الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمرو العلى هشم الثّريد لقومه
…
ورجال مكّة مسنتون عجاف»
قال: «فحسده أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان ذا مال، فتكلّف أن يصنع صنيع هاشم فعجز عنه، فشمت به ناس من قريش، فغضب ونال من هاشم، ودعاه إلى المنافرة، فكره هاشم ذلك لسنّه وقدره، فلم تدعه قريش وأحفظوه» قال: «فإنى أنافرك على خمسين ناقة سود الحدق تنحرها ببطن مكّة، والجلاء عن مكة عشر سنين. فرضى أميّة بذلك، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعىّ، فنفّر «2» هاشما عليه، فأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعمها من حضره، وخرج أميّة إلى الشام، فأقام بها عشر سنين؛ فكانت هذه أوّل عداوة وقعت بين هاشم وأميّة، ثم ولى هاشم الرّفادة والسّقاية» .
ذكر ولاية هاشم الرّفادة والسّقاية
قال: «إن هاشما، وعبد شمس، والمطّلب، ونوفلا: بنى عبد مناف أجمعوا على أن يأخذوا ما بأيدى بنى عبد الدار بن قصىّ مما كان قصىّ جعل إلى عبد الدار من الحجابة، واللّواء، والرّفادة، والسّقاية، والنّدوة، ورأوا أنهم أحقّ به منهم لشرفهم عليهم، وفضلهم فى قومهم، وكان الذى قام بأمرهم هاشم، فأبت بنو عبد الدار أن تسلم ذلك إليهم، وقام بأمرهم عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار؛ فصار مع بنى عبد مناف بن قصىّ بنو أسد بن عبد العزّى بن قصىّ، وبنو زهرة ابن كلاب، وبنو تيم بن مرّة، وبنو الحارث بن فهر؛ وصار مع بنى عبد الدار
بنو مخزوم، وسهم، وجمح، وبنو عدىّ بن كعب؛ وخرجت من ذلك بنو عامر ابن لؤىّ، ومحارب بن فهر؛ فلم يكونوا مع واحد من الفريقين، فعقد كلّ قوم على أمرهم حلفا مؤكّدا: ألا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضا، «ما بلّ بحر صوفة «1» » .
فأخرجت بنو عبد مناف، ومن صار معهم، جفنة مملوءة طيبا، فوضعوها حول الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها، وتعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا، ومسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم، فسمّوا المطيّبين. وأخرجت بنو عبد الدار ومن كان معهم جفنة من دم، فغمسوا أيديهم فيها، وتعاقدوا وتحالفوا: ألا يتخاذلوا ما بلّ بحر صوفة؛ فسمّوا الأحلاف، ولعقة الدّم «2» ، وتهيئوا للقتال، وعبّئت كلّ قبيلة؛ فبينما الناس على ذلك، إذ تداعوا إلى الصّلح على أن يعطوا بنى عبد مناف بن قصىّ السّقاية والرّفادة، وتكون الحجابة واللّواء ودار النّدوة إلى بنى عبد الدار كما كانت، ففعلوا، وتحاجز الناس؛ فلم تزل دار النّدوة فى بنى «3» عبد الدار، حتى باعها عكرمة بن عامر، ابن هاشم، بن عبد مناف، بن عبد الدار، بن قصىّ، من «4» معاوية بن أبى سفيان؛ فجعلها معاوية دار الإمارة» .
قال: «وولى هاشم بن عبد مناف بن قصىّ السّقاية والرّفادة، وكان رجلا موسرا، فكان يخرج فى كل عام مالا كثيرا، وكان قوم من قريش أهل يسار يترافدون، فيرسل كل إنسان بمائة مثقال هر قلية، وغيرهم يرسل بالشىء اليسير على
قدر حالهم، فكان هاشم، إذا حضر الحج، يأمر بحياض من أدم، فتجعل فى موضع زمزم، ثم يستقى فيها الماء من البئار التى بمكة فيشربه الحاجّ، وكان يطعمهم قبل التّروية بيوم بمكة، وبمنى، وجمع «1» ، وعرفة؛ وكان يثرد لهم الخبز واللحم، والخبز والسّمن، والسويق والتمر، ويحمل لهم الماء، فيستقون بمنى «2» ، والماء يومئذ قليل، [فى حياض الأدم «3» ] ، إلى أن يصدروا من منى، ثم تنقطع الضيافة ويتفرق الناس إلى بلادهم» .
قال: «وهاشم بن عبد مناف هو الذى أخذ الحلف لقريش من قيصر أن تختلف آمنة، فكتب له كتابا، وكتب إلى النّجاشى أن يدخل قريشا أرضه وكانوا تجّارا، فخرج هاشم فى عير لقريش فيها تجارات، وكان طريقهم على المدينة، فنزلوا بسوق النّبط، فصادفوا سوقا تقوم بها فى السنة يحشدون لها، فباعوا واشتروا، ونظروا إلى امرأة على موضع مشرف من السوق، فرأى امرأة تأمر بما يشترى ويباع لها، فرأى امرأة حازمة جلدة مع جمال، فسأل هاشم عنها أأيّم هى أم ذات زوج؟ فقيل له أيّم كانت تحت أحيحة بن الجلاح، فولدت له عمرا ومعبدا ثم فارقها، وكانت لا تنكح الرجال، لشرفها فى قومها، حتى يشرطوا لها أنّ أمرها بيدها، فإذا كرهت رجلا فارقته «4» ؛ وهى سلمى بنت عمرو، بن زيد، «5» بن لبيد، بن خداش، ابن عامر، بن غنم، بن عدىّ، بن النجّار، فخطبها هاشم، فعرفت شرفه ونسبه فزوّجته نفسها، ودخل بها وصنع طعاما، ودعا من هناك من أصحاب العير الذين كانوا معه، وكانوا
أربعين رجلا من قريش، ودعا من الخزرج رجالا، وأقام بأصحابه أياما؛ فعلقت سلمى بعبد المطّلب، وولدته وفى رأسه شيبة، فسمّى شيبة. وخرج هاشم فى أصحابه إلى الشام حتى بلغ غزّة فمات، ودفن بغزّة «1» وله عشرون سنة، وقيل خمس وعشرون سنة، ورجعوا بتركته إلى ولده، وأوصى هاشم إلى أخيه المطّلب ابن عبد مناف.
وحكى ابن الأثير «2» أنه لما تزوّج سلمى شرط لها أبوها ألا تلد ولدا إلا فى أهلها، فحملها هاشم إلى مكّة فحملت منه، فلما أثقلت ردّها إلى أهلها ومضى إلى الشام؛ وقيل إنه لم ينقلها، وإنه خرج إلى الشام هو وعبد شمس، فماتا جميعا بغزّة فى عام واحد، وبقى مالهما إلى أن جاء الله تعالى بالإسلام؛ فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر غزوة غزاها جاءه قيس بمالهما، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مال هاشم إلى العبّاس بن عبد المطّلب، ففرّقه على كبراء بنى هاشم، ودفع مال عبد شمس إلى سفيان بن حرب، ففرّقه على كبراء بنى عبد شمس.
وقد حكى ابن الأثير «3» : أن عبد شمس مات بمكة فقبر بأجياد، وذلك بعد وفاة هاشم «4» بغزّة. قال: ثم مات نوفل بسلمان «5» من طريق العراق، ومات المطلب بردمان «6» من أرض اليمن «7» والله أعلم.
وقيل «1» : إن هاشما وعبد شمس توءمان، وإن أحدهما ولد قبل الآخر، قيل:
إن الأوّل هاشم، وقيل: إنهما ولدا وأصبع أحدهما ملتصقة بجبهة صاحبه فنحيّت، فسال «2» دم فقيل يكون بينهما دم. والله تعالى أعلم.
قال ابن الكلبى «3» : وولد هاشم بن عبد مناف أربعة نفر وخمسة نسوة، وهم:
شيبة الحمد، وهو عبد المطّلب، ورقيّة ماتت وهى جارية لم تبرز، وأمّهما سلمى بنت عمرو، وأبو صيفىّ واسمه عمرو وهو أكبرهم، وأمه هند، بنت عمرو، بن ثعلبة، بن الحارث، بن مالك، بن سالم، بن غنم، بن عوف، بن الخزرج. وأسد ابن هاشم وأمّه قيلة، وكانت تلقّب الجزور «4» ، بنت عامر، بن مالك، بن جذيمة، وهو المصطلق بن خزاعة، ونضلة بن هاشم، والشّفاء، وأمهما أميمة «5» بنت عدىّ، ابن عبد الله، بن دينار، بن مالك، بن سلامان، بن سعد، بن قضاعة «6» . والضّعيفة «7» بنت هاشم، وخالدة بنت هاشم، وأمهما أمّ عبد الله، وهى واقدة بنت أبى عدىّ، ويقال عدىّ، وهو عامر، بن عبدنهم، بن زيد، بن مازن، بن صعصعة؛ وحيّة «8»