الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التذييل
قد تم التوسيع المذكور للمسجد الحرام بعد سيل (أم نهشل)
(1)
بخمس سنوات.
حكمة:
يظهر فى مكة المعظمة كل عشر سنوات أو اثنى عشرة سنة سيول مرعبة مفزعة - لحكمة ما - وتعقب السيل بركة عظيمة ورواج وتقل الأسعار وتعم النعمة الإلهية والكرم اللامتناهى الجبال والبوادى. انتهى.
قد نكبت مكة المكرمة بكثير من السيول كالسيل الذى مر ذكره، وغدت البلدة العظيمة المقدسة خربة وسكانها حيارى متعبين وهم يبحثون عن حل لنكبتهم.
يقول الإمام الفاسى وهو يتحدث عن صواعق مكة المكرمة وأخطارها، ناقلا عن الإمام الأزرقى عن محمد بن يحيى وابن يحيى عن عبد العزيز.
1 -
من السيول الشهيرة التى شهدتها مكة المكرمة «سيل القارة» قد اجتاح هذا السيل المفزع مكة فى الجاهلية فى زمن سيادة بنى خزاعة وأثناء حكومتهم، قد ظهر سيل القارة بشكل مفزع سريع ودخل فى المسجد الحرام واقتلع دوحة عظيمة فى طريقه وجرفها إلى أقصى حدود مكة المكرمة، ويروى أن رجلا وامرأة غرقا فى هذا السيل. ولم يعثروا على جثة الرجل ولكنهم وجدوا جثة المرأة، وكان اسمها «قارة» وكانت من كريمات نساء قبيلة بنى بكر المشهورة لذا أطلق على هذا السيل «سيل القارة» .
قد نظف صناديد بنى خزاعة الحرم الشريف بعد انقطاع المياه التى تأتى من الأطراف، وبنوا حول بيت الله وحجر إسماعيل
(2)
حائطا منخفضا تفاديا لما قد يظهر من السيول فيما بعد، وظل هذا الحائط إلى عهد حكم قريش.
(1)
انظر الإصابة لابن حجر 286/ 8.
(2)
يطلق حجر إسماعيل على ما تحت الميزاب الذهبى.
2 -
من سيول مكة الشهيرة - نوعا ما - السيل العظيم الذى وقع عقب «سيل القارة» .
قال الإمام الأزرقى وهو يعرف هذا السيل نقلا عن سعيد بن المسيب: قد وقع فى الجاهلية سيل آخر مخيف وكان السيل المذكور أشد قوّة من سيل القارة» وبلغ درجة متناهية فى الشدة إذ غمرت المياه ما بين الجبلين وغابت المنازل عن الأنظار.
3 -
من السيول التى اجتاحت مكة المعظمة «سيل أم نهشل» الثالث من تلك السيول. وحدث هذا السيل فى السنة الحادية عشرة الهجرية وفى عهد الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضى الله عنه)، وبدأ ظهوره على نحو مرعب من ناحية بيت (أبى سفيان بن حرب) أى من ناحية طريق مكة المعظمة الذى ينتهى إلى المعلى، فتدفق بشكل مخيف داخل الحرم الشريف وانتزع المقام الشريف من مكانه وجرفه حتى الوادى.
وجرف أم نهشل بنت عبيدة بن سعيد بن العاصى بن أمية من بنات «عبد شمس بن عبد مناف» أمامه وأغرقها. لذا عرف ذلك السيل باسم «سيل أم نهشل» .
وبعد ما توقف السيل المخيف وانتهت صولته وجولته وانسحبت المياه الراكدة التى فى داخل المدينة، وجرت إلى بطن الوادى، اتحد سكان مكة المعظمة وطهروا مدينتهم ونظفوها وهم يد واحدة، وعثروا على المأثر اللطيف للمقام الشريف فى أسفل الوادى وحملوه إلى الحرم الشريف، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يعينوا مكان الجوهر الثمين لحجر المقام، ومن هنا أبلغوا الأمر إلى الخلافة الإسلامية السنية وعرضوا عليها الوضع.
وحينما أطلع الخليفة الفاروق الأعظم على الأمر اضطرب اضطرابا شديدا، وأسرع بالسفر إلى مكة المفخمة ناويا العمرة، وبمجرد وصوله إلى مكة المكرمة أخذ يبحث عن رجل قدير على تعيين موضع المقام الشريف.
ووجد ضالته فى «مطلب»
(1)
بن أبى وداعة السهمى «الذى يستطيع أن يعين موضع المقام الشريف فاستدعاه واستفسر منه الكيفية.
وإذا بمطلب بن أبى وداعة كان قد قاس المسافة بين الباب المعلى للكعبة الشريفة وبين المقام الشريف، وكذلك المسافة بين جدران بئر زمزم والمقام المنيف بحبل متوقعا أن يحدث مثل هذا الحادث، واحتفظ بالحبل فى مكان أمين فى منزله.
واستدعى حضرة الفاروق مطلب بن أبى وداعة، وأجلسه أمامه وطلب منه أن يحضر الحبل المذكور. وبعد مسح المكان وتعيين موضع المقام الشريف، وضع أساس البناء العالى الذى يطلق عليه إلى يومنا هذا «المقام الشريف» .
إن الحجر الشريف الذى وضع فى داخل البناء الذى بناه عمر بن الخطاب هو الحجر الذى كان يضع عليه حضرة إبراهيم (على نبينا وعليه التعظيم) قدميه فى أثناء رفع قواعد البيت.
وقد فصل فى بحث الأثر الشريف كل ما يتعلق بهذا الحجر الميمون المبارك، وأين وجد؟ وكيف حفظ إلى الآن؟ وأين حفظ؟ كما فصل فى باب قدوم النبى الجليل إلى مكة المكرمة وكيفية سفره وشكل الحجر الميمون وهيئته المرئية ومبانيه فى هذا المكان الذى يرجى قبول الدعاء فيه.
بعد ما أنهى ابن الخطاب (رضى الله عنه) العمليات الخاصة بمبانى المقام الشريف أصلح وعمر الأماكن الأخرى لحرم المسجد الحرام، كما أصلح ما خرب
(1)
أحد الأصحاب الكرام، ذكر ابن سعد فى مسلمة الفتح، انظر الإصابة 104/ 6.
من السد الذى يطلق عليه «ردم بنى جمح» . إن السيل الذى ظهر بعد تعمير سد «بنى جمح» قد فاض من جهة السد المذكور، وأخذ يصب إلى المياه الرمادية التى تراكمت فى سهل وادى إبراهيم؛ لذا أطلق على السيل الذى أتى من هذا الطريق اسم «سيل وادى إبراهيم» .
إن المياه التى تتكون من الأمطار التى تنزل عل جبال مكة فى ذلك الوقت تشكل سيلين عظيمين وتدخل فى داخل المدينة وأحيانا تدخل حتى حرم الله وتخرب الأماكن المقدسة بالحرم.
إن السيل الذى قلنا عنه وادى إبراهيم أحد هذين السيلين العظيمين، وكان يظهر من جهة سد بنى جمح ويمر بوادى إبراهيم المذكور ويجرى نحو شمال الوادى.
هو أحد السيلين السالف ذكرهما وهو سيل مخيف مرعب. وكان هذا السيلى يهبط من جبال مكة الجنوبية ويدخل إلى المدينة سالكا طريق محلات جياد، ويبلغ البركة اليمانية ويرتد من هناك ويجرى صوب أسفل البلاد.
وكان سد ردم بنى جمح الذى وقع بين المحلات المسماة فى زماننا «المدعى» فى أوائل ظهور الإسلام كان بيت الله بجانب السد المذكور الذى كان موجودا انذاك، كان يبرز جمال هيئته لعشاق بيت الله وزواره.
ولما كان الدعاء مقرونا بالاستجابة حال رؤية بيت الله؛ فإن الحجاج الذين يطئون هذا الموضع كانوا يجتهدون فى الدعاء.
وفيما بعد حجبت المنازل والبيوت التى أقيمت فى هذا الموضع رؤية البيت الأعظم؛ وعلى الرغم من ذلك ظل الدعاء على حاله كما كان فى الماضى إذ إنه من الثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وقف للدعاء فى هذا المكان. حتى إنه يشاهد على جانبى الطريق لافتة خاصة مكتوب عليها: (هنا محل دعاء).