الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالحجر الأسود ثم وقف أمام المقام الحنفي أي حذاء الميزاب الذهبي فترة ما، ثم برك على الأرض وأسلم روحه وهو يسكب دموعا مثل حبات الحمص.
قد أثار الحدث عجب الناس وحدتهم، وشد انتباههم ثم رفعت جثة الجمل ودفن في مكان في شارع المروتين أي في محل وسط المسعى الشريف وذلك في سنة (815)، وبعد وقوع هذه العجيبة بعام واحد ابتاع الشريف حسن ابن عجلان ساحة المستشفى التي أقامها المستنصر بالله الكائن في جهة الشمال من جدار المسجد الحرام، ثم جدد المستشفى وأوقفه على علاج المرضى الفقراء، كما أصلح وجدد كمر بابين أوشكا على السقوط في الجهة الجنوبية من جدار الحرم الشريف في سنة (816)، كما أن الملك المؤيد زين ألواح مصراعي باب كعبة الله بأن طلاها بالذهب في خلال تلك السنة أى (816).
زيادة:
قد انهدمت المستشفى التي جددها الشريف عجلان بعد (110) سنة، واشترى السلطان سليمان خان من سلاطين العثمانيين ساحة المستشفى المذكور وخرائب تكايا أحمد كجراوي من سلاطين الهند والشيخ طاهر وكذلك المنازل المتصلة بها، وبنى أربع مدارس كبيرة لعلماء المذاهب الأربعة وجعلها وقفا. إن هذه المدارس الأربعة مازالت قائمة إلى يومنا هذا وعامرة كما سيأتي ذكرها فيما بعد.
قد اتخذ جلبي سلطان بن سلطان يلديرم بايزيد خان - عليهما الرحمة والرضوان - إرسال صرة
(1)
إلى أهالى الحرمين الشريفين من ريع أوقافه الخاصة، كما اقتفى نجله النجيب السلطان مراد خان آثار أبيه - جعل الله مثواه الجنة - فأرسل إلى أهالي الحرمين ما مقداره (3،500) من الذهب الفيلوري واتخذت هذه العادة حكم القانون في سنة 817، وترسل كل سنة، كما أرسل السلطان مراد الثاني في سنة (855) لجميع أهالي الحرمين (801) كيس من النقود.
(1)
ولم تكن البلاد العربية قد ضمت إلى الدولة العثمانية بعد، وبما أن هذه الصرة كانت تبعث من بلاد الروم أطلق أهل الحرمين على صرة السلطان المشار إليه (الصدقة الرومية).
وقبل عامين من هذا كان الملك المؤيد قد طلا باب كعبة الله بالذهب وزخرفه، كما أرسل منبرا ثمينا وسلما جديدا، وضع السلم في داخل كعبة الله للصعود إلى سطح البيت، كما وضع المنبر في مكانه الخاص في سنة (818).
وبعد أربعة أعوام من هذا انهارت مظلة
(1)
المذهب الشافعي، أي قبة زمزم فجأة وأصبحت قطعا وخرابا ولكنها جددت فأصبحت بناء محكما بديعا رائعا في عام 822 هـ، وفي نفس العام طهرت ووسعت أحواض ماء زمزم وعين بازان التي خربت من السيل، كما نظفت وعمقت قنواتها ومجاريها التي امتلأت بالطين والتراب في سنة (823). إن السطح الشريف لبيت الله الذي كان قد رمم وأصلح قبل أربعة عشر عاما قد جدد مرة أخرى، كما أصلحت الأماكن المحتاجة للإصلاح من المسجد الحرام، فبدلت قطع الرخام التي كانت مفروشة في داخل بيت الله بأخرى جديدة. وبدلت الصفائح التي كانت على طلاء جدران الكعبة الداخلية ثم أعيد كل شئ إلى مكانه بعد تغيير ما لزم تغييره وإصلاح ما أمكن إصلاحه. وأراد السلطان برسباي سلطان مصر تغيير زخارف الأعمدة الداخلية لكعبة الله، وعرض الأمر على والى مكة وبتوجيه من أمانة الأبنية المقدسة أرسل إلى الحجاز ذات المناقب السنية الأمير (مقبل) في سنة 824 هـ. وصل الأمير مقبل في أوائل السنة المذكورة إلى مكة المكرمة، وابتدر في أداء مهمته بعون مادي ومعنوي من قبل والى مكة، فرمم وأصلح الأماكن المحتاجة للتعمير والترميم من الحرم ثم هم وأصلح سطح بيت الله على الوجه المطلوب، واقتلع قطع الرخام التي تغطي أرضية كعبة الله كما اقتلع الصفائح التي تغطي جدران كعبة الله، فبدل قديمها وأصلح ما يمكن إصلاحه ثم وضع كل شئ في مكانه، وهكذا جدد من هيئة بيت الله القديمة فأعاد له رونقه وجماله.
وبعد أن زخرف الأمير مقبل الأعمدة التي في داخل كعبة الله وجدد قطع
(1)
كانت هذه المظلة فوق باب زمزم وفي عام 702 هـ، أمر ملك مصر بتسقيف المظلة حتى تصلح لجلوس المؤذنين وأداء مهمتهم.
الرخام التي في داخل الحطيم الكريم وخارجه أصلح وجدد كمر باب الجنائز وكان يطلق على باب الجنائز قديما (باب العباس) ولما أصبح إدخال توابيت الموتى من هذا الباب عادة أهل البلد أطلق عليه (باب الجنائز). إن أهالي الحرمين كانوا يدخلون جنازاتهم أولا في الحرم الشريف حيث يصلى عليها ثم يدفنونها في مقابرهم.
إن التوابيت التي يستخدمها أهل مكة المشرفة لا تشبه التوابيت المستخدمة عندنا فإنها قطعة خشب مستطيلة مثل الطوق وهي عادة باقية من عهد الجاهلية بناء علي اعترافهم، وتغطي جثة الميت الذكر بقطعة قماش مستوية بينما تغطّى جنازة الأنثى بقطعة قماش مقوسة.
وأخيرا جدد عدة عقد في الطرف الشمالى من المسجد الحرام، ثم جدد مداخل باب العباس وباب علي، كما جدد مدخل (باب الصفا) الأوسط ومواقع (باب العجلة) و (باب الندوة الزائد) وأضاف إلى (باب الزيادة) ثلاثة كمرات.
ثم رفع الأعمدة التي تحمل هذه العقد، وأصلح ما يجب إصلاحه من الأبواب الأخري، وغير الستارة الحمراء التي في داخل الكعبة، ثم ألصق وعلق اللوحات الرخامية المزخرفة والتي أمر السلطان برسباي بتذهيبها وترتيبها على جدران كعبة الله الداخلية، وأنهى مهمته في صفر الخير من سنة 825، وعاد إلى مصر وقد جدد السلطان برسباي بواسطة الأمير مقبل قطع الرخام التي في داخل بيت الله كما بدل وجدد طلاء جدران بيت الله الداخلية كما عمر باب الجنائز.
كما أنه أنعم وأحسن إلى الحجاج الذين حجوا بالقافلة المصرية إحسانا جما، وكان يبعث من المحمل المصري مظلات يقيمها حيث يبيت الناس ليظلل عليهم، ويروى أن هذا الشخص كان يأمر بذبح كثير من الأغنام وتوزيع لحمها مع الخبز والبقسماط على الحجاج.
وبعد عودة الأمير مقبل بسنة بعث الملك المظفر من ملوك اليمن المنقرضة مبلغا من المال مع رسوله الخاص، ورجا أن يعمر ويصلح ما يقتضي الأمر إصلاحه من مواقع الحرم الشريف. واتصل الرسول بوالي مكة المعظمة واستصدر إذنا من الحكومة المصرية بواسطة الوالي للقيام بمهمته، ولما كان سطح كعبة الله في حاجة إلى التعمير والإصلاح؛ فعمر قطع رخام السطح وأصلحها ثم سجل ما قام به على لوحة رخامية وألصقها على الجدار الغربي للكعبة المعظمة في سنة 826.
وظلت كعبة الله والمسجد الحرام على حالهما بعد إصلاح الأمير مقبل ثمانية عشر عاما ولم يظهر فيهما ما يوجب إصلاحهما شرعا؛ إلا أن الحال لم يستمر طويلا بعد ذلك واحتاجت بعض أماكن البقعة المقدسة للتعمير بل وصل هذا إلى درجة الوجوب، فأرسل الملك جاقمق العلائي من ملوك الشراكسة في مصر الأمير سودون محمد من أمراء مصر لتعمير قطع الرخام التي فوق سطح كعبة الله وما يقتضي الأمر تعميره من الحرم الشريف وذلك في سنة (843) ولما وصل (سودون محمد) إلى مكة المعظمة بدل رخام سطح الكعبة الشريف كما غير الألواح الخشبية التي لم تعد صالحة في السقف العالي لكعبة الله، ثم عمر وشيد المآذن التي آلت للسقوط، ثم خلع كسوة الكعبة الشريفة ووضعها في داخل البيت الحرام. ثم أصلح وسوى الجدران الخارجية لبيت الله بطريقة جيدة خلال يومين، وجدد قطع رخام الحطيم الكريم كما جدد باب المعلى لكعبة الله وجميع الأماكن المحتاجة للتعمير من الحرم الشريف السقوف والرفوف، ثم عمر قباب مقام إبراهيم والمقام الحنفي وباب زيادة إبراهيم وطهرها، وركب في المحل الكائن في شارع المسعى الشريف والملاصق لدار العباس وفي مقابل بازان ميلين أخضرين ومع هذين الميلين علق فوق كمري الصفا والمروة قنديلين، وبهذا أنار شارع المسعى الشريف وزينه ثم عمر ورمم جميع المساجد النبوية التي في طريق عرفات الذي يبدأ من مقبرة المعلا وينتهي عند جبل الرحمة، وطهر طريق عرفات بأن قطع الأشجار والأشواك التي في حذاء طريق المأزمين؛ وهكذا أنقذ الحجاج