الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأوهام الخوف، ومنذ ذلك الوقت أصبحت أذهب عقب كل صلاة إلى جبل الصفا وأمكث فى هذا المكان المبارك الميمون فترة.
نعم:
إن المسعى مكان غاية فى اللطف والسعد، وقد دفن فى هذا الطريق أنبياء كثيرون وليس هناك نبى لم يسع بين المروتين، ويجب على الذى يسعى فى هذا المكان أو يمر به أن يتذكر الأنبياء الكرام ويدعو.
ويجب الاستمرار فى قراءة سورة {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} ليس فقط فى مكة المكرمة، ولكن فى جميع البلاد وكل الأماكن.
فالذين يعتقدون بأن هذه السورة تدفع عن الإنسان الفزع والوهم والخوف لا تعتريهم أوهام الخوف». انتهى.
وتصيب الإنسان حيرة وهو يرى على جانبى طريق المسعى المحال والدكاكين، ووسط هذه المحال مكان للعبادة، ويدور فى خاطره استحسان رفع هذه السوق من هناك، وإذا ما لاحظنا أن هذه السوق كانت موجودة فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر بنقلها فلا ينبغى علينا إلا أن نسكت تأدبا قائلين: لا بد أن هناك حكمة من بقاء هذه السوق وهذا من الضرورات الدينية التى يجب أن يسلم بها كل مؤمن.
الأثر الثالث عشر: الحجر الأسود
هو ذلك الحجر السعيد الذى يشبه رأس إنسان والذى وضع فى الركن الشرقى من الكعبة المعظمة على ارتفاع (3 أقدام و 10 بوصات).
وكانت قطعة من هذا الحجر سقطت فى عصر القريشيين وحفظت فى بيت واحد من آل شيبة، وعندما حدد عبد الله بن الزبير بيت الله فى سنة (64 هـ) أحضرها وألصقها بفضة.
وحينما حج هارون الرشيد أدخله داخل غلاف فضى وفى خلال سنة (413 هـ) كسر أحد الملاحدة المصريين فى أثناء طوافه ذلك الحجر بضربة دبوس قائلا: إلى متى سيعبد الحجر ويحترم إن حضرة محمد عليه السلام وعلى - رضى الله عنه - يمنعاننى من كسر هذا الحجر، وها أنا ذا كسرت الحجر الأسود بضربة واحدة، وهدمت بيت الله الواحد. وهجم الموحدون الطائفون على ذلك
الرجل وقتلوه. إن أربعة عشر من الفرسان كانوا ينتظرون إنقاذ هذا الرجل، ولما رأوا هجوم الموحدين على القاتل وهلاكه نزلوا من ظهور خيولهم، وشهروا سيوفهم، وزحفوا داخل الحرم الشريف وتكاثروا فيه حتى كونوا جماعة، وخرّبوا بعض الأماكن وأتلفوا كثيرا من النفوس. وسقط الحجر الأسود من صندوق على الأرض فى أثناء هذه الفتنة، وظل فوق الأرضية الرخامية للمطاف، وفى اليوم الثالث جمع شجعان بنى شيبة قطع الحجر الأسود وألصقوها مستخدمين المسك والعجين المسمى لوكون
(1)
، ووضعوه فى داخل ظرفه وأعادوه إلى مكانه، وتعقب أهالى مكة كلهم القافلة المصرية ونهبوا كل ما يملكونه وقتلوا كثيرين منهم بسيف الشريعة المسلول.
وكان الشخص الذى أسقط الحجر الأسود على الأرض بضربة شقيا ذا وجه أحمر، طويلا سمينا كان خبيثا لا دين له ولا إيمان. وبناء على الرواية التى حققها محمد على بن عبد الرحمن العلوى إن هذا الحادث الأليم وقع فى سنة 413 هـ وبناء على قول ابن كثير أنه وقع فى سنة 414 هـ.
وفى سنة 421 حدث أن أحد ملاحدة الفرس (من البابيين) دنيئا جهنميا كسر جانبا من الحجر الأسود بضربة سيف، ولكنه ألصق بفضة خام وأحاطوا جوانبه الأربعة بحلقة فضية، وبعد مرور مائة وإحدى وخمسين سنة نزعه الشريف داود بن عيسى بن فليتة عند فتنته المفزعة وشيده وسواه السلطان مراد الرابع فى سنة 1043 هـ من جميع جوانبه بطريقة جيدة كما هو الآن، كما أن السلطان مصطفى خان هدم جدران جهاته الأربعة وبناها من جديد.
وبعد مرور مائة وإحدى وستين سنة يعنى فى سنة 1204 هـ عندما حدث ذلك الحادث المؤلم قد تكسر أحد جوانبه قدر إصبعين، إلا أنهم ألصقوه بلوكون الأسود دون أن يظهر الكسر.
(1)
عجين من الكلس مع الزيت.
والسبب فى ذلك الحادث القتال الذى شب بين الشريف غالب وأخيه الشريف عبد الله، إذ قام قتال عنيف بين الشريف غالب وابن أخيه الشريف عبد الله فى التاسع والعشرين من شهر صفر الخير. وفى السنة المذكورة أطلقت من القلعة المدافع والبنادق مدة ثلاثة أيام فلم يؤذن فى داخل الحرم لثمانية عشر وقتا من أوقات الصلاة، ولم تصل صلاة جماعة فى تلك الأوقات المذكورة.
وقد أصابت رصاصة الحجر الأسود فى أثناء ذلك الحادث وكسرت منه قطعة قدرها ثلاثة أصابع وأسقطتها، فألصقت القطعة المكسورة بمادة لوكون، وفى سنة 1259 هـ أمر السلطان عبد المجيد بإدخال الحجر فى ظرف فضى وأعاد تصليح مادة اللوكون بشكل جيد، وإلى الآن فالحجر الأسود على هذه الحالة، ولما كان قد ألصق بمهارة ودقة لا يفرق الإنسان إذا كان ملصقا أم غير ملصق، وهيئة الحجر مربع قريب إلى الاستدارة وحجمه أكبر من شبر وأوسع.
***