الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما كان ارتفاع جبل ثور عموديا فإنه يصعد من سفحه إلى حيث الكهف فى خمس وأربعين دقيقة، ولكن من يجدّون. فى الصعود يستطيعون الوصول إليه فى نصف ساعة وفى الجهة الجنوبية من ذلك الغار محل مكشوف آخر.
يقال إن عبد الله بن عباس كتب فيه تفسيره الكبير. وزيارة غار ثور قاصرة بين الأهالى على يوم السبت، ولكن الحجاج يمكنهم أن يزوروه فى كل الأيام، والذين يلجون فى هذا الغار لا يحزنون ولا يغتمون أبد الدهر. إن للغار بابان كما وضحنا أحدهما ضيق، والآخر واسع جدا لأنه فتح بضربة من جناح جبريل عليه السلام ويقال لمن لا يوفق فى دخوله الغار «إنه ليس ابن أبيه» .
قصة:
كان فى الزمن القديم رجل غنى جدا وفى فترة ما هلك أولاده وعياله وتلف ماله ولم يبق شئ فى كنفه، ومع هذا لم يكن يحزن أو يغتم، وقد أثارت هذه الحالة عجب أفراد قبيلته وقالوا له يا هذا قد فنى جميع أموالك وعيالك وإنك لا تظهر قدرا ولو قليلا من الحزن والهم كأنك لم تتأثر بما حدث لك؟! ما أعجب حالك؟ وما هذه اللامبالاة؟ وما أصبرك على الكوارث؟!.
فقال لهم: كنت قد سمعت من أحد الأشخاص أن الذى يدخل فى غار ثور لا يحزن لما يصيبه من مصائب الدهر الفانى؛ لذا دخلت فى هذا الغار بكل صدق وإيمان؛ ومنذ ذلك اليوم لم أتأثر لأية مصيبة ولم أتأسف لضياع شئ حتى إننى لا أعرف ما هو الحزن أو الألم بل نسيتهما فاستعجب قومه.
الأثر الثامن والأربعون: جبل حراء:
هو اسم آخر لجبل النور الذى بدأ فيه نزول الوحى. ويقع هذا الجبل فيما بين مكة المكرمة ومنى فى الجهة الشامية من بلدة الله، وعلى بعد ثلاثة أميال (أو ساعة واحدة) من المسجد الحرام بين الجبل المذكور وجبل ثبير الذى أمامه واد سعيد، يعنى أن (جبل النور وجبل ثبير) كلاهما يظلان على يسار الذاهبين إلى
منى، وقد حدثت واقعة شق الصدر فوق جبل النور، وقد بنى فوق أرض المكان الذى حدث فيه شق الصدر مسجد لطيف، وداخل مسطح هذا المسجد ستون قدما مربعا، والقبة التى فوق مبانيه تظهر من بعد ساعتين. وفى داخل هذا المسجد صخرة طويلة مجوفة، ويقال إن هذا المكان كان متكأ الرسول صلى الله عليه وسلم فى أثناء شق صدره الشريف.
والغار اللطيف الذى نزلت فيه سورة (اقْرَأْ) يقع على بعد خمسمائة خطوة فى الجهة الجنوبية من مسجد شق الصدر، فالزوار ينالون آمالهم بالزيارة سواء أكان الغار المذكور أو المسجد سالف الذكر، ولهذا الغار منفذ فى الجهة الجنوبية حيث تظهر منه مكة المكرمة تماما وقد ثبت بالروايات الموثوقة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتعبد فى هذا الغار قبل البعثة.
من الأشياء المهمة التى اختلف عليها علماء الأسلاف طريقة عبادة النبى صلى الله عليه وسلم قبل البعثة. إذ قال بعض العلماء إنه كان يفكر فى آيات الله، وفى الكون ومصنوعاته. وقال البعض كان يتذكر خلق الكائنات. وقال البعض إنه كان يتنسك ببعض الأعمال غير المنسوخة من دين موسى. وقال البعض وكان متمسكا بشريعة إبراهيم عليه السلام وقال البعض كان يتعبد بالأحكام الصحيحة للشرائع السابقة. وإن كان القول الأخير يبدو مرجحا على الأقوال الأخرى، ولكن بناء على أصح الأقوال وأوثق الروايات أنه كان يعمل وفق الأحكام الباقية من شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لأن طائفة العرب كانوا يعملون بأحكام من بقايا دين إسماعيل مثل الحج، والختان، وإرجاع زوجاتهم بعد الطلقة الأولى والثانية، واعتبار فدية الرجل مائة جمل، والاغتسال من الجنابة، والمضمضة والاستنشاق واستخدام السواك، وتحريم ذات المحارم، والاستنجاء، وتقليم الأظافر، واستخدام الشفرة، وقطع اليد اليمنى للص.
وقد عمل نبى آخر الزمان وفقا لهذا أعمال العرب وعاداتهم، وكان يجتهد فى الأعمال الأخرى حتى إذا ما اقتنع بأن ما يفعله من الأعمال حسنا فيعمل به، ولم