الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقومون بأمور القضاء، إلا أن أول القضاة المعينين فى المدينة المنورة من خارجها هو عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وقد أرسل إليها فى سنة (42 هـ) من قبل معاوية.
وفى عهد السلاطين العثمانيين أول من تولى منصب القضاء شخص يسمى طورسون أفندى وعين من قبل عثمان الغازى، أما أول القضاة المعينين لاستانبول فكان القاضى مجد الدين أفندى «محاضرة الأوائل» .
عين الملك الظاهر مفتيا لكل مذهب من المذاهب الأربعة، وبعد مضى خمسة وأربعين عاما على هذا التاريخ أرسل الناصر فرج من ملوك مصر إلى مكة المعظمة مفتيا للحنفية وآخر للمالكية وذلك عام 758 هـ، وبعد فترة وجيزة أرسل مفتيا للحنابلة. ومنذ ذلك الوقت (أى منذ 708 هـ) وبعد فترة وجيزة عين مفتيا خاصا لكل مذهب فى مكة المكرمة والمدينة المنورة على حد سواء.
كان يتم تعيين واحد للإفتاء لكل مذهب حتى العام المبارك الذى انتقلت فيه أزمة إدارة البقاع الحجازية المقدسة فى بعض الأحايين، وفى الأحايين الأخرى كان يعين واحدا أو اثنين فقط لتسيير الإدارة فى الحرمين، ولكن بعد عام (923 هـ) لم ينقص عدد المفتين الأربعة فى أى وقت.
وفى وقتنا الحاضر ثمة مفتى حنبلى على الرغم من قلة الحنابلة فى مكة المكرمة بحيث نستطيع القول بأنه لا وجود لحنبلى واحد فيها.
مطالعة
قبل عهد سلاطين آل عثمان وفى بعض الأحايين كان يوجد مفتى أو اثنين فى الحرمين، وسبب ذلك هو إظهار سلاطين السلف من المسلمين استعدادهم لنجدة كل مسئول من أهل الحرمين، لأن ملوك المسلمين كانوا يعتنون كل العناية ببسط نفوذهم على الحرمين، وكانوا يعتقدون أن أعظم الأسباب التى تخدم هذا الغرض
هو نجدة مسئول الأهالى. والرابطة الإسلامية أينما وجدت فإن أساسها الارتباط بالحرمين وكان الحكام يدركون الفوائد السياسية الكبيرة للاحتفاظ بهاتين البلدتين المسعودتين.
وإن كان هذا الاعتقاد موضع احترام وتقدير فإنه من الممكن حدوث تجاوز للحدود الشرعية لنجدة كل مسئول للأهالى، ولا توجد شبهة فى خطأ الاعتقاد المذكور، ألم يكن باطلا استيلاء جيوش الجهالة على الحرمين فى العهد السابق، وحصول أصحاب المذاهب الباطلة على الحماية فى البلاد الحجازية، وانقياد البدو لصناديد القبائل فى الباطن، وللدولة فى الظاهر، والعمل بالأحكام والقوانين التى سنها البدو
(1)
وليس التى يسنها الولاة والقضاة المعينون من قبل الدولة، وإذا ما نظر بإمعان إلى المعاملات الكلية والجزئية التى جرى العمل بها من بداية ظهور الملوك الإسلاميين وحتى اندثارهم يتبين أن انقراضهم وسقوطهم كان أولا بالانحراف عن جادة الشرع، والعمل بالبدع أو لترك الأعمال والتصرفات المشروعة.
أو ليس بقاء سلاطين آل عثمان المنصوص على أنهم أعدل الملوك فى الكتب الإسلامية المعتبرة كان بسبب اتخاذهم الأحكام الشرعية أساسا فى الأعمال والحركات، وعلى الرغم من أنه لم تلتزم الدقة فى تطبيق أحكام الشريعة بتمامها والتى هى أساس ملكهم الذى قام عليه مما أدى إلى وقوع بعض الخلل والاضطراب، وبمرور مدة قصيرة جدا على ذلك جددوا تمسكهم بالصورة الموافقة لأحكام الشريعة وأساس ملكهم ووصلوا إلى مطالبهم بعد وقت قصير كما هو مسطور فى الكتب المذكورة وسرى حكمهم إلى أكثر أرجاء الأرض وشملها.
وعندما سيطر السلاطين العثمانيون على البلاد الحجازية المباركة قضوا على
(1)
نظم عرفت قبل عدة مئات من السنين من قبل شيوخ القبائل، وقد أدرجت النطاقات العربانية والقوانين التى تراعى الآن بين العربان فى جزء مرآة جزيرة العرب.
جميع العقائد والأراء الباطلة والأفكار الخاطئة بحسن تدبيرهم، وهكذا استطاعوا أن يدخلوا سكنة الحجاز كلهم فى دائرة المذهب الحق مذهب أهل السنة، والجماعة الفرقة الناجية وأذنوا لمفتىّ المذاهب الثلاثة الحكم فى مسائل الطلاق والنكاح وغيرهما من المسائل، ولمفتى المذهب الحنفى الحكم فى المسائل الأخرى المهمة وبناء على أصح أقوال الفقهاء، وحكموا وفقا للأحكام الشرعية فى البلاد العربية وخاصة فى الحرمين الشريفين، سواء أكان فى العقيدة والآراء أو فى جميع المعاملات والعقوبات الفقهية متبعين فى ذلك رأى السلطان ورؤيته، وبهذا فعلا أحيوا الشريعة الأحمدية وحكموا بالأحكام الإلهية.
وكان المفتى الشافعى تاج الدين بن بنت الأعز سببا فى تعيين الملك الظاهر مفتيا لجميع المذاهب فى مصر، وكان الملك الظاهر يلجأ إلى تاج الدين ابن بنت الأعز فى جميع المسائل لكونه مفتى الأنام
(1)
، وبما أن الشيخ تاج الدين كان يريد أن يجيب على كل مسألة إجابة صحيحة اتخذ من كل المذاهب نائبا له، وكان يفتى بعد ما يتفق معهم على الإجابة.
ولسبب ما امتنع مرة عن الإجابة للمسألة التى عرضها عليه الملك الظاهر وقال له «إن هذه المسألة يقتضى سؤالها من النائب الحنفى، وكأنه بهذا القول أراد أن يشير إلى أن الوقت قد حان لتعيين مفتى لكل مذهب من المذاهب، وبادر الملك الظاهر بتعيين مفتى لكل مذهب حتى لا يحدث خلل فى رابطة الموحدين، وأطلق عليه لقب قاضى القضاة، وأمرهم بأن يرسلوا من قبلهم نوّابا لهم إلى البلاد التى فى حاجة إلى ذلك وحينما عين المفتيين الأربعة سر صاحب القصيدة المشهورة البردة - وكان حيا يرزق - من هذا العمل وأنشد الأبيات الآتية:
غدا جامع بن العاص كهف أئمة
…
فلله كهف الأئمة جامع
(1)
معنى مفتى الأنام هو «قاضى القضاة» وأول القضاة فى مصر هو أبو الحسن على، بن نعمان وأول من عين قاضى القضاة فى الدولة الإسلامية هو الإمام «أبو يوسف» . صاحب أبى حنيفة.