الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامس- ما عدّه الله تعالى عليه من نعمه، وقرّره من آلائه قبله فى بقية السورة، من هدايته إلى ما هداه له، أو هداية الناس به على اختلاف التفاسير، ولا مال له فأغناه بما آتاه، أو بما جعله فى قلبه من القناعة والغنى، ويتيما فحدب عليه عمّه وآواه إليه، وقيل: آواه إلى الله، وقيل: يتيما لا مثال لك فآواك إليه، وقيل المعنى ألم يجدك فهدى بك ضالّا، وأغنى بك عائلا، وآوى بك يتيما، ذكّره بهذه المنن، وأنه- على المعلوم من التفسير- لم يهمله فى حال صغره وعيلته ويتمه، وقبل معرفته به ولا ودّعه ولا قلاه، فكيف بعد اختصاصه واصطفائه. والله أعلم السادس- أمره بإظهار نعمته عليه، وشكر ما شرّفه به بنشره وإشادة ذكره بقوله:(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
، فإنّ من شكر النعمة التحدّث بها، وهذا خاصّ له، عامّ لأمته.
وقال ابن إسحاق «1» : أى بما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوّة، فحدّث بها أى اذكرها وادع إليها. قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد به من النبوّة سرّا «2» إلى من يطمئنّ إليه من أهله.
قال: ثم فرضت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. والله الموفّق لطاعته.
ذكر فرض الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى عن عائشة أمّ المؤمنين- رضى الله عنها- أنها قالت «3» : افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّل ما افترضت ركعتين «4» ركعتين كلّ صلاة، ثم إن الله تعالى أتمّها فى الحضر أربعا، وأقرها فى السّفر على فرضها الأوّل ركعتين.
قال محمد بن إسحاق:
وحدّثنى بعض أهل العلم أن الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو بأعلى مكة، فهمز له بعقبه فى ناحية الوادى، فانفجرت منه عين فتوضّأ جبريل «1» ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر [إليه «2» ] ليريه كيف الطّهور للصلاة، ثم توضّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأى جبريل توضّأ، ثم قام به جبريل فصلّى به، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته، ثم انصرف جبريل «3» ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة فتوضّأ لها ليريها كيف الطّهور للصلاة كما أراه جبريل، فتوضّأت كما توضّأ [لها «4» ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلّى بها كما صلى به جبريل، فصلّت بصلاته «5» .
وعن عبد الله بن عباس «6» رضى الله عنهما قال: «لما فرضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فصلّى به الظّهر حين مالت الشمس، ثم صلّى به العصر حين كان ظلّه مثله، ثم صلّى به المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب الشّفق، ثم صلّى به الصبح حين طلع الفجر، ثم جاء فصلّى به الظهر من غد حين «7» كان ظلّه مثله، ثم صلى به العصر حين كان ظلّه مثليه، ثم صلّى به المغرب حين غابت الشمس لوقتها بالأمس، ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب ثلث اللّيل الأوّل، ثم صلّى به الصبح مسفرا غير مشرق، ثم قال: يا محمد الصلاة فيما بين صلاتك اليوم وصلاتك بالأمس «8» » .