناً؛ لأننا نقول: لم تتخلّف الكلية؛ لأن الضمان وإخراج الزكاة واجب، ووجوبه حكم تكليفي، ولا يصلح تعلق الحكم التكليفي إلا بالمكلف، والصبي ونحوه غير مكلف، فأقام الشرع وليه مقامه في ذلك كله، فيخرج الزكاة عنه من ماله أي الصبي، ويضمن عنه، وأمثلة ذلك كما هو مسطور في كتب الفقه. هذا ما ترجح في تعليل ذلك والله أعلم
(1)
.
ب. والمذهب الثاني: جمهور الأصوليين أفردوها بالذكر تحت أقسام الحكم الشرعي، والمسألة سهلة.
والجواب على السؤال الثاني: أنه خص الصحة والفساد بالذكر؛ لأن الحكم إن تعلق بالمعاملات، فبالصحة أو بالبطلان، وإن تعلق بغير المعاملات.
(2)
كالعبادات وُصِف بالأحكام الخمسة المشهورة.
فلهذا نص المصنف على الصحة والفساد؛ لاختصاصها في الغالب بالمعاملات، ولاختصاص غيرها بالعبادات. فيقال: هذا عقد صحيح أو فاسد، ولا يقال: عقد واجب غالباً.
(1)
وقد علل البعض بعلل منها:
أ-أن المقصود التمثيل لا الحصر.
ب-أنه ذكر هذه لشهرتها.
جـ-أنه يقصد بالأحكام النسب التامة ومن ثم تدخل الوضعية.
د-لأنها مندرجة ضمناً في الأحكام الوضعية وهو أرجحها والله أعلم. وراجع شرح جمع الجوامع مع العطار 1/ 58 والشرح الكبير للورقات 1/ 188 وما بعدها. ورفع الحاجب 1/ 483 ونفائس الأصول في شرح المحصول 91/ 1
(2)
شرح ابن إمام الكاملية على الورقات، ص:91.
هذا ولا يعني اختصاص العبادات بالأحكام الخمسة عدم استعمال غيرها فيها، بل المقصود أنه يستعمل في العبادات باشتهار ولا يستعمل في المعاملات غالباً إلا الصحة والفساد، لذلك خصه؛ إذ لا يغني ذكر الخمسة عنه.
والقول في الرخصة والعزيمة كالقول في الأحكام الوضعية بل أظهر؛ لأنها راجعة إلى الأحكام الخمسة على تفصيل: فمنهم من خص العزيمة بالواجب كالغزالي، والآمدي، وزاد القرافي المندوب، ومنهم من جعلها شاملة للجميع كالحنفية
(1)
.
(1)
تيسير التحرير 2/ 299، والمستصفى 1/ 88، والآمدي 1/ 101 والقرافي شرح التنقيح 1/ 87 والبحر المحيط 1/ 325 وروضة الناظر 32/ 1