الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموسيقى تعزف على أبوابهم صباحا ومساء، وكان كل واحد منهم يعمم بعمامة عليها أربعة قرون، أما من لم يحوزوا رتبة الأمير الكبير من الأمراء فكانوا يعممون بعمامة بها قرنان، أما من هم دونهم فى الرتبة فكانت عمائمهم خالية من القرون وطرفها مدلى إلى حناجرهم أما رؤساء الجنود فكانوا يضعون على رءوسهم قلنسوة من الجوخ الأحمر ويسايرون ركاب السلطان على أرجلهم، وعلى هذا الطراز وهذه الهيئة كانت الثياب الرسمية لملوك الشراكسة فى مصر، فمن كان منهم ذا رتبة لبس العمائم ذات القرون وكانوا يستنكفون من عمائمهم.
كما يستنكفون من لبس ملابس الإحرام متجردين من ثيابهم ويعتبرونه من الأمور المعيبة لذا لم يستطع السلطان أن يحمل نفسه على الترجل ولبس ملابس الإحرام. انتهى.
وقد أقام السلطان الغورى من ملوك الشراكسة فى مصر فوق باب إبراهيم (كمرا) عقدا فى غاية الزينة فريدا من نوعه وبنى قصرا وعلى جانبيه عدة مساكن، وأوصل بها عدة منازل وجعلها وقفا وذلك فى عام (888) وبما أنها كانت أعلى من الحرم الشريف فقد أفتى أكثر العلماء بعدم جواز وقفها. يقيم الآن فى هذا القصر والمساكن التى بجانبه المستأجرون كما أن الحجاج يستأجرونها أحيانا. وأصلح السلطان الغورى المضايق التى فى طريق مصر كما رمم حجر إسماعيل الشريف كما أنه بنى سور جدة.
إرسال الصرة إلى الحرمين:
جرت عادة السلطان الغازى بايزيد خان الثانى بن السلطان محمد الفاتح خان بأن يرسل كل سنة صرة تحتوى على أربعة عشر ألف قطعة ذهبية، على أن يوزع نصف المبلغ لعلماء مكة الأعلام والنصف الآخر لعلماء المدينة الأعلام وذلك فى سنة (886)، وبما أن سماحة خلق المشار إليه قد ذاعت بين أهالى الحرمين فقد نظم شاعر من شعراء المدينة يسمى أحمد بن حسين العليف قصيدة مدح وثناء ضمنها مناقب الخليفة المختارة وقدمها للسلطان.
إن الشاعر المذكور هو الشيخ شهاب الدين أحمد بن حسين العليف، وكان أحسن الناس فى زمانه وقد شرف دار السيادة بزيارته فى صحبة الشيخ محيى الدين بن عبد القادر بن عبد الرحمن العراقى من خطباء مكة المكرمة. إن القصيدة البليغة التى قدمها إلى السدة السلطانية كانت مؤلفا نفيسا بعنوان «الدّرّ المنظوم فى مناقب السلطان بايزيد ملك الروم» وكان مطلع القصيدة البديعة هذا البيت البليغ:
خذوا من ثناياى موجب الحمد والشكر
…
ومن در لفظى طيب النظم والنثر
فأمر السلطان سديد الرأى لهذا الشاعر جائزة بألف من الذهب جائزة وأوعده بإرسال صرة بمائة دينار كل سنة، وقد نال الشاعر المذكور إلى آخر عمره صرة بمائة دينار كل سنة.
كان الدينار فى تلك الأوقات نوع من عملة ذهبية وسنعرف فى موضوع الصرة الهمايونية مزيدا عن قيمة هذه العملة فى زماننا، ومتى ضربت وقطعت؟ ومما صحت روايته أن الذى خصص له الملك صرة فى كل عام هو أحمد بن العليف وكانت ترسل كذلك إلى أبنائه وأحفاده إلى انقطاع نسله.
قد احتاج قطع رخام الحطيم الكريم للتسوية والترميم، فما كان من أبى النصر الغورى إلا أن غيرها كلها، وفى نفس الوقت زخرف داخل الحطيم وخارجه وفرش أرضه وذلك فى عام (917)، وبعث السلطان سليم بن السلطان بايزيد خان إلى أهالى الحرمين الشريفين أضعاف ما كان يرسله والده كثيرا، وضم هذه المبالغ إلى العطايا المقررة لسكان الحرمين الذين يردون إلى دار السعادة، فكان ما يكفيهم وذلك فى سنة (118) وفتح السلطان سليم بلاد مصر، وأدخل أهلها طاعته فخضعوا جميعا لأوامره وأدخل فى حوزته بلاد الحرمين الشريفين ونشر فيها أنوار العدل، وكان يعيش فى ذلك العهد فى مصر الخليفة المتوكل على الله
(1)
الثالث العباسى، ولم يكن له من أمر الخلافة إلا شيئا معنويا وهو أن يؤخذ إذنه
(1)
كان اسم المشار إليه عبد الرحيم، وعلى رواية محمد بن المستمسك بالله يعقوب وقد بعثه السلطان سليم مع أولاده وأهله وأتباعه إلى دار السعادة.