الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورة الفتوى الشريفة المعطاة لرضوان أغا من قبل الشيخ عبد الله بن أبى بكر بن ظهيرة القرشى أفندى من علماء الحنابلة
الجواب:
المسئول عنه فى السؤال: هل يجوز إصلاح ما تكسر بالسقوط من أحجار البيت الشريف - زاده الله تشريفا وتعظيما - وزيادة عليها من جنس الحجارة الأولى وتهيئة ذلك ومساواته ونحته وتحسين صنعته وإحكامه أم لا يجوز؟ وإذا قيل بالجواز وكان عمل ذلك يحتاج إلى مدة، كما ذكر فى السؤال، وكان فى مكة المشرفة من جانب السلطان - أيده الله تعالى - من ذكر السؤال هل يجوز له الشروع فى ذلك وتهيئته إلى آخر ما فى السؤال؟
فالجواب عما ذكر وتحرير الحكم الشرعى فيما سطر والله المسئول أن يوفقنا إلى طريق الحق المستقيم، وأن يلهمنا الصواب على النهج القويم، هو أن نقول نعم! يجوز إصلاح ما تكسر من الأحجار وتعيين ما يحتاج إليه من المال فى تكملة البناء وإعادته كما كان من الأحجار المناسبة لذلك ويؤخذ ما يسهل أخذه من الجبال التى عمرت الكعبة المشرفة منها
(1)
كما نقله العلامة المحقق شيخ الإسلام والمسلمين مولانا الشيخ خالد المفتى المالكى دام الله النفع به ولا ريب فى ذلك فقد ألف شيخ الإسلام والمسلمين خاتمة الأئمة والمحققين الشيخ «شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمى المكى الشافعى» قدس الله سره وجعل الفردوس مقره، مؤلفا فى خصوص هذه المسألة سماه «المناهل العذبة فى إصلاح ما وهى وانشعث من الكعبة» وبسط الكلام فيه ونقل فيه كلام العلماء من المذاهب الأربعة مصرحا بجواز ذلك وأشفى الغليل فيه وأوضح المسألة وفصلها أحسن تفصيل ومما نقل عن أئمتنا علماء الحنابلة - رضى الله عنهم - قول صاحب الفنون: صح لا بأس بتغيير حجارة الكعبة إن عرض لها مرمة لأن كل عصر احتاجت فيه لذلك قد فعل بها ذلك ولم يظهر نكير على من فعله، «نعم الحجر الأسود» لا يجوز نقله من
(1)
أنظر: إعلام الساجد للزركشى ص 45، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، للقطب الحنفى ص 13، والروض الأنف للسهيلى 129/ 1.
مكانه ولا تغييره إلا بنص من النبى صلى الله عليه وآله وسلم فهو كبعض آيات القرآن لا يجوز نقلها من موضعها إلى مكان آخر. انتهى.
وما أفتى به العلامة والمحقق الفهامة مولانا الشيخ عبد العزيز المفتى الشافعى أدام الله النفع بوجوده خلاصة ذلك التأليف
(1)
وزبدة ما فيه، وليس فى قواعدنا ما ينافيه ويكون المعوّل عليه ويرجع فى هذه الحادثة إليه، وحيث كان إصلاح الحجارة المنكسرة وعمل الحجارة التى يحتاج الحال إلى زيادتها .. وما أشبه ذلك تحتاج إلى زمن طويل كما جاء فى السؤال فإنه يجوز لمن هو فى البلد من جانب السلطنة المذكورة - أيدها الله تعالى - مقام فى نحو ذلك كما ذكر فى السؤال أن يشرع فى عمل ذلك إذا لم يخف على نفسه أو على غيره ضررا وينبغى له بذل الهمة فى ذلك كما ظهر منه فى تنظيف المسجد الحرام وإصلاح الشوارع والبرك التى للحجاج، وكما فعل فى إصلاح عين مكة المعظمة وفى إجراء عين خليص وبذل همته فى ذلك، وتعاطى ذلك بنفسه مع مزيد الاعتناء بسببه والقيام عليه أجزل الله له الثواب وقابله بالإحسان فى يوم الحساب، فقد حصل بذلك الرفق العظيم للزوار والحجاج ولكل من سلك فى تلك الفجاج، لا شك أنه منور البصيرة، صافى القلب والسريرة، إذ وفقه الله تعالى للسؤال عن ذلك والاهتمام فى سلك هذه المسالك، والاعتناء بشأن الكعبة المعظمة التى هى فى الأولية والإسلام محترمة، زادها الله تشريفا وتكريما ومهابة، فإذا شرع فى المؤن والأحجار وما يحتاج إليه يجب أن يكون الصرف على ذلك من مال حلال لا تعلم فيه شبه قوية ويتحرز فى ذلك غاية التحرز مهما أمكن، تقبل الله منه السعى الجميل وقابله عليه بالثواب الجزيل، وخلد دولة هذه السلطنة العثمانية، ولا زالت مدى الأيام والليالى محروسة محمية، وزاد هذا البيت الشريف تشريفا وتكريما ومهابة وتعظيما وزاد من شرفه وكرمه تشريفا وجلالة وتكريما، وألهمنا الصواب فى القول والعمل ووقانا أجمعين من الخطأ والزلل، بمحمد وآله آمين، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1)
يعنى أن فتوى الشيخ عبد العزيز الزمزمى الشافعى، هى خلاصة رسالة ابن حجر الهيتمى المسماه المناهل العذبة فى إصلاح ما وهى وانشعث من الكعبة؛ وما ذكر من فتوى الشيخ عبد العزيز لا ينافى أصول مذهب الحنابلة.