الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الثانية فى توسيع حرم المسجد الحرام للمرة الثانية
بعد سيل «أم نهشل» الذى سبق التعريف به آنفا بخمسة عشر عاما وفى العام السابع والعشرين من هجرة النبى. صلى الله عليه وسلم أراد سيدنا عثمان بن عفان (رضى الله عنه المنان) توسيع ساحة الحرم الشريف أكثر من قبل وأراد شراء بعض البيوت القريبة من الحرم، إلا أن أصحاب تلك البيوت جأروا بالشكوى وألحوا فى التمسك بعدم الرضوخ لرغبة الخليفة، وأطالوا ألسنتهم بكلام مستهجن لا يليق، فجمعهم الخليفة وقال لهم:«إنما أطمعكم فىّ ما أتصف به من حلم وحياء فأخذتم تصيحون وتطيلون ألسنتكم ولم تستطيعوا أن تخرجوا ألسنتكم بالسوء فى أيام سلفى» واستمر يوبخهم لفترة ما ثم أمر بأن يحبس ويؤدب كل الذين لا يريدون تسليم منازلهم لتوسيع ساحة المسجد الحرام فجمع كل المخالفين وقبض عليهم وحبسوا.
إلا أن عبد الله بن خالد تقدم بالشفاعة لدى الخليفة ووفق فى تخليص جميع المخالفين، وأدخل الخليفة الأراضى التى استولى عليها من المخالفين المذكورين ضمن ساحة المسجد الحرام، فأصبح طول الحرم الشريف (288) قدما و (8) بوصات، وعرضه (212) قدما و (6) بوصات، ورفع سور الجدار الذى بناه عمر بن الخطاب وأضاف إليه كثيرا من الأسقف، وبذلك اتسعت مساحة الحرم الشريف على النحو المرغوب، وبلغت عمارة الحرم الشريف غاية كمالها، وعندما استعد للعودة جاء وفد من أهل مكة ورجوه أن ينقل الميناء الكائن فى ساحة «الشعيبية» إلى جدة إلا أن صلاحية جدة لتكون مرفأ كان لا بد من التأكد منه برؤية العين لذا تفضل بتشريف جدة بذاته ليكشف صلاحية المكان ويعاينه.
وقد عرف الخليفة أن شاطئ جدة أقرب إلى مكة المفخمة وطريقه خال من الخطورة، وأن جعل جدة ميناء أكثر أمنا وصلاحية من جميع الوجوه، وبعد أن أجرى فى هذا الخصوص التدقيقات والبحوث الكاملة بأن يترك تشغيل ميناء «الشعيبية» ويتخذ جدة مرفأ للسفن، وبما أن الاستحمام فى البحر كان مفيدا للجسم أمر بأن يستحم من كان معه فى البحر كما أنه بالذات! استحم فى البحر ثم عاد فى النهاية من طريق (عسفان) إلى قصر الخلافة فى مهجر النبى صلى الله عليه وسلم
وبعد هذا التعمير بفترة
(1)
اشترى حضرة معاوية دار الندوة وضمها إلى ساحة الحرم الشريف، وفى سنة (75) الهجرية قام عبد الملك بن مروان ببعض الإصلاحات فى الحرم الشريف، وكذلك فعل ابنه وليد بن عبد الملك فى سنة (91) الهجرية.
وقد أرسل إلى والى مكة عبد الله القسرى كثيرا من الأعمدة الرخامية، وكتب له موصيا بأن يعمر الحرم الشريف بشكل يليق بمكانته وليس هناك قبل الوليد من أرسل أعمدة رخامية لتعمير الحرم المكى.
***
(1)
فى السنة الرابعة والأربعين من الهجرة.