الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورة الخط السلطانى المقرونة بالسعادة
تقديما لمقابل الخدمة المؤادة لمكة المكرمة يعمل بموجب هذه الصورة للخط الهمايونى وليس بعد ذلك لأحد أن يتدخل فى أى شئ ومن يتدخل ممن ذكروا فليحرم عليهم طعامى وخبزى.
صورة البراءة العالية:
هذا هو حكم السلطان سامى المكانة فاتح الدنيا زينة ملوك العالم حفظه الله بالعون الربانى والصون الصمدانى.
إن رعاية الأمراء وإكرامهم وحمايتهم واحترام علية القوم العظام، من جملة الواجبات والمهمات السلطانية ولا سيما هؤلاء الذين يخدمون الدولة بنية صادقة وعقيدة راسخة ليلا ونهارا إنهم يسرون بنيل رحمتى ومكارمى السلطانية، بسهولة كما يفرحون بالوصول إلى آمالهم بألطافى الملكية. ولا سيما الذين كانوا مثالا فى أيام خلافتى لقول الله تعالى:{وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً} (الانسان: 22) بما قدموا من جليل الخدمات.
وبناء على هذا، قد استحق رضوان أغا المختص بعناية الملك العلام، إذ كان من أمراء مصر وقد قام ببناء الكعبة المكرمة والبيت المعظم عرش مكة المعظمة زادها الله شرفا وتعظيما، وأحسن إليه بإحالته إلى المعاش بإيراد ولايته التى كان يتصرف فيها.
وإنه كان قدوة للأمراء الكرام من ذوى الأقدار والاحترام وقد نشأ ونما فى حرمى السلطانى، وكان قد بعث ببعض المهمات والخلع إلى بلاد اليمن والحبشة قد بذل فى ذلك جهده وسعيه ولذا قد استحق رعايتى بتكليفه بخدمات أخرى فى المستقبل.
وقد هطلت الأمطار بمشيئة الله سبحانه وتعالى وحكمته على منزل الوحى المبين ومهبط جبريل الأمين وبلد الله الحرام وأطرافه، واقتحم السيل العظيم الحرم الشريف، فأصاب الخلل جدران بيت الله الحرام ومطاف الأنبياء العظام ومعتكف الملائكة الكرام، وانهار بعض جدرانه مما أثار الحزن والهم فى قلوب
عامة المؤمنين وهذا ما دعا إلى تجديد بنائه وتعميره وفق طرز بنائه القديم وقد أفتى العلماء والفقهاء ذوى الاحترام متفقين بجواز تجديد بنائه. ومن هنا أصبح بناء البيت من جديد حسب طرز بنائه القديم واجبا فرضا على ذمتى وعلى همتى العظيمة. إن آبائى الكرام - جعل الله الفردوس مرقدهم - وأجدادى العظام - أسكنهم الله فسيح جناته - قد أشاع كل واحد منهم الخير وأنفقوا كلهم الأموال فى الأعمال الخيرية وبذلوا الأموال فى إنشاء الجوامع والمساجد وبناء الصوامع والمعابد وتشييد الحصون والعمائر وتجديد الجسور والقناطر فهذا معلوم لدى الصغير والكبير عند الشباب والعجائز ولكن الله سبحانه وتعالى لم ييسر لأى واحد منهم شرف القيام ببناء الكعبة وتجديدها، الكعبة التى تتجه نحوها جميع مساجد المسلمين وتتخذها أمة سيد الأنام قبلة لها، بل شرفنى بأن يكون هذا العمل من نصيبى؛ لذا فشكرى لا حد له تجاه الملك المنان {هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} (النمل: 40) {وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (البقرة: 105) وقد عرفت أن هذا فضل عظيم خصنى الله به، لذا اخترت من طرفى - قرين العز والشرف - رجلا مستقيما دينا تقيا وعينته أمينا لتجديد أبنية الكعبة الشريفة وأوصيته ببذل السعى والجهد لإتمام البناء وكان هذا الرجل رضوان أغا بما يتصف به من الأمانة والتدين والصدق والاستقامة التى ترشحه بالأحقية فى القيام بهذه الخدمة العظيمة ولياقته لهذا الأمر.
وعرضت الأمر على وزيرى محمود باشا الذى كان واليا على مصر فى ذلك الوقت والذى نال الآن شرف العمل بين وزارتى فنفذ رغبتى بأن عين المشار إليه أمينا على بناء الكعبة الشريفة بمرتب سنوى قدره مائة ألف أقجة فى خمس مرات وهكذا نال اهتمامى إذ أحيلت إليه كل خدمات تجديد بيت الله وترك لعهدته وهمته. فما كان من رضوان أغا إلا أن شمر عن ساعد الجد لإتمام الأمور واستعجل فى إنهاء أعمال البناء بعد أن أخذ من العلماء الكرام والفقهاء العظام جواز تجديد بيت الله شرعا وهكذا جدد أبنية كعبة الله من أساسها ثم بدأ فى تعمير الجدران التى تحتاج للترميم فى الحرم الشريف مع القبب ومجارى السيول والبرك، وخاصة قلعة جدة بندر الحجاج والزوار ومعبر المسافرين والتجار، وكثيرا
من المواضع المباركة والمقامات المتبركة، طهرها ونظفها، كما أنه أنفق نقودا من جيبه الخاص ثم أحضر لنا بذاته كسوة الكعبة الشريفة القديمة لتحفظ فى خزانتى العامرة، ونال بذلك شرف المثول بين يدى، وقد كان قرينا لحسن التفانى فى عمله وعرض على ما قام به من السعى وما بذله من الجهد فى تجديد كعبة الله بالتفصيل.
وقد كتب لى أيضا وزيرى خليل باشا والى مصر الحالى وأشراف بلد الله الحرام وأعيانه بما أنجزه رضوان أغا من أعمال بكل صدق وإخلاص، وبكل هذا نال رضاى واستحق شكرى ورعايتى السنية وبما أنه قد خدم السلطنة منذ بلوغه سن التمييز والرشد فى داخل القصر وخارجه وكلف بأداء الخدمات السلطانية فى الأطراف والجوانب حتى أصاب أعضاءه وجوارحه الضعف بعد القوة.
ففضل التنازل عن اعتلاء المراتب العالية واثر فراغ البال والحياة فى السكينة والهدوء منزويا فى ركن العزلة؛ ليتفرغ للدعاء بطول عمر الدولة ودوام عزتها.
وبما أنه قدم خدمات جليلة بالإخلاص والعبودية الفائقة فهو يستحق أن ينال مثل أمراء مصر مرتبا سنويا وريع ولاية. وإنى رأيت أن أحسن إليه - وقد اشتعلت شمس كرمى تموج ببحر امتنانى - ابتداء من اليوم العاشر من شهر شوال سنة إحدى وأربعين بعد الألف، بمنحه ريع اللواء الذى كان تحت تصرفه على سبيل التقاعد. وبناء على أمرى السلطانى يجب أن يعفى من جميع الخدمات حتى يتفرغ فى بقية عمره للدعاء بدوام قوة الدولة وشوكتها، وقد أصدرت هذه البراءة لتلقى العناية التامة والعمل بها وأمرت بأن يعطى المشار إليه رضوان أغا دام عزه مائة ألف أقجة فى خمس مرات إحسانا له مقابل خدماته العظيمة ومعه إيرادات اللواء الذى تحت تصرفه ومعه الجراية والمعلف والفدان من الخزينة الخاصة حتى يعيش حياة مترفة بفضل عنايتى ويعفى من جميع الخدمات التى يكلف بها أمراء مصر من خدمة المحافظة وإيفاده إلى اليمن والحبشة ونقل خزنته العامرة فيعيش مدة حياته صافى القلب صحيح القالب ويتفرغ للدعاء ليلا ونهارا بطول أيام السلطنة العادلة والثناء على دولة الخلافة.