الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر تسمية من كانت لهم سابقة فى الإسلام من العرب من غير قريش
كانت لجماعة سابقة إسلام، وهم من غير قريش، فرأينا أن نذكرهم فى هذا الموضع لسابقتهم فى الإسلام.
منهم أبو ذرّ «1» جندب بن جنادة الغفارىّ، واختلف فى اسمه اختلافا كثيرا، والمشهور ما ذكرناه، واختلف أيضا فيما بعد جنادة، فقيل جنادة بن قيس بن عمرو ابن صعير بن حرام بن غفار، وقيل جنادة بن صعير بن عبيد بن حرام بن غفار، ويقال جنادة بن سفيان بن عبيد بن [صعير «2» بن] حرام بن غفار؛ أسلم أبو ذرّ بعد ثلاثة، وقيل: بعد أربعة، فكان خامسا، وله فى سبب إسلامه حديث حسن، نذكره إن شاء الله تعالى عند ذكرنا لأخبار وفود العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وفد غفار على ما تقف عليه، وهو فى السّفر السادس عشر من كتابنا هذا.
وأسلم بسبب إسلامه أخوه أنيس «3» بن جنادة وأمّهما رملة بنت الوقيعة الغفاريّة «4» .
ومنهم عمرو بن عبسة «5» بن عامر بن خالد بن غاضرة بن عتّاب بن امرئ القيس ابن بهثة بن سليم، يكنى أبا نجيح، ويقال أبو شعيب. قال أبو عمر بن عبد البر «6» :
روينا عنه من وجوه أنه قال: ألقى فى روعى أن عبادة الأوثان باطل، فسمعنى رجل وأنا أتكلم بذلك، فقال: يا عمرو، إن بمكة رجلا يقول كما تقول، قال: فأقبلت إلى مكة
أوّل ما بعث النبى صلى الله عليه وسلم وهو مستخف «1» ، فقيل لى: إنك لا تقدر عليه إلا باللّيل حين يطوف، فقمت بين يدى الكعبة فما شعرت إلا بصوته يهلّل، فخرجت إليه فقلت من أنت؟ قال: أنا نبىّ الله، فقلت وما نبىّ الله؟ قال: رسول الله، قلت وبم أرسلك؟
قال: بأن يعبد «2» الله وحده ولا يشرك به شىء، وتكسر الأوثان وتحقن الدماء، [وتوصل الأرحام]«3» ، قلت: ومن معك على هذا؟ قال: حرّ وعبد، يعنى أبا بكر وبلالا، فقلت: ابسط يدك أبايعك، فبايعته على الإسلام. قال: فلقد رأيتنى وأنا ربع «4» الإسلام، قال: قلت أقيم معك يا رسول الله؟ قال: «لا. ولكن الحق بقومك فإذا سمعت أنى قد خرجت فاتبعنى» ، قال: فلحقت بقومى، فمكثت دهر امنتظرا «5» خبره حتى أتت رفقة من يثرب فسألتهم الخبر «6» ، فقالوا: خرج محمد بن مكة إلى المدينة. قال: فارتحلت فأتيته فقلت: أتعرفنى؟
قال: «نعم، أنت الرجل الذى أتيتنا بمكّة» . وروى أبو «7» عمر أيضا بسنده إلى أبى أمامة الباهلى أنه حدث عن عمرو بن عبسة «8» قال: «رغبت عن آلهة قومى فى الجاهلية ورأيت أنها آلهة باطلة «9» ؛ يعبدون الحجارة، وهى لا «10» تضرّ ولا تنفع، قال: فلقيت رجلا من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدين، فقال: يخرج رجل من مكّة يرغب عن آلهة قومه ويدعو إلى غيرها، وهو يأتى بأفضل الدين، فإذا سمعت به فاتّبعه، فلم يكن لى همّ
إلا مكّة أسأل هل حدث فيها حدث «1» ؟ فيقولون: لا. فأنصرف إلى أهلى، وأهلى من الطريق غير بعيد، فأعترض الركبان خارجين من مكة فأسألهم هل حدث فيها حدث؟
فيقولون: لا. فإنى لقاعد على الطريق يوما «2» إذ مرّ بى راكب فقلت من أين أنت «3» ؟
قال: من مكّة، قلت: هل فيها من خبر؟ قال: نعم، رجل رغب عن آلهة قومه ودعا إلى غيرها، قلت: صاحبى الذى أريد، فشددت راحلتى، وجئت مكة، ونزلت منزلى الذى كنت أنزل فيه، فسألت عنه، فوجدته مستخفيا، ووجدت قريشا إلبا عليه، فتلطّفت حتى دخلت عليه، فسلّمت ثم قلت: من أنت؟ قال:
«نبىّ الله «4» » ، قلت: وما النبى؟ قال: «رسول الله» ، قلت: من أرسلك؟ قال: «الله» ، قلت بم أرسلك؟ قال:«أن توصل الارحام، وتحقن الدماء، وتؤمن السبل، وتكسر الأوثان، ويعبد الله وحده لا يشرك به شىء» . فقلت: نعم ما أرسلت به؛ أشهدك أنى قد آمنت بك وصدّقتك، أمكث معك أم ما تأمرنى «5» ؟. قال:«قد رأيت كراهة الناس لما جئت به، فامكث فى أهلك، فإذا سمعت أنى خرجت مخرجا فاتّبعنى» . فلما سمعت «6» به خرج إلى المدينة سرت حتى قدمت عليه فقلت:
يا نبىّ الله، هل تعرفنى؟ قال:«نعم، أنت السّلمىّ الذى جئتنى بمكّة فقلت لى كذا، وقلت لك كذا «7» » .