الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعْلَمُونَ. وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)
«1» . وقال أبو رافع القرظىّ حين اجتمعت الأحبار من يهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، تريد منا أن نعبدك كما يعبد النصارى عيسى بن مريم؟ وقال رجل من أهل نجران يقال له الرئيس:
أو ذاك تريد منا يا محمد، وإليه تدعونا؟ أو كما قال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«معاذ الله أن أعبد غير الله، أو آمر بعبادة غيره، ما بذلك بعثنى ولا أمرنى» فأنزل الله تعالى: (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ. وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
«2» ، والربانيون هم العلماء والفقهاء؛ ثم ذكر تعالى ما أخذ الله عليهم وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه إذا هو جاءهم، فقال:(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ)
«3» إلى آخر القصة. والله أعلم.
ذكر ما ألقاه شأس بن قيس اليهودىّ بين الأوس والخزرج من الفتنة، ورجوعهم إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم
قال محمد بن إسحاق: مرّ شأس بن قيس، وكان شيخا عظيم الكفر، شديد الضّغن على المسلمين، شديد الحسد لهم، على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج، قد اجتمعوا فى مجلس يتحدثون، فغاظه ما هم عليه
من الألفة والجماعة وصلاح ذات البين على الإسلام، بعد ما كان بينهم من العداوة فى الجاهلية، فقال: قد اجتمع ملا بنى قيلة «1» بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار؛ فأمر شابا من يهود كان معه أن يجلس معهم «2» ، ثم يذكر يوم بعاث «3» وما كان قبله، وأن ينشدهم بعض ما كانوا قالوه من الأشعار يوم بعاث، وهو يوم اقتتلت فيه الأوس والخزرج، فكان الظّفر فيه للأوس، وكان عليهم يومئذ حضير بن سماك الأشهلىّ، أبو أسيد بن حضير، وعلى الخزرج عمرو ابن النعمان البياضىّ، فقتلا جميعا، ففعل الشاب ذلك، فتكلم القوم، وتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب؛ أوس بن قيظىّ الأوسىّ، وجبّار بن صخر الخزرجىّ، فتقاولا، ثم قال أحدهما للآخر: إن شئتم رددناها الآن «4» جذعة؛ فغضب الفريقان جميعا، وقالوا: قد فعلنا، موعدكم الظاهرة، وهى الحرّة، وقالوا: السلاح السلاح، وخرجوا إليها، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين، فقال:«يا معشر المسلمين، الله الله! أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به، وقطع عنكم به أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألّف به بينكم!» فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوّهم، فبكوا، وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى فى شأس بن قيس:(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ. قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
«5»