الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكفر به يهود، قال الله تعالى:(فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)
، ثم قال:
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ)
«1» ، غضب الله عليهم فيما صنعوا من مخالفتهم حكم التوراة، وغضب عليهم بكفرهم بهذا النبىّ الذى أرسل إليهم، ثم أنّبهم برفع الطور، واتخاذ العجل إلها من دون الله؛ ثم قال تعالى:
(قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
«2» أى ادعوا بالموت على أىّ الفريقين أكذب، فأبوا ذلك، فأعلمهم أنهم لم يتمنوه فقال:(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)
«3» أى بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك، فيقال: لو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقى على الأرض يهودىّ إلا مات، ثم ذكر رغبتهم فى الحياة فقال:(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ)
«4» أى ما هو بمنجيه؛ وذلك أنّ المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، وأنّ اليهودىّ قد عرف ماله فى الآخرة من الخزى بما صنع فيما عنده من العلم. والله تعالى الهادى للصواب، وإليه المرجع والمآب.
ذكر سؤال أحبار يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتراطهم على أنفسهم أنه إن أجابهم عما سألوه آمنوا به، ورجوعهم عن الشرط
وذلك أنّ نفرا من أحبار يهود جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
يا محمد، أخبرنا عن أربع نسألك عنهنّ، فإن فعلت اتبعناك وصدّقناك وآمنا بك؛ فقال:«عليكم بهذا عهد الله وميثاقه إن أخبرتكم بذلك لتصدقنّنى» ؟ قالوا: نعم؛
قال: «فآسألوا عما بدا لكم» قالوا: أخبرنا كيف يشبه الولد أمّه، وإنما النطفة من الرجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنشدكم بالله وبأيّامه عند بنى إسرائيل هل تعرفون أن نطفة الرجل بيضاء غليظة، ونطفة المرأة صفراء رقيقة فأيتهما علت صاحبتها كان لها الشبه» ؟ قالوا: اللهم نعم، قالوا: فأخبرنا كيف نومك؟ قال: «أنشدكم بالله وبأيّامه عند بنى إسرائيل، هل تعلمون أن نوم الذى تزعمون أنى لست به تنام عينه وقلبه يقظان» ؟ [قالوا «1» : اللهم نعم، قال:
«فكذلك نومى، تنام عينى وقلبى يقظان» ] قالوا: فأخبرنا عما حرّم إسرائيل على نفسه؟ قال: «أنشدكم بالله وبأيامه عند بنى إسرائيل، هل تعلمون أنه كان أحبّ الطعام والشراب إليه ألبان الإبل ولحومها، وأنه اشتكى شكوى فعافاه الله منها، فحرم على نفسه أحبّ الطعام والشراب إليه شكرا لله تعالى، فحرم على نفسه لحوم الإبل وألبانها» ؟ قالوا: اللهم نعم؛ قالوا: فأخبرنا عن الرّوح؟ قال: «أنشدكم بالله وبأيامه عند بنى إسرائيل، هل تعلمونه جبريل، وهو الذى يأتينى» ؟ قالوا:
اللهم نعم، ولكنه يا محمد، لنا عدوّ، وهو ملك، إنما يأتى بالشدّة وبسفك الدماء، ولولا ذلك لاتبعناك، فأنزل الله فيهم:(قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ. مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ. وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ. أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ. وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)