الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لو كانت فى قوم نوح ما هلكوا فى الطوفان؛ أو فى ثمود ما أهلكوا بالصّيحة» ، قال: فقرئت الورقة على الناس، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظها.
ومنه ما روى أن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه نزل بالبليح «1» إلى جانب دير، فأتاه قيّم الدير فقال يا أمير المؤمنين: إنى ورثت عن آبائى كتابا قديما كتبه أصحاب المسيح عليه السلام؛ فإن شئت قرأته عليك؛ قال: نعم، هات كتابك؛ فجاء بكتاب فإذا فيه: الحمد لله الذى قضى ما قضى؛ وسطّر ما سطّر، إنّه باعث فى الأمّيين رسولا يعلّمهم الكتاب والحكمة، ويدلّهم على سبيل الجنة، لا فظّ ولا غليظ، ولا صخّاب فى الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السّيئة، ولكن يعفو ويصفح، أمته الحّمادون لله فى كل هبوط ونشر وصعود، تذلل ألسنتهم بالتكبير والتهليل، ينصر دينهم على كل من ناوأه.
ومنه ما روى أن أبا ذؤيب الزّاهد قال: دخلت فى سياحتى ديرا فقلت للراهب القيّم عليه: أعندك فائدة؟ قال: نعم. لك يا عربىّ، قلت: هاتها! قال: فأخرج لى ورقة فيها أربعة أسطر، فذكر أنها من الكتب المنزلة؛ ففى السطر الأوّل منها: يقول الجبّار تبارك وتعالى: أنا الله لا إله إلا أنا وحدى لا شريك لى؛ والسطر الثانى: محمد المختار عبدى ورسولى؛ والسطر الثالث:
أمته الحّمادون، أمته الحّمادون، أمّته الحمّادون؛ والسطر الرابع: رعاة الشمس، رعاة الشمس، رعاة الشمس.
وأما من أظهر تمثال صورته صلى الله عليه وسلم وصور بعض أصحابه رضى الله عنهم
،
وذلك مصوّر عندهم فى بيوت فى بيعهم.
فمن ذلك ما روى عن دحية بن خليفة الكلبىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر أنه قال: لقيت قيصر بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بدمشق، فأدخلت عليه خاليا، فناولته الكتاب فقبّل خاتمه وفضّه وقرأه، ثم وضعه على وسادة أمامه، ثم دعا بطارقته وزعماء دينه فقام فيهم على وسائد بنيت له، ثم خطبهم فقال: هذا كتاب النبىّ الذى بشّر به عيسى المسيح، وأخبر أنه من ولد إسماعيل، قال: فنخروا نخرة عظيمة، وحاصوا فأومى إليهم بيده أن اسكتوا، ثم قال: إنما جرّبتكم لأرى غضبكم لدينكم، ونصركم له، وصرفهم «1» ، ثم استدعانى من الغد فأخلانى، وأنّسنى بحديثه، وأدخلنى بيتا عظيما فيه ثلاثمائة وثلاثة عشر صورة، فإذا هى صور الأنبياء المرسلين صلى الله عليهم «2» وسلم فقال:
انظر من صاحبك من هؤلاء، فنظرت فإذا صورة النبىّ صلى الله عليه وسلم كأنما ينطق، فقلت: هو هذا، فقال: صدقت، ثم أرانى صورة عن يمينه فقال:
من هذا؟ قلت: هذه صورة رجل من قومه اسمه أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه، فأشار إلى صورة أخرى عن يساره، فقلت: هذه صورة رجل من قومه يقال له عمر رضى الله عنه، فقال: إنا نجد فى الكتاب أن بصاحبيه هذين يتمّ الله أمره.
قال دحية: فلما قدمت على النبىّ صلى الله عليه وسلم أخبرته، قال: صدق، بأبى بكر وعمر يتمّ الله هذا الأمر بعدى. والله الموفق.
ومنه ما روى عن حكيم «3» بن حزام قال: دخلت الشام للتجارة «4» قبل أن أسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكّة، فأرسل قيصر إلينا «5» ، فجئناه ومعنا أميّة بن
أبى الصّلت الثّقفىّ، فقال: من أى العرب أنتم؟ وما قرابتكم من هذا الرجل الذى يزعم أنه نبى؟ فقال حكيم: فقلت أنا ابن عمه، يجمعنى وإياه الأب الخامس، فقال: هل أنتم صادقىّ فيما أريكموه وأسألكم عنه؟ قلنا: نعم، نصدقك أيها الملك، فقال: أنتم ممن اتّبعه أو ممن ردّ عليه؟ قلنا: ممن ردّ عليه ما جاء به وعاداه، ولكنا نصدقك مع هذا، قال: احلفوا لى بآلهتكم لتصدقنّنى فى جميع ما أسألكم عنه وأعرضه عليكم، فحلفنا له وأعطيناه من المواثيق ما أرضاه، فسألنا عن أشياء مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بها، ثم نهض واستنهضنا معه، فأتى كنيسة فى قصره، فأمر بفتحها ودخل ونحن معه، وجاء إلى ستر وأمر بكشفه فإذا صورة رجل، قال: أتعرفون من هذه صورته؟ قلنا: لا. قال:
هذه صورة آدم، ثم تتبّع أبوابا يفتحها ويكشف عن صور الأنبياء واحدا بعد واحد، ويقول: هذا صاحبكم «1» ؟ فنقول: لا. حتى فتح بابا وكشف لنا سترا عن صورة محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أتعرفون هذا؟ قلنا: نعم، هذه صورة صاحبنا، فقال: أتدرون منذكم صوّرت؟ قلنا: لا. قال: منذ أكثر من ألف سنة، فإن صاحبكم «2» نبىّ مرسل فاتّبعوه، ولوددت أنى عنده فأشرب ما يغسل من «3» قدميه.
وقد ورد فى الصحيحين «4» خبر قيصر مع أبى سفيان لمّا سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى.