الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحن استطعنا أن نحصل على صورة لحجة الوقفية التى أرسلت فى ذلك الوقت إلى والى مصر والتى تبين موارد تلك القرى فى ذلك العصر وقيمتها وكيفية إنفاقها وإدارتها بعد أن قيدت في سجلات مصلحة الأوقاف وقد رأينا إدراجها هنا تبركا بها.
صورة وقف الكسوة الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذى رفع القبة الخضراء ووضع بساط الخير وسمك فى سمائه الأفلاك، ملك فى أرضه الأملاك، ففتح مناهج الملك والدولة الغراء بيمن وقاية السلاطين وحسن رعاية الأمراء، وجعل الكعبة البيت الحرام لشعائر الدين الزهراء {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ} (البقرة:
158) واستعد بحجة يوم الجمرات ثم الصلاة والسلام على سيد الأنبياء محمد أعلم الرسل الأعلام والأبناء وعلى آله الكرام الأتقياء وأصحابه العظام الأصفياء.
نمقه العبد المحتاج إلى عفو ربه محمد بن قطب الدين محمد القاضى بالعساكر المظفرة المنصورة فى ولاية الأناضول.
أما بعد فهذه وثيقة أنيقة بديعة المعانى والبيان، بليغة المبانى والتبيان، توارى عبارتها راحا رحيقا، بل هى أصفى، وتجارى استعاراتها مسكا سحيقا بل هى أزكى، يشعر عما هو الحق القاطع، ما حواه فحواها، ويجير عما هو الصدق الساطع، ما أداه مؤداها، وهو أنه قد بان لكل ذى عقل سديد أن الدّنيا الدنية قنطرة العابرين ورباط المسافرين، يحل هذا ويرحل ذاك، ولا يدرى أحد إلا ويمتطى صهوتى أدهم الليل وأشهب النهار، ويسير مع السائرين إلى منتهى الآجال والأعمار، وهى موعظة ما قال سيد الكائنات عليه أفضل الصلوات «اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت، فلا ريب أن العاقل من اعتبر من الرواحل واتخذ فيها لرحيله ذخيرة وزاد، وادخر لمقامه الباقى عدة وعتاد بالصدقات التى ينال بها النجاة، ويتوسل بها إلى الجنات على ما نطق به القرآن وحديث رسول الرحمن، حيث قال عز من قائل: {إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} (يوسف 88) وقال عليه الصلوات التامات: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية» (حديث
شريف) ألا وهى الوقف فلما تذكر فى جميع ذلك السلطان الأعظم، والخاقان الأكمل الأكرم، ظل الله فى أرضه وخليفة على خليفة فى رفعه وخفضه؛ علوى العلا من آل عثمان عثمانى المحيا، من سلاطين الزمان سلطان البحرين والبرين، والعرض القائم بالسنة والفرض، عاشر المجددين لدين الإسلام بأحسن المعاشر، وعاشر السلاطين كالعقد العاشر السلطان ابن السلطان ابن السلطان سليمان شاه بن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان لا زالت حديقة حقيقة العالمين منضرة بماء حياته، ونماء ذاته وحدقة العالمين منورة بضياء صفاته، وبضياء سناء حسناته، وبلغ أرواح آبائه وأجداده الرحمة، وسقاهم بالكوثر وأسبغ عليهم نعم غفرانه، وأنذر منها ورأى فى نفسه النفيسة نعم الله تعالى جزيلة لا يسع شكرها على ذاته الكريمة منه منة جميلة ليس من طوقه ذكرها أراد استقرارها بالأوقات القارة واستمرارها بالإرادة الدارة متفكرا فى قول الملك الخلاق، {ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ} (النحل: 96) ونظر فى قول (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)(حديث شريف) دعا لما بان تعظيم الكعبة المستورة بالأستار العالية وتشريفها فى الحج يوجب الجنة، ويصل الهدف الساتر من العذاب والجنة، وسيما في قلبه من قول الرسول «من زارنى وجبت له شفاعتى» (حديث شريف) أن يستشفع منه بتكريم قبره بالأستار بل بتشريف مراقد الاتباع وستر مراصد الأشباع، أيضا بالإزار تنزيلا أية منزلة الزيارة الدائمة، والخدمة القائمة على مر الدهور فإن تلك المواضع وإن كانت جرت العادة بسترها لكنها كانت بالأموال المتطرقة المتفرقة، فأحب أن يكون ما يصرف إلى هذه الآثار الشرييفة، من الأموال المتميزة المنيفة، فعين لهذه أجمل أملاكه وأسبابه، وأجمل أكسابه، فلذلك قد قال لدى المولى الفاضل، النحرير الكامل، مصباح رموز الدقائق، مفتاح كنوز الحقائق، كشاف المشكلات، حلال المعضلات، الموقع أعلى هذا الكتاب، يسر الله له حسن المآب بقوله الشريف ولطفه اللطيف، العارى عن الاعتساف، الحاوى على الإقرار والإعتراف، الذى يجوزه الشرع لاحتوائه على ما يغير الأصل والفرع، وحكى بأنه قد أوقف سبلها، وحبس أملاكها، وكملها
على النمط الأكفأ الأشمل، وعلى الطريق الأكمل، لتكون لهذه المصلحة أوقافا قارة، وإدارات دارة، فى الدنيا العاجلة، ومفيدة له فى يوم الجزاء والآجلة، وتكون عدة معدة لغده عن أمسه، ومزية منورة لا تفارقه فى رمسه وتصيرها جسره من العذاب، وحجة ويكون جزاءها مثل جزاء الحج المبرور، وتكون باعثة للرفاعة، وموجبة للشفاعة، منها جميع القرى المسماة ببسوس وأبو الغيث وحوص بقمص الواقعة بالولاية المصرية التى كان يحصل منها فى السنة الواحدة مبلغ (89000) درهم ومنها جميع القرى الجديدة الواقعة فى الولاية الشرقية بالديار المصرية أولها قرية (سلكة) حصل منها فى تلك السنة مبلغ (30496) درهما، وثانيها: قرية (سيرو نجنجة) حاصل ما فيها مبلغ (71820) درهما، وثالثها قرية قريس الحجر حاصل ما فيها مبلغ (51304) درهما، ورابعها قرية المنايل وكوم ريحان حاصل ما فيها مبلغ (37840)، وخامسها قرية (بيجام) حاصل ما فيها (14134) درهما، وسادسها قرية (منية النصارى) وحاصل ما فيها (60858) درهما، وسابعها قرية (بطاليه) وحاصل ما فيها (10484) درهما، وجميع النقود المذكورة فى تلك السنة المسفورة مبلغ (365152) درهما فضيا محاذيا بنصف القطعة رائجا فى الوقت أيد الله تعالى دولته من سكها باسمه السامى، ورفه رعاياه بعدله المتوفر النامى، وقف جميع القرى المزبورة المستغنية عن التحديد والتعريف والتبيين والتوصيف لشهرتها فى مكانها عند أهاليها وجيرانها، ولكونها مشروحة ومعلومة في الدفاتر السلطانية والمناشير الخاقانية بجملة مالها، الحدود والحقوق وما ينسب إليها بالأصالة والحقوق والمراسم والمرافق والمداخل والطرائق، خلا ما يستثنى منها شرعا من المساجد والمعابد والمراقد والمقابر والأملاك والأوقاف، وسائر ما يعرف مبينا بينه بالأسامى والأوصاف، وسلم جميعها إلى من ولاه عليها بموجب الشرع المنصوص للخدمة بالأمانة والاستقامة فى هذا الخصوص، وتسلمها هو منه للتصرف بالوجه السداد، على ما هو المراد، تسليما وتسلّما صحيحين شرعيين.
ثم عين السلطان الفائق على حذافير السلاطين فى الآفاق، بالاستهلاك والاستحقاق والسابق فى مضامير التدابير بمكارم الأخلاق، ومراسم الإشفاق
لا زالت شموس سعادته أبدية الإشراق، وما برحت نجوم سلطنته محمية عن الانمحاق، مما يحصل من تلك القرى الموقوفة المذكورة لى حسب التخمين التى مدرها حصل السنة المشروحة المزبورة فالتعيين على هذه النسبة فى جميع الأعوام، وقلت المحصولات وحلت بتفاوت الشهور والأيام مبلغ مائتى ألف درهم وستة وسبعين ألف ومائتى وستة عشر درهما لأستار ظاهر الكعبة الشريفة شرفها الله تعالى فى مرة على ما جرت به العادة القديمة فى السنين الماضية القديمة طبقا على هذا التخمين بعد الصرف المذكور فى السنة مبلغ ثمانية وثمانين ألف درهم وتسعمائة درهم وثلاثين درهما، وشرط أن يحفظ ذلك الباقى بحفظ المتولى تمام خمسة عشر عاما، فيكون عدد الجمع فى هذا العام على التخمين التام مبلغ ثلاثة عشر مرة مائة ألف وأربعين درهم، فعين من هذا الباقى فى المحفوظ المجموع المسطور لأستار المواضيع التى تجدد فى كل خمسة عشر عاما مرة.
وبعد تجديدها المزبور لا تجدد كل سنة بل تروح إلى انقضاء خمسة عشر عاما آخر ثم تجدد مرة أخرى كذلك ثم فثم إلى أن ينقضى الدهر ويتم لكل مرة من تلك المرات وفى كل كرة من هذه الكرات بالتخمين المزبور، والتعيين المذكور مبلغ ألف درهم واحد وخمسين ألف درهم وثلاثمائة درهم وسبعين درهما فضيا رائجا، وتلك المواضع التى يصرف إليها هذا المقدار فى خمسة عشر عاما مرة داخل الكعبة الشريفة، وو الروضة المطهرة المنيفة أعنى بها التربة المنورة لسيد الكونين ورسول الثقلين نبينا محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلي يوم القيامة بالمدينة المنورة، والمقصورة المعمورة فى الحرم الشريف، والمنبر المنيف ومحرابه محراب التهجد، والأستار الأربعة لنفس الحرم الشريف، ومحراب ابن العباس وقبر عقيل بن أبى طالب، وحضرة الحسن، وحضر عثمان بن عفان، وفاطمة بنت أسد (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين)، وما زاد بعد هذا وهو مبلغ خمسمائة ألف درهم واثنين وثمانين ألف درهم وستمائة وسبعين درهما لاحتمال أن يقع بعض السنين النقصان، بسبب الشراقى وطوارق الحدثان، لأن هذا بالتخمين وإن لزم فى بعض السنين، جبر النقصان فليجبر من هذا الفضل ذاك
الزمان، وإن وجد فى انقضاء المدة وبعد الصرف شئ مما يزيد ويفضل سواء كان هذا المقدار أو أكثر منه أو أقل فليشتر بالموجود المذكور الملك المناسب للوقف من العقار الواقع فى موضع الرغبة والاشتهار ليكثر محصول الوقف وتوفير مواضع الصرف بإلحاق هذا المشترى والمتاع بسائر الأوقاف واستغلاله معها بل وصرف غلاته إلى المصاريف المبينة بالأوصاف، وتنمية الوقف وتقويته بهذا التكثير، وتمشيته وتوسعته بذلك التوفير، وهذا بعد رعاية شرط أنه إن وقعت المضايقة فى هذا الوقف أو فى الوقف الآخر الذى وقفه السلطان أيضا على مصالح الفقراء الذاهبين إلى الحجاز وعلى جمالهم وعلى سائر مهماتهم وكتب له وقفية مستقلة مشتملة على هذه الشروط والقيود تكون مرعية بالخلود والأبود، يلزم أن يعين كل واحد الآخر من الجانبين بزوائده، وبفاضل عوائده، بإتمام ما به ويلزم له وبتكميله لدفع مضايقته، وضرورته وإسعاده واجتهاده إقرارا واعترافا صحيحين شرعيين مصدقين محققين مرعيين وقفا صحيحا شرعيا وحبسا صريحا مرعيا حاويا على الحكم بصحته أصلا وفرعا، على وجه يعتد به دينا وشرعا، وغب رعايته شرائط الحكم والتبجيل وفى حصول الوقف والتسبيل، لدى المولى الفاضل النحرير الكامل الموقع أعلاه الصك الدينى، والحفظ اليقينى، وفتح الله أبواب الحقوق بمفاتيح أقلامه، وأحكم الأمور بثبوت أحكامه، فصار وقفا لازما مسلسلا متفق عليه على مقتضى الشرع ومرتضى أحكامه بحيث لا يرتاب صحته وابترامه لوقوع حكم المولى المومى إليه على رأى من رآه من الأئمة الماضين المجتهدين (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) عالما بالاختلاف الجارى فى مسألة الوقف فعلم خلوده بخلود السموات وأبوده بأبود الكائنات إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. فلا يحل بعد ذلك لأحد يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن ينقصه أو يعطله أو يحوله أو يبدله فلا يملك بعد ذلك المؤمن أو الخائف من الله المهيمن بعد ينقصه أو يعطله أو يحوله ما سمع قول الرب {أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ} (هود: 18) وأجر الواقف بعد ذلك على أرحم الراحمين.
جرى ذلك، وحرر بالأمر العالى الخاقانى لا زال عاليا في صفر المظفر المنخرط