الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به علماء اليهود من بهتانهم فى الطّعن على المسيح، وما انفرد به علماء النّصارى من الدعوة إلى ألوهية المسيح، فرسول الله صلى الله عليه وسلم فنّد جميعهم. والتّفنيد:
التخطئة وتقبيح القول والرأى.
قال ابن ظفر: وقرأت فى ترجمة أخرى للإنجيل: أنه قال: «البارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب، فإذا جاء وبّخ العالم على الخطيئة، ولا يقول من تلقاء نفسه، ولكنه ما يسمع يكلّمهم به، ويسوسهم بالحق، ويخبرهم بالحوادث والغيوب» . ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى وبخ العلماء من أهل الكتاب على كتمان الحق، وتحريف الكلم عن مواضعه، وبيع الدّين بالثّمن البخس من عرض «1» الدنيا، وهو الذى أخبر بالحوادث والغيوب.
وقال ابن ظفر: والذى صح عندى فى معنى البارقليط: أنه الحكيم الذى يعرف السّر؛ وقد تقدّم ما يدلّ على أنه الرسول.
وأما ما جاء فى زبور داود عليه السلام ممّا ترجمه أهل الكتاب
،
فمن ذلك قوله: «اللهم اجعل جاعل السّنة يحيا، يعلّم الناس أنه بشر» ؛ ويفهم من هذا: أن داود عليه السلام أطلعه الله تعالى على ما سيقوله النصارى فى المسيح إذا أرسله، من أنه إله معبود، فدعا الله سبحانه بأن يبعث محمدا صلى الله عليه وسلم فيعلّمهم أن المسيح بشر.
وفيه أيضا مما ترجموه: «أنه فاضت الرحمة على شفتيك، من أجل ذلك أبارك عليك، إلى الأبد، فتقلّد السّيف، فإن بهاءك وحمدك الغالب، واركب كلمة الحق، فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك؛ والأمم يخرون تحتك» ؛ قال: فالذى قرنت شريعته بهيبة يمينه، وخرّت الأمم تحته، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنها، وذكر رجلا فقال:«فإذا قام جاز «1» من البحر إلى البحر، ومن عند الأنهار إلى منقطع البرّ، وخرّ أهل الجزائر قدّامه على وجوههم وركبهم، ولحس أعداؤه التراب لهيبته، وجاءته الملوك بالقرابين، ودانت له الأمم بالطاعة؛ لأنه يخلّص الضعيف المغلوب البائس ممن هو أقوى منه، ويقوّى الضعيف الذى لا ناصر له، ويرحم المساكين، ويصلّى ويبارك عليه فى كلّ وقت، ويدوم ذكره إلى الأبد» .
فهذا فى غاية الظّهور أن المراد به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما ما ترجموه من كتاب شعيا «2» عليه السلام ورضوا ترجمته
فقوله «3» :
«عبدى الذى سرّت به نفسى أنزل عليه وحيى، فيظهر فى الأمم عدلى، ويوصيهم بالوصايا، لا يضحك، ولا يسمع صوته فى الأسواق «4» ؛ يفتح العيون العور، والآذان الصّمّ، ويحيى القلوب الغلف؛ وما أعطيه لا أعطى «5» أحدا، مشقّح «6» يحمد الله حمدا جديدا، يأتى من أقصى الأرض، تفرح البرية وسكانها يهلّلون الله على كلّ شرف، ويكررونه على كل رابية، ولا يضعف ولا يغلب، ولا يميل إلى الهوى ولا يذلّ الصالحين الذين هم كالقصبة الضعيفة، بل يقوّى الصدّيقين، وهو ركن المتواضعين، وهو نور الله الذى لا يطفأ، أثر سلطانه على كتفيه» .
قال ابن ظفر «1» : هذه ترجمة السريانيين، وعبّر العبرانيون عنه بأن قالوا:«على كتفيه علامة النبوّة» ؛ فهذا كلّه صريح فى البشارة به صلى الله عليه وسلم، مع ما فيه من ذكر قيام دولة العرب بقوله:«تفرح البريّة وسكّانها» ؛ وأما قوله: [مشقّح «2» ] فهو محمد، لأن الشّقح بلغتهم الحمد.
ومما ترجموه منه أن شعياء عليه السلام قال «3» : «قم نظّارا فانظر ما ترى، فأخبر به، فقلت: أرى راكبين مقبلين، أحدهما على حمار، والآخر على جمل؛ يقول أحدهما لصاحبه: سقطت بابل وأصنامها» فهذه بشارة صريحة بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه راكب الجمل لا محالة، ولأن ملك بابل إنما ذهب بنبوّته صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال «4» : وقد كان على باب من أبواب الإسكندرية صورة جمل من نحاس، عليه راكب من نحاس. فى هيئة العرب مؤتزر مرتد، عليه عمامة، وفى رجليه نعلان، كلّ ذلك من نحاس؛ وكانوا إذا تظالموا يقول المظلوم للظالم: أعطنى حقّى قبل أن يخرج هذا فيأخذ لى بحقّى منك، شئت أو أبيت، ولم يزل الصّنم على ذلك حتى افتتح عمرو بن العاص أرض مصر، فغيّبوا الصنم.
ومنه: «أيّتها العاقر! افرحى واهتزّى وانطلقى بالتسبيح، فإن أهلك يكونون أكثر من أهلى» . قال: فالعاقر مكة، لأنهابواد غير ذى زرع، أو لأن الله لم يبعث