الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحطيم أتجه إلى مخزنين للمهمات
(1)
فى ساحة المسجد الحرام وعمرهما، وجعل أحدهما دارا للميقاتى والآخر مكتبة
(2)
وجلب لها كتبا كثيرة من إستانبول، وهكذا زين تلك المبانى وفى النهاية جدد مبانى مسجد الخيف، ثم جدد المسجد الكائن فى الطائف، وضريح عبد الله بن عباس (رضى الله عنهما) كما جدد بإحكام مقبرتى (طاهر) بن الرسول صلى الله عليه وسلم ومحمد حنفى
(3)
بن على (رضى الله عنهم) وذلك فى عام (1262).
بعد العصر المذكور بمدة صدر الأمر السلطانى بتجديد الدار التى شهدت مولد النبى صلى الله عليه وسلم، ومسقط رأس الصديق، وسقط رأس على بن أبى طالب رضى الله عنهما، وكذلك الأضرحة ومقابر الشهداء التى فى طريق العمرة، وضريح السيدة ميمونة صلى الله عليه وسلم ومسجد مذبح إسماعيل عليه السلام
(4)
، وعمر سبيل باب الصفا الذى كان قد اتخذ دار خلاء، فجعل دار أبى جهل وأبى اللهب فى باب النبى دارين للخلاء، وجدد غطاء مقبرة أم المؤمنين ميمونة (رضى الله عنها)، وبنى سبيلين أمام ضريحها، وألحق بعض الحجر بالدار التى ولد فيها أبو بكر رضى الله عنه، واختصها بالخدم، وجدد منازل الخدم التى تتصل بمسقط رأس حمزة (رضى الله عنه) وذلك فى سنة (1262).
رؤيا عثمان باشا
بينما كان عثمان باشا ينهى عمليات ترميم دار مسقط رأس حمزة، رأى فى منامه أن حمزة - رضى الله عنه - قد شرف داره بالزيارة، وفسر الذين سئلوا عن تفسير الرؤيا ما رآه عثمان باشا فى منامه بأن حمزة - رضى الله عنه - قد سر وابتهج من تعمير مسقط رأسه، وعلى هذا قد ذبح الباشا المذكور كثيرا من القرابين على أنها من قبل السلطان، ووزع لحومها على الفقراء والمساكين، وبما
(1)
كان اسم المخزنين قبة الفراشين.
(2)
وفى عام (1298) كل من دار الميقاتى والمكتبة.
(3)
محمد بن على بن أبى طالب، أبو القاسم بن الحنفية - نسبة لأمه من بنى حنيفة - المدنى، ثقة عالم، مات بعد سنة 80 هـ. انظر: تقريب التهذيب 192/ 2.
(4)
فى منى.
أن مذبح إسماعيل كان خاليا من الجدار فأحيا ذلك المكان ببناء الجدار، كما أنه هدم البيت الخاص ببنى شيبة، وأنشأه من جديد، وبهذا استجلب دعوات الأهالى والزوار بالخير للسلطان سنى المناقب وذلك فى سنة (1262) وظلت مبانى المسجد الحرام بفضل هذه العمارة أربعة وثلاثين عاما بعيدة عن الخلل؛ إلا أن رخام المطاف وأماكن أخرى احتاجت إلى التعمير، وبناء على هذا جدد الرخام المذكور وكذلك الأحجار التى فرشت بها تحت القباب، وكذلك الأحجار التى فرشت بها أرضية بيت الله أو أصلحت إلا أن مبانى المسجد الحرام ظلت بعيدة عن المساس وذلك فى سنة (1293) وفى تعمير أحجار داخل الكعبة وتجديدها نظم مفتى مكة الشافعى أحمد دحلان أفندى هذا التاريخ:
لسلطاننا عبد المجيد محاسن
…
ومن ذا الذى بالحصر يقوى عدد
وقد حاز تعمير الباطن كعبة
…
وتاريخه بيت مزيد يجدد
بناء بدا زهوا لداخل كعبة
…
وسلطاننا عبد الحميد المجدد
ورأى مهندس البلدية الذى عهد إليه بالتعمير أن بعض الأماكن المقدسة أشرفت على الخراب، وعرض ذلك على المسئولين مع الخريطة التى رسمها للأماكن التى يلزم تعميرها.
ولكن الزمن لم يكن مساعدا لكل هذا العمل والتزم ألا يفتح الباب لنفقات باهظة لتعمير سطحى وتسوية قليلة. وفى الخريطة التى وضحت الأماكن التى تحتاج إلى التصليح فى المسجد الحرام رئى تجديد وترميم عدة أعمدة قائمة أمام محفل الشافعية والمدرسة الداودية وباب إبراهيم (الزيادة)، ليعنى إصلاح أربعة أعداد من الأعمدة الرخامية التى تحمل القبب الحجرية التى فى الساحة الرملية
من باب العمرة، وكذلك ثلاث قبب ملاصقة للمدرسة اليمانية التى تلاصق باب إبراهيم (الزيادة)، يعنى أن الأعمدة الثلاثة التى تعد كأرجل تحمل عقود القبب التى قد برزت عن مستواها وأوشكت على الانهيار بغتة، وكما بدا أن ترميم تلك الدعائم سوف يكلف (75000) قرش ولذلك صرف النظر عن إصلاح المظلة الشافعية، ورئى أن يدعم الأعمدة الثلاثة التى أمام المدرسة الداودية والثلاثة أعمدة الواقعة بجانب قصر نقيب السادات بدعامات وقتية ومساند؛ لأن إبقاءها على حالها كان خطرا، وفعلا اتخذ الإجراءات اللازمة لذلك وبهذا أعيد للناس ما سلب منهم من الشعور بالأمن وذلك فى سنة (1296).
وقد أدرك بعد تنفيذ القرار السابق بعامين أن الأعمدة الستة ستنهار بغتة، وأن إبقاءها على تلك الحالة فى المسجد الحرام غير لائق، وسيثير قلق المسلمين ولا سيما أولئك الذين يعيشون تحت إدارة الدول الأجنبية من إخوان الدين.
لذا رأى عثمان نورى باشا والى الحجاز وقائد جيش الدولة العثمانية فى الحجاز أن يكشف وأن يعاين بدقيق الفحص تلك الأعمدة من قبل ضباط أركان الحرب من جديد، ثم بعث بنتيجة الفحص مع الخريطة السابقة التى رسمت من قبله إلى الباب السلطانى، واستأذنه فى تعمير تلك الأعمدة، ولما وصل الإذن السلطانى أمرا بهدم تلك الأماكن عين القائم مقام صادق بك كبير مهندسى عين زبيدة للقيام بالبناء.
وفى غرة رجب عام (1299) شرع صادق بك فى إيفاء ما كلف به فهدم القباب المذكورة وبسهولة جر الأعمدة الرخامية التى ترفع العقود بواسطة آلات الجر وربطها فى أماكنها بأوتار حديدية ربطا محكما، ثم أقام عليها القباب طبق أصول الفن المعمارى، وبذلك رفع الخطر الذى كان يهدد الناس فى داخل الحرم الشريف وذلك فى سنة (1311).
بينما كان صادق بك مشغولا بإقامة القباب المذكورة رأى أن الأعمدة التى تحمل القبتين اللتين أمام باب على ومتصلتين بالساحة الرملية تزحزحت
أعمدتهما، فأخبر بذلك عثمان باشا وتلقى منه الأمر بالإصلاح فهدمها وأقامها وفق الفن المعمارى والقاعدة الهندسية بصورة متينة رصينة وذلك فى سنة (1319).
وقبل الدخول إلى الحرم الشريف من باب إبراهيم كان هناك ثلاث درجات وفى وسط القبتين حجر فى طرفيه درجات الارتقاء والنزول، وقد جعلت بطريقة سيئة مما كان يسبب لجماعات المسلمين فى طلوعهم ودخولهم مشقة كبيرة، وعند إدخال الجنازات فى الحرم كان بعض المسنين الضعفاء يسقطون على الأرض تحت الأقدام ويضجون بالصراخ.
ولما أبلغ الأمر من الأهالى والمجاورين إلى عثمان باشا أمر بهدم ذلك المكان وتجديده وتوسيعه، فجدد كما ينبغى فسهل الصعود والنزول وذلك فى عام (1299).
وكان فى الطرف الشرقى للكعبة وبالقرب من بئر زمزم فى جهة باب على قبتان يرجع عهدهما إلى زمن قدماء الملوك، وكانت مساحة كل قبة ستة أمتار مربعة فأمر السلطان عبد المجيد والد السلطان فى عام 1262 بتحويل أحد القبتين إلى بيت للميقاتى والأخرى إلى مكتبة، ولكن وجود هاتين القبتين كان يضر بالحرم الشريف، ويحول دون رؤية المصلين الذين يصلون أمام باب على وباب عباس للكعبة الشريفة.
كما أن مياه السيول المتراكمة فى وادى إبراهيم عندما تهطل الأمطار كانت تدخل إلى داخل الحرم الشريف وتتلف كتب المكتبة القيمة، وبناء على ذلك وقبل سبعة عشر عاما أى فى عام (1284) أفتى شيوخ المذاهب الأربعة بهدم هذه الأبنية ونقل ساعات الميقاتى وكتب المكتبة إلى أماكن مأمونة، وتخصيص ذلك المكان لأداء الصلاة فيه ورغم أن الفتوى كانت بإجماع الآراء وقد حازت موافقة السلطان؛ إلا أنها لم تنفذ إلى الآن لسبب مجهول، ولكن عثمان باشا أمر بنقل مكتبة المدرسة السليمانية ودار التوقيت إلى مكان مناسب فى ناحية باب النبى، وتسوية أرضيهما وفرشها بالرمال وذلك فى سنة (1319).