الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحمل النفيسة مكشوفتين ليجلو الناس عيونهم بمشاهدتها، ويبتهجون برؤيتها، وبعد إجراء العادة المرعية قديما من التسليم والتسلم، تطلق المدافع ثم تحمل إلى المسجد المسمى بمسجد الحسين فى موكب منظم غاية التنظيم. إن الجامع المذكور كائن فى الجهة الجنوبية من خان الخليلى المشهور.
وتجرى الاحتفالات على صورة كاملة جميلة بانتظام تام، ويتقدم الموكب العظيم الجنود النظاميون وتمر بعدهم الكسوة الشريفة للبيت المعظم بأجزائها الثمانية وثمانى قطع من الأحزمة المزركشة، وقطعتين من الستائر المذهبتين، وكساء مقام إبراهيم (على نبينا وعليه التسليم)، وستارة بابه وكل واحدة منها فوق ألواح خشبية، وهذه الألواح محمولة فوق الأعناق حرمة وتوقيرا لها، وتمضى مجموعة بعد مجموعة، وعقب ذلك يمضى صناع الكسوة الشريفة وموظفو تلك الهيئة حاملين كيس مفتاح باب الكعبة المعظمة المنسوج، ويمضى وكيل ديوان المحافظة والضباط الآخرون راكبين خيولهم وممتطين جيادهم، ويمر بعدهم مشايخ الطرق بأعلامهم متعددة الألوان مهللين مكبرين منشدين الأناشيد الدينية والأشعار. وإن كان منذ وقت طويل يجرى الاحتفال بهذا الموكب يعنى منذ أن اعتادت الدولة العلية تجديد كسوة الكعبة الشريفة كانت تنسج فى القاهرة مصر، وترسل مع قافلة حجاج مصر، وعندما استولى الفرنسيون على مصرفى سنة (1213) قد صنعت تلك الكسوة حول شادروان مسجد السلطان أحمد، ونقلت فى الحادى عشر من شهر رجب سنة (1213) فى موكب خاص عظيم إلى القصر السلطانى، ثم نقلت مع الصرة السلطانية إلى اسكودار غد ذلك اليوم، وهكذا أجرى الاحتفال بموكب المحمل فى تلك السنة فى باب السعادة، ولكنه الآن يجرى فى مصر القاهرة على ما كان عليه فى السابق.
صورة دخول المحمل الشريف إلى مكة المكرمة
يقوم المحمل الشريف المصرى
(1)
من القاهرة مصر برا، ويمضى إلى مكة المعظمة دون أن يمر بالمدينة المنورة، وعندما يصل الشخص الذى أنيط به سوق
(1)
لما كان المحمل الشامى فى معية أمين الصرة الذى كان فى صحبة حماية أمين مؤونة الحج الشريف لذلك يصاحبه جنود نظامية سلطانية فى ذهابه وإيابه.
المحمل وتوصيله إلى وادى فاطمة يخبر أهالى مكة باليوم والساعة التى سيدخل فيها إلى مكة المكرمة.
ويخرج أمير مكة ومعه الجنود النظاميون وجنود الشرطة يوم وصول المحمل لاستقباله، كما يصاحبه أغلب الموظفين يستقبلونه عند مسجد عائشة، ويأتون به إلى ميدان ذى طوى
(1)
، وينصب مندوب المحمل خيمة فى ساحة ذى طوى الواسعة بعد أن يصل إليها من مسجد عائشة وهو يطلق البنادق والمدافع فى سيره، ويظل منتظرا حتى وصول المحمل الشامى.
وبما أن المحمل الشامى قد أخبر ساعة وصوله إلى أهل مكة مثل المحمل المصرى
(2)
يخرج الأهالى الكرام لاستقبال المحمل الشامى مثل المحمل المصرى عند مسجد عائشة. ويستقبلونهما من مسجد عائشة ويوصلونهما إلى مكان خاص أمام قبور الشهداء
(3)
ويشترك فى إقامة مراسم الحفاوة والترحيب الباشا الوالى والأشراف والأعيان.
وبعد أن يضرب هذين المحملين خيامهما فى الأماكن الخاصة التى ذكرت، وبعد الانتهاء من مراسم الاحتفال والترحيب يتجهان إلى صحراء منى الساكنة فى موكب عظيم فخم من خارج حرم المسجد الحرام بالذكر والتهليل أمامه الجنود السلطانية وخلفه الداعون للسلطان فى سكون ووقار، ومن هناك يمضى الموكب إلى عرفات وبعد وقفة عرفات يرجع إلى المزدلفة
(4)
، ومن هناك إلى منى حيث يقف ثلاثة أيام بلياليها، وتجرى الاحتفالات السارة، وإلى أن يصل الموكب من عرفات إلى المزدلفة توقد المشاعل المتعددة، وتطلق المدافع والبنادق طلقات لا حصر لها بينما يستمر الدعاء الواجب أداؤه للسلطان بدوام الرفعة والشوكة والعز.
(1)
طوى: الآبار المباركة وبما أنها فى مكان مكشوف يطلق عليها ميدان ذى طوى.
(2)
يحمل المحمل المصرى علم عمر الفاروق رضى الله عنه أيضا.
(3)
قبور الشهداء اسم المقبرة التى دفن فيها عبد الله بن عمر رضى الله عنه.
(4)
من العادات المرعية أن تطلق البنادق والمدافع كل ثلاث دقائق أمام والى مكة والحجاز وأمير مكة وشريفها وأمين الصرة.