الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنزل فى أوس بن قيظىّ وجبّار بن صخر، ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)
«1» .
ذكر ما تكلم به يهود فى شأن من أسلم منهم وما أنزل الله تعالى فى ذلك
قال «2» : لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد ابن عبيد، ومن أسلم معهم من يهود وآمنوا وصدّقوا، قال أهل الكفر من أحبار يهود: ما آمن بمحمد واتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره، فأنزل الله تعالى فيهم:(لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)
«3» ،
قال: وكان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف فى الجاهلية، فأنزل الله تعالى فيهم:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ)
، [أى تؤمنون بكتابكم وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم كنتم أحقّ بالبغضاء لهم منهم لكم «1» ] ، (وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ. إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)
«2» ، قال: ودخل أبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى بيت المدراس «3» على يهود، فوجد جماعة كثيرة منهم قد اجتمعوا إلى حبر من أحبارهم يقال له فنحاص، ومعه حبر آخر يقال له أشيع؛ فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك يا فنحاص! اتق الله وأسلم، فو الله إنك لتعلم أن محمدا لرسول الله، قد جاءكم بالحقّ من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم فى التوراة والإنجيل، فقال لأبى بكر:
والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، وما هو عنّا بغنىّ، ولو كان عنّا غنيا ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الرّبا ويعطيناه، ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الرّبا. فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضربا شديدا
وقال: والذى نفسى بيده لولا العهد الذى بيننا وبينك لضربت عنقك، أى عدوّ الله.
فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، انظر ما صنع بى صاحبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر:«ما حملك على ما صنعت» ؟.
فقال: يا رسول الله، إنّ عدوّ الله قال قولا عظيما- وذكر قوله- فلما قال ذلك غضبت لله وضربت وجهه، فجحد فنحاص ذلك، وقال: ما قلت [ذلك «1» ]، فأنزل الله فى ذلك تصديقا لأبى بكر رضى الله عنه:(لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ)
«2» ، وأنزل الله تعالى فى أبى بكر وغضبه فى ذلك:(وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)
«3» . قال: وكان كردم بن قيس، وأسامة بن حبيب ونافع بن أبى نافع، وبحرىّ بن عمرو، وحيىّ بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التّابوت، يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم فيقولون: لا تنفقوا أموالكم، فإنا نخشى عليكم الفقر فى ذهابها، ولا تسارعوا فى النفقة، فإنكم لا تدرون علام يكون، فأنزل الله تعالى فيهم:(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)
أى من التوراة التى فيها تصديق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً. وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً. وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً)
«4» قال: وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود، إذا تكلم «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم
لوى لسانه وقال: أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك، ثم طعن فى الإسلام وعابه، فأنزل الله تعالى فيه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً.
مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا)
«1» . قال: وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود، منهم عبد الله بن صوريا الأعور، وكعب ابن أسد، فقال:«يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا، فو الله إنكم لتعلمون أنّ الذى جئتكم به لحقّ» ، قالوا: ما نعرف ذلك يا محمد، وأصرّوا على الكفر، فأنزل الله تعالى فيهم:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا)
«2» . قال: وقال سكين، وعدىّ بن زيد: يا محمد، ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شىء بعد موسى؛ فأنزل الله تعالى:(إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً. وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً. رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)
«3» . ودخلت طائفة منهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: «أما والله إنكم لتعلمون أنّى [رسول من الله إليكم «4» ] » ! قالوا: ما نعلمه: وما نشهد عليه، فأنزل الله تعالى فى ذلك قوله تعالى: