الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين من هجمات أشقياء العربان وتسلطهم.
كان المعتصم بالله البغدادى أمر بأن توقد مشاعل في قوافل عرفات لإنقاذ الحجاج من هجمات الأشقياء ولحمايتهم وذلك في سنة (219) وإلى ذلك الوقت كانت الوسيلة للإنارة هي إشعال شمعة على سنام الجمل. كما أمر سودون محمد بقطع الأشجار البرية والكلأ الشائك والنباتات البرية التى كانت كثيفة وعالية لدرجة أنها كانت تقطع أقمشة السرج التي صنعت لجلوس الحجاج فوق ظهر الجمال، كما كانت مكمنا للصوص الذين كانوا يختفون في داخل هذه الأشجار ويفرقون قوافل الحجاج، وقد أنقذ سودون محمد الحجاج من القلق والاضطراب إذ قطع تلك الأشجار وحطم الحجارة، ووسع طريق المأزمين، وبعد فترة نمت الأشجار التي قطعها الأمير سودون محمد وارتفعت حتى تحولت إلى غابة فاتخذها أشقياء القبائل البدوية مكان اجتماع واحتشاد، وأخذوا يمدون أيديهم لسرقة أبناء السبيل والحجاج كما كان يحدث في العهود السابقة؛ لذلك أمر محافظ جدة المعمورة بأن تقطع تلك الأشجار وتحطم الصخور التي قد يكمن خلفها اللصوص ووسع طريق المأزمين أكثر من ذي قبل، ولهذا لم يترك للصوص مأوى يختبئون فيه وتوفي في سنة (950).
التذييل
إن شغدف - كما هو معلوم لدى أهل المعرفة - مخترع للجلوس في داخله وهو ثلاثة أنواع:
النوع الأول: من الشغدف يطلق عليه هودج على وزن جوهر.
ويطلق على النوع الثاني: منه (محفّة) على وزن معدّة.
ويطلق على النوع الثالث: منه شغدف بضم الشين وسكون الغين، ولكن الأتراك حرفوا الكلمة فجعلوها شوطوف.
والصحيح أن يقال: الشغدف، وبما أن الهودج ذو قبة عالية ومغطى فهو خاص بالنساء، أما المحفة مثل الهودج إلا أنه مكشوف لذا فهو خاص بالرجال، أما الشغدف فهو مقعد خاص للرجال والنساء.
يصنع الهودج والمحفة من الخشب، ولكن الشغدف يصنعه النجار من خشب سمكه ربع قدم وله رجلان والمقعد الذى سيجلس عليه ينسج من قشر سعف النخيل كأنه كرسى، ويغطى فى شكل نصف قبة يشبه عربة الثيران وله غطاء من قماش القلاع أو من جلد أو بساط أو حصير. إن الشغدف وإن كان يصنع على الشكل الذى بيناه إلا أنه لا يمكن استخدامه إلا إذا أحكم ربط اثنين منهما فوق الجمل، ويغطيان ببساط أو قماش آخر ويحمل فيهما حاجان، بعد حمل الشغدفان على الجمل كما بينا وبالتصاق قبتيهما يأخذ شكل قبة المحفة المستوية، ويصعد إليه حينما يكون الجمل واقفا بواسطة سلم له أربع أو خمس درجات ويجلس فيه، إن الشغدف يستخدم فى طريق الحرمين كما أن الهودج والمحفة يستخدمان فى طرق مصر والشام. انتهى.
قد أسدى الملك جاقمق إلى الحرمين خدمات أخرى كثيرة وأصلح وأنشأ بركة المعلى التى مازالت قائمة فى خلال عام (806) وقد خربت تلك البركة فيما بعد فأحيتها كريمة السلطان سليمان (مهر ماه) عندما أرسل سودون محمد إلى مكة المكرمة لترميم المسجد الحرام وتعميره. أرسلت كسوة مزينة من قبل شاه الفرس شاهرخ إلى القاهرة لتكسى كعبة الله، وأرسلت تلك الكسوة فى نفس العام بالقافلة المصرية إلى مكة المكرمة، وعلقت فى عيد الأضحى داخل كعبة الله وذلك لاتفاق تم بين الملك جاقمق وشاه الفرس الملك شاهرخ، إن الأمير جاقمق أمير اصطبل الملك الأشرف المصرى عندما اعتلى عرش سلطنة مصر بضربة حظ كان قد أرسل أحد أمراء الشراكسة يسمى (جيج كيوفا) إلى هراة لعقد اتفاق مع شاه الفرس فى سنة 842، وقد سر (شاهرخ) من هذا الاتفاق الذى تم بين الحكومتين العربية والفارسية أعظم سرور فأرسل تلك الكسوة الشريفة لتعلق على الكعبة ليظهر شكره، كما استجلب الدعوات بإرسال الصرر لسكان الحرمين فى سنة (843).
كانت قلة سبل الماء فى داخل مدينة مكة المكرمة تسبب كثيرا من الضيق والمشقة عندما كانت المدينة تزدحم بالحجاج فى موسم الحج، وكان أولو الأمر يتعرضون لكثير من المشاق والتعب لدفع ما يحدث من الشرور لقلة المياه. وأراد ناظر الحرم الشريف الشيخ بيرام إنقاذ الحجاج من العطش لقلة المياه، وفى نفس الوقت أراد أن يوفر المياه فى مكة المكرمة فأنشأ سبيلا فى حى المعلى وعدة أحواض متينة فى ساحة عرفات وملأها بالمياه، فروى عطاش المؤمنين فى سنة (853) ومع مرور الوقت خرب السبيل والأحواض التى أنشأها الشيخ بيرام، وابتلى الناس مرة أخرى وقوافل الحجاج بالعطش فقامت (مهر وماه سلطان) زوجة فاتح اليمن رستم باشا بإنفاق أموال طائلة، وعمرت ذلك السبيل والأحواض المذكورة سنة (967) كما أنشأت كثيرا من السبل فى داخل مكة المكرمة فأراحت سكان بلدة الله كما سبق ذكره فى صورة إحياء عين زبيدة بالتفصيل، وبعد سنتين من إتمام إنشاء الحوض المذكور أصلح الشيخ بيرام ورمم بعض الأماكن، فأصلح ونظف بعد ذلك بأربع سنوات بناء على الأمر الذى تلقاه من الحكومة المصرية الأحواض التى فى ساحة عرفات والتى امتلأت بالطين والتراب، كما طهر مجرى عين حنين وعمر مسجد
(1)
نمرة ومسجد الخيف المباركين، كما أصلح سلسلة عقود السبعة أروقة التى آلت للسقوط والكائنة فى الجهة الشمالية من المسجد الحرام وجدار المسجد الحرام وفى الجهة الشرقية مقابل تكية السلطان قايتباى، وجدد دور خلوة الشيخ عفيف الدين بن أسد اليافعى والشيخ جمال الدين محمد بن إبراهيم المرشد بعد أن بدل شبكاتها فى سنة (856)، وقد أرسل الملك الظاهر بعد تسعة أعوام كسوة مزينة غالية، وقد صنعت أطرافها التى تقابل الجهة الشرقية والشمالية من بيت الله الحرام من الحرير الأبيض، وزخرفت كل جهاتها بالخيوط الذهبية وعلقت على الكعبة يوم وصولها فى سنة (865).
(1)
نمرة اسم مكان فى عرفات أو اسم جبل الأميال الحديدية التى تحدد حدود الحرم فوق هذا الجبل، ويقع على يمين طريق المتوجهين من المأزمين إلى عرفات والمسجد اللطيف الذى يطلق عليه مسجد النمرة يقع فى هذا الموضع، ويقيم الحجاج صلواتهم فى هذا المسجد فى أيام عرفة.
وكان المشار إليه قد أرسل بعد ثلاث سنوات سلما ظريفا للصعود على سطح الكعبة الشريف، وما أن وصل السلم المذكور إلى مكة المعظمة حتى حضر أشراف البلاد والوجهاء وجميع موظفى الدولة ليكونوا فى شرف استقباله بكل تعظيم وتقدير، ووضع فى مكانه وذلك عام (868).
بعد مرور أربع سنوات خلع السلطان (قايتباى) سلطان مصر على أمير مكة (محمد بن بركات بن أحمد بن عجلان) وسائر الأشراف والأعيان خلعا فاخرة، كما بعث إليهم بمال كثير ليقتسموه فيما بينهم كما أرسل رسالة بمنع الظلم والعدوان، وأمر بكتابتها على الأعمدة المواجهة لباب السلام، وأصدر الأمر بتعمير وإصلاح مساجد النبى صلى الله عليه وسلم، وجميع الأماكن المقدسة وكذلك أمر بتطهير مجرى (عين عرفات) وذلك عام (872).
وبعد مرور عامين أصلح مسجد الخيف ومسجد نمرة والمسجد الحرام وجميع العيون والآبار وبرك عرفات وذلك فى عام (874). وبعد خمسة أعوام أرسل إلى المسجد الحرام منبرا فى غاية الروعة مزينا بالذهب الخالص وذلك فى عام (879).
وبعد عامين أمر بإصلاح السقوف داخل باب السلام وحجر إسماعيل ورخام المسعى الشريف، وكذلك ما فى داخل بيت الله الشريف من الرخام كما أصلح مئذنة باب النبى صلى الله عليه وسلم وعمرها وذلك فى سنة (881)، وأمر بكتابة بيان بذلك على لوحة من رخام وألصقها فى موضع داخل الحرم الشريف، كما أنه اشترى قطعة من الأرض المتصلة بالحرم الشريف وأنشأ عليها أربع مدارس وتكية وذلك فى سنة (882). وقد استغرق إكمال ما ينقص تلك المبانى سنتين وبعد إتمامها أسكن فيها من يقتضى الأمر إسكانهم، بعد ما انتهى السلطان قايتباى من بناء تلك المدارس والرباط بعث إلى إمارة مكة المعظمة الجليلة يقول «رأيت حادثة فى رؤياى وجعلت العلماء يفسرونها، فقالوا: «يجب غسل داخل الكعبة وخارجها وعندما يصل رسولى يجب أن تنظفوا خارج البيت الحرام وداخله، وأن تطهروه» وذلك فى عام (884).
وتلا على شريف مكة وأشراف بلد الله وأعيانه مرسوم السلطان قايتباى وبادر