الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستعصم، إلا أن رجال الدولة رجوه ألا يفعل، فدخل عند المستعصم حاملا فى يده مصحفا ووضع المصحف فوق الحجر وقبله وهكذا أدى رسالته.
نقل الحجر الأسود إلى ديار هجر
انتزع ملاحدة القرامطة الحجر الأسود من مكانه فى ركن الكعبة المعظمة سنة (317 هـ)، وحملوه إلى ديارهم وأعادوه فى سنة (339 هـ) إلى مكانه.
كان القرامطة قد أخذوا الحجر الأسود ظانين أنه مغناطيس البشر، وأرادوا أن يجذبوا إليهم الناس، ولما سئلوا عن سبب ذلك قالوا: أخذنا الحجر الأسود مأمورين وأعدناه مأمورين إلى مكانه بشرط أن يكون فى المكان الذى وضعه فيه خليل الرحمن.
وقد رأيت أنا المؤلف الفقير أن الحجر الأسود يجذب البشر - رؤية عين - رأيت أن العربان الذين يقطنون فى أطراف مكة ونواحيها يفرون إلى مكة فجأة، وكلهم يقبلون على طواف كعبة الله والسعى قبل مضى الحجاج إلى عرفات ببضعة أيام ولسان حالهم يقول:
كأن الحجر الأسود فى وجه الكعبة خالا
…
أنا حاج لتقبيله أسعى إليها حالا
ويقتحمون المكان بقوة لتقبيل الحجر الأسود ولمسه، فى حال يظن الرائى من بعيد أن كثيرا من رءوس الناس تسير فوق العربان، ثم إن العربان يرضون أن يموتوا دون العودة من غير تقبيل الحجر الأسود، أى لا يرضون بالاستلام فقط، أليس هذا كافيا للدلالة على أن للحجر الأسود خاصية جذب الناس، ومن يريد أن يرى قوة جاذبية الحجر الأسود للناس رؤية العين يقتضى أن يكون فوق المحفل الخاص بمؤذنى الشافعية، والكائن فوق مبنى بئر زمزم حينما يفد البدو.
تقول كتب التاريخ وهى تحكى كيفية نقل الحجر الأسود إلى بلاد هجر: قد ظهرت حركة القرامطة فى عهد هارون الرشيد أو المأمون، وعلى قول المقتدر بالله كما سيوضح فيما بعد، ظهرت فى هجر وتجرءوا بعد ذلك تدريجيا على الإضرار
بممالك الشام والعراق والحجاز، إن رئيس هذه الطائفة الباغية الضالة الشقية أبو طاهر سليمان بن أبى سعيد جنابى، بنى بيتا للضلال فى ناحية هجر
(1)
فى سنة 313 هـ أو على رأى آخر فى سنة 301 هـ.
وسمى هذا البيت «دار الهجرة» وأراد أن يصيب سوق كعبة الله بالكساد بتحويل طريق الحجاج إلى ناحية هجر، وابتدر للاستيلاء على مكة المكرمة بمن تجمع حوله من الأشقياء الخبثاء، ودخلوا حرم الله دار الأمن على حين غفلة فى يوم الأحد الذى يوافق يوم التروية فى سنة 317 هـ وقتل ثلاثين ألفا
(2)
من أهل مكة، ومسلمى البلاد الأخرى الذين كانوا فى أرض المطاف والمسجد الحرام داخله وخارجه، وخاصة فى داخل كعبة الله المعظمة، وبعد ما ألقى بأجسامهم فى داخل بئر زمزم وآبار مكة المكرمة الأخرى، ثم خاطب الناس بصوت عال: يا أيها الذين يعتقدون أن من كان فى داخل الحرم آمنا، انظروا لهذا الأمن والأمان، وماذا فعلت بكم؟ وأخذ ينهق مثل الحمار ويهذى بلسان الاستهزاء الملعون.
وفى أثناء ذلك أمسك أحد الموجودين الشجعان بزمام دابة أبى طاهر غير الطاهر وقال له: يا ظالم الله ليس معنى الآية الجليلة اللطيف {وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً} (آل عمران: 97) كما تفهمه، وسكت أبو طاهر غير الطاهر عن الكلمة القذرة، ووجه مطيته نحو باب المعلى لكعبة الله ولم يستطع أن ينال ذلك البطل بضرر. ومع ذلك ازدادت جرأته درجة فدرجة فانتزع بيده - شلت يده - ألواح كعبة الله المزينة، ونهب ستارة بيت الله وما فى خزانة البيت من الهدايا الثمينة، ووزعها على جنوده الضالين وأمر أحد القرامطة أن يصعد فوق سطح الكعبة لينزل الميزاب الذهبى، ولما رأى أنه قد أسقط على الأرض بسهم أطلق من جبل أبى قبيس أمر بصعود قرمطى آخر.
واللعين الذى صعد فوق سطح الكعبة فى المرة الثانية وقع رأسا على عقب وهلك، وحينئذ عرف اللعين أنه لن يستطيع أن يقتلع الميزاب الذهبى، وأخذ
(1)
الاسم الآخر للهجر البحرين.
(2)
قتل ألف وسبعمائة منهم محرمين يطوفون بالكعبة.