الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن بنى أسد عمرو بن أمية بن الحارث.
ومن بنى زهرة بن كلاب المطلب بن أزهر بن عوف، ومعه امرأته رملة بنت أبى عوف، فولدت له هناك عبد الله بن المطلب.
ومن بنى جمح حاطب بن الحارث بن معمر، وكان معه امرأته فاطمة بنت المحلّل «1» بن عبد الله، وابناه محمد والحارث، فقدمت امرأته وابناه مع جعفر ابن أبى طالب رضى الله عنه فى أحد السفينتين، وأخوه خطاب بن الحارث، وكان معه امرأته فكيهة بنت يسار قدمت مع جعفر أيضا.
ومن بنى سهم عبد الله بن الحارث بن قيس.
ومن بنى عدىّ بن كعب عروة بن عبد العزّى بن حرثان، وكان مع عدىّ ابنه النعمان، فقدم مع من قدم من المسلمين.
فهؤلاء الذين ذكرناهم هم الذين ذكرهم ابن إسحاق، وعدّهم أنهم الذين هاجروا إلى أرض الحبشة، وحصر عدّتهم كما تقدّم. وأمّا من ذكرنا ممن ذكر أبو عمر يوسف بن عبد البرّ فى كتابه أنهم ممن هاجر إلى أرض الحبشة فلم نقف على تاريخ عودهم فنذكره.
ذكر من أنزل فيه القرآن من مشركى قريش وما أنزل فيهم
قال أبو محمد عبد الملك بن هشام: ولمّا حمى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من قريش ومنعه منها، وقام عمه أبو طالب وقومه من بنى هاشم وبنى عبد المطلب دونه، وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به، جعلت قريش يهمزونه ويستهزئون به ويخاصمونه، والقرآن ينزل فيهم، منهم من سماه الله تعالى، ومنهم من نزل فيه فى عامّة من ذكر الله من الكفار.
فكان من سمى ممن نزل فيه القرآن أبو لهب بن عبد المطلب، وامرأته أمّ جميل بنت حرب بن أمية، حمالة الحطب، فأنزل الله فيهما قوله:(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ. سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ. وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)
. قال: وإنما سماها الله تعالى حمالة الحطب لأنها كانت تحمل الشوك فتطرحه فى طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[قال ابن إسحاق: فذكر لى أن أمّ جميل حمالة الحطب، حين سمعت ما أنزل فيها، وفى زوجها من القرآن أتت رسول الله «1» ] وهو جالس فى المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق رضى الله عنه وفى يدها فهر «2» من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت:
يا أبا بكر، أين صاحبك؟ قد بلغنى أنه يهجونى، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إنى لشاعرة:
مذمّما عصينا
…
وأمره أبينا
ودينه قلينا
ثم انصرفت.
قال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ قال: ما رأتنى، لقد أخذ الله ببصرها عنى.
وأمية بن خلف بن وهب الجمحىّ؛ كان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه، فأنزل الله تعالى فيه قوله:(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)
، السورة كلها.
قال ابن هشام: الهمزة: الذى يشتم الرجل علانية، ويكسر عينه عليه ويغمز به. واللّمزة: الذى يعيب الناس سرّا ويؤذيهم.
والعاص بن وائل السّهمىّ؛ كان إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له، لو قد مات انقطع ذكره واسترحتم منه، فأنزل الله تعالى فى ذلك قوله: (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.
إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) .
والكوثر: ماء هو خير من الدنيا وما فيها؛ وقيل: الكوثر: العظيم، وقيل:
الخير الكثير.
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الكوثر الذى أعطاك الله؟ فقال:
نهر فى الجنة كما بين صنعاء إلى أيلة «1» ، آنيته كعدد نجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ أبدا، وأنزل الله فيه قوله تعالى:(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً)
، إلى قوله:(وَيَأْتِينا فَرْداً)
«2» ، وكان سبب ذلك أن خبّاب بن الأرتّ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نشأ بمكة يعمل السيوف، وكان قد باع من العاص بن وائل السّهمىّ سيوفا عملها له؛ حتى كان له عليه مال، فجاءه يتقاضاه، فقال: يا خبّاب، أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذى أنت على دينه أن فى الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب أو فضّة أو ثياب أو خدم! قال خباب:
يلى، قال: فأنظرنى إلى يوم القيامة حتى أرجع إلى تلك الدار؛ فأقضيك هنالك حقّك، فو الله لا تكون أنت وأصحابك آثر عند الله منى، ولا أعظم حظّا فى ذلك، فأنزل الله ذلك فيه.
وأبو جهل بن هشام؛ لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: والله يا محمد لتتركنّ سب آلهتنا أو لنسبنّ إلهك الذى تعبده، فأنزل الله فى ذلك:(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)
«1» ، فكفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبّ آلهتهم، وجعل يدعوهم إلى الله.
ولما ذكر الله شجرة الزّقوم تخويفا لهم قال أبو جهل: يا معشر قريش، هل تدرون ما شجرة الزّقوم التى يخوّفكم بها محمد؟ قالوا: لا، قال: عجوة يثرب بالزّبد، والله لئن استمكنا منها لنزقمنها، فأنزل الله فيه:(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الْأَثِيمِ. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)
«2» ، أى ليس كما يقول.
والنضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصىّ؛ كان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا فدعا فيه إلى الله، وتلا فيه القرآن، وحذّر فيه قريشا ما أصاب الأمم الخالية، خلفه فى مجلسه إذا قام فحدّثهم عن رستم وملوك الفرس وإسفنديار، ثم يقول: والله ما محمد بأحسن حديثا منّى، وما حديثه إلا أساطير الأوّلين اكتتبها كما اكتتبتها، فأنزل الله فيه:(وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)
«3» . وأنزل فيه: (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) *
«4» . ونزل فيه: َيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)
«5» ، والأفّاك: الكذّاب.
قال: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما مع الوليد بن المغيرة فى المسجد، فجاء النّضر بن الحارث حتى جلس معهما، وفى المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعرض له النّضر تكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم:(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ. لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ. لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ)
«1» ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عبد الله بن الزّبعرى السهمىّ حتى جلس، فقال له الوليد بن المغيرة: والله ما قام النّضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد، وقد زعم محمد أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم! فقال عبد الله بن الزّبعرى: أما والله لو وجدته لخصمته، فسألوا محمدا: أكلّ ما يعبد من دون الله فى جهنم مع من عبده؟، فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد عيسى بن مريم، فعجب الوليد ومن كان حضر معه فى المجلس من قول عبد الله، ورأوا أنه قد احتجّ وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«كلّ من أحبّ أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين، ومن أمرتهم بعبادته» ، فأنزل الله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ)
«2» ، أى عيسى بن مريم، وعزير ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله.
ونزل فيما ذكروا أنهم يعبدون الملائكة، وأنها بنات الله قوله تعالى:
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)
، إلى قوله:(وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)
«1» .
ونزل فيما ذكر من أمر عيسى عليه السلام أنه يعبد من دون الله، وعجب الوليد ومن حضر من حجته:(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)
«2» ، أى يصدّون عن أمرك، ثم ذكر عيسى: (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ. وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ.
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها)
«3» ، أى ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى، وإبراء الأسقام، فكفى به دليلا على علم الساعة، يقول:(فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)
«4» .
والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفىّ، حليف بنى زهرة، وكان من أشراف القوم، وممن يستمع منه، فكان يصيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويردّ عليه، فأنزل الله فيه:(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ)
إلى قوله:
(زَنِيمٍ)
«5» ، والزّنيم: العديد «6» للقوم.
والوليد بن المغيرة قال: أينزل على محمد وأترك! وأنا لبيب قريش وسيّدها! ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفىّ سيد ثقيف، ونحن «7» عظيما القريتين! فأنزل
الله تعالى فيه: (وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ.
أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
، إلى قوله:
(خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)
«1» .
وأبىّ بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، وعقبة بن أبى معيط- وكانا متصافيين حسنا ما بينهما- فجلس عقبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فبلغ ذلك أبيّا، فأتى عقبة فقال: ألم يبلغنى «2» أنك جالست محمدا وسمعت منه! ثم قال: وجهى من وجهك حرام أن أكلمك- واستغلظ من اليمين- إن أنت جلست أو سمعت منه، أو لم تأته فتتفل فى وجهه. ففعل عدوّ الله عقبة بن أبى معيط، فأنزل الله فيهما:(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا. يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا)
«3» . ومشى أبىّ بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [بعظم «4» ] بال قد ارفتّ «5» ؛ فقال: يا محمد، أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرى «6» ؟ ثم فته بيده ونفخه فى الريح نحو النبى صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعم أنا أقول ذلك، يبعثه الله وإياك بعد ما تكونان هكذا، ثم يدخلك النار» ، فأنزل الله تعالى فيه: (وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ)
«7» .