الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الرابعة فى مسألة تقسيم كسوة كعبة الله وبيانها
كان يوجد فيى جاهلية العرب فوق الكعبة أشياء غالية متراكمة، وفى أوائل الدولة الإسلامية قد هيئت كسوة من قبل بيت مال المسلمين، فأنزلت الأشياء الغالية من فوق كعبة الله وقسمت بين المسلمين، وكان عمر بن الخطاب فى عهد خلافته يقوم بتجهيز كسوة جديدة لبيت الله، ويعلقها عليه، ويقسم الكسوة القديمة علي الحجاج المسلمين للتبرك بها وأظهر عثمان بن عفان تعظيما لكعبة الله بأن كساها بقطعتين من الكسا، وأرسل معاوية بن أبى سفيان بعض الأقمشة الغالية من الشام، وأمر شيبة بن عثمان (رضى الله عنه) بأن ينزل كسوة الكعبة العتيقة ويعلق الكسوة الجديدة على الكعبة، بعد تنظيف جدران كعبة الله الأربعة، وبعد تعليق الأقمشة الجديدة الواردة إلى الكعبة قطع الستارة القديمة قطعا صغيرة أمام ابن عباس - رضى الله عنه - ووزعها على سكان حرم الله وقسمها.
ولم يستكره عبد الله بن عباس ولم يستهجن ما صنع شيبة ابن عثمان من تقسيم الكسوة الشريفة وتوزيعها، إيماء إلى جواز ذلك ورأى بعضهم أنه لا كراهية فى ذلك.
ذهب شيبة بن عثمان لما كثرت كسا كعبة الله إلى أم المؤمنين زوج النبى صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة - رضى الله عنها - وقال لها: يا عائشة كثرت كسا بيت الله عليه، ما رأيك لو خلعنا الكسا القديمة ودفناها حتى لا يكتسيها الجنب من الرجال، والحائض من النساء» فقالت المشار إليها: إن كنتم لم تفعلوا ذلك إلى الآن فلا تفعلوه بعد ذلك، فلا بأس فى أن يأخذ قطع هذه الكسا من يأخذ وليفعل بها ما يشاء، ولكن إذا ما بعتم هذه الكسا القديمة وأنفقتم ثمنها فى وجوه الخير أفضل».
وقال أئمة المذهب الحنفى: الرأى فى التصرف فى كسوة بيت الله متروك للسلطان.
قال القاضى الخانى: عند ما تقدم كسوة كعبة الله فليأخذها سلطان الزمن، ولينفق ثمنها فى أمور بيت الله.
وقال الإمام محمد إذا ما قدم لإنسان ما قطعة ثمينة من كسوة الكعبة الشريفة فليأخذها ولا بأس فى أخذ الفضة إذا كان ثمنها قليلا» كما قيد فى تتمة الفتاوى.
وقال الإمام الزركشى وهو من أئمة المذهب الشافعى بعد أن منع بيع ستارة بيت الله: أوصى بأن يردها من أخذها. وقال ابن الصلاح هذا الموضوع متروك لرأى ملك ذلك العصر وإرادته، لأن الملوك السابقين كانوا يهدون الكسا القديمة لبنى شيبة، وهؤلاء كانوا يبيعونها وينفقون ثمنها فى أمورهم الخاصة، وأشار بهذا إلى أنه لا كراهة في بيع الكسوة.
وبناء على رأى القطب المكى وحكمه؛ إذا كانت الكسوة قد صنعت بالإنفاق من بيت مال المسلمين فالأمر فى الكسوة القديمة متروك لرأى الملك، وإذا كانت الكسوة قد صنعت بأموال وزارة الأوقاف فالحكم فى الكسوة متروك لشرط الواقف، وينفذ شرطه وإذا كان شرط الواقف غير مشروع تنفذ أحكام الوقف السابقة، ويجرى عليها حكم الكسوة السابقة، ولما كانت الكسوة الشريفة في عصرنا هذا تبعث من خزانة وزارة الأوقاف السلطانية، وكان شرط الواقف مجهولا يبقى الحكم كما كان قديما فتعلق الكسوة الجديدة، وتخلع الكسوة القديمة وتقطع قطعا وتباع.
وقد جرت العادة أن تكون ستارة كعبة الله المزركشة وحزامها القديم من نصيب الشخص الذى يشغل منصب شريف مكة، وكسوة بيت الله الشريفة من حق حامل مفتاح بيت الله السيد شيبة.
إن ستارة باب كعبة الله ترسل إلى باب السعادة فى سنين الحج الأكبر، وتباع للصياغ فى الأعوام التالية، والخواتم التى تجلب من مكة تصنع من الخيوط